يزداد الوضع سوءا مع اتساع النفقات الجارية، بضغوط سياسية وشعبية، بشكل بعيد عن الاستدامة المالية وخارج توقعات افاق السوق النفطية في الامد المتوسط، مما يزيد من فرص تكرار ازمات نقص التمويل وتأزم الوضع المالي والاقتصادي. وقد اثارت جائحة كورونا مخاوف العديد من البلدان النفطية حول الضمانات...
لا يزال ارتباط اقتصاديات البلدان النفطية بالريع النفطي يولد مضاعفات خطيرة على النمو والاستقرار الاقتصادي، خصوصا مع استمرار تسلل الصدمات النفطية الى الاقتصاد عبر قناة المالية العامة، في البلدان التي لا تمتلك مصدات مالية مناسبة، وتعتمد على النفط في تمويل الموازنة العامة بنسب تفوق (90%)، كالعراق مثلا.
ويزداد الوضع سوءا مع اتساع النفقات الجارية، بضغوط سياسية وشعبية، بشكل بعيد عن الاستدامة المالية وخارج توقعات افاق السوق النفطية في الامد المتوسط، مما يزيد من فرص تكرار ازمات نقص التمويل وتأزم الوضع المالي والاقتصادي.
وقد اثارت جائحة كورونا وما خلفته من تداعيات اقتصادية عالمية مخاوف العديد من البلدان النفطية حول الضمانات التي يقدمها القطاع النفطي للاقتصاد الوطني اوقات الازمات، واثارت الجائحة ايضا جملة من التصورات التي قد تساعد في تصميم سياسات ملائمة للاقتصاديات النفطية، من خلال رفع صلابة المالية العامة وعزل الاقتصاد الوطني عن دورات الرواج والكساد النفطي التي تشهدها اسواق النفط باستمرار.
لقد شهد قطاع المالية العامة في العراق تدهورا كبيرا جراء تراجع اسعار النفط في اذار 2020، الامر الذي اعاق امكانية توفير الموارد المالية اللازمة لإقرار موازنة 2020، وبالتالي تم الاستعاضة عنها بالاقتراض لتمويل الرواتب وبعض النفقات الضرورية. اما موازنة العام 2021 فقد مررت بعجز مخطط يقارب (29) ترليون دينار، ويتوقع اذا ما استمرت اسعار النفط على مستوياتها الحالية (85 دولار للبرميل)، ان تنتهي السنة المالية بتقليص العجز المخطط او تحقيق فائض طفيف اذا ما بقيت معدلات انجاز النفقات الاستثمارية بمعدلاتها المتدنية، والتي لم تتجاوز حتى شهر ايلول الماضي (10%) من التخصيصات الاجمالية، وفقا لحسابات وزارة المالية.
1- تزداد مخاطر مسايرة المالية العامة للاتجاهات الدورية لأسعار النفط مع التأجيل المستمر للإصلاحات المالية والهيكلية واحراز تقدم مذكور في تنويع القاعدة الانتاجية والتصديرية للبلد، ليس فقط لتجنب قيد ميزان المدفوعات (قيد العملة الاجنبية)، بل لانعاش القطاعات الاقتصادية كافة وبما يوفر فرص عمل متنوعة ومتعددة، خارج مؤسسات الدولة، وبما يناسب معدلات البطالة الشاهقة في العراق.
2- لتحقيق استقرار سعري مستدام وضمان استدامة المالية العامة، لا بد من تنفيذ خطة، على المدى المتوسط، للضبط المالي تطال الايرادات والنفقات العامة، وتغرس في قوام الموازنات العامة للسنوات القادمة. ويجب ان تركز الخطة على ايجاد سياسات فاعلة لتعظيم الايرادات غير النفطية من جهة، واعادة النظر في هيكل وتوزيع النفقات الجارية من جهة اخرى.
3- من المرجح أن يستغرق تنفيذ إصلاحات المالية العامة عدة سنوات، نظرا لحساسية الموازنة العامة تجاه أسعار النفط. وقد يكون هدف الرصيد الأولي الهيكلي غير النفطي -الذي قد يتسم بالقوة تجاه أسعار النفط والتقلبات الدورية- ركيزة مالية مناسبة لدعم ضبط أوضاع المالية العامة.
4- ضرورة دعم نمو الاقتصاد غير النفطي لاستيعاب ملايين الايدي العاملة في البلد، خصوصا مع اكتظاظ المؤسسات العامة بالبطالة المقنعة، وعدم قدرة المؤسسات العامة على استيعاب المزيد. كما تزداد الحاجة إلى مضاعفة نمو الاقتصاد غير النفطي لإتاحة فرص كافية لنمو وتمكين القطاع الخاص ليكون رافدا لفرص عمل متنوعة تستوعب جزء من معدلات البطالة المتفاقمة في العراق.
5- اهمية التصدي الصارم للفساد وتحسين الكفاءة الحكومية في ادارة الموارد المالية والبشرية لإقناع المواطنين بسياسات الاصلاح. وتتطلب مكافحة الفساد معالجة ملفات الفساد بسياسات شفافة، وفي الوقت المناسب. والتأكيد على سيادة القانون على الجميع.
6- رغم قيام البنك المركزي بخفض قيمة الدينار في كانون الاول 2020، الا ان الاقتصاد العراقي تمكن من استيعاب الصدمة، وارتفعت الاسعار بمعدلات طفيفة، نتيجة تفعيل برامج القروض والسلف الموجهة لقطاع البناء والتشييد لانعاش الاقتصاد الوطني. وينبغي التركيز على ثبات سعر الصرف عند معدلاته الحالية وتجنب ربطه باتجاهات اسعار النفط، كما يروج البعض لذلك، خشية فتح نافذة جديدة لتسلل الصدمات النفطية الى اقتصاد، عبر القناة النقدية هذه المرة.
7- تعزيز شبكات الامان الاجتماعي مع اهمية حصر وتوجيه الدعم المناسب للطبقات الفقيرة والهشة لتجنيبها تداعيات الاصلاح الاقتصادي والمالي في البلد.
اضف تعليق