يعتبر القطاع الزراعي في العراق من اكثر القطاعات استهلاكا للموارد المائية المتوفرة ففي عام 2011 مثلت الاستهلاكات الزراعية حوالي (76 %) من مياه نهر دجلة و(91 %) من مياه نهر الفرات بمعدل عام يبلغ (80 %) من الموارد المائية الكلية لنهر دجلة والفرات وروافدهما ولذا...
ورقة دراسة موجزة: د. عبد المطلب محمد عبد الرضا
مدخل
يعتبر القطاع الزراعي في العراق من اكثر القطاعات استهلاكا للموارد المائية المتوفرة ففي عام 2011 مثلت الاستهلاكات الزراعية حوالي (76 %) من مياه نهر دجلة و(91 %) من مياه نهر الفرات بمعدل عام يبلغ (80 %) من الموارد المائية الكلية لنهر دجلة والفرات وروافدهما ولذا يجب العمل على هذا القطاع ليكون أكثر اقتصادا في استخدام المياه والحد من الفواقد.
اضافة الى ذلك تكتسب مياه البزل الزراعية والمياه المالحة اهميتها في ضوء قلة الواردات المائية العراقية الحالية والمتوقعة مستقبلا ويمكن اعتبارها موارد مائية اضافية يمكن ان تكون بديلا عن مياه دجلة والفرات لبعض الاستعمالات الصناعية والبيئية والزراعية ولذا ينبغي العمل على الاستفادة منها لتوفير جزء من الاحتياجات المطلوبة.
المعطيات المتوفرة
- لم يتحقق الامن الغذائي العراقي منذ أكثر من نصف قرن تقريبا بسبب مشاكل عديدة منها مشاكل الملوحة وتدهور الاراضي وعدم استكمال مشاريع استصلاح الاراضي واستعمال الطرق القديمة في الانتاج وتدهور وتقادم البنى التحتية للزراعة.
- من المتوقع ان تتفاقم مشكلة المياه في العراق الى الحد الذي قد تنخفض عنده حصة الفرد السنوية من المياه للأغراض البلدية والشرب والزراعة والصناعة والبيئة الى اقل من (500) متر مكعب في عام 2025 بالمقارنة مع نصيب الفرد على المستوى العالمي البالغة (7500) متر مكعب.
- يشكل الري السطحي أكثر من (95 %) من طرق الري الحقلية المتبعة في الزراعة العراقية وبكفاءة ارواء منخفضة (بحدود 40 %) تساهم في هدر المياه وزيادة ملوحة وتغدق الاراضي الزراعية.
- ان مياه المصب العام هي مياه البزل المالحة الراجعة من المشاريع الزراعية بين نهري دجلة والفرات. حيث تم تصميم المصب العام ليستوعب حوالي (7,5) مليار متر مكعب سنويا من مياه البزل في حالة اتمام تنفيذ جميع مشاريع الري في العراق وفي الوقت الحالي ينقل كمية من مياه البزل تقدر بـ (3,8) مليار متر مكعب وسوف تزداد لتصل عام 2035 الى (4,5) مليار متر مكعب سنويا.
- قدرت كمية المياه المستخدمة في الري الزراعي في عام 2015 بـ (46) مليار متر مكعب تقريبا. وبسبب قلة كفاءة الري بشكل عام فانه يتم رجوع نسبة كبيرة من هذه المياه الى الانهار وقسم اخر يتم جمعه بواسطة المبازل وينتهي في المصب العام وقسم آخر يتعرض للتبخر والفقد.
- هنالك كميات كبيرة من مياه البزل لا يتم الاستفادة منها بشكل جيد في الوقت الحاضر فمن المفترض ان يذهب اغلبها لتغذية الاهوار رغم المخاطر البيئية التي تمثلها هذه المياه المالحة على الحياه البرية والاسماك والنباتات وعلى نظام الاهوار البيئي.
- ان معدلات تحلية المياه المالحة في دول الخليج تمثل نسبة (81%) من اجمالي معدلات تحلية المياه بالوطن العربي تليها الجزائر بنسبة (8,3%) ثم ليبيا (4%) فمصر (1,8%).
ضرورة الاستفادة من المياه المالحة وإدارة الزراعة
- يمكن ان توفر مياه البزل المعالجة كميات كبيرة من مياه نهر دجلة والفرات وروافدهما لتحقيق الامن المائي والغذائي للعراق كما يمكن الاستفادة من الاملاح الناتجة عن المعالجة في مختلف الاغراض الصناعية والمنزلية. ففي العام 1995 مثلا تم تصريف ما مقداره (17) مليون طن من الاملاح الى الخليج العربي عن طريق المياه المالحة للمصب العام.
- معالجة مياه المصب العام والمبازل الاخرى وفق الضوابط والتشريعات الوطنية والاستفادة منها للاستعمالات الزراعية والصناعية والبيئية عن طريق نصب محطات تحلية في مناطق الحاجة الى المياه بدءا من شمال بغداد وحتى مدينة البصرة. ويبلغ تصريف المصب العام التصميمي (220) متر مكعب/ثانية من مياه البزل وهي كمية كبيرة جدا من المياه.
- الاستفادة من موقع العراق على الخليج العربي لغرض تحلية مياه البحر والاستفادة من المياه المعالجة في تغطية جزء من الاحتياجات المائية الزراعية والصناعية للمناطق والمحافظات الجنوبية من العراق.
- اكمال ربط جميع المبازل الفرعية بالمصب العام ومنع رمي مياه المبازل في الانهار والمسطحات المائية لمنع تلوثها وتدهور نوعيتها.
- ضرورة التحول التدريجي والسريع إلى استعمال تقنيات الري الحديثة (الري بالتنقيط او الرش او الري تحت السطحي،....) وتبطين قنوات الري واستعمال الانابيب المغلقة في المشاريع الزراعية لغرض تحسين كفاءة الري مما سيقلل من كمية المياه المفقودة عن طريق الرشح والتبخر ويساهم في تقليل كميات المياه المطلوبة في الزراعة او الراجعة الى الانهار.
- ضرورة وضع استراتيجية صحيحة لاستخدام المياه المالحة وذلك تبعا لدرجة ملوحتها وبشكل رئيسي في إجراء عمليات استصلاح وغسل الترب الشديدة الملوحة وفي زراعة بعض الاراضي الخفيفة النسجة تحت ادارة مناسبة.
- رفع كفاءة استخدام المياه في القطاع الزراعي عن طريق اختيار التركيب المحصولي الملائم وكذلك استنباط سلالات وأصناف جديدة من المحاصيل تستهلك كميات اقل من المياه وتتحمل درجات أعلى من الملوحة.
- حسب ما تسمح به الظروف، استخدام الري بالرش في زراعة المحاصيل وخاصة الاستراتيجية منها كالحنطة والشعير واستخدام الري بالتنقيط في زراعة الخضر والبساتين.
- تشجيع ودعم الفلاحين والمزارعين لغرض التحول الى استعمال طرق الري الحديثة وتوعيتهم بأهمية المياه وظروف الشحة المستقبلية وضرورة الترشيد والمحافظة على الموارد المائية المتوفرة.
- ضرورة الاخذ بنظر الاعتبار توفر الطاقة الشمسية في العراق وامكانية استعمالها اما مباشرة في عمليات تحلية المياه او بشكل غير مباشر في توليد الطاقة الكهربائية لغرض تشغيل وحدات التحلية للتقليل من استعمال الطاقة الاحفورية وانبعاث الغازات الضارة بالبيئة.
الخاتمة
ان تحسين الامن المائي في العراق يأتي عن طريق حزمة من التدابير من ضمنها تحسين انتاجية الاراضي وزيادة كفاءة الري والاستفادة من المياه المالحة سواء أكانت مياه بزل او مياه البحر. كما ان الحاجة الملحة لإيجاد مصادر غير تقليدية لمعالجة شحة المياه المتوقعة في العراق، اضافة الى التطور التقني في مجال تحلية المياه كلها عوامل مشجعة تدعوا للتفكير الجدي في انشاء مصانع لتحلية المياه المالحة والحصول على مياه صالحة للاستعمالات البشرية المختلفة اسوة ببقية دول العالم حيث تستعمل تقنية تحلية المياه المالحة في الوقت الحاضر في العديد من الدول العربية والاجنبية وقد اثبتت نجاحها وضرورتها الحياتية في العديد من المناطق.
اضف تعليق