ألزمت الصدمة المزدوجة التي ضربت العراق منتصف العام 2014 الى الانخراط في سلسلة من القروض الداخلية والخارجية لتجسير فجوة التمويل وابعاد الاقتصاد عن الجزء الحاد من الازمة. فقد ادى الهبوط الكبير لأسعار النفط واحتلال داعش لجزء كبير من الاراضي العراقية الى انحسار الايرادات الحكومية بشكل...
ألزمت الصدمة المزدوجة التي ضربت العراق منتصف العام 2014 الى الانخراط في سلسلة من القروض الداخلية والخارجية لتجسير فجوة التمويل وابعاد الاقتصاد عن الجزء الحاد من الازمة. فقد ادى الهبوط الكبير لأسعار النفط واحتلال داعش لجزء كبير من الاراضي العراقية الى انحسار الايرادات الحكومية بشكل مثير للقلق.
ورغم تعافي اسعار النفط نسبيا وتحرير كامل الاراضي العراقية وتقليص الانفاق الحربي، لا يزال العراق يلجا الى الاقتراض (بشقيه الداخلي والخارجي) لتمويل العجز المالي الحكومي.
وقد افضى الاقتراض المتكرر الى ارتفاع معدل الدين العام بشكل مضطرد، مخلفا اقساط وفوائد باتت ترهق الموازنة الاتحادية، اذ وصلت اقساط وفوائد الدين العام واجب السداد قرابة (10) ترليون دينار في موازنة العام 2019، وهو رقم صعب سيكون حتما على حساب جهود البناء والاعمار والتنمية الاقتصادية في العراق. وحاليا، يفوق اجمالي الدين العام حاجز (130) مليار دولار (41 مليار دولار ديون معلقة) وقرابة (65) مليار دولار قوام الدين الخارجي، والمتبقي (36) مليار دولار الدين الداخلي المقدر لغاية العام 2018. وللخروج بمقاربات سليمة في تقييم مخاطر الاقتراض العام (الخارجي على وجه الخصوص) لابد من التعريج على ايجابيات وسلبيات الاقتراض الخارجي للتحقق من الجدوى المالية والاقتصادية في استمرار اقتراض الحكومة العراقية للتعايش مع هبوط الايرادات النفطية.
ايجابيات الاقتراض الخارجي
1- مصدر مريح لتمويل العجز المالي الحكومي اوقات الازمات الاقتصادية والمالية.
2- يحسن من احتياطي العملة الاجنبية لدى البنك المركزي ويضمن الاستقرار النقدي.
3- يعد الاقتراض مصدر حقن للاقتصاد واثاره ايجابية على مختلف القطاعات الاقتصادية.
4- يحقق نمو اقتصادي، بشرط نزاهة الادارة الحكومية وكفاءتها في تخصيص الاموال.
5- إذا منحت القروض الخارجية على شكل مشروعات عامة كالمدارس والمستشفيات والماء والكهرباء فان ذلك يسهم في تحسين البنية التحتية.
6- يسهم استثمار مبالغ القروض في انشاء مشروعات تجارية مربحة (مصانع وشركات)، في تعزيز النمو وتوليد فرص العمل وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
7- بشكل عام قد تكون القروض الخارجية مفيدة إذا لم تتصف بالتكرار والانتظام.
8- تكون القروض الخارجية مفيدة اذا مولت نفقات عامة استثمارية تدعم بالبنية التحتية.
والجدير بالذكر ان كافة الايجابيات الواردة حول الجدوى المالية والاقتصادية للقرض العام (الخارجي) ترتبط بنزاهة وكفاءة الادارة الحكومية للأموال وعدم الاستمرارية في الاقتراض.
سلبيات الاقتراض الخارجي
1- مؤشر على ضعف الاستدامة المالية في البلد واخفاق الحكومة في تعبئة الموارد المالية بشكل أمثل.
2- قد يكون الاقتراض نتيجة لتضخم الانفاق العام بشكل يفوق امكانات البلد المالية وهو ما يزيد من شراهة الحكومة وادمانها على رفع الانفاق دون الاهتمام بتعظيم الايرادات الحكومية بشكل مناسب.
3- يهدد الاقتراض الاحتياطي النقدي الاجنبي للبلد عند تسديد القروض بالعملة الاجنبية مما قد يؤثر في استقرار المستوى العام للأسعار وأسعار الصرف.
4- تمثل (اقساط وفوائد الدين الخارجي) عبئا على الموازنات العامة مستقبلا (كما حصل في موازنة العراق عام 2019).
5- يؤدي ضعف تسديد الديون الخارجية الى خفض التصنيف الائتماني للبلد وما ينجم عنه من رفع لأسعار الفائدة وتضاعف حجم الدين الخارجي.
6- يدفع الاقتراض الخارجي المستمر الاقتصاد الوطني الى فخ مديونية عميق يدخل البلد في ازمات اقتصادية ومالية حادة.
7- عكس الدين الداخلي، يمثل الاقتراض الخارجي (عند سداده) عنصر تسرب من دورة الدخل والاقتصاد، مما يسبب انكماشا اقتصاديا عند تسديد الاقساط والفوائد.
8- تؤدي الديون الخارجية المشروطة (من صندوق النقد والبنك الدوليين) الى مصادرة استقلالية الاقتصاد الوطني والتحكم بالسياسة الاقتصادية والسيادة الوطنية.
9- تمثل القروض الخارجية قيد يرهق ميزان المدفوعات واعباء مالية صعبة ترهق الاجيال اللاحقة.
اضف تعليق