تدريس وتطبيق علم الاقتصاد ينبغي أن تعاد صياغته في العمق رأسا على عقب لكي يصبح قوة بنائية، وتوجد فعلا أسباب مشروعة لانعدام الثقة تجاه الطريقة التي يدرَّس بها والمطبقة في الغالب، فالمؤسسات ومراكز البحث المحافظة استحوذت على راية علم الاقتصاد في الأوساط السياسية، مدافعة على ضرورة الاختيار
بقلم: سوريش نايدو SURESH NAIDU
داني رودريك DANI RODRIK
غابرييل زيكمان GABRIEL ZUCMAN
ترجمة: خاليد جوهري Khalid JAWHARI
نعيش حقبة لا تكافؤ مذهل، توقف أجور واختفاء ثروات في أمريكا وصل مستويات لم نعرف مثلها منذ ما يزيد عن قرن من الزمن، وتندرج ضمن الأكثر ارتفاعا مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، فمتوسط أجر العمال الأمريكيين في ركود منذ ما يناهز خمسين سنة، ونسبة الشباب الطامحين إلى شغل مناصب أحسن من آبائهم تتضاءل شيئا فشيئا، الفوارق في الثروة والرفاهية بين المجتمعات العرقية أصبحت متجذرة، وفي 2017 تناقص أمد الحياة للسنة الثالثة على التوالي وكذلك التوزيع غير العادل وغير الفعال للعلاج، بينما التقدم في المجال الرقمي ينذر بارتباكات كبرى في سوق الشغل في السنوات القادمة، أما مفعول الانحباس الحراري فيربك الحياة اليومية أكثر فأكثر.
الاقتصاديون يدخلون المعمعة
نعتقد أنه بإمكاننا حل هذه المشاكل أو على الأقل الحدّ منها، لكن ينبغي فتح نقاش عمومي واسع النطاق حول الأفكار السياسية الجديدة، ويبقى لعلماء الاجتماع جانب من المسؤولية في هذا الباب، ومن بينهم الاقتصاديون نظرا للدور الهام والأساسي الذي سيلعبونه، بل إنهم في الواقع بدأوه سلفا، ذلك أن عالَمَ الاقتصاد في حالة تخمر إبداعي في الغالب غير مرئية لمن هم خارج العالَم الاقتصادي، في حين ان سوسيولوجية المهنة –التحريض على تفضيل التطور الوظيفي والمعايير والعلاقات الاجتماعية– تكافح للحيلولة دون الانخراط السياسي وهكذا تدفع المسؤولية السياسة الاقتصاديين إلى الدخول في المعمعة.
إن الوسائل الاقتصادية ضرورية لتطوير إطار سياسي من أجل ما يصطلح عليه "الازدهار الشمولي"، وإذا كان الازدهار هو موضوع اهتمام الاقتصاديين التقليديين، فإن وصفه بالشمولي يوجّه اهتمامنا بتوزيع النتائج الاقتصادية إلى ما هو أبعد من المتوسط (الطبقة المتوسطة)، ومن أجل تحيق الازدهار على نطاق واسع يتضمن المصادر غير النقدية للرفاهية وللصحة وللبيئة مرورا بالحقوق السياسية، وبغية تحفيز النقاش العمومي على تحقيق الازدهار الشمولي، قمنا بتشكيل مجموعة من الاقتصاديين –Economics for Inclusive Prosprety (EfIP)– قصد إصدار توصيات في شأن السياسات العمومية حول مواضيع متنوعة من بينها سوق الشغل والتجارة الدولية والمالية، وبهذا المجهود الجديد، فإننا لا نرغب فقط في عرض لائحة من الوصفات في مجالات مختلفة، بل نريد أيضا اقتراح رؤية شاملة من أجل سياسة اقتصادية بديلة لأصولية السوق المحددة غالبا في الاقتصاد -بشكل غير عاد-.
يرى الكثيرون أن الفكر الاقتصادي هو أصل التحول الليبرالي
لقد لاحظنا مدى هذا الخلط الحاصل بين علم الاقتصاد والدفاع عن اقتصاد السوق بداية سنة 2018، عندما حضرنا نحن الثلاثة ورشة نقاش حول موضوع "لنفكر فيما وراء النيوليبرالية"، اتفق المشاركون (مؤرخون، سياسيون، علماء اجتماع، حقوقيون واقتصاديون) على أن الإطار السياسي النيوليبرالي السائد قد خلخل المجتمع مؤديا بذلك إلى لاتكافؤات ملحوظة ومتزايدة، لقد كنا خائفين من التحول غير الليبرالي والممهِّد لسياستنا الذي يتحرك بفعل هذه الورطة، هذا وقد حصل اتفاق حول ضرورة بديل حقيقي –مجموعة سياسات- تكون في نفس الآن فعالة وشمولية، تستجيب للمطالب المشروعة دون زرع انقسامات أكثر عمقا في المجتمع.
رغم تقاسمنا لكل هذه الأهداف، وجدنا أنفسنا في موقف دفاعي، ذلك أن الكثيرين يرون أن أصل التحول النيوليبرالي هو الفكر الاقتصادي، وهذا يتضمن جزءا من الحقيقة، خاصة أنه من الممكن أن نذكر تأثير مجتمع مون بيلران Mont Pèlerin وهو مجموعة من المفكرين أسسها فريدريك هايك Freidrich HAYEK وميلتون فريدمان Milton FREIDMAN الاقتصاديان المشهوران المؤيدان لاقتصاد السوق وعدوّا تدخل الدولة التي نجحت في إعادة تشكيل المشهد السياسي في سنوات الثمانينيات كتحرير الأسواق والأمولة وتفكيك دولة الرفاهية الاجتماعية ولا مأسسة سوق الشغل وخفض الضرائب على الشركات والسعي إلى العولمة المفرطة، كلها سياسات مدانة بزيادة مستوى اللاتكافؤ وتبدو اليوم مدمجة في المذاهب الاقتصادية الأرتودوكسية، إن التركيز على هذا التخصص هو بفعل اقتصاد السوق وبالحوافز والفردانية المنهجية والشكلانية الرياضياتية التي تحول دون وضع نظام متناسق على مستوى كبير، وعلى العموم تبدو النيوليبرالية ببساطة اسم آخر لعلم الاقتصاد.
النيوليبرالية ليست التطبيق المنسَّق لتخصص علم الاقتصاد بل هي شذوذ عنه بدائي وساذج
ونتيجة لذلك، ينظر العديد من الأشخاص إلى هذا التخصص نظرة عداء ويعتقدون أن تدريس وتطبيق علم الاقتصاد ينبغي أن تعاد صياغته في العمق رأسا على عقب لكي يصبح قوة بنائية، وتوجد فعلا أسباب مشروعة لانعدام الثقة تجاه الطريقة التي يدرَّس بها والمطبقة في الغالب، فالمؤسسات ومراكز البحث المحافظة استحوذت على راية علم الاقتصاد في الأوساط السياسية، مدافعة على ضرورة الاختيار بين الفعالية والمساواة مع إيلاء الأسبقية للنمو الاقتصادي؛ وفي الغالب يغادر الطلبة درس المدخل لعلم الاقتصاد بفكرة أن "الأسواق تشتغل دائما"، أما المحافظون فيميلون إلى استعمال كلمة "علم الاقتصاد" كتبرير للسياسات التي يدافعون عنها ويلومون اليسار على تجاهل الازدهار الاقتصادي.
وتختلف إجابتنا جذريا، حيث الكثير من الأفكار السياسية السائدة خلال العشريات الأخيرة ليست مدعومة بمعطيات اقتصادية ولا بأدلة ذات مصداقية، ذلك أن النيوليبرالية –أصولية أو تقديس السوق– ليست التطبيق المتناسق للاقتصاد المعاصر لكنها هي شذوذ بدائي وساذج، فعلم الاقتصاد المعاصر مليء بالأفكار الجديدة الهادفة إلى خلق مجتمع أكثر شمولية، لكن يجب على الخبراء الاقتصاديين إقناع العموم بهذه التأكيدات، لذلك شرعنا في تنفيذ هذا المشروع، وسنعرض أسفله سلسلة من التوصيات السياسية التي نأمل أن تزيد تركيز الاقتصاديين على الأفكار الإبداعية الرامية إلى تحقيق الازدهار الشمولي.
ما يقوم به الاقتصاديون
كيف نقنع غير الاقتصاديين أن علم الاقتصاد هو حليف؟ يجب الاعتراف أن عادات العديد من الاقتصاديين وخاصة مواقفهم في النقاشات العمومية هي المسؤولة عن عدم فهم ما هو الاقتصاد وما يقوم به الاقتصاديون.
يدرس الاقتصاديون الأسواق (من بين أشياء أخرى)، إننا نشعر بشيء من الفخر حينما نفسر طريقة اشتغالهم، فعندما يكونون على ما يرام يقومون بإبراز المعلومة وتخصيص الموارد النادرة، ومبدأ الميزة المقارنة الذي استُعمل للدفاع عن سياسة التبادل الحر هو من جواهر المهنة، لأنه في نفس الوقت يفسر مصطلحات مهمة في الاقتصاد الدولي وكذا لأنه وللوهلة الأولى غير حدسي بتاتا، وعلى نفس المنوال، يؤمن الاقتصاديون بسلطة الحوافز، ولنا أدلة على أن لها تأثير على الفاعلين، ولم يسبق أن رأينا الكثير من المبادرات الحسنة فشلت بسبب نقص في اتخاذ إجراءات ابتكارية يرجع لها الناس لتحقيق أهدافهم الخاصة.
يخشى الاقتصاديون منح ذخائر للمتوحشين
لكن يبقى الكثير من الاقتصاديين يظنون أن أدواتهم الكمية وعدساتهم النظرية هي الوحيدة التي يمكن وصفها ب "العلمية"، الشيء الذي يقودهم إلى رفض التخصصات المرتكزة كثيرا على التحليل الكيفي واللغة الطبيعية عوض الصياغة الرياضياتية؛ ويرى العديد منهم أنه لابد من الاتفاق حول اقتصاد السوق حيث لا أحد غيرهم سيقوم بذلك، كما أن القيام بغير ذلك سيمنح الذخائر للوحشيين (نقصد هنا مجموعات المصالح التي تبحث عن الريع)، والشيء نفسه عندما يعترف بعضهم بأوجه قصور اقتصاد السوق، معتقدين أن الدولة لم تقم بشيء سيء فقط بتجاهلها لتحذيرات هذا التخصص، وهذا ما يفسر النظرة للاقتصاديين كعشاق للأسواق الحرة والعولمة المفرطة.
غالبا ما ينجذب الاقتصاديون وبشكل مبالغ فيه، إلى النماذج التي ترتكز على مجموعة صغيرة من المشكلات ويحددون لها حلولا تكون هي الأمثل من هذا المنظور المحدود، دون الأخذ بعين الاعتبار المضاعفات المحتملة التي قد تحدث لولا ذلك، فعلى سبيل المثال سيحلل خبير اقتصادي متخصص في النمو الاقتصادي السياسات التي تشجع الإبداع التكنولوجي دون الاكتراث بعواقبها على سوق العمل، بينما سيوصي اقتصادي متخصص في التجارة الدولية بتخفيض الحواجز الجمركية وهو يعلم أن البعض سيفقدون شغلهم، لكنه يفترض أنهم سيتلقون تعويضات، مع ترك تصور آلياتها –التعويضات– لمختصين آخرين، أما المختص في المالية فينجز تقنينات وقواعد تحمي الأبناك دون اعتبار للتفاعل بين الدورات الماكرواقتصادية، حيث نجد العديد من الإخفاقات السياسية –اللاتقنين والعولمة المفرطة وتخفيض الضرائب وسياسة التقشف– هي نتيجة لهذه الممارسة ذات التفكير الأحادي الجانب؛ لذا يتعين على الاقتصاديين –لكي يكونوا نافعين- وضع السياسات في السياق العام الذي ستُنَفَّذ فيه مع ملاحظة كيف ستتكيف مع العديد من المواصفات السياسية والحوافز المؤسساتية.
لكن ما ينبغي تأكيده كذلك باستثناء تلك العادات السيئة، هو أن الاقتصاد المعاصر ليس متعصبا لاقتصاد السوق البتّة ولا للمصلحة الخاصة، فالدرس النموذجي للاقتصاد الجزئي يخصص الكثير من الوقت لعيوب السوق وكيفية تصحيحها على حساب سحرية الأسواق التنافسية، أما الدرس النموذجي للاقتصاد الكلي فيهتم بالكيفية التي تدبر بها الحكومات مشكلات البطالة والتضخم وعدم الاستقرار عوض النموذج "الكلاسيكي" حيث يُقَوَّم الاقتصاد تلقائيا، بينما الدرس النموذجي للمالية فيتمحور حول الأزمات المالية والمخاطرة المفرطة وبالاختلالات الأخرى للنظام المالي، وفي الواقع فإن "نموذج التوازن التنافسي" الذي يعتبر الأسواق الحرة ناجعة بشكل كامل –على الرغم من أنها ليست جيدة لتوزيع عادل– لا تعتبر إطارا رئيسيا إلا في دروس المدخل لعلم الاقتصاد، ويفكر الاقتصاديون (وهم كُثُر) بالابتعاد منه عاجلا.
دائما تعتري الاقتصاديين نزعة قوية للحلول عن طريق السوق وتميل وصفاتهم السياسية أحيانا إلى الاقتصار فقط على إصلاح عيوب السوق المحدَّدة.
ويبقى علم الاقتصاد دائما منعزلا نوعا ما عن باقي العلوم الاجتماعية بفعل فردانيته المنهجية son individualisme méthodologique، وبرجوعه إلى النماذج المجردة والشكلانية الرياضياتية والإحصائية، ومع ذلك اتجه الاقتصاديون في العشريات الأخيرة إلى تخصصات أخرى تجسد الكثير من أفكارهم، فالتاريخ الاقتصادي عرف تجديدا والاقتصاد السلوكي وضع الرجل الاقتصادي Homo economicus في الواجهة، وكذلك اعتبار الواقع الثقافي أصبح عملة رائجة، أما التركيز على اللاتكافؤ فأصبح في قلب هذا التخصص، حيث لعب الاقتصاديون دورا مهما في دراسة التركيز المتزايد للثروة ولكلفة التغيّر المناخي وكذا لتراجع المنافسة في أسواق مهمة إضافة إلى تجميد الأجور ثم تطور الحركية الاجتماعية.
دائما تعتري الاقتصاديين نزعة قوية للحلول عن طريق السوق وتميل وصفاتهم السياسية أحيانا إلى الاقتصار فقط على إصلاح عيوب السوق المحدَّدة، فمثلا يحاول الاقتصاديون دعم تطبيق سعر مرتفع للكربون لمجابهة ظاهرة الانحباس الحراري، في حين لم يقدم علم الاقتصاد استنتاجات سياسية جاهزة، إذ تعتبر كل التوقعات والاستنتاجات مشروطة: إذا تحقّق الشرطان x وy فإن النتائج z ستتبعهما، والإجابة عن كل المسائل الاقتصادية تقريبا هي "على حسب" متبوعة بتفسير ما ترتبط به ولماذا. فهذا الاقتصادي كارلوس دياز الخاندروCarlos F. Diaz-Alejandro كتب عام 1975: "في الوقت الراهن أي طالب موهوب من سلك الماستر، باختيار فرضياته بعناية يكون قادرا على إنتاج نموذج متناسق يعطي تقريبا أي توصية سياسية محددة سلفا". لقد أصبح علم الاقتصاد أكثر غنى في العشريات الأربع الأخيرة، ويمكن القول إذا لم نبالغ، أن طالب سلك المستر اليوم ليس في حاجة إلى أن يكون عبقريا!
لقد زاد الاتجاه التجريبي الحديث من صعوبة تجاهل الوقائع المزعجة وتقديس السوق.
وأكثر من ذلك، لقد أصبح البحث في علم الاقتصاد تطبيقي وتجريبي أكثر منذ التسعينيات، حيث ارتفع وبشكل ملحوظ هامش الإصدارات الأكاديمية في كل المجالات الفرعية وتجاوزت حاليا 60% في كل من اقتصاد الشغل واقتصاد التنمية والمالية العمومية والاقتصاد الكلي، وهذا مهم لأن المطالبة بأدلة تجريبية منتظمة تشكل تخصصا يقي من المتطلبات السياسية الإيديولوجية، ولقد زاد الاتجاه التجريبي الحديث من صعوبة تجاهل الوقائع المزعجة وتقديس السوق، فمثلا النتائج التجريبية الحديثة برهنت على أن التجارة الدولية تُخلِّف آثارا سلبية مهمة على بعض المجتمعات المحلية وأن الحد الأدنى للأجور لا يخفِّض من فرص الشغل وأن التحرير المالي يُنتج أزمات عوض تسريع النمو الاقتصادي.
لقد حافظ علم الاقتصاد بطبيعة الحال على ثوابته كالتحريض بفعل السوق والتحديد الواضح للملكية الخاصة وتطبيق العقود والاستقرار الماكرواقتصادي والتقنين الاحترازي، وبافتراضنا أن هذه المبادئ الفوقية تؤدي إلى أداء اقتصادي جيد، فهي تتوافق مع تنوع غير متناه من الاتفاقات المؤسساتية وكل اتفاق يخلِّف توزيعا مختلفا للمكاسب ومساهمة مختلفة في الازدهار الشمولي، ويكمن الحل في تحليل مؤسساتي مقارَن للأداءات الاقتصادية - وليس في الشعارات الممجِّدة لاقتصاد السوق، والتجريد الذي يحلّل به الاقتصاديون المجموعات المركبة للمؤسسات يمنح كذلك للممارسين أدوات تساعدهم على تصور بدائل على مستوى أعلى – للتقويمات وضبط القانون الجبائي إلى حدود الرؤى الكاملة لمجتمعات ما بعد الرأسمالية.
خذوا نموذج "السوق التنافسي" أبسط النماذج الاقتصادية، عندما يرسم اقتصادي على السبورة منحنى للعرض ومنحنى آخر للطلب يتقاطعان، فإنه من المحتمل أن لن يعرض كل المتطلبات المؤسساتية الكامنة وراء هذين المنحنيين، فالمقاولات تمتلك حقوق الملكية على أصولها ويمكنها إبرام عقود مع مورّديها، ولها الحق في الاقتراض كما يمكنها استعمال البنيات التحتية العمومية كالنقل، أما القانون فيحميها من الاحتيال، ويقبل مستخدموها شروط الشغل ويحضرون يوميا للعمل، بينما المستهلكون فيملكون المعلومة الكاملة التي يحتاجونها من أجل اختيارات عقلانية، ويثقون نسبيا في المقاولات ولا يعتقدون أنها ستحتال عليهم، وتوجد وحدة قياس قارة لشراء وبيع السلع.
الاقتصاد يسلط الضوء على المقتضيات ويساهم كذلك في النقاش الديمقراطي
من الواضح أن الأسواق تعتمد على شريحة واسعة من المؤسسات، فهي "خفية" داخل المؤسسات كما جاء على لسان كارل بولاني Karl Polany، لكن كيف ينبغي أن تبنى هذه المؤسسات؟ لنأخذ على سبيل المثال حقوق الملكية، تقترح نظرية كوس le théorème de Coase أن تخصيص حقوق الملكية لا يؤثر على الفعالية الاقتصادية ما دامت تكلفة المعاملة منعدمة، لكن هذا الشرط الأخير يلعب دورا كبيرا في هذه الحالة: لكلفة المعاملة أهمية بالغة، إذن علينا القيام باختيارات، هل ينبغي أن ينتمي العمل للمقاولة أم للأجير أم بالتوليف بينها؟
كما أن امتلاك المقاولة نفسها يمكن أن يكون لطرف ثالث – جماعة محلية مثلا- وأن دورها يجب أن يقتصر على توفير الحوافز للمديرين والعمال، قد يبدو هذا شيء عجيب لأغلب الأمريكيين، لكن الصين حققت معدلات نمو اقتصادي غير مسبوق بنظام ملكية من هذا النوع، وربما يجب على العمال امتلاك حقوق الملكية لفترة محددة وفقط على الأصول الجديدة التي ينتجونها، وهذا أيضا قد يبدو غريبا ما لم يتم إدراك أن هذا هوما يقوم به نظام براءة الاختراع الذي يمنح المبتكرين حق مؤقت للملكية على كل "ملكية فكرية" جديدة، وربما يجب على الحكومات الاحتفاظ بجزء من الملكية على التقنيات الحديثة طالما تعتمد أغلب هذه الابتكارات على البنيات التحتية العمومية (القطاع العام للبحث والتطوير، المساعدات، التعليم العالي، النظام القانوني،...) والاختيارات التي سنقوم بها يجب أيضا أن تأخذ بعين الاعتبار مسألة التوزيع، وهي ترتبط -الاختيارات- بالمرامي التي نسعى إليها وبالسياق اللازم التكيف معه.
وعندما نجد أنفسنا في مواجهة حقائق جديدة تتمثل في الرقمنة والتحولات الديمغرافية وآثارها على أسواق الشغل، فإن مسألة توزيع حقوق الملكية تصبح حاسمة، ولا يقدم علم الاقتصاد بالضرورة إجابة قطعية لهذا الموضوع، ولم يحدد بعد الحصة التي تعود لكل واحد أثناء إعادة التوزيع (كيف تُقوّم أجرة العمال والمشغلين والحكومة، وحسب أية عمليات وما هي القيود الأخلاقية التي ينبغي أن تُفرض؟) ومع ذلك يوفر علم الاقتصاد الأدوات الضرورية لتوضيح قواعد اللعبة، مساهما بذلك في نقاش ديمقراطي أكثر دراية؛ وكل مجالات القرار العمومي الأخرى يغزوها هذا النوع من الغموض المؤسساتي، ما هي مؤسسات سوق الشغل التي تحدّ من الهشاشة دون المخاطرة بخلق مناصب الشغل؟ كيف يمكن توفير أجود حماية اجتماعية دون تقويض آليات الحافز الاقتصادي؟ ما نوع الضبط المالي الذي يضمن الاستقرار المالي دون توقيف الإبداع المالي؟ ما هي أحسن القواعد النقدية والميزانياتية من أجل اقتصاد منفتح؟ إن علم الاقتصاد لا يوفِّر إجابة واحدة لكل سؤال من هذه الأسئلة لكن في المقابل يوضح النتائج الممكنة لمختلف الأجهزة المؤسساتية المعروضة علينا.
يوجد اليوم تنوع ملحوظ، فالأنظمة الاجتماعية ومؤسسات سوق العمل تختلف كثيرا ما بين الدول المتقدمة -وعلى الولايات المتحدة أن تتعلم الكثير من هذه التجارب المتنوعة، يمكننا – بل يلزمنا – تطوير مؤسسات جديدة، ولا شيء في "دعه يعمل" يضمن نموا أو عولمة مستدامة، يلزمنا تصور سياسات عمومية ومؤسسات تجعل الازدهار الشمولي والعولمة المستدامة ممكنين – سياسيا واقتصاديا في آن واحد، مسلحين بجهاز نظري قوي يسمح لهما بالتفكير في هذه المشاكل بمصطلحات مجردة، وللاقتصاديين لعب الدور الحاسم في هذه المهمة.
مقترحاتنا
إن جميع المشاركين في مشروعنا "الازدهار الشمولي" هم اقتصاديون جامعيون يشتغلون على مشاريع قائمة، بعضهم اشتغل لصالح الدولة، وجلهم لم يسبق لهم أبدا أن قاموا بذلك، بعضهم انخرط في ميدان النشر والكتابة لعموم واسع غير جامعي وأغلبهم يعتبرون غرباء عن هذا الميدان، هم باحثون يؤمنون بأن جدية البحث تعتبر ضرورية للازدهار الشمولي، إنهم اقتصاديون للعالم الحقيقي ويدركون أننا نعيش في عالم أقل ضررا وفي معزل عن عيوب اقتصاد السوق وللسلطة فيه أهمية بالغة في النتائج الاقتصادية.
في عالم مثل عالمنا، نادرا ما يكون نموذج المنافسة الحرة والكاملة أحسن معيار لفهم المشاكل واقتراح الحلول، وبالأحرى علينا البحث عن نماذج بديلة، وهذا يتطلب إرشادات عملية وعقلية تجريبية وجرعة جيدة من التواضع للاعتراف بمحدودية معرفتنا.
إذا ما أخذنا الاقتصاد المعاصر على محمل الجد، فيجب التوصية بتغييرات هيكلية عميقة في الحياة الاقتصادية الأمريكية.
إن المقترحات المقدمة نتجت عن استدلال اقتصادي وأحداث تدل على أوجه قصور اقتصاد السوق سواء في ميدان التجارة الدولية أوفي نظام التأمين مرورا بأسواق الرأسمال وسوق العمل، والثقة الممتدة بهذه التوصيات هي أن الاقتصادات تعتبر اليوم بعيدة عن حدّ العدل- الفعالية، وأنه توجد سياسات عديدة "كل ربح حصل دون التضحية بازدهارنا (بل يمكن أن يحسِّنه) قد يؤدي بنا إلى اقتصاد أحسن من الناحية الأخلاقية، وإذا ما أخذنا الاقتصاد المعاصر على محمل الجد فيجب التوصية بتغييرات هيكلية عميقة في الحياة الاقتصادية الأمريكية.
إن الكثير من هذه المقترحات التي تحسن من الفعالية والمساواة في نفس الوقت، تُطبق على أسواق معروفة بعيوبها العديدة كسوق العمل وسوق الدين وسوق التأمين وسوق الابتكار، وعلى الرغم من أن الأسس النظرية لعيوب هذه الأسواق في هذه المجالات هي مقبولة منذ زمن، فإن الأهمية العملية لهذه العيوب لم تتضح إلا في الآونة الأخيرة.
1. مضاعفة الحد الأدنى للأجور
لنأخذ مثلا النقاش الدائر حول الحد الأدنى للأجور، القليل من الاقتصاديين قد يدافعون على أنه أداة فعالة للتدخل في أسواق العمل، حيث يرتفع الأجر فوق مستوى معين، وتكون هناك حاجة إلى مؤسسات أخرى للاستفادة من هامش الربح الذي توفره القوة الاحتكارية للمقاولات وغيرها من عيوب السوق في الجزء الأكبر من سوق العمل، ذلك أن أريندراجيت دوب Arindrajit Dube يقترح نظام استشارة للأجور يشبه النظام الأسترالي، حيث يمكن أن يفاوض على الأجور إداريون أو مجالس ثلاثية الأطراف على مستوى الفرع والمهنة والمنطقة، محددين بذلك الحد الأدنى للأجور طوال عملية التوزيع، مما قد ينقص من التفاوت الملحوظ في الأجور حسب أريندراجيت؛ أما سوريش نايدوSursh Naidu فيناقش الحركة العمالية التقليدية في أمريكا ويوضح كيف يمكن تعبئة النمذجة والتجارب العملية واقتصاد السلوك للحد من صعوبات الفعل النقابي الجمعي.
2. الكبح المالي
يبرز كل من أنات أدماتي Anat Admati وأتيف ميان Atif Mian الخطر البنيوي المتواجد بالنظام الحالي لسوق رؤوس الأموال، حيث يدرس ميان الدور الذي يلعبه التوليف بين التفاوتات وتدفق رؤوس الأموال القادمة من آسيا ومن القوات البترولية في ما يخص فائض الادخار بالولايات المتحدة الأمريكية الذي ينقص من معدل الفائدة الحقيقي ويرفع من الخطر البنيوي، فهو يحلل كيف يتولد اللاستقرار في الأسواق المالية عن التفاوتات، بل كذلك كيفية إحباط السياسات الاحترازية الكلية بفعل آثار خارجية لم تكن في الحسبان ثم بسبب بنيات خاصة للضبط والضرائب (مثلا اتفاقيات بال 3 les accords de Bâle III)؛ وبحكم اهتمامه بالقطاع البنكي يبين أدماتي كيف تتعرض البنوك لخطر الدين أكثر من باقي المؤسسات المالية، مما يجعلهم عرضة لخطر الإفلاس ويهدد استقرارهم، وقد حدد الكاتبان إمكانيات متعددة للضبط أكثر إرضاء: يقترح ميان ربط أداء الديون بالحالة العامة للاقتصاد، بينما أدماتي فيوصي برفع واجبات رؤوس الأموال وكذا القيام بإصلاحات ضريبية بغية تقليص اللجوء إلى الاقتراض.
3. الضريبة على الشركات متعددة الجنسيات
من بين اقتراحاتنا ما يعالج بشكل مباشر مكانة الدولة في الاقتصاد وكيفية الرفع منها مع تشجيع الازدهار في المدى البعيد، فاقتراح غابرييل زيكمان Gabriel Zucman يبيّن لنا الطريقة البسيطة والعبقرية للنزوح من المنافسة الجبائية الدولية القائمة نحونظام لم تعد فيه الدول تتنافس على الاستثمارات الأجنبية بخفض الضرائب على الشركات، ويقترح فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات بخصم أرباح تتناسب مع مبيعاتها في كل بلد، ورغم أن المقاولات يمكنها ببساطة إعلان أرباحها وإنتاجها في البلدان حيث يكون معدل الضريبة منخفض فإنه من الصعب تزوير أرقام المبيعات، وقد يسمح نظامه هذا بفرض ضرائب على المستفيدين من العولمة وهذا شرط لازم من أجل عولمة مستدامة.
4. توفير خدمات عمومية
يستعمل كل من ساندرا بلاك Sandra Black وجيس روشتاين Jesse Rothstein المناهج الاقتصادية الحديثة الأكثر تطورا من أجل إعادة صياغة فكرة قديمة: على الدولة توفير السلع العمومية والضمان الاجتماعي، فهو يخفف من العيوب الجسيمة لسوق التأمين الخاص بتوفير التأمين عن البطالة والأمن الاجتماعي والضمان الصحي، ويجب أن يكون التعليم بدوره خدمة عمومية، طالما أن تمدرس الأطفال يتم قبل بلوغ دخل الآباء أقصاه، ولا يمكن لهم وضع دخل أبنائهم كضمانة للاقتراض، وأكثر من ذلك، لا يظهر أثر التعليم إلا على المدى البعيد بما في ذلك الأثار الخارجية على معدل الجريمة والتحضر والابتكار، كل ذلك يدعو إلى تعليم عمومي وضمان اجتماعي.
5. إعادة توجيه التقدم التكنولوجي
يتناول أنتون كورينيك Anton Korinek بدوره مسألة تزداد أهميتها باستمرار: وهي مسألة أثر التقنيات الحديثة على أسواق العمل وتوزيع الدخل، فحسب أنتون لا يعتبر الاتجاه الذي سلكه التغيير التكنولوجي سطحيا، بل يرتبط بدوافع خاصة وعامة على السواء، خاصة أن المبتكرين قد يُغالون في تقدير الكلفة الاجتماعية للعمل ويستثمرون بكثرة في تكنولوجيات تُخصص لتعويض العمل، أما الحكومات فتتدخل بانتظام في سيرورة الابتكار – على سبي المثال يقترح عليهم كورينيك توجيه الابتكار بنفس الطريقة نحو تكنولوجيات ذات خصائص توزيعية أكثر جاذبية من أجل تشجيع التكنولوجيات الخضراء، ويمكنهم مثلا تحسين أنظمة الذكاء الصناعي الذي يكمل القدرات المعرفية للمستخدمين بدل تعويضها – مع وضع آليات تضمن حفاظ هذه الأخيرة على جزء ملحوظ من الفائض المُنتَج، ويحلل كورينيك أيضا الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها عوامل الإنتاج غير المرنة والتكميلية – كالأرض أوالتأهيلات التخصصية – إلى فرض ضريبة عليها تجاوبا مع التغيير التكنولوجي، ويبين كذلك كيف تؤدي براءات الاختراع إلى احتكارات متفاوتة أصلا طالما تتطلب تحويل جل المستهلكين إلى ملاك المقاولات.
6. الحد من التبادل الحر الدولي
ومن جهته يقترح داني رودريك Dani RodriK إضافة قيود على التبادل الحر الدولي، وما يميزه هو أن تبريراته تتم بأدلة اجتماعية ظاهرة، دون محاولة إخفاء الحمائية بأدلة عن الأثر الخارجي أوعيوب اقتصاد السوق، وقد أبرز أنه ينبغي للاتفاقيات التجارية تضمن بنود تمنع المنافسة على هوامش "غير عادلة"، وقد يسمح وضع "ضمانات اجتماعية" حيز التنفيذ للدول بتأكيد ضرورة القيد التجاري من أجل استمرار العقد الاجتماعي الوطني، وذلك بدعم واسع النطاق من الساكنة، ويمثل هذا الاقتراح التزام العديد من أعضاء ليفيب l’Efip: إن أولوية الفعالية للكتب المدرسية شيء جميل، لكن نريد أن تتبعها قيم أخرى كالديمقراطية والمساواة بين المواطنين؛ هذه الاقتراحات تأخذ كلمات بولاني Polany على محمل الجد: ينبغي للأسواق الأساسية (بما فيها أسواق العمل والأرض ورؤوس الأموال) أن تُدرج ضمن مؤسسات غير سوقية وعلى الدولة تحديد "قواعد اللعبة" من أجل أداء وظيفتها على أكمل وجه.
7. إعادة توزيع السلطة السياسية
وفي الأخير توصي بعض الاقتراحات بتصحيح المؤسسات غير السوقية باستعمال أفكار منبثقة من علم الاقتصاد، يجب على الاقتصاد السياسي للديمقراطية - حيث للأفراد نفس الوزن تقريبا في اتخاذ القرار وتتشكل تفضيلاتهم السياسية من خلال نقاش عمومي مفتوح ومعلَن – اليوم أن يؤخذ بعين الاعتبار إذا كنا نرغب في المضي قدما بأي مقترح، ذلك أن العديد من المشاريع حُطِّمت بسبب استيلاء المصالح الخاصة للحكومة أو بسبب عرض تقديمي مشوَّه في وسائل الإعلام؛ وقد رسم إيثان كابلان Ethan Kaplan بشكل عملي بعض العشريات من السياسة الاقتصادية، لكي يقترح تدابير يمكنها تغيير توازن تأثيرات السياسات في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل دراماتيكي، ويوضح اقتراحه لقوى الاقتصاد السياسي التجريبي كما هو مطَبَّق في القطاعات الاقتصادية، والمعطيات التي ارتكز عليها هي محطّ تحديد إحصائي دقيق انطلاقا من تغيرات طبيعية، وينتج عن ذلك بعض الإجراءات التي تجعل من التمثيل السياسي أكثر مساواة وتزيد من المشاركة في الانتخابات، كما أن بعض هذه المقترحات تنبثق عن استدلال نوعي لاقتصادي وليس للسياسي: فمثلا تأثير المال في حملة ما حينما تكون التغطية الإعلامية ضعيفة، يقترح السياسيون الذين يتبنون سلوكا عقلانيا، التحكيم بين الصيغ الأكثر شعبية والأكثر ثراء.
إن النقطة المشتركة لهذه المقترحات هي اعتبار الآليات التي جعلت مفارقات السلطة تشكل علم الاقتصاد المعاصر، إذ يستبعد العديد من الاقتصاديين دور السلطة لأنهم يعتقدون أنه لا يمكن دراستها بحزم أو لأنها تندرج ضمن حقل خارج علم الاقتصاد، وكما قال نايدو Naidu في مقاله: "لا مكان للسلطة في ظروف المنافسة والمعلومة الكاملة"، لكن مفارقات مختلف المجموعات تتكاثر: من له امتياز المفاوضات على الأجور والشغل، من بيده سلطة السوق ومن يتقيد بالمنافسة، من يتنقل خارج الحدود ومن هو مقيد داخل بلده، من يقدر على التهرب الضريبي ومن لا يقدر، من يقرر أجندات الاتفاقيات التجارية ومن هومقصي منها، من يملك حق التصويت ومن لا يملك، وبعض هذه المفارقات هي اختلالات سياسية قديمة، والبعض الآخر تعتبر اختلالات للسلطة نتجت عن اقتصاد السوق نفسه بسبب مفارقات المعلومة وصعوبة الولوج إليها.
تعالج هذه المقترحات مفارقات السلطة بشكل مباشر
إن تصحيح مثل هذه المفارقات يبقى مناسب ليس فقط من ناحية التوزيع، بل كذلك من أجل تحسين أداء الاقتصاد الكلي، ويعالج مشروع ايفيب (Efip) هذه المفارقات بشكل مباشر ويقترح وسائل إعادة توازنها لغايات اقتصادية، وبإمكان النقابات ومجالس الأجور الحد من سلطة الاحتكار الأحادي الجانب لأسواق العمل (نايدووديوب)، ويمكن لعرقلة العولمة المالية أن تدعم القدرة الجبائية للدولة (زيكمان)؛ ضبط المالية الخاصة قد يمنع الأزمات (أدماتي وميان) ومنح العمال دورا أكثر أهمية في التفاوض حول الاتفاقيات التجارية يمكن أن يحسن من تصورها (رودريك)، الحد من المساهمات المالية في الحملات الانتخابية يجعل ولوج الفقراء إلى سيرورة الانتخاب ويمكن أن يزيد من شفافية النظام السياسي (كابلان).
لكن رغم أن هذه الأفكار تُستعمل على نطاق واسع من الميادين – السياسية والاجتماعية والجبائية وأسواق العمل والضبط المالي والاتفاقيات التجارية وتكنولوجيا وأنماط الاقتراع – فإنها ليست حصرية بالتأكيد، إننا نعرض هذه المقترحات كدليل على أن علم الاقتصاد ينتج أفكارا وجيهة وخيالية، نعرضها أيضا كتشجيع للاقتصاديين الآخرين على المساهمة فيها، فهي برهان على أن علم الاقتصاد يمكن أن يساعد على بناء مجتمع أكثر عدلا باستعمال هذه الموارد بشكل أكثر إنتاجية – وبتعبير آخر أن علم الاقتصاد في خدمة الازدهار الشمولي.
اضف تعليق