يبقى الواقع يعكس عزوف هذه الشركات من جهة وضعف الاستثمار المحلي من جهة أخرى والسبب ليس في طبيعة الاستثمار بحد ذاته بقدر ماهو متعلق بالبيئة الاستثمارية الطاردة لرؤوس الأموال، فبالرغم من رغبة الحكومة العراقية والمتمثلة في دفع عجلة البناء وخلق أجواء جاذبة للشركات العالمية وفي...
دأبت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام ٢٠٠٣ على محاولات متعددة للنهوض بالواقع الخدمي والبنى التحتية واخذت اشكالا متعددة ابتداء من استخدام الإمكانيات الوطنية المتاحة مرورا باللجوء الى سياسة البناء بالآجل وصولا الى الدعوة لجلب الاستثمارات العالمية، لكن الأمور في اغلب الأحيان كانت تنتهي بشكل غير مرضي وغير ملبي للطموح ولعدة أسباب يتعلق قسم منها بالتناحر السياسي بين الأحزاب العراقية المختلفة وعدم وجود نظرة موضوعية ذات بعد حقيقي للواقع الاقتصادي والمالي،، وتذبذب الاستقرار الأمني الذي انتهى به الحال الى سيطرة عصابات داعش على مساحات شاسعة من العراق.
وبعد الانتصارات المتتالية للقوات الأمنية بمختلف اصنافها والذي تكلل بتطهير كامل الأرض العراقية أصبحت الحاجة ملحة لإعادة اعمار ما دمر من جهة والبدء بعملية بناء شاملة لبقية المناطق التي شهدت استقرار امني نسبيا في الفترات السابقة.
وفي خطم هذه الحاجة تحركت الحكومة العراقية والمتمثلة برئيس الوزراء حيدر العبادي بمحاولة جادة لجلب الاستثمار الأجنبي وتنشيط القطاع الخاص لدفع عجلة التنمية والبدء بعملية البناء والاعمار. لكن النتائج كانت دون المستوى.
ويحق لكل قارئ ومتابع ان يسأل عن السبب،، فالعراق بطاقته النفطية العملاقة كثاني بلد في منظمة أوبك المصدرة للنفط وبواقع 3.8 مليون برميل يوميا ومرشح للزيادة ليصل الى اكثر من 6 مليون برميل خلال فترة وجيزة وبمخزون نفطي هائل يقدر نحو 152 مليار برميل يضعه ضمن اكبر الاحتياطات النفطية على المستوى العالمي، لكنه قد لايجد سبيل لجلب الشركات العالمية للاستثمار في بلد يحتاج كل شيء فيه اما للبناء او لإعادة البناء، ولكن يبقى الواقع يعكس عزوف هذه الشركات من جهة وضعف الاستثمار المحلي من جهة أخرى والسبب ليس في طبيعة الاستثمار بحد ذاته بقدر ماهو متعلق بالبيئة الاستثمارية الطاردة لرؤوس الأموال، فبالرغم من رغبة الحكومة العراقية والمتمثلة في دفع عجلة البناء وخلق أجواء جاذبة للشركات العالمية وفي ضوء الكساد العالمي وتراجع مستويات الانفاق العالمي بقيت البيئة العراقية طاردة للاستثمار وغير جاذبة له، ولعل الأسباب تتلخص بطبيعة البيئة العراقية التي يمكن ايجازها بمايلي:
1- عدم الاستقرار السياسي والأمني،، فبالرغم من الانتصارات المتتالية للقوات الأمنية العراقية لاتزال الأمور غير مستقرة وتمثل عائق امام رأس المال الأجنبي او المحلي.
2- الفساد المالي والإداري،، تعد واحدة من اهم الأسباب المعرقلة للاستثمار الأجنبي والطاردة للمحلي لأنه يخلق جوا من عدم الثقة بالنظام السياسي ومدى كفاءة انظمته الرقابية والقضائية
3- ضعف التشريعات القانونية الداعمة والمحفزة للاستثمار والتي تمثل رسائل مطمئنه للمستثمرين بوجود بيئة قانونيه وتشريعيه تعمل على حماية وتعزيز الأموال.
4- ضعف القطاع الخاص وعدم قدرته على الاضطلاع بمسؤوليته وتحريك عجلة البناء وتشغيل الايدي العاملة وبما يخلق بيئة اقتصاديه وتنموية سليمة.
5- تردي واقع البنى التحتية مثل الطرق والجسور والمطارات ووسائل النقل والمنظومة الكهربائية التي تضررت بسبب الحروب المتعاقبة مما اثره سلبا على بقيه المشاريع المتوسطة والصغيرة والتي تمثل القطاع الأكبر بالنسبة لتشغيل الايدي العاملة والحد من مستويات البطالة.
6- عدم وجود نظام مالي ومصرفي متكامل يضمن سهولة تدفق الأموال وسلاسة التعاملات المالية والتجارية والذي يعد عائق امام الاستثمار الأجنبي.
7- السياسات التجارية والمتمثلة بسياسات الاستيراد والتصدير وتبني مفهوم الباب المفتوح امام البضاعة الأجنبية الجيدة والرديئة على حد سواء وما يترتب عليه من أضعاف الصناعة الوطنية وبالتالي اضعاف القطاع الخاص وبشكل يجعله غير قادر على القيام بدوره التنموي.
اضف تعليق