أبرز صورة الإسلام الحقيقي بوضوح وأبانه عن الأديان الأخرى سواء كانت خارجة عنه أو منتسبة إليه ومتلبسة به. وقد أرسى الإمام عليه السلام الأسس الرصينة للدفاع عنه في شبهات المضلّين من الداخل والخارج من ملاحدة وغُلاة وأصحاب الفرق الضالة الأخرىـ منهجة مذهب أهل البيت عليهم السلام وتوطيد قواعده...
يعيش المسلمون في هذه الأيام ذكرى وفاة الإمام الصادق عليه السلام، وفي هذه المناسبة حريّ بالمسلمين ومفكري الإنسانية المخلصين للعلم والحريصين على تطور البشرية فكريا وحضاريا وأخلاقيا وعلميا، أن يستعيدوا التراث العلمي الكبير للإمام الصادق عليه السلام، وأن يسلطوا الضوء عليه، عبر إقامة الأنشطة العلمية والفكرية المختلفة، كالمؤتمرات العلمية والفكرية التي تبحث وتتعمق في التراث الحضاري الهائل الذي تركه الإمام الصادق عليه السلام، والذي تنوع في حقول علمية متعددة، وأثبت مواكبته لروح العصر ومتطلباته العلمية المتعددة.
ومن الأولى أن يستعد ويبادر المختصون والمهتمون بالقضايا العلمية من المسلمين، لتقديم التراث العلمي المتنوع والزاخر بالعمق والأصالة للإمام الصادق عليه السلام، فنحن أولى من غيرنا، والواجب العلمي يحتّم علينا الاحتفاء والاحتفال بتراثنا العلمي الإسلامي، لاسيما أن الإمام الصادق عليه السلام صاحب المدرسة العلمية الفقهية التي تخرج منها كبار العلماء المسلمين، كما هي الحال مع عالم الكيمياء الشهير جابر بن حيان الذي تخرج من مدرسة الإمام الصادق عليه السلام، ونهل من فكره وعلميته المتوقدة، ليبقى شاهدا حيّا على علمية الإمام عليه السلام، وعلى إسهاماته الجادة في رفد البشرية والمسلمين على وجه الخصوص بتراث حضاري علمي متفرّد.
في هذا الحوار الذي أجرته (شبكة النبأ المعلوماتية)، مع سماحة الشيخ فاضل الصفار، حيث يلقي الضوء على الكثير من الأمور التي يتوجب على المعنيين بالعلم والفقه والتطور الفكري، من المسلمين أو غيرهم، ويحثهم على أهمية إلقاء الضوء على هذا التراث الحضاري العميق للإمام الصادق عليه السلام، وسوف نجد في هذا الحوار مقترحات واضحة سهلة التنفيذ على الصعيد العملي والإجرائي، وكلها تؤكد على حتمية اهتمام المسلمين بما تركه الإمام الصادق من إرث علمي حضاري كبير للمسلمين والإنسانية جمعاء.
بدأنا مع سماحة الشيخ فاضل الصفار بالسؤال التالي:
س: ما هي تأثيرات مدرسة الإمام الصادق عليه السلام، على الحضارة الإنسانية؟؟
ج: تمخضت مدرسة الإمام الصادق عليه السلام عن التأثيرات التالية:
1- النهضة العلمية، فقد قام الإمام الصادق عليه السلام بتأسيس أضخم مدرسة جامعة لكل العلوم والفنون، وكان لهذه الخطوة الأثر الكبير، فقد تخرج منها جهابذة العلماء في الفقه والحديث والطب والكيمياء، بل وفي كل علم، فكل ما تنعم به البشرية اليوم من التطور العلمي فتح مغاليقه الأئمة عليهم السلام وخصوصا الإمام الصادق عليه السلام.
2- فتح أبواب التخصص العلمي وهم منهج علمي مهم وله أثر بالغ في العطاء والإنتاج. فقد برز كثير من تلامذته أمثال جابر بن حيان، والكل يعلم أثره في التطور التكنولوجي الحاصل اليوم.
3- أبرز صورة الإسلام الحقيقي بوضوح وأبانه عن الأديان الأخرى سواء كانت خارجة عنه أو منتسبة إليه ومتلبسة به. وقد أرسى الإمام عليه السلام الأسس الرصينة للدفاع عنه في شبهات المضلّين من الداخل والخارج من ملاحدة وغُلاة وأصحاب الفرق الضالة الأخرى.
4- منهجة مذهب أهل البيت عليهم السلام وتوطيد قواعده على مستوى الأصول والفروع والموقف السياسي.
س: ما هي الأسس التي قامت عليها مدرسة الإمام الصادق عليه السلام؟
ج: قامت على ثلاث أسس:
الأول: جعل الوحي القرآني والسنة الشريفة مصدرا للعلم والأحكام.
الثاني: جعل العقل البديهي محورا أساسا في فهم القضايا ومعياراً لتمييز الصواب.
الثالث: ترسيخ مرجعية المعصوم في الأمة علمياً وإدارياً.
س: كيف يمكن أن نحقق نهضة علمية حضارية عبر الاستفادة من سيرة الإمام الصادق عليه السلام؟
ج: يمكن تحقيق ذلك من خلال ما يلي:
1- بناء الجامعات والمعاهد التي تنهل من علوم الأئمة عليهم السلام وخصوصا الإمام الصادق عليه السلام.
2- دراسة فكر الإمام عليه السلام دراسة دقيقة وعميقة للاستفادة منه.
3- تطبيق منهج الإمام عليه السلام على حياة الفرد وجعله سلوكا في حياتنا اليومية.
4- تعديل المناهج الدراسية في المدارس والجامعات والاستفادة من هذا التراث الجامع لكل العلوم، فمن الحري بنا أن نجعله في مناهج التعليم.
س: كيف يكون الواقع العالمي إذا تمت الاستفادة من التراث الحضاري الكبير للإمام الصادق عليه السلام؟
ج: سيكون الواقع العالمي أفضل بكثير لأن التراث الحضاري للإمام الصادق عليه السلام يرسخ المفاهيم التالية:
1- العدل والحرية وعدم التعدي على الآخر.
2- التطور الفكري والعلمي في جميع مستويات الحياة.
3- الارتقاء بالفرد والمجتمع نحو المكارم والفضائل.
س: بالاستناد إلى التراث العلمي للإمام الصادق عليه السلام، كيف يمكن سحب البشرية نحو السلام والقضاء على الأزمات التي تعصف بالعالم؟
ج: يمكن تحقيق ذلك عبر:
إقامة مراكز الدراسات والمؤسسات المتخصصة، وإقامة المؤتمرات لنشر هذه العلوم ليتعرف عليها العالم أجمع، وتكون مصداقا لقول الإمام الرضا عليه السلام: (( رحم الله عبدا أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)) وإذا اتبعوهم ساد السلام وأمن الناس من الفرقة والاختلاف وارتقوا في الفكر والإنسانية.
س: كلمة أخيرة لسماحة الشيخ فاضل الصفار يرغب الإدلاء بها...
ج: الكلمة الأخيرة: أسأل الله سبحانه لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام التوفيق والسداد، وأتمنى أن يهتم المسلمون بإقامة المؤسسات الفكرية والإعلامية الأصيلة التي تنتقي أفكارها من القرآن والسنة وتروّج الفكر المواكِب للزمان وتعالج الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام.
والحمد لله رب العالمين
25 شوال 1442هـ
كربلاء المقدسة
مكتب الشيخ فاضل الصفار.
اضف تعليق