q

شبكة النبأ: مشكلة الفقر كانت ولاتزال من اهم واخطر المشكلات العالمية، التي تهدد الامن والاستقرار اغلب الدول، التي اصبحت وعلى الرغم التعافي المحدود للاقتصاد العالمي الذي اعقب الازمة المالية، تعاني من تفاقم وانتشار ظاهرة الفقر والبطالة وازدياد الهوة بين الأغنياء والفقراء كما يقول بعض الخبراء، الذين اكدوا على ان قضية الفقر في العالم تتشابك مع قضايا كثيرة، وخاصة قضايا الإصلاح الاقتصادي، التي تؤدي إلى مزيد من الفقر الذي ينتشر في عالمنا اليوم بشكل مخيف. والفقر ظاهرة اجتماعية متعددة الجوانب، فهو ليس نقصًا في الدخل فحسب، أو حتى ندرة في فرص العمل، ولكنه أيضًا تهميش لطبقة كبيرة من طبقات المجتمع وإبعادهم من الوصول للخدمات الاجتماعية.

وقد حذرت العديد من المنظمات والمؤسسات العالمية من ازدياد التفاوت بين الأغنياء والفقراء، وبحسب بعض التقارير والدراسات فقد ارتفعت نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع على المستوى العالمي، كلما ازداد عدد الفقراء ازدادت ثروة الأغنياء في العالم بمقدار 524 مليار دولار، لتصل القيمة الإجمالية لثروات 300 من أغنى أغنياء العالم إلى 3.7 تريليون دولار، أي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي للهند التي يبلغ عدد سكانها 1.244 مليار نسمة.

تحذيرات

وفي هذا الشأن فقد حذر خبراء اقتصاديون من أن التفاوت المتنامي بين الفقراء والأغنياء، يعتبر الخطر الأكبر الذي يواجه الاقتصاد العالمي حاليا، في ظل التعافي المتنامي للاقتصاد وقلة الفئة المستفيدة من هذا التوجه. ونما الاقتصاد العالمي بنحو 3.2 في المائة هذا العام، مقابل 2.4 في المائة في 2013، بحسب البنك الدولي، إلا أن الكثيرين في دول العالم النامية مازالوا يرزحون تحت تأثير أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها العالم منذ فترة الثلاثينيات، مما يزيد من حجم الهوة بين الأغنياء والفقراء.

وإبان الازمة الاقتصادية في 2008، ضخت المصارف المركزية مليارات الدولارات لتحفيز وتأمين استقرار النظام المالي العالمي، ولتأمين اقتصاداتهم ما دفع لارتفاع الأسواق المالية وأسواق العقارات لصالح شريحة الأثرياء. وفي الوقت عينة، عملت الحكومات على خفض الوظائف في القطاع العام واستقطاع المنح والدعم المقدم تحت نظام الخدمات الاجتماعية، وأموال التقاعد، في تدابير طال تأثيرها الأكبر شريحة الشباب والفقراء.

ويناقش قادة العالم ومنظمات وأثرياء العالم في "منتدى دافوس" الاقتصادي السنوي مستقبل العالم على الصعيد الاقتصادي. وكما هي العادة الدراجة سنويا، ينعقد "دافوس" 2014 تحت شعار: "إعادة تشكيل العالم: العواقب على المجتمع وعالم السياسة والأعمال." ويقول المنتدى إن الشعار "يعكس الاضطرابات التي تواجه المجتمعات على نطاق عالمي مدفوعة بالابتكار التكنولوجي والعلمي السريعين، وتسريع التغييرات الاجتماعية وتحول النظام الاقتصادي العالمي." وأجمع أكثر من 700 خبير شاركوا في استبيان، كشفت نتائجه مؤخرا، أن أكبر المخاطر التي تعترض الاقتصاد العالمي على مدى العقد المقبل هو: هوة واسعة في المداخيل قد تضع ثقلا هائلا على التماسك الاجتماعي.

من جانب اخر فقد خلص المنتدى الاقتصادي العالمي في تقييمه السنوي إلى أن التفاوت في الدخل والاضطرابات الاجتماعية المصاحبة له هي المشكلة التي سيكون لها على الأرجح تأثير كبير على الاقتصاد العالمي في السنوات العشر القادمة. وحذر المنتدى من أن هناك جيلا "ضائعا" من الشباب يبدأ مشوار الحياة العملية في العقد الحالي يفتقر للوظائف وفي بعض الأحيان إلى المهارات الملائمة للعمل وهو ما يؤجج إحباطا مكبوتا.

وقد يتحول هذا الاحباط إلى اضطرابات اجتماعية كما شوهد بالفعل في موجة الاحتجاجات على التفاوت في الدخل والفساد في دول من تايلاند إلى البرازيل. وقالت جنيفر بلانك كبيرة الخبراء الاقتصاديين بالمنتدى الاقتصادي العالمي "السخط يمكن أن يؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي لاسيما إذا شعر الشبان بأنهم ليس لهم مستقبل." واضافت قائلة "هذا شيء يؤثر على الجميع."

ووضع مسح شارك فيه أكثر من 700 خبير عالمي الطقس الشديد السوء كثاني العوامل التي من المرجح أن تسبب صدمات للأنظمة فيما يعكس زيادة متوقعة في الظروف الجوية السيئة مثل موجة البرد القارس في الولايات المتحدة هذا الشتاء. وقال التقرير إن مخاطر حدوث أزمات مالية بسبب الأوضاع المالية العامة المضطربة لا تزال التهديد القادر على إحداث أكبر تأثير اقتصادي لكن احتمال حدوث مثل تلك الأزمات بات الآن أقل منه في السنوات السابقة.

وقال ديفيد كول مدير المخاطر لدى سويس ري والذي ساهم في التقرير إن أوروبا بشكل خاص خارج منطقة الخطر المالي الفوري وهي حقيقة ساهمت في رفع قضية التفاوت في الدخل إلى قمة جدول الأولويات. واضاف أن زيادة الاهتمام العام بالتفاوت في الدخل -الآخذ في الاتساع منذ الثمانينات- سيتطلب من صناع السياسة والنخبة العالمية أن يتحركوا بحذر.

وقال كول "أنا مؤيد قوي للرأسمالية لكن هناك لحظات يمكن أن تتجاوز فيها الرأسمالية الحدود المقبولة ومن الضروري وجود إجراءات - سواء تنظيمية أو حكومية أو ضريبية - تضمن أن نتجنب زيادات مفرطة فيما يتعلق بالدخل وتوزيع الثروات." وحتى الآن لم يكن لحزمة التحفيز المالي والنقدي الضخمة التي ساعدت في استقرار وإنعاش الاقتصادات أثر يذكر على الفقراء والعاطلين عن العمل وجيل الشباب.

وقال المنتدى الاقتصادي العالمي إن الشبان في الغرب يتخرجون من مدارس وكليات "باهظة التكلفة وعتيقة" بديون كبيرة ومهارات غير مناسبة في حين أن نحو الثلثين في البلدان النامية لا يصلون إلى مرحلة استغلال إمكانياتهم الاقتصادية. ويتناول تقرير "المخاطر العالمية في 2014" الذي يأتي في 60 صفحة بالتحليل 31 خطرا عالميا على مدى السنوات العشر القادمة. بحسب رويترز.

واصبح المنتدى الذي ياشرك فيه زعماء أعمال وسياسيون ومسؤولو بنوك مركزية رمزا للعالم الحديث الذي تهيمن عليه المؤسسات المتعددة الجنسيات الناجحة. وشعار اجتماع هذا العام هو "إعادة تشكيل العالم: العواقب على المجتمع وعالم السياسة والأعمال".

الدخل والنمو الاقتصادي

في السياق ذاته أشارت بحوث اجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD الى ان التباين الكبير في الدخل بين الاغنياء والفقراء له "تأثير مهم احصائيا" على النمو الاقتصادي. ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال، كلف التباين المتزايد في الدخول الاقتصاد الوطني تسع درجات مئوية من النمو تقريبا بين عامي 1990 و2010 حسبما قالت المنظمة، اما في الولايات المتحدة فالفارق بلغ سبع درجات مئوية.

وتوصلت المنظمة ايضا الى ان اعادة توزيع الثروة من خلال الضرائب والاعانات الاجتماعية لا تعرقل النمو الاقتصادي. وقال الامين العام للمنظمة آنخيل غوريا إن "هذه الادلة المقنعة تثبت ان معالجة التباين الواضح والمتزايد في الدخول بين الاغنياء والفقراء امر حيوي لخلق نمو اقتصادي قوي ومستمر، ويجب ان تكون هذه النقطة في قلب النقاش السياسي. فالدول التي تعتنق مبدأ تكافؤ الفرص للجميع من سن الطفولة هي الدول التي سينمو اقتصادها ويزدهر."

وقالت المنظمة إنه في الدول الـ 34 الاعضاء فيها بلغ التباين بين الاغنياء والفقراء اعلى حد له منذ 30 عاما. ففي هذه الدول يتقاضى اغنى 10 بالمئة من السكان بالمعدل 9,5 اضعاف ما يتقاضاه الـ 10 بالمئة الاكثر فقرا. على سبيل المقارنة، كانت النسبة في الثمانينيات سبعة اضعاف فقط. وتوصلت المنظمة الى ان الدولتين الوحيدتين من بين اعضائه اللتين شهدتا انخفاضا في التباين هما تركيا واليونان. بحسب بي بي سي.

وقالت المنظمة إن العامل الاهم المسبب لهذا التباين هو ضعف الاستثمارات في مجال التعليم، وحذرت بأن غياب فرص التعليم للفقراء "يضعف قدرتهم على تجاوز الفوارق الطبقية ويعرقل تطور مهاراتهم." وقالت المنظمة ايضا إن اولئك الذين لا يتمتع والديهم بمستوى عال من التعليم هم الذين يعانون اكثر عندما يرتفع معدل التباين، فيما لا تلعب الخلفية العائلية دورا كبيرا بالنسبة لولئك الذين ينحدرون من بيئة متعلمة تعليما عاليا. ودعت المنظمة السياسيين الى بذل جهود

اثرياء وفقراء

على صعيد متصل اعتبرت المنظمة غير الحكومية "أوكسفام" والتي تدعو البنك الدولي وصندوق النقد إلى تعديل سياستهما أن التقشف محرك من المحركات الذي يضاعف حجم الهوة بين الفقراء والأغنياء في العالم. وجاء في بيان نشرته المنظمة غير الحكومية "أوكسفام" أن 67 شخصا من الأكثر ثراء على هذه الأرض يملكون ما يملكه حوالي 3.5 مليار من سكان العالم. ودعت المنظمة التي تناضل ضد البؤس البنك وصندوق النقد الدوليين إلى التدخل مشيرة إلى تفاقم التفاوت بين الفقراء والأغنياء.

وطالبت المنظمة البنك وصندوق النقد الانتقال من التنظير إلى العمل لتقليص هذه الهوة. وكان صندوق النقد نشر مؤخرا تقريرين تناول فيهما أضرار التفاوت في الدخل على الاقتصاد. كما وضع البنك الدولي خطة لتعزيز مداخيل 40 بالمئة من سكان العالم الأشد فقر. ولكن على هاتين المؤسستين الدوليتين، حسب "أوكسفام" تغيير سياستهما في تقديم القروض للدول الأعضاء وتعزيز الاستثمارات في حقلي الصحة والتعليم. ويذكر أن صندوق النقد يشجع تقليديا على خفض الإنفاق العام وتقليص العجز وترى المنظمة غير الحكومية "أن التقشف يزيد من حدة التفاوت والبنك وصندوق النقد الدوليين على معرفة بذلك".

وبين تقرير المنظمة أن الثروة العالمية نمت بنسبة خمسة في المائة لتبلغ 241 تريليون دولار، خلال العام الماضي، إلا أن الملفت للنظر هو أن 110 تريليونات دولار من هذه الثروات هي بيد واحد في المائة من أغنياء العالم. والقى التقرير الضوء على أن التركيز العالي للثروة يعتبر تهديدا كبيرا على النظام الاقتصادي والسياسي في البلاد وما يترتب على ذلك من رفع حالة التوتر في المجتمعات. وقالت الرئيسة التنفيذية لجمعية اوكسفام، ويني بيانيما: "المخاطر المترتبة على هذه الفجوة الكبيرة ليست فقط من ناحية فروقات الدخل وحسب، بل أننا وجدنا أن الأثرياء في العالم يصلون إلى السلطة."

من جانب اخر قالت منظمة أوكسفام الخيرية إن خمس عائلات في بريطانيا فقط أضحت أغنى من 20 في المئة من مجموع سكان البلد الأكثر فقرا أي 12.6 مليون شخص. وأظهر تقرير أوكسفام أن نسبة 0.1 في المئة من السكان ارتفعت دخولهم بمبلغ 24 ألف دولار سنويا بينما ارتفعت دخول 90 في المئة من سكان بريطانيا الأكثر فقرا بـ 2.82 دولار أسبوعيا أي 147 دولارا سنويا. بحسب فرانس برس.

وأضافت أوكسفام أن الأرقام المتوفرة تظهر أن المجتمع البريطاني أصبح يعاني من الانقسامات الطبقية بشكل كبير. ومضت أوكسفام للقول إن هذه العائلات، التي يتصدرها دوق ويسمنستر جيرالد غروسفينور الذي يملك مساحات واسعة من الأراضي ذات المواقع المهمة في العاصمة لندن، تملك (أي العائلات) نحو 47 مليار دولار.

ويملك غروسفينور بمفرده 7.9 مليار دولار أي أكثر من 10 في المئة من مجموع سكان بريطانيا الأكثر فقرا. وقالت المنظمة الخيرية إن التفاوت الطبقي يولد "حلقة مفرغة حيث يتكدس الغنى والسلطة بشكل متزايد في أيادي قلة من الناس بينما يظل باقي الناس يعيشون على الكفاف". ودعت منظمة أوكسفام الحكومة البريطانية لفرض إجراءات فعالة من أجل مكافحة التملص الضريبي. كما دعت أوكسفام الحكومة لدراسة إمكانية فرض ضرائب جديدة على الأفراد من ذوي الغنى الفاحش. وقال ناطق باسم المنظمة الخيرية إن النخبة الثرية في بريطانيا تزداد غنى بشكل كبير بينما تكافح ملايين الأسر جاهدة لتدبير أمورها المعيشية.

اطفال اسبانيا

من جهة اخرى يواجه أكثر من ثلث الأطفال الإسبان خطر الفقر أو التهميش الاجتماعي، بحسب منظمة "سايف ذي تشيلدرن" التي نددت بتدابير التقشف المتخذة للخروج من الأزمة. وقد تخطى عدد الاسبان دون الثامنة عشرة المعرضين "لخطر الفقر والتهميش الاجتماعي" 2,8 مليون طفل سنة 2012 في بلد يضم 47 مليون نسمة، على ما كشفت المنظمة غير الحكومية في تقرير عرضته في مدريد.

ويشكل هذا العدد الذي يعد من المؤشرات المعتمدة في الاتحاد الأوروبي لتقييم أوضاع البلدان 33,8% من إجمالي الأطفال في إسبانيا، وفق المنظمة التي دعت الدولة إلى القيام بواجبها تجاه الأولاد. وقد خرجت إسبانيا في الربع الثالث من العام 2013 من فترة انكماش دامت سنتين وارتفعت نسبة البطالة خلالها إلى 26 %. بحسب فرانس برس.

وفرضت حكومة ماريانو راخوي اليمينية التي تسلمت الحكم في نهاية العام 2011 سياسة تقشف صارمة بضغط من شركائها الأوروبيين بهدف ادخار 150 مليار يورو قبل نهاية العام 2014 وتصحيح مالية البلاد. وجاء في تقرير المنظمة أن "سياسة التقشف هذه تفاقم الأوضاع بعد أكثر وتقيد القدرات المحدودة أصلا لنظام الحماية الاجتماعية في ما يخص تلبية حاجات أطفال العائلات المحرومة".

الفقر في بريطانيا

على صعيد متصل حذر تقرير لاسقفية كانتربوري بعنوان "فيدينغ بريتان" (اطعام بريطانيا) من تفاقم الفقر في المملكة المتحدة حيث يزداد عدد الذين يعانون من الجوع ملقيا اللوم على نظام المعونات الاجتماعية وضعف الرواتب. وجاء في التقرير الذي وضعته لجنة تحقيق تضم برلمانيين من جميع الاتجاهات "يوجد في هذا البلد اشخاص لا يملكون ما يكفي لشراء الطعام" دون اعطاء ارقام. واضاف "كل ما نعرفه هو ان هناك الكثيرين" من هؤلاء رغم انخفاض معدل البطالة في هذا البلد الى ادنى مستوى له مع 6%.

الا ان جمعية تراسيل تراست، احدى اكبر جمعيات بنوك الطعام في البلاد، اوضحت ان عدد الذين طالبوا بمساعدات غذائية من شبكتها ارتفع من 128697 في 2011/2012 الى 913138 في 2013/2014. ويعد التأخر في تقديم المعونات الاجتماعية وقصور عمل نظامها من الاسباب الرئيسية التي تدفع الفقراء الى التوجه لبنوك الطعام من اجل الحصول على ما يسد رمقهم كما ذكر التقرير الذي اشار ايضا الى انخفاض الاجور مع زيادة ارتفاع اسعار المواد الغذائية. واوصى التقرير الحكومة باجراء "اصلاح عاجل لنظام المعونات الاجتماعية للاسراع في تقديمها".

كما اعرب التقرير عن القلق من ارتفاع نفقات البنود الاساسية (السكن والطاقة والغذاء) منذ عشرة اعوام في حين ان هذه النفقات كانت منخفضة كثيرا بين 1953 و2003. وفي مقال نشرته "ميل اون صنداي" قارن اسقف كانتربوري جاستن ويلبي وضع اللاجئين في مخيم بجمهورية الكونغو الديموقراطية بوضع اسرة بريطانية التقى بها في احد بنوك الطعام. وقال الزعيم الروحي ل80 مليون انغليكاني في العالم "صدمت لسؤ وضعهم". بحسب فرانس برس.

وياتي هذا التقرير في حين اعلن المحافظون الذين يتولون الحكم منذ 2010 مؤخرا رغبتهم في تجميد الاعانات الاجتماعية لمدة عامين (باستثناء تلك المقدمة للمعاقين والمتقاعدين) للمساهمة في خفض العجز اذا فازوا في الانتخابات التشريعية في ايار/مايو المقبل. المعارضة العمالية، المتصدرة بفارق ضئيل في استطلاعات الراي، اتهمتهم بمعاقبة الطبقات المتوسطة والشعبية بميزانية تقشفية غير مسبوقة. وتضم بريطانيا، التي افتتح فيها اول بنك للطعام عام 1999، 420 من هذه البنوك التي تديرها جمعية تراسيل تراست ونفس هذا العدد تقريبا من البنوك التي تدار بصورة مستقلة حسب التقرير الذي يقترح اقامة شبكة وطنية.

الاسر في كندا

في السياق ذاته يعيش حوالى 14 % من الكنديين تحت خط الفقر النسبي بينهم اكثر من مليون طفل، وتبقى مناطق شرق البلاد الاكثر فقرا مقارنة مع باقي انحاء كندا، بحسب احصائيات رسمية. وأظهرت ارقام هيئة "احصائيات كندا" المستندة الى قياس المداخيل الضعيفة بعد اقتطاع الضرائب ما يصنف في المعايير العالمية كمستوى الفقر النسبي، ان 4,7 ملايين شخص اي ما نسبته 13,8 % من السكان كانت لديهم مداخيل ضعيفة سنة 2012 في كندا.

كذلك فإن ما يقارب 1,1 مليون طفل دون سن الثامنة عشرة يعيشون تحت خط الفقر، بينهم ما يزيد بقليل عن الربع يعيشون مع امهاتهم، ودخلهم السنوي اقل من 13 الفا و650 دولارا. وبالنسبة لمجمل كندا، يبلغ متوسط الدخل بعد اقتطاع الضرائب 71700 دولار كندي (62500 دولار اميركي)، اي انه المستوى الذي يتقاضى نصف السكان اقل منه والنصف الثاني يتقاضى اكثر منه، بحسب ارقام سنة 2012 المجمعة من جانب هيئة احصائيات كندا.

وبنشرها دراسة كاملة عن الدخل، تضع كندا جدولا يظهر التفاوت في المداخيل على المستوى الجغرافي ويبين تأثير الثروات المتأتية من التنقيب عن النفط. فقد سجلت البرتا التي يتركز اقتصادها خصوصا على النفط المستخرج من الرمال النفطية، اعلى مستوى لمتوسط الدخل (92300 دولار). بحسب فرانس برس.

وبشكل عام، الاسر في غرب كندا اغنى من تلك الموجودة في الشرق. فبالاضافة الى البرتا، سكان اونتاريو وساسكاتشيوان وبريتيش كولومبيا لديهم متوسط دخل اعلى من ذلك المسجل على المستوى الوطني. وفي الشرق، تسجل مقاطعة نيو برونزويك ادنى متوسط للدخل (59300 دولار)، كما ان متوسط الدخل في كل من كيبيك ونيوفاوندلاند اند لابرادور ونوفا سكوشا وبرينس ادوارد ايلاند ادنى من المعدل الوطني.

لماذا يدخن الفقراء

الى جانب ذلك تلتقط كريستال أر. صورا لحيها كجزء من مشروع الشهود على الجوع. ومن بين الصور الصادمة، أكوام القمامة، والأراضي المهجورة، والأسوار والأسلاك الشائكة. أما الإعلانات الكبيرة للأسعار الخاصة للسجائر فتظهر أمامها كأنما تحييها في طريقها لشراء الطعام. ووجدت دراسة حديثة تتضمن البيانات الاتحادية للقياسات الصحية للسكان أن التدخين ينخفض بمعدل سريع في المجتمعات الأكثر ثراء. أما معدل التدخين فيبقى كما هو، بين الفقراء والطبقة العاملة، ما يؤدي إلى زيادة إدمان الناس في المجتمعات الفقيرة .

وقد يبدو من السهل أن نلقي اللوم على الناس الفقراء، باتخاذ قرارات خاطئة. لكن الأمر الأكثر تعقيدا من ذلك، يتمثل بأن شركات التبغ تستهدف هذه المجتمعات لتشجيع هذه العادة، خصوصاً أن ضغوط العيش في الفقر والشعور باليأس قد يدفع بعض الأشخاص إلى التدخين. أما مشروع الشهود على الجوع، فيعمل مع خبراء حقيقيين، ومن بينهم الأمهات ومقدمي الرعاية للأطفال الصغار الذين أصبحوا جياعا، ويعيشون في الفقر.

وكما الأطباء نحن نعلم كيفية تحديد أعراض المرض، مثل السعال، الذي يخفي مرضاً أكثر خطورة مثل الالتهاب الرئوي. وبينما نحن لا نواجه هذا النوع من السعال بالأدوية المخففة فقط، إنما أيضاً نعالج العدوى الكامنة بالمضادات الحيوية. وفي هذه الحالة، فإن الفقر قد يكون بمثابة أعراض المرض، نظرا لمدى التوتر المزمن للفقر والذي يسبب السلوكيات غير الصحية. وهذه عوامل يجب معالجتها قبل العمل على خفض ظاهرة التدخين بشكل كبير في المجتمعات.

وتجدر الإشارة، إلى أن شركات التبغ تستهدف الأحياء ذات الدخل المنخفض من خلال المزيد من إعلانات السجائر، وعدد أكبر من اللوحات الإعلانية، واللافتات الكبيرة. وتستهدف شركات التبغ بشكل خاص الشباب في الأحياء الفقيرة، فضلاً عن بيع السجائر بشكل أرخص في المجتمعات الفقيرة. كذلك، تشكل المصاعب الاقتصادية مثل الجوع، والسكن غير المستقر مشاكل مرهقة بالنسبة غلى الأطفال.

وترتبط الظروف القاسية في الطفولة بالسلوكيات غير الصحية لدى الأطفال في وقت لاحق، وخصوصاً التدخين. ووجدت دراسة تابعة لجامعة "ديوك" أن "المخاوف بشأن دفع الفواتير أو الحاجة إلى بيع الممتلكات بسبب الحاجة إلى المال، فيؤدي إلى تقهقر ضبط النفس لدى الطفل، ما يتسبب بدوره في زيادة ظاهرة التدخين. أما النساء فيقلعن عن التدخين بمعدل أقل من الرجال. ولكن النساء اللواتي يتعرضن لسوء معاملة سواء جسديا أو نفسيا على أيدي شركائهن في كثير من الأحيان فيدخن أكثر للتعامل مع حياتهم الصعبة. ويعتبر لافتاً للنظر الارتباط بين التعرض للعنف والتدخين ويمكن رؤيته لدى النساء ذات الدخل المنخفض والفئات الاجتماعية والاقتصادية الأعلى.

أما الأمهات العازبات في الأحياء الفقيرة فهن أكثر عرضة لتجربة "الخطر المزدوج"، بسبب عبء مسؤولية رعاية الأطفال إلى جانب العزلة الاجتماعية والتوتر المزمن المرتبط بالفقر. أما التدخين فيمكن أن يكون استراتيجية موثوق بها لتخفيف تلك الأعباء. وقد عملت برامج الصحة العامة بشكل واضح مثل الضرائب المفروضة على التبغ والأماكن العامة الخالية من الدخان والسكن في الحد من معدلات التدخين، ولكن يبدو أن المجتمعات الأكثر فقرا يجري التغاضي عنها. بحسبCNN.

ويعتبر التدخين السبب الأساسي للوفيات التي يمكن تجنبها في الولايات المتحدة، إذ أنه يسبب سرطان الرئة وأمراض القلب والتهاب الشعب الهوائية وانتفاخ الرئة وأزمات صحية مكلفة تضاف على مشاكل الفقراء. ولمنع التدخين والحفاظ على الشباب من التدخين، فالأمر يستغرق أكثر من توجيه رسائل الصحة العامة. ويتطلب تغيير السياسات الاقتصادية لتحسين ظروف عيشنا. ويحتاج الناس إلى وظائف ذات أجر مرتفع ومجتمعات آمنة للحد من التوتر الذي كثيرا ما يكمن وراء انتشار ظاهرة التدخين.

اضف تعليق