وأصبح توحيد الجهود الشعبية مع الجهود الحكومية اليوم أمرًا بالغ الأهمية، لتحقيق تنمية يتقبلها المجتمع ولحل مشاكله الحقيقية، وعليه يجب إشراك أفراد المجتمع المحلي في التفكير والعمل على وضع البرامج التي تهدف إلى النهوض بهم ولذلك تعتبر المشاركة الشعبية من أكثر العناصر أهمية وفعالية للوصول إلى تنمية المجتمع...

عقد مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية وضمن نشاطاته الشهرية جلسة حوارية حملت موضوعا تحت عنوان (دور الإدارة المحلية في تحقيق الشراكة المجتمعية لبناء التنمية المستدامة)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي عقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، قدم الورقة البحثية وأدار الجلسة الحوارية الباحث الاكاديمي الدكتور صلاح جبير البصيصي، وابتدأ حديثه قائلا:

"تعتبر الوحدات المحلية العنصر الأساسي في تحقيق التنمية المستدامة على اعتبار انها الأقرب الى المواطن والأكثر اتصالا وارتباطا به، كما انها تعد الملجأ الأساسي له في تلبية مطالبه ورغباته واشباع حاجاته المتنوعة.

ان الإدارة المحلية هي أسلوب من أساليب التنظيم المحلي او اللامركزية الإدارية، تتضمن توزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية وهيئات محلية منتخبة ومستقلة تمارس ما يناط لها من مهام واختصاصات تحت اشراف ورقابة الإدارة المركزية، اما التنمية المستدامة فهي التنمية التي تسمح بتلبية احتياجات ومتطلبات الأجيال الحاضرة دون الاخلال بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها وتهدف التنمية المستدامة الى:

أولا: تحقيق نوعية حياة أفضل للسكان من خلال عمليات التخطيط وتنفيذ السياسات التنموية لتحسين نوعية الحياة اقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا.

ثانيا: احترام البيئة الطبيعية، اذ تتعامل مع النظام الطبيعي على انه أساس لحياة الانسان سوار أكانت البيئة طبيعية ام غير طبيعية (مبنية).

ثالثا: ربط التكنولوجيا الحديثة بما يخدم اهداف المجتمع وتحسين نوعية حياة المجتمع.

رابعا: احداث تغيير مستمر ومناسب في حاجات واولويات المجتمع.

وعليه فإن هناك أربعة ابعاد للتنمية المستدامة وهي البعد البيئي والبعد الاجتماعي البشري (المساواة والحد من التفاوت الطبقي) والبعد التكنولوجي (الانظف) والبعد الاقتصادي (توزيع السكان والصحة والتعليم...).

تعد المشاركة الشعبية في التنمية المحلية والمستدامة إحدى دعائم النظم المحلية في تحقيق أهدافها، فهي تعبر عن إحساس الجماهير بمشاكلهم، والعمل على إشراكهم في تنفيذ خطط وبرامج تنموية، مما يجعلهم أكثر حرصا على الحفاظ على نتائج الأعمال التي ساهموا فيها ومن القواعد الأساسية لتنمية المجتمع ضرورة المشاركة الشعبية للنهوض بالمجتمعات المحلية، لكن إن لم يشارك المواطنون بجهودهم وإمكاناتهم للنهوض بمجتمعاتهم، فإن الحديث عن التنمية المحلية يصبح غير مجد؛ فالتنمية أيا كان نوعها أو مجالها اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو ثقافيًا أو سياسيًا تعد مسؤولية جماعية، يشارك فيها كل فرد أيًا كان موقعه في المجتمع.

وأصبح توحيد الجهود الشعبية مع الجهود الحكومية اليوم أمرًا في بالغ الأهمية، لتحقيق تنمية يتقبلها المجتمع ولحل مشاكله الحقيقية، وعليه يجب إشراك أفراد المجتمع المحلي في التفكير والعمل على وضع البرامج التي تهدف إلى النهوض بهم ولذلك تعتبر المشاركة الشعبية من أكثر العناصر أهمية وفعالية للوصول إلى تنمية المجتمع المحلي، حيث أن كل تنمية حقيقية لمجتمع ما تتطلب المشاركة الإيجابية والمبادأة التلقائية لأفراد هذا المجتمع، وإن لم تأت هذه المشاركة بشكل تلقائي من المواطنين؛ فإن على الادارة المحلية استثارتها، وذلك باستخدام مختلف الآليات والوسائل الممكنة، من خلال إثارة الوعي بمستوى حياة أفضل، وإقناع الافراد بالحاجات الجديدة للمجتمع، وتعويدهم على أنماط جديدة من العادات الاقتصادية والاجتماعية.

الشراكة تعني خلق فرص تمكن جميع أعضاء المجتمع والمجتمع الأكبر للمشاركة الفاعلة والتأثير على العملية التنموية ليشاركوا بعدالة وإنصاف في ثمار التنمية والمشاركة الشعبية هي عملية مساهمة المواطنين طوعا في أعمال التنمية، سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل وغير ذلك؛ بل إن المشاركة تعتبر درجة إحساس الناس بمشكلاتهم المحلية، ونوع استجابتهم لحل هذه المشكلات.

وبصفة عامة يمكن تعريف المشاركة الشعبية على أنها: "العملية التي تتيح لجميع أفراد المجتمع المحلي وجماعاته المؤهلة بموجب القوانين فرصًا للتعبير عن آرائهم، ودورًا في إعداد الخطط والمشروعات المحلية وتنفيذها ومتابعتها والرقابة عليها بشكل مباشر وغير مباشر، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتحسين نوعية حياة السكان، وإشباع حاجاتهم بعدالة دون الإضرار بالمصالح الوطنية".

ان هناك أهمية للمشاركة المجتمعية في التنمية المحلية لكونها تعمل على تناسب الخدمات التي تقدمها للسكان المحليين مع احتياجاتهم التي حددوها بأنفسهم، كما أنها تتيح الفرصة لمختلف فئات المجتمع للمساهمة والقيام بدور إيجابي في مساندة وتنفيذ وتتبع سير المشروعات التنموية التي تمس مجتمعهم، إضافة الى ترشيد توزيع الخدمات بين مختلف تلك الفئات والمستويات في المجتمع.

وتعمل الشراكة على زيادة تماسك أفراد المجتمع وتدعيم جوانب التعاون بينهم وبين الحكومة، من خلال إتاحة الفرصة للممارسة الديموقراطية، من خلال تكريس أسلوب الإدارة اللامركزية إضافة إلى تلك الأهداف ذات الطابع السياسي الاجتماعي، هناك جملة أخرى من أهداف الشراكة ذات الطابع الاقتصادي تتمثل في تقليل التكلفة وتخفيف الأعباء على الحكومة، من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المحلية في المجتمع.

وللشراكة أيضًا أهداف على المستوى الأخلاقي للفرد، فهي تعمل على تدريب الأفراد على تحمل المسؤولية وتدعم شعورهم بالواجب، وتزيد من الوعي الاجتماعي، مما يؤدي إلى تغذية المشاركة ومساعدتها على الامتداد الرأسي والأفقي، وتعود الأفراد الحرص على المال من خلال تضافر الجهود المحلية والحكومية، لتحقيق الأهداف التنموية على المستوى المحلي والوطني.

تعمل الشراكة بين الشعب والحكومة على تحقيق الأهداف التالية:

- تقليل التكلفة: حيث تعمل المشاركة على ترشيد القرارات وترتيب الأولويات حسب حاجات السكان، مما يحقق كفاءة الاستخدام الأمثل للموارد المحلية المتاحة.

- ضمان التأييد الجماهيري والشعبي للمشروعات: حيث أن الشراكة وسيلة لتقريب حاجات السكان ومطالبهم مع واقع الموارد المحلية المتاحة، مما يحقق رضا السكان المحليين ودعمهم للمشروعات التنموية.

- توجيه الموارد المحلية نحو المشروعات الإنتاجية: ففي حال غياب الشراكة فإن الضغوط الشعبية تتجه نحو الحاجات المادية أو الاستهلاكية، ولا تتفهم أهمية المشروعات الإنتاجية التنموية المستقلة، لذلك فإن مشاركة المواطنين تعمل على توجيه الموارد المحلية نحو المشروعات الإنتاجية بدلا من الحاجات الاستهلاكية بما ينعكس إيجابًا على حياة المشاركين في المستوى الزمني المتوسط والبعيد.

- تحقيق التوظيف الأمثل للمساعدات الاجتماعية: حيث أصبحت الشراكة مطلب الهيئات الدولية لضمان الاستخدام الأمثل للمساعدات وتوجيهها لصالح الجماهير، مما يشكل تحديًا للحكومات نحو تعزيز المشاركة الشعبية لتلبية مطالب المنظمات الدولية.

- تحديد المشكلات والحاجات الحقيقية للسكان المحليين: تعمل الشراكة على تحديد المشكلات والحاجات للسكان المحليين فعليًا، ومن ثم تحقيق إدارة كفيء للموارد المحلية.

خصائص المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:

- المشاركة الشعبية سلوك تطوعي ونشاط إرادي، على اعتبار أن المواطنين يقومون بأداء جهودهم التطوعية لشعورهم بالمسؤولية حيال القضايا والأهداف الخاصة بالمجتمع.

- المشاركة الشعبية سلوك مكتسب وليس فطري فلا يولد مع الإنسان ولا يرثها، وإنما هي مكتسبة، أي أنها سلوك يتعلمها الإنسان أثناء حياته من خلال تفاعله مع الآخرين.

- المشاركة الشعبية إحدى مبادئ الديمقراطية.

- المشاركة حق وواجب في آن واحد، فهي من حقوق الإنسان التي أعلنتها الاتفاقيات الدولية والدساتير الوطنية.

- المشاركة هدف ووسيلة في نفس الوقت، هدف لأن الحياة الديمقراطية تقتضي مشاركة الجماهير في المسؤولية الاجتماعية، مما يؤدي إلى تغيير سلوكيات المواطنين وثقافاتهم نحو الإحساس بالمسؤولية في صنع القرار؛ وهي وسيلة كونها آلية يتمكن المواطن من خلالها أداء أو لعب دور محوري في النهوض بالمجتمع نحو الرقي والرفاهية.

- المشاركة الشعبية توحد الفكر الجماعي للجماهير، لأنها تساهم في بلورة فكرة واحدة نحو الإحساس بوحدة الهدف والمصير المشترك.

أساليب المشاركة المجتمعية في العملية التنموية

تختلف أساليب المشاركة الشعبية باختلاف أشكال المساهمة التي يقوم بها الأفراد بحيث تحدد الأعمال التي يقومون بها ويمكن أن تحدث المشاركة الشعبية بعدة طرق وأساليب أهمها:

- المشاركة المباشرة: يمكن تعريفها بأنها مشاركة مختلف فئات الشعب أو هيئات أو جماعات منتظمة للسلطات الحكومية في كل ما يتعلق بالعملية التنموية أو في مراحل منها، ويأخذ هذا النوع عدة أشكال ومنها:

- استشارة الأهالي والمجموعات المستهدفة من خلال الاجتماعات والمقابلات والمؤتمرات العامة.

- اللامركزية الإدارية والتي تتمثل في إيجاد مؤسسات وهيئات تخطيط على المستوي المحلي.

- برامج تنمية المجتمع المحلي وخصوصًا ما يتعلق منها ببرامج الاعتماد على النفس والهيئات التطوعية.

- الاستبيان والدراسات المختلفة.

- الاستفتاء العام حول قضية أو قضايا معينة.

- المشاركة غير المباشرة: تحدث بواسطة أشخاص محددين وبتكليف من جهات معينة أو بدوافع ذاتية.

صور المشاركة المجتمعية في العملية التنموية

- المشاركة في مرحلة إعداد ورسم الخطة: تعد مرحلة إعداد الخطة من أهم مراحل التنمية المحلية، حيث يتم التعرف على خصائص المجتمع المختلفة وتحديد المشكلات والحاجات، وتبادل المعلومات بين المسؤولين الحكوميين والمواطنين ومناقشة المشروعات وبدائلها وتقرير الاولويات تكمن أهمية هذه المرحلة كونها تمكن المواطنين من التأثير في الإدارة، بما يحقق تجاوب الخطة مع حاجاتهم؛ وزمنيا تتوزع عمليات المشاركة ما بين مرحلة جمع المعلومات ومرحلة وضع الإطار العام للخطة، والمهم التركيز على المشاركة عند وضع الإطار العام للخطة، حتى يتيسر مناقشتها وإدخال التعديلات عليها ومن صور المشاركة في هذه المرحلة اللقاءات، الزيارات، الاستطلاعات، الاجتماعات المحدودة، ثم الاجتماعات العامة الموسعة بعد كتابة تقرير الخطة وتوزيعه على المواطنين وإعلانه بشتى الوسائل، حيث يقوم المسؤولون بشرح الخطة وأهدافها، ومن ثم مناقشتها وتعديلها قبل إقراراها قانونيًا.

- المشاركة في مرحلة التنفيذ: يزداد حجم المشاركة في مرحلة التنفيذ، إذا ما شارك المواطنون في مرحلة الإعداد وجاءت الخطة ملبية لحاجاتهم، ومن صور المشاركة في هذه المرحلة العون الذاتي، الذي يهدف إلى تغيير أنماط السلوك السلبي إلى إيجابي، والاعتماد على الذات، خاصة في ظل قصور الإمكانات الحكومية.

- المشاركة في الرقابة: تشكل التغذية العكسية من قبل المواطنين أسلوبًا من أساليب الرقابة الشعبية وتقييم المشروعات، يتم من خلالها التعرف على مدى كفاءة وفعالية الأجهزة التنفيذية، وأداة ناجحة لتلافي الأخطار والانحرافات، وتصحيح مسار المشروعات العامة.

وسائل المشاركة الشعبية:

- اجراء الانتخابات الدورية: وهي قيام المواطنين بانتخاب ممثليهم في المجالس المحلية.

- حضور اجتماعات جلسات المجالس المحلية: فمن حق المواطنين ووسائل الإعلام حضور اجتماعات المجالس المحلية، ووجوب وجود جلسات خاصة لسماع آراء المواطنين.

- اللجان الخاصة: تستخدم كأداة فحص مراجعة للسياسة المحلية في مجال وظيفي محدد للمجالس المحلية.

- الاتصالات الشخصية: تتم ما بين المواطنين وأعضاء المجالس المحلية، من خلال الهاتف أو المقابلات الشخصية.

- انضمام الأفراد إلى الجمعيات الأهلية كجمعيات تطوعية، بدافع إيجابية التعبير عن مشكلات المجتمع، وبذل الجهد في العطاء من أجل النهوض بالمجتمع.

معايير قياس فعالية المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية:

هناك معايير يمكن تطبيقها لقياس مدى النجاح أو الفشل الذي تحققه تجربة المشاركة الشعبية في التنمية المحلية، وهي:

- عدد المواطنين الذين يشاركون ويساهمون في الشؤون المحلية مقارنة إلى عدد المواطنين أو السكان في الوحدة المحلية، ومدى استمرار نفس الأشخاص في عضوية المجالس المحلية وفي عضوية الجمعيات والهيئات الاجتماعية الأخرى.

- مدى إقبال الناخبين المحليين على الترشيح لعضوية المجالس المحلية، وعلى الإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم المحليين.

- قدرة الأعضاء المنتخبين على المباشرة بتقديم الاقتراحات ومشروعات القرارات المحلية وتعديلها والمقدمة من السلطات المحلية التنفيذية".

وللاستفادة القيمة من اراء الحضور واصحاب الاختصاص وفتح باب التعليق على الورقة البحثية تم طرح السؤالين الآتيين:

السؤال الاول: هل يمكن تحقيق تنمية مستدامة دون وجود مساهمة مجتمعية فاعلة؟

 السؤال الثاني: كيف يمكن للإدارة المحلية تحفيز الفواعل الاجتماعية لتحمل مسؤوليتها التطوعية؟

 السؤال الثالث: ماهي القيم الأساسية التي يمكن من خلالها بناء الشراكة بين الإدارة المحلية والمواطنين؟

المداخلات

فتح قنوات فاعلة

- د. لطيف القصاب، كاتب اكاديمي:

الإدارة المحلية كما أفهمها هي ادارة مؤسسية تطير بجناحين (تشريعي وتنفيذي) فبمقدار ما يكون الانسجام بين هذين الجناحين أو هاتين الجهتين يكون الناتج مثمرا وسليما، وإلا فقد شهدنا في المرحلة السابقة في بعض المحافظات العراقية وجود مجالس المحافظات كان يمثل عقبة في الطريق الاعمار والتنمية، ولكن اليوم ربما نشهد تحسنا نسبيا في موضوع مجالس المحافظات ربما لأنهم يخشون على انفسهم من أن تلغى بفضل وجود رأي عام ضاغط اشترك فيه جميع ابناء المجتمع بمساندة الصحافة ومنظمات المجتمع المدني فضلا عن المواطن البسيط مع وجود المنصات الرقمية التي أتاحت لأي مواطن أن يعبر بشكل واضح ويصل إلى الجهة المسؤولة، فيفترض أن يكون تفقيه في هذا الاتجاه بأن يعلو الحس الاجتماعي على الحس السياسي ليس لأن المحافظة ورئيس مجلس المحافظة من خط سياسي واحد يتناغمون في العمل والعكس بالعكس يعني لابد أن يكون الحس المحلي أو الاجتماعي هو المتسيد على سائر النوازع الأخرى لاسيما سياسيا منها العمل التطوعي وهو حجر الزاوية، ولكن حتى يكون لدينا عمل تطوعي لابد أن يكون ثقافة في هذا الاتجاه لأنها قضية مكتسبة يكتسبها الإنسان من التعليم الابتدائي بأن تكون فرق حتى على مستوى الصناعات الخفيفة التي يقوم بها الطالب أو التلميذ، ففي اليابان مثلا يعطوهم عدد من الترانزستورات والمتسعات ويبدأون بتوزيع الأدوار وكلهم يعملون ذلك بشغف وبفرحة وببهجة ويتعلمون طبعا فضلا عن الجوانب الأخلاقية التي يتعلمونها، فهم يتعلمون هذا الجانب الاجتماعي الذي يرفع من مستوى الحس الاجتماعي لديهم لهذا تجد الشخصية اليابانية شخصية تطوعية أما نحن فحتى في النظام السابق عندما كان تدفع بعض المشاريع في هذا الاتجاه اتجاه العمل التطوعي تأخذ بصبغة الاجبار بما يسمى بالعمل الشعبي.

اليوم على الادارة المحلية ان تعمل على فتح قنوات مباشرة مع الشارع مثل مخاتير المناطق السكنية حتى يعرف نقص الشارع في الأمور التي تمس الجانب الاقتصادي للمجتمع وجود مجسات بين الإدارة المحلية متمثلة بالمحافظ وما يتفرع عن المحافظة من تشكيلات إدارية ووحدات إدارية هذا الأمر لابد أن يعمم أيضا على مجالس المحافظات، وحتى لو افترضنا وجود خط سياسي مرتبك أو غير منسجم لابد أن يعلو الحس المحلي والاجتماعي وأعتقد الدخول على بعض المجموعات الفاعلة في مواقع التواصل الاجتماعي التي تخرج خارج السياق المألوف باعتبار أن هؤلاء ميدانيون ويعملون على مدار الساعة وهم محتكون بطبيعة عملهم مع المواطن وهم مواطنون أيضا.

تحويل الاستراتيجيات الى عمل

- د. خالد العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

اول شيء تحتاج الادارة المحلية ان تفهم اهمية التنمية المستدامة ومفهومها لانه ليس كثير من الادارات المحلية تفهم معنى التنمية المستدامة وفهم هذا الموضوع يحتاج الى تغيير على مستوى السياسات والاستراتيجيات والبرامج فاذا ما استطاعت ان تكيف سياساتها واستراتيجياتها وبرامجها مع مفهوم التنمية المستدامة ستكون هناك مشكلة كبيرة للغاية وهي ان ترفع شعار لا تفهم معناه وهذا ما نلاحظه في كثير من الأحيان، لان التنمية المستدامة هي ليست مفهوم يرتبط بالجيل الحالي فقط وانما هو يرتبط بحفظ حقوق الاجيال القادمة ايضا على مستوى الموارد وعلى مستوى البيئة وعلى مستوى ايجاد سبل لحياة افضل يعيشها الانسان وهذا الامر يحتاج الى اشخاص متخصصين ويمتلكون القدرة على فهم ما هو مطلوب منهم، بعد ذلك اذا ما فهمت الادارات المحلية هذا الشيء يحتاج ان يتم توعية المجتمع بالتنمية المستدامة، فالمجتمع الذي لا يستطيع ان يدرك ايضا اهمية التنمية المستدامة من غير الممكن ان يتحول الى مجتمع مبادر او فاعل بل على العكس سيبقى على سياساته التقليدية واجراءاته التقليدية المتوارثة في وقت المجتمعات البشرية بدأت تقفز قفزات كبيرة، واول شيء يحتاج الى استقرار امني واستقرار سياسي واستقرار اقتصادي وايضا يحتاج الى تدريب وتطوير على السياسات والاستراتيجيات والبرامج التي توضع من الادارات المحلية، ويبقى المطلوب من المجتمع مسؤولية الادارة المحلية يعني الادارة المحلية ينبغي ان تضع من ضمن برامجها بعد ما فهمت التنمية المستدامة ان كيف تفعل الثورة في المجتمع فلا يوجد مجتمع يثور من ذاته وانما يحتاج الى محفزين اما يكونوا قادة او تكون ادارات جيدة تقود هذا المجتمع وهذا الامر سيتطلب دور كبير.

المجتمع الذي لا يستطيع ان يتحمل المسؤولية في تغيير سبل الحياة نحو الافضل من الادارات ومن المجتمعات غالبا تبقى جامدة في مكانها ولا تستطيع ان تنتقل الى الامام او تتحرك الى الامام ايضا العلمية والموضوعية ينبغي ان المسائل التي تدار في المجتمع تدار بطريقة علمية وموضوعية ودائما تتعزز العلمية والموضوعية يحتاج الى ثقافة الحوار والحوار المتبادل وقبول الرأي والرأي الأخر عندما يكون هناك مجتمع واذا ادارات متعنصرة متخندقة متمحورة حول افكار وسياسات معينة لا تقبل الرأي الاخر، اعتقد هذه القيم لا يمكن ان تنمي تنمية مستدامة فاعلة، ايضا التطوعية من القيم الاساسية والمهم ان تبرز داخل المجتمع واعتقد انه هذا ايضا لها اسس دينية ما جاع فقير الا بما متع به غني.

تعيش اليوم بعض فئات المجتمع بحالة هشة وضعيفة وهذه الفئات لا تجد قوت يومها ولا تستطيع ان تؤسس لحياة افضل ولا تستطيع ان تطور نفسها للأمام وجزء كبير من المسؤولية عن الوضع الذي تعاني منه هذه الفئات والمجتمع نفسه يعني المجتمع لا يمتلك الروح التطوعية والتكافل والتعاون هذه كلها الامور تحتاج الى تطوير وتركيز عليها من قبل الادارات والمجتمع وايضا وجود الاستراتيجيات القابلة للتنفيذ، ولكن الاستراتيجيات التي وضعت للتنمية المستدامة نجدها بقيت حبيسة الرفوف او حبيسة الكتب ولم تتحول الى منهاج عمل ومنهاج سلوك واليوم نحن بحاجة الى ان نحول الاستراتيجيات الى برامج على الارض قابلة للتطبيق بدون هذا الامر لا نستطيع ان نحقق شراكة فاعلة بين الادارات المحلية وبين المجتمع.

عدم الثقة بالمؤسسات الحكومية

- الاستاذ محمد علي جواد تقي، كاتب صحفي:

هناك شعور ان مجالس المحافظات حلقة زائدة لفترة من الفترات لكن نتأمل خيرا بأن هناك مستقبل واداء جيد بما يتعلق بالتنمية المستدامة ولكن هناك نقطة مهمة وهي عدم الثقة الموجودة بين المؤسسة التي نعتبرها من المؤسسات الدستورية والمرتبطة بالسلطة التنفيذية، وبين المواطن الذي يشخص الخلل ومكامن القوة في المؤسسات الحكومية والادارات المحلية، ووجود عدم الثقة بالمسؤول جعلت الناس تبتعد عن الانتخابات وترفض فكرتها لطبقة واسعة من المجتمع بسبب الوعود الكاذبة قبل الانتخابات وعدم محاسبة المقصرين على مستوى الاعلام ومن المثقفين ومن الاكاديميين بل حتى من المواطن العادي.

تفعيل الشراكة الاجتماعية

- الشيخ مرتضى معاش، باحث في الفكر الإسلامي:

المقصود بالإدارة المحلية هي الادارات التي تبدأ من اصغر الوحدات المجتمعية التي تمثل بمجموعها القاعدة الشعبية، فهي الأساس الذي تبدأ منه الديمقراطية المنبثقة من اللامركزية، كل الديمقراطيات الصحيحة السليمة تبدأ من اصغر الوحدات الادارية مرورا بالمجالس المحلية وصولا الى مجالس المحافظات هذا أولا، مفهوم الشراكة والتنمية المستدامة بمعنى تحسين حياة الناس عن طريق توفير الصحة والتعليم وهذا مرتبط بالقاعدة الاجتماعية وليس بالسلطة لذلك لا يمكن أن يكون هناك تنمية إذا لم يكن هناك شراكة بين السلطة وبين المجتمع أو القواعد الاجتماعية، والا صارت تنمية فاشلة كما حصل في العراق لأن التنمية الآن اصبحت بيد السلطة، والسلطة كلما تعمل بإطار التنمية ومشاريع التنمية في قضايا البيئة، الزراعة والتشجير، التعليم، الصحة تنتج مشاريع فاشلة لعدم وجود الركن الثاني الأساسي في النجاح وهو المجتمع او القواعد الاجتماعية، فالناس الآن لا يتعاونون مع السلطة لأن السلطة فوقية وتعتبر نفسها أقوى وتتحكم بالمجتمع وهذا أمر خاطئ ينافي مفهوم الديمقراطية ومفهوم اللامركزية والمشاركة في اتخاذ القرار، اليوم التنمية تعتمد بالأساس على احترام تقاليد الناس أو تقاليد المجتمع فالوضع الفوضوي المنتشر بين مختلف الفئات المجتمعية ينعكس على النظام في الشارع والوضع البيئي والتعليمي، والكل يتذمر من الفوضى الهائلة بسبب وجود فراغات كبيرة، بسبب فقدان التواصل بين المجتمع والسلطة، واذا كان التواصل بين السلطة وبين المجتمع غير موجود فكيف يمكن أن نحقق التنمية، ولكن اولا السلطة إذا أرادت أن تساهم في بناء مجتمع حقيقي لابد أن تحترم تقاليد الناس وتفتح حوارا معهم حول كيفية تشبيك التقاليد مع قضايا التنمية أو استثمار التقاليد في التنمية، وهو أمر لا يمكن أن يأتي بأمر فوقي، فاليوم نحن نعيش في احكام فردية استبدادية والمجتمع لا قيمة له في عملية الشراكة واتخاذ القرار.

والشراكة تأتي اولا قبل المشاركة، حيث ان الشراكة بين المجتمع والسلطة سوف يؤدي إلى مشاركة مجتمعية، فالشراكة أولا ثم المشاركة ولا يمكن أن تعطي السلطة هبة للناس بالمشاركة المجتمعية هذه مشاركة فاشلة لان الديمقراطية الاجتماعية قائمة على مشاركة المجتمع في عملية اتخاذ القرار، كما ان التفويض الذي تعطيه السلطة للفواعل الاجتماعية في عملية اتخاذ القرار والمشاركة في قضية التنمية وبناء التواصل مهم جدا في بناء الشراكة لفهم حاجات المجتمع وبناء التفاعل الإيجابي والتوعية بأهمية الشراكة وأهمية تحمل المسؤولية وبالنتيجة الاشتراك في عملية البناء الاجتماعي وتحقيق السلم الاجتماعي.

فاذا جلس كل شخص في بيته ولا علاقة له بما يدور حوله ستطفو على السطح قضية الانعزال الاجتماعي الذي نلاحظه في كثير من المجتمعات فبعض الاشخاص ليس لهم علاقة حتى بجيرانهم وحتى انهم لا يهتمون لأمر نظافة الشوارع وتراكم الأوساخ، والاشخاص الذين لا يهتمون بالأمن الاجتماعي وانتشار الجريمة التي تتسبب في ظهور كثير من المشاكل ومنها المخدرات بسبب غياب الحس بالمسؤولية وعدم اهتمام المواطن الذي يشارك في تشكيل الشكل الاجتماعي العام الذي يؤدي الى السلم الاجتماعي واحترام النظام العام من خلال الشعور بانتماء المواطن لهذا البلد.

وغياب الحس الاجتماعي في اغلب طبقات المجتمع بسبب غياب السلطة بشكل عام في العراق عن الاهتمام ببناء المسؤولية الاجتماعية من خلال إشراكه في اتخاذ القرارات، بل على العكس من ذلك تمارس السلطة عملية تفكيك الحالة الاجتماعية الى حالات فردية منفصلة منعزلة غير مهتمة بالنظام الاجتماعي العام، ولذلك فإن المواطن في العراق هو مواطن سلبي ليس مواطن إيجابي، بينما نأمل من الادارات المحلية او المسؤول المحلي ان يهتم ببناء هذه الشراكة حتى يعطي قوة للمواطن بأهميته واحترامه ووجوده، وقبل يومين قرأت خبرا بأن احد المخاتير في احد المناطق بمساعدة اهل المنطقة عمل حملة تشجير وهذا معناه بداية حس جيد، الان التشجير الذي حصل في كل العراق من سنه 2003 لحد الان كله ذهب هباء والسبب هو ان المواطن غير مهتم لهذه القضية ويعتبرها تابعة للسلطة ليس لها علاقة بالمواطن.

كذلك من الاسس التي نبدأ فيها بعملية الشراكة الاجتماعية ان تشكل لجان في الاحياء لتفعيل دور المختار الذي هو ممثل عن اهل المنطقة ويكون من المؤهلين والكفوئين واصحاب مسؤولية ويهتم لأمر اهل المنطقة، فالشراكة تبدأ من دور المختار في المنطقة حتى الناس تلاحظ التغيرات والاصلاحات التي تبدأ من الاساس والقاعدة، فعندما يخرج صوت واحد فاعل مبادر تبدأ عملية تشكيل النهضة العامة بحيث تتطور الى تموجات كبيرة في البلاد، فخلق النموذج الصالح يقوم على تحفيز الاخرين بشكل قوي وتشكيل نماذج جيدة وقوية تقوم بخلق جو عام رأي عام يقلده الآخرون لان الطبيعية الاجتماعية تميل الى المشروع الناجح الذي سيقلد بسرعة، لذا نحن بحاجة الى توعية بهذه المفاهيم وعقد ورش عمل ودورات وتشجيع المواطنين باستخدام المؤسسات الدينية التي تنمي هذا الدور من خلال الاستفادة من المساجد والحسينيات الموجودة في المناطق تكون فيها جلسات للتوعية في اهمية قيم التعاون الاساسية وبناء ثقافة التعاون، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان، فالإنسان الذي لا يتعاون على البر والتقوى سيتعاون على الاثم والعدوان، واذا صارت هناك توعية بأهمية المشاركة والالتزام سيؤدي ذلك الى تغيير كبير وتفعيل الشراكة الاجتماعية.

شعور في تحقيق اهداف وآمال

- الاستاذ صادق الطائي، كاتب وباحث:

الادارة المحلية وفي بعض الاوقات تسمى الحكومة المحلية وهي أشبه (بولاية امريكية) بحيث تؤدي دورها كدولة ولكن ممنوع عليها استعمال (عملة نقدية) خاصة بها دون الحكومات المحلية الاخرى او تعيين وزير خارجية اخر غير الذي عينته الدولة، اما جميع الادوار مسموح بها ومحببه، بل تطلب الدولة الكبيرة مساهمات فعلية ورئيسية لتشجيع الناس على اكتشاف الطاقات لدى الناس.

لا تكون هناك تنمية وتفجير للطاقات الجماهرية داخل المجتمع اذا لم يكن هناك شعور في تحقيق اهداف وآمال وخدمات تخص ظروف العيش والعمل، هذه الامور تدفع وتساهم في العمل وصنع الفاعلية داخل المجتمع، عندما تشاهد جماهير الادارة المحلية تدعو للإصلاح وتقديم الخدمات للناس واصلاح المشاكل القديمة وتطوير البنى التحتية نحو الاحسن، تحفز الجماهير نحو الاحساس بأنها شريكة وطائعة للحكومة المحلية علينا ان نتصور المجتمع الذي لا يساهم ولا يشارك ولا يشعر بأهمية الادارة المحلية، بلا شك سيكون هناك خراب ومشاكل وحاجات.

لابد ان نثمن الدور والفاعلية لدور الجلسات واللقاءات التثقيفية للجماهير الفاعلة والمساهمة في انجاح انجازات ومساهمات الحكومة المحلية في تحقيق التنمية المجتمعية، اي ان الحالة الثقافية والقبول المجتمعي تعطي شراكة وقبول لدور انجازات ومساهمات الحكومة المحلية، وكذلك التعليم ذات الشأن المتطور يدعو الانسان انه مع حاجات الساحة.

آثار العقلية الدكتاتورية

- الاستاذ علاء الكاظمي، باحث اكاديمي:

أعتقد أن هناك مشكلة جوهرية في عقلية السياسة العراقية وهي آثار الدكتاتورية التي إلى الآن نعاني منها يعني مشكلتنا في السياسة شعار (أنا ربكم الأعلى) فالمسؤول عندما يقلد منصبا يعتبره ملكا له لا موظفا عند الشعب، وما يقوله هو وما يراه هو وما يفعله هو الصواب وهذه مشكلة كبيرة، وإذا لم نغادر هذه العقلية لا نستطيع بناء شراكة مستدامة ولا نستطيع بناء شراكة مجتمعية ولا نستطيع تحقيق أي شيء، مما يعني عقلية الفرد الواحد وقيادة الفرد الواحد واقعا هي أوتوماتيكيا تقود إلى الخراب وتقود إلى الدمار، وقد قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم): ما من رجل يشاور أحدا إلا هدي إلى الرشد، وقال الإمام الحسن (عليه السلام): ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم ، كذلك المسؤول يصل الى مركز القرار عن طريق الشعب وهو فرد من أفراد الشعب والتخلي عن فكرة العمل بأفكاره الخاصة هي عقبة جدا مهمة وما لم يتم تجاوز هذه العقبة سوف لن نحقق شيء.

أعتقد تحفيز الفواعل الاجتماعية من خلال تكريم الفاعلين من ابناء المجتمع او الإشادة بهم من خلال مشاركتهم بالقرار وخصوصا وجود مستوى من الوعي عند الشباب المفكر المثقف والذين يعملون تطوعيا ولا يقتصر التكريم على منظمات مجتمع مدني التي لأغلبها إيديولوجيات أو سياسة منغلقة بعيدا عن البناء والتعايش السلمي والاهتمام بالمنظمات او المؤسسات او الافراد الذين يمكن من خلالهم بناء الشراكة بين الإدارة المحلية والمواطنين مع وجود عنصر الثقة بالمسؤولية ووجود الإرادة الجدية لتحمل المسؤولية بعيدا عن زخرفة الاعلام والمنافع الشخصية الضيقة.

تحمل المسؤولية والقرار

- الاستاذ احمد جويد، مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

هناك فرق كبير بين الشراكة والمشاركة فالأخيرة تعني الحضور يعني مثلا شخص يدعوك إلى ندوة إلى جلسة معينة وأنت تكون مشارك فيها، لكن الشراكة تكون أعمق وهي أن تشارك بشكل فعلي حتى بأبداء الرأي وباتخاذ القرار ونحن اليوم بحاجة إلى أن الإدارات المحلية تشارك الفعاليات المجتمعية بأن تأخذ رأيها في بعض القضايا المهمة التي ممكن على المستوى المحلي يمكن أن تؤخر أي قضايا مثلا ما يخص أعمال الصناعات والمهن وغيرهم إذا كانت تريد تتخذ الإدارة المحلية مثلا قرار ببناء مدينة صناعية يجب عليها أن تستشير أو تطلب رأي أصحاب المهن من المختصين بهذه القضية ويكون شركاء في صنع القرار لمثلا بناء المدينة على الشكل على الطراز على الموقع الذي يختاروه حتى تكون هذه الفعالية فعلا شراكة بين المجتمع وبين الإدارة المحلية وبالتالي يكون القرار أكثر نضجا وأكثر استدامة وهكذا بالنسبة إلى بعض المهن الصحية أو غيرها أو حتى قضايا الجمعيات الفلاحية يجب أن يأخذ رأي المزارع والجمعيات الفلاحية باعتبارها مجتمعات محلية والقضية تخص الاستدامة والزراعة وغيرها.

مشكلتنا ليس بالحكومة فقط بل مشكلتنا بالإنسان العراقي، فالحكومة تتحمل جزء من المشكلة الحكومات المحلية أو الاتحادية لكن الإنسان العراقي بصورة عامة لا يريد ان يكون صاحب قرار أو يتصدى للمسؤولية في منطقته ولا يريد الآخرين هم يتحملون المسؤولية عنه وعمله فقط الانتقاد يعني يجلس في بيته او يوجه وسائل التواصل الاجتماعي ويعمل ناقدا فقط إلا القلة يعني النزر القليل وبعدها يتعرضون إلى إحراجات ويتعرضون إلى اتهامات ويتحملون كلام وبالتالي نلاحظ الافراد المؤثرين واصحاب الكلمة يغيبون عن مشاهد هذه الفعاليات.

تبقى قضية المخاتير باعتبارهم ضمن الفواعل الاجتماعية المختار محدد بمسؤوليات معينة محددة بحسب قانون أصول المحاكمات الجزائية وقوانين العقوبات وغيرها بالإضافة إلى بعض القضايا التي يريد ان يعتاش عليها المختار بعيدا عن مشاكل الناس، لذا نحن نحتاج الى الوعي بتحمل المسؤولية وكيف ننمي القيم ومن الممكن التركيز على الأطفال بالمدارس نعمل لهم فعاليات او برامج تنموية تظل راسخة في ذهنه تنمو في المستقبل وشيئاً فشيئاً تتطور لكن أغلب المجتمعات إذا ما يكون لها تحفيز وخطط وبرامج حكومية ما ممكن أن تتحرك بذاتها إلا القليل.

المسؤولية جماعية

- الاستاذ علي عبيد، كاتب في شبكة النبأ المعلوماتية:

الادارات المحلية بشكل عام هي تعبر عن المسؤولين وكيفية تعاملهم مع المجتمع عموما في هذا الجانب حقيقة لابد ان نقر جميعا بأن هناك مشكلة ليس فقط بالمجتمع وقد يكون المجتمع اقل مسؤولية تجاه ما يحدث الان من فوضى وتأخر وغيره، انا باعتقادي المسؤول هو الذي يتحمل المسؤولية الاولى والاكبر لان هو عنده صلاحيات وعنده امكانيات وعنده اموال ومؤسسات ويستطيع ان يساعد المجتمع على النهوض والتقدم، في ستينيات القرن الماضي كان يقوم المسؤول آنذاك رغم فقر الدولة وفقر المسؤولين وقلة الموارد وغيرها كان يقومون ببعض النشاطات التي تشعر المواطن بانه محترم وهناك اهتمام من قبل المسؤولين ومن قبل الحكومة بهؤلاء المواطنين من هذه الانشطة على سبيل المثال كانوا في كل اربعاء يحضرون عارضة في ساحة كبيرة تعرض الافلام المتنوعة منها مهتمة بالصحة وبالتعليم واجتماعية ودينية تتحدث عن الاخلاق والقيم ويقدمون للأطفال نماذج في قمة الرقي كحالة توعوية تثقيفية للمجتمع تساهم في ترسيخ هذا النمط لتنمية الاجيال المستقبلية.

شعور المسؤول بمسؤوليته

- د. خالد الاسدي، باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:

بالنسبة للشراكة وما يقدمه مجلس المحافظة بالمشاركة مع ابناء المحافظات هو يحتاج الى شيء واحد ليس الا وهو شعور المسؤول بمسؤوليته أي انه من هذا المجتمع وواجبه ان يعمل لهذا المجتمع، اذا شعر بذلك سيعمل للمجتمع الذي جاء منه ولخدمته ولا يجد احد بأن هناك من يقف بالضد من ذلك وانما كل المجتمع سيقف مع المسؤول لبناء المحافظة وبناء المجتمع بصورة كاملة، لان المسؤول من طبيعته يتنصل عن المسؤولية بمجرد ما يحدث هناك خلل في بناء معين او سرقات او امور سلبية اخرى سيسعى المسؤول بالتنصل عن مسؤوليته بسرعة على الرغم من توثيق الوثائق التي تدل على انه احد الشركاء بالحدث، ولكن اذا ما تحققت الشراكة بين المسؤول بعد شعوره بمسؤوليته مع المجتمع سنبني مجتمعا صالحا.

التثقيف على الفكر الاخضر

- الاستاذ حسين علي، باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:

القيم الاساسية التي يمكن من خلالها بناء الشراكة بين الادارة المحلية والمواطنين هي قضية الفكر الاخضر أي كل ما يتعلق بالاقتصاد الاخضر والانتاج الاخضر والتفكير الاخضر هذه العوامل تعد من القيم الاساسية التي يجب بناءها لتفعيل دور الشراكة، اما تحفيز الفواعل فهذا يرتبط بالجانب النفسي للمواطن والادارة ايضا الادارة المحلية ما ان عملت على الجوانب النفسية للأفراد ستستطيع تحمل مسؤوليتها التطوعية للمواطنين، ولا نستطيع تحقيق تنمية مستدامة في حال عدم وجود مساهمة مجتمعية.

تداخل الصلاحيات

- الاستاذ محمد علاء الصافي، باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:

يوجد هناك لغط بخصوص موضوع الصلاحيات عندنا في العراق بمعنى على مستوى اعلى سلطة تنفيذية في البلد رئيس مجلس الوزراء نجده يؤدي اعمال كأنما مدير بلدية والسبب محاولة اغلب المسؤولين الصعود اعلاميا ونشر مقاطع فيديوية توهم البسطاء بالإعمار والبناء وغيرها لتسويقها خلال ايام الانتخابات، يعني رئيس الوزراء او مجلس الوزراء ومجتمع وهيئات ومئات المستشارين بكل المحافظات يعملون عمل امين عاصمة او عمل بلدية محافظة مثلا فما بالك اذا انعكس الموضوع على مستوى الادارات المحلية فهم يحاولون تصدير انفسهم على أي مستوى كأن الادارة المحلية هي فقط تشمل الجانب العمراني او تبليط شارع او تنفيذ أي مشروع بسيط من الممكن دائرة البلدية والدوائر المختصة التي تعمل بالمحافظة وتخطط وفق خطة سنوية او خمسية او عشرية.

التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها لسبب عقلية السياسة العراقية يعني بعيدا عن ان قضية المواطن يتعاون او لا يتعاون اساسا عقلية السياسة العراقية تخلو من جانب تنموي مستديم ويفكر بالجانب اللحظي والجانب الاني يحاول ان يستفيد منه اليوم فلا يمكن تحقيق التنمية المستدامة في العراق لهذا السبب الجوهري، اما قضية المواطن بشكل عام في كل دول العالم فالمواطن في اوروبا لا يفكر بشكل مختلف عن المواطن الموجود بالشرق الاوسط وفي اسيا وكل المواطنين يريدون خدمات ويريدون أي شيء معفي من الضريبة ويريدون كل شيء متوفر بالتعليم مجاني ما اعتقد المواطن يريد يجبر نفسه ان يدفع ضريبة او يحاسب نفسه فالقوانين توضع وتنفذ هذه القوانين وتحقق قوانين المصلحة العامة يعني مصلحة البلد ومصلحة المواطن نفسه.

الادارات المحلية بشكل عام قد فشلت بالجانب الذي جاءت من اجله يعني الدور على الادارات المحلية يتمحور حول نقطتين اساسية الجانب الرقابي والجانب التشريعي هذا بالدرجة الاولى، وبما ان السلطات المشكلة دائما السلطة تكون تخادمية او ربما تكون من نفس الجهات الحزبية الحاكمة سواء على مستوى مجلس النواب او على مستوى مجالس المحافظة بالنتيجة الجانب الرقابي يكون مغيب، اما الجانب التشريعي فاعتقد ان تشريع القانون على مستوى محافظات لا تهم المواطن بالدرجة الاساس، ولذلك نجد رئيس الوزراء يفكر ويريد ان يعمل عمل مدير بلدية فما بالك بالسلطات التي هي اقل من ذلك.

الاستفادة من التقدم التكنولوجي

- الاستاذ حيدر الاجودي، باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

اكتسب موضوع الشراكة المجتمعية اهمية خاصة وخصوصا في الوقت الحاضر مما اصبح ظاهرة مألوفة في اغلب المقالات والابحاث ولاسيما ايضا في الدراسات الاكاديمية والدراسات الاستراتيجية ومنها مراكز الدراسات ومركزنا تبنى هذه الجلسة لأهمية الموضوع، فقضية الشراكة المجتمعية جاءت اهميتها من اجل النهوض بالمجتمع للعمل على الارتقاء به وايضا مساعدة الناس على تطوير حياة المواطنين اجتماعيا واقتصاديا من خلال تعليمهم او اكسابهم الخبرات كيفية النهوض بأنفسهم تعتمد على عاملين اساسيين انه كيف انمي قدرات الفرد وكيف اطور من قابلياته لمساعدة نفسه على تغلب مصاعب الحياة، وايضا الجانب الثاني هو وجود البنية التحتية والخدمات الفنية التي تمكنني من تقديم الدعم، كتجربة شخصية حدثت معي قبل عدة سنوات بصفة شخصية تبنينا الكثير من المشاريع الزراعية لتطوير عمل الشباب والنساء الريفيات مثلا تقديم الدعم لمشروع خلايا النحل فالكثير لا يمتلكون الخبرة من هذا المجال ولكن بالعمل الجماعي استطعنا تطوير قابلياتهم ووصلنا بهم بأنهم ينتجون الكثير من العسل واستفادتهم ماديا ايضا، اشراك الكثير من المواطنين بالشراكة المجتمعية من خلال تنمية قدراتهم من خلال مساعدة انفسهم وحث الاخرين على المشاركة كل هذه تدخل في طور التنمية المحلية وهي اسلوب او نظام اداري تنظيمي بحت يقوم على متابعة الافراد وتنظيمهم لاكتسابهم الخبرة والمهارة لتطوير قابلياتهم لتطوير الادارة المحلية والتعاون مع القطاعات الخاصة وخصوصا فيما يخص الجوانب التكنولوجية لان وجود قطاع خاص متقدم سواء على المستوى الكوادر البشرية المتطورة او على المستوى الاجهزة المتطورة تكنولوجيا المفروض تستفاد منها كإدارة محلية او كحكومة محلية حتى تستطيع ان تطوير هذه القابليات.

النتائج والتوصيات:

إن الالتزام بآلية عمل المشاركة الفعالة بين الحكومة والجماعات المحلية ضمن استراتيجيات تنموية ومنهجية تكاملية مبنية على قاعدة من الحوار والتشاور والتنسيق والتعاون، يثمر بالتأكيد الى نتائج إيجابية في إنجاح العمليات التنموية القائمة في المجتمعات المحلية. فقد تبين أن حسن توظيف واستغلال إمكانيات المشاركة الشعبية تشكل أحد أهم القواعد الأساسية التي يجب أن تقوم عليها التنمية المحلية، كما اتضح أنه مهما كان قوة وكثرة معوقات هذه المشاركة في التنمية المحلية وفي نشاطات الحياة الاجتماعية ككل، فإنه يمكن للمعنيين في المجتمع سواء أفراد أو حكومات العمل على تجاوزها وعلاجها، من خلال بناء القدرات المحلية وتمكين المجتمع بصورة مستدامة وذلك بتبني فكر رشيد كأداة فاعلة في إدارة وتخطيط التنمية المحلية.

ونتيجة لما سبق، يمكن اقتراح مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى رفع كفاءة أداة المحليات ودعمها للمشاركة الشعبية في عمليات التنمية المحلية ومنها:

- توسيع قاعدة المشاركة في إدارة الشؤون المحلية، وذلك من خلال إشراك المجالس المحلية للأهالي بالإشراف والرقابة على تنفيذ المشاريع التنموية، أو من خلال تبنيها مشاريع تعمل على إحداث تغيير في حياة المجتمع، باعتبارهم شركاء في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم، أو في تحديد مشكلات مجتمعهم، أو في وضع أولويات هذه المشكلات، حيث إن تنمية المجتمعات تبدأ بسكان تلك المجتمعات وتنتهي إليهم.

- استيعاب القيادات المحلية أن مسؤوليتهم لم تعد تقتصر على جوانب التنمية فقط، بل أنها أصبحت معنية بإشاعة مضامين ومعاني المشاركة الشعبية في صنع القرار، وتكريس الوعي بتقليد العملية الديمقراطية، وممارسة المواطن لحقه في حرية الرأي والتعبير، وصولا إلى تعزيز التكامل بين الجهود الحكومية والشعبية.

- ضرورة وجود إيمان حقيقي لدى صانعي القرار بالدرجة الأولى سواء بالقطاع الرسمي أو القطاع الخاص أو شبه الرسمي بأهمية المشاركة الشعبية، وتبني هذا المنهج كسياسة عامة فكرًا ومنهجًا وتطبيقًا فعليًا يقود إلى التنمية الشاملة وعدم اعتماده كأسلوب للحصول على الدعم المالي أو غطاء شكلي لتنفيذ المشروع، وتطبيقه كمنهج نظري أو بيروقراطي، بعيدًا عن الفهم الصافي أو الدقيق للمجتمع المحلي المتأثر.

ولكي تتجاوز مشاركة المواطنين في أعمال التنمية معوقاتها، ينبغي التركيز على:

- الأخذ بنظام اللامركزية، كونه أكثر الأنظمة تقدمًا في ضمان المشاركة الشعبية، وتعزيز العملية الديمقراطية وإشاعتها في المجتمع، فاللامركزية تمثل خيارًا واعدًا في تلبية الاحتياجات المتنامية للمواطنين في المجتمعات المحلية.

- تدريب المواطنين على ممارسة حقوقهم السياسية ممارسة سليمة، تكفل لهم اختيار ممثليهم للتعبير عن قضاياهم قضايا مجتمعهم.

- توفير وإيجاد قنوات اتصالية فعالة ومستمرة بين المواطنين وقياداتهم؛ مما يساعد في زيادة الخبرات وتبادل الأفكار، لتحقيق المشاركة الفاعلة، كما يتوجب عمل ورشات تدريبة تقوم على أساسها إعداد الخطط التنموية المستقبلية.

- ينبغي على مؤسسات الدولة المختصة توفير القاعدة اللازمة من البيانات والتقارير والدراسات فيما يتعلق بالمشاركة الشعبية في أعمال التنمية المحلية، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه اليوم إلا من خلال مؤسسات أكاديمية بحثية من أجل الوصول إلى تنظير علمي يحدد قياس أثر المعلومات في التخطيط لتنمية المجتمعات المحلية.

- على المجالس المحلية أن تضع المشاركة الشعبية في رأس قائمة الإنجازات الواجب توافرها في الفترة الاولى ويمكن تحديد الخطوات العملية التي يترتب على المجالس المحلية اتباعها لتحقيق التفاعل بين المواطنين وخطط التنمية المحلية كما يلي:

- الإعلان عن طلب أراء السكان المحليين في الجرائد المحلية وعبر الموقع الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالمجلس المحلي.

- تنسيق حملة تثقيفية وإعلامية عن المشاركة الإيجابية ودور الشباب بصفة خاصة لما لهم من إيجابية وابداع في التنمية المحلية لأنهم القادرين على العطاء وبذل الجهد.

- الشفافية بتوفير المعلومات الأساسية للمواطنين والتي تمكنهم من ابداء آرائهم حول خطط تطوير مدنهم أو المشاريع الكبرى المؤثرة على معيشتهم، ويكون ذلك عن طريق عقد ندوات أو مؤتمرات للإعلان عن المشروعات أو تجمع المواطنين وأعضاء المجلس المحلي، ويمكن أيضا نشرها عن طريق الجرائد المحلية الموجودة جنبًا إلى جنب مع مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها الوسيلة الأقرب الي التصفح.

- الالتقاء بالهيئات ومنظمات المجتمع المدني الموجودة في المنطقة لأخذ آرائهم ووجهات نظرهم ومناقشتهم في الخطط والمشاريع التنموية، وكيفية الإفادة والاستفادة منها لتحسين الأحوال المعيشية وتوحيد الجهود والتنسيق لتحقيق حياة كريمة للمواطنين.

- عقد لقاءات بصورة نصف سنوية أو سنوية لأخذ أراء المواطنين واقتراحاتهم قبل الشروع في عمليات تحديث خطط ومشاريع التنمية المحلية.

- مراجعة الخطوات التنفيذية لأخذ أراء العموم وتلمس الوسائل التي ترفع من كفاءة المشاركة الشعبية وتحسن وسائل التواصل بين المواطنين والمجلس المحلي.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2024 Ⓒ

http://mcsr.net

اضف تعليق