يلعب التخطيط الاقليمي وتخطيط المدن دوراً رئيساً ومهماً في عمليات التنمية المستدامة التي يتم الاعتماد عليها أكثر فأكثر في تنمية وتطوير البيئة الى مستويات متقدمة، وذلك بالمساعدة على إيجاد الوضع العام الذي ينبض بالحياة ويساعد المخططون على خلق التجمعات السكانية (المجتمعات) المستدامة من خلال تقريب...
نود ان نقدم رؤيتنا المتواضعة لمفردات برنامج الاعمار والتنمية في العراق على مختلف الاصعدة والمجالات... وعلينا أن نطرح السؤال التقليدي والمهم هو: كيف نصل الى الوضع الذي نصبوا إليه جميعاً... ويمكن بلوغ ذلك من خلال:
أ ـ إعتماد التفكير الاستراتيجي.
ب ـ العمل الجماعي في الحقول المعرفية والمهنية المختلفة، مثل التخطيط الحضري.
ج ـ تطوير المؤسسات ذات العلاقة بالتنمية البشرية والاجتماعية التي تحسن إمكانيات القيام بخطوات العمل اللازمة والضرورية في المستقبل.
يلعب التخطيط الاقليمي وتخطيط المدن دوراً رئيساً ومهماً في عمليات التنمية المستدامة التي يتم الاعتماد عليها أكثر فأكثر في تنمية وتطوير البيئة الى مستويات متقدمة، وذلك بالمساعدة على إيجاد الوضع العام الذي ينبض بالحياة ويساعد المخططون على خلق التجمعات السكانية (المجتمعات) المستدامة من خلال تقريب وربط التجمعات بعضهم ببعض ودورهم البنّاء والهام في المساعدة على تعزيز التكافؤ الاجتماعي والصحي وبناء الاقتصاديات المحلية البديلة ومساهمتهم في بناء مجتمعات يقل الاعتماد فيها على وسائط النقل الخاصة (المركبات)، ويمكنهم أخيراً حماية التوازن البيئي الطبيعي والعمل على ترميم وتطوير المفردات البيئية التي تعرضت للتشويه والتخريب خلال العقود الماضية... بعد أن كان العراق البلد الفريد الذي يتميز بغزارة موارده الطبيعية والبشرية وبنية تحتية متطورة دمرت بسبب مزيج معقد من الحروب والتخريب والاهمال والارهاب.
ويجدر بنا الاشارة الى أنه يجب الاستفادة من الكفاءات العلمية المتخصصة الاخرى التي لها علاقة مباشرة مع التخطيط في العمل على بناء المجتمعات الحية المستدامة... كالهندسة المعمارية وتصميم المناظر الطبيعية والاقتصاد والصحة العامة والبيئة والادارة العامة، حيث تعرضت معظم هذه التخصصات للإهمال والتهميش خلال العقود الاخيرة وثم اجبارها على العمل في مجالات تقليدية ضيقة. إن التعاون البنّاء بين المخططين وكافة التخصصات المذكورة سالفاً سيمكننا من عمل الكثير لصيانة متطلبات التوازن البيئي والتقدم الانساني في العراق.
وفيما يتعلق بتطوير وإعمار المدن العراقية لتأخذ مكانتها اللائقة بين مدن العالم، فإننا نرى القيام بالخطوات التالية:
أولاً: تحديث التصميم الأساسي للمدن العراقية كافة وفق أسس علمية متطورة بما يوفر الأساس المتين للانطلاق في برامج التنمية المستدامة والبناء الاجتماعي على كافة المستويات (الاقتصادية... الاجتماعية... الثقافية... البيئية والعمرانية) وتحديد الرؤية التي نستند إليها في بلوغ أرقى المستويات في المستقبل.
ثانياً: إعادة هيكلة وإصلاح كافة دوائر التخطيط العمراني في الدولة وعلى رأسها المديرية العامة للتخطيط العمراني في وزارة البلديات والاشغال العامة ثم دوائر التخطيط العمراني في المحافظات، وذلك من خلال:
- سن التشريعات والقوانين وإقرار الإجراءات اللازمة لكي نُسرع إنطلاق كافة عمليات التخطيط على مستوى الدولة الاتحادية والحكومات المحلية (المحافظات).
- إعتماد برامج تدريب وتأهيل الكوادر الادارية والفنية سواء العاملة في مجال التخطيط العمراني أو في التخصصات المرتبطة بذلك، ويجب أن تخصص هذه البرامج للدوائر والمؤسسات المركزية والمحافظات على حدٍ سواء.
- إعادة النظر جذرياً في وضع معظم القيادات الادارية والفنية خصوصاً تلك التي مضى عليها أكثر من عقدين في الوظيفة والتي لم تقدم شيئاً يذكر وتشبعت بالأفكار الخاطئة والقاصرة التي كانت سائدة في العهد المباد... وكذلك القيادات التي جاءت عن طريق المحاصصة الحزبية المقيتة التي تعاني من فقر شديد في الاطلاع على الاساليب العلمية الحديثة للتخطيط، وفقدت أية قدرة على الابداع أو التكيف مع النظم الجديدة خلال السنوات الماضية.
ثالثاً: تحديث وتطوير أعمال المديرية العامة للتخطيط العمراني في وزارة البلديات والاشغال العامة، ودوائر التخطيط العمراني في المحافظات العراقية لكي تلعب دورها القيادي المأمول سواء في تنفيذ مهامها أو في إعداد الخطط للعمل المستقبلي، وإبعاد جميع العناصر الفاسدة عن هذه الدوائر التي كان لها الدور السلبي والتخريبي في تشويه معالم المدن العراقية خلال السنوات الاخيرة، لاسيما المدن الدينية المقدسة.
رابعاً: تشكيل مجلس أعلى للإعمار في العراق يشرف على مجالس مصغرة للإعمار في المحافظات ومتابعة تنفيذها والتنسيق مع كافة الدوائر الأخرى ذات العلاقة. ويرتبط هذا المجلس برئاسة مجلس الوزراء مباشرةً لتمكينه من تخطي عقبات الروتين وتعقيدات الفساد الاداري والمالي...
ومن المهام الرئيسة التي تقع على عاتق هذه المجالس هي: دراسة جميع المشاريع قبل احالتها الى الشركات... مع التدقيق في مؤهلات وامكانية هذه الشركات، لاسيما من الناحية المهنية والمالية.
خامساً: تحديد الأولويات التي يجب التعامل وفقها لمعالجة المشاكل التي تواجه المدن العراقية والتي تعاني جميعاً من التوسع العشوائي خصوصاً في السكن وضعف وتدني مستوى الخدمات كافة (الصحة العامة والتعليم والدفاع المدني والبيئة والشرطة ومكافحة الارهاب والجريمة)، وانتشار البطالة، وتشجيع ودعم منظمات المجتمع المدني الفاعلة التي تتعامل مع النشاطات الاجتماعية والثقافية والبيئية والاقتصادية والتي لها دور هام ومفيد في أعمال التخطيط...
ونرى ان أهم المشاكل التي تواجه المدن العراقية اليوم هي: السكن... الطرق والمواصلات... الخدمات العامة... حماية البيئة وسلامتها.
وان معالجة هذه العقبات يجب أن تتم عن طريق اعداد تصاميم علمية مبتكرة وخلاقة توقف العشوائية السائدة والاعتماد على نسبة النمو السكاني في تنفيذها وتقليص كلفة البنى التحتية المطلوبة.
ونشير هنا الى مسألة هامة تتمثل في استمرار الحكومة الاعتماد على توزيع الاراضي على المحتاجين على افتراض ان ذلك سيحل من مشكلة السكن... الامر الذي لم تثبت صحته، بل على العكس فنحن نرى ان ذلك يفاقم المشكلة ويزيد الاعباء على ميزانية الدولة ويؤدي الى زيادة الاحياء العشوائية... وان الحل الامثل لمشكلة الاسكان المتفاقمة في العراق إنما يكمن في إقامة المدن السكنية العصرية التي تتوفر فيها كافة الخدمات الضرورية، مع تشجيع الاستثمار في مجال إقامة مشاريع تصنيع مواد البناء المحلية المتطورة كالطابوق الطيني المفخور والجص والاسمنت وغيرها.
سادساً: ضرورة أن تخضع جميع المشاريع لدراسات تقييم الأثر البيئي والاستدامة.
سابعا: التعاون مع المؤسسات الدولية ذات العلاقة بالمجالات التنموية والخدمات البلدية والاستفادة من خبراتهم الواسعة.
ثامنا: إيجاد بنى تحتية صديقة للبيئة قابلة للتطور والنمو.
تاسعاً: ضرورة تشريع قوانين الحماية والمحافظة على التراث المعماري للمدن العراقية وتشجيع ودعم المنظمات والهيئات العراقية التي تعنى بحماية التراث والبيئة.
عاشراً: الاستفادة من عناصر ومفردات العمائر التراثية المميزة في العراق واستخدامها في الخطط والتصميمات للأبنية الجديدة.
الحادي عشر: تشجيع تطبيق الأنظمة الادارية الالكترونية المتطورة في كافة أعمال الدوائر والمؤسسات العراقية، واقامة دورات تدريبية وتأهيلية بهذا الخصوص... وتشجيع كافة الدوائر والمؤسسات والمنظمات والمدن على إقامة مواقعها الالكترونية لتقديم خدماتها المتنوعة وإطلاع المواطنين على سير أعمالها ليتسنى لهم القيام بدورهم الهام في المراقبة وإعداد البرامج والخطط.
الثاني عشر: وضع رؤية جديدة حول العلاقات بين السكان والتنمية ورفاهية الفرد العراقي.
الثالث عشر: تعزيز السلم الاجتماعي والاستقرار والتعايش السلمي.
الرابع عشر: توأمة المدن العراقية بمدن عالمية شبيهة لها، والاستفادة من خبرات تلك المدن في مختلف مجالات التنمية وتقديم الخدمات.
الخامس عشر: وضع جائزة سنوية للمدينة العراقية المتميزة في انجاز مشاريع الاعمار والتنمية وتقديم الخدمات.
السادس عشر: الاستفادة من الكوادر العلمية المتخصصة والمتواجدة خارج العراق وفي كافة المجالات، لاسيما التخطيط والتنمية والاعمار.
السابع عشر: توظيف منجزات العلوم والتكنولوجيا في عملية الاعمار والتنمية واشراك المجتمع في كافة الميادين والمجالات.
اضف تعليق