من المتسالم عليه ان فئة الشباب هي العصب الحساس لحركة وديناميكية المجتمع لأنهم يعيشون اطول فترة من متوسطي العمر والمسنين ولذلك يكون تأثيرهم في المجتمع أكثر من غيرهم، وكذلك بسبب تأثرهم بالأفكار والممارسات الوافدة ويتقمصونها ويستغلونها في ذاتيتهم اسرع من بقية الفئات وهم الاكثر تكيفاً للظروف المستجدة التي يشهدها المجتمع من عناصره الاخرى.

ونحاول في هذه السطور تركيز الضوء على موضوع الشباب والتحديات المعاصرة باعتبار ان الشباب لهم تكوينهم البايلوجي والسيكولوجي المختلف عن تكوين الشرائح العمرية الاخرى. ولهم اوضاعهم الاجتماعية ومواقفهم المختلفة عن نظرائها عند الشرائح العمرية الاخرى.

الامر الذي يدفع الى ظهور مجموعة من القيم او المعايير التي تتوافق مع احتياجات هذه الشريحة، اضافة الى قدرتها على توجيه سلوكيات الشباب في مختلف مجالات الواقع الاجتماعي. ويمكن تناول اهمية موضوع الشباب من خلال مدخل مهم يتمثل باهتمام القرآن الكريم بفئة الشباب

فهل اهتم القرآن الكريم بالشباب؟ وهو سؤال مشروع والجواب هو كيف يغفل الدين السماوي الخاتم عن الاشارة لقضايا الشباب، وهو الدين الذي انتصر بهممهم وسواعدهم الفتية؟ فكلنا -على سبيل المثال – نعلم ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) نام مطمئن البال في فراش الرسول (صلى الله عليه وآله) ليفديه بروحه، كما انه جدل الابطال والاقران، في وقعة بدر وغيرها من المواطن وهو لم يزل في عنفوان شبابه !!

وعندما نتصفح كتاب (نهج البلاغة) نتيقن ان الشباب قاموا بدور عظيم لنصرة الاسلام، ومقولة الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) التالية خير شاهد على صدق دعوانا، اذ نجده يُسفه منطق: (ان ابن ابي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب)! بقوله لله ابوهم! وهل احد منهم اشد لها مراساً واقدمُ فيها مقاماً مني ! لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها آنذا قد ذرفت على الستين! ولكن لا رأي لمن لا يطاع!)

كما ان شيوخ قريش، ثارت ثائرتهم في بداية الدعوة، نظراً لإقبال شبابهم على الدخول في الاسلام، واضطرهم هذا الامر الى ان يشكوا ذلك لابي طالب حيث قالوا (يا ابا طالب، ان ابن اخيك قد سفَه احلامنا، وسب آلهتنا، وافسد شبابنا، وفرق جماعتنا).

ومن يتصفح السيرة النبوية الشريفة، يلحظ مقدار العناية النبوية الواضحة بجيل الشباب، وكيف انه (صلى الله عليه واله) اعطاهم المكانة اللائقة بهم.

وقد يقول قائل: اذا كان القرآن الكريم قد عني بموضوع الشباب فأين نجد ذلك فيه، وهو لم يحوِ على مصطلح او لفظة (الشباب) حتى في اية واحدة من آياته؟

بالفعل لم يرد مصطلح الشباب في القرآن الكريم، ولكننا سنجد الفاظاً اخرى تقارب مصطلح الشباب، ولعل اول ما يتبادر الى اذهاننا كمرادف للشباب، مصطلح (الفتية):

يقول تعالى: (اذ اوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا اتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا) ويقول تعالى (انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) ويقول تعالى (قالوا سمعنا فتى ً يذكرهم يقال له ابراهيم).

فالقرآن الكريم استخدم لفظة الفتية للتعبير عن اهل الكهف كما استخدم لفظة فتى للاشارة للنبي ابراهيم (عليه السلام).

ولعل معظم كتب التفاسير ذهبت الى ان القرآن الكريم استخدم مصطلح (فتية) في حديثه عن اهل الكهف، بمعنى انهم شبان وقلة منهم، اوضحت ان اللفظة تستخدم للشباب وللمسنين ايضاً، اذا تمتعوا بروحية شابة.

حيث ان بعض التفاسير بينت ان كلمة الشباب بالإمكان ان تطلق على كل من له القدرة على الثورة والتغيير.

نخلص اذاً الى ان مصطلح الفتوة في القرآن الكريم هو المرادف لمصطلح الشباب بما يحمله من معاني العنفوان والشدة والبأس. وهم – اي الشباب – الافراد الذين تقع اعمارهم ما بين 15-24 حسب التعريف الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، او هم الافراد الذين تتراوح اعمارهم بين 15-30 سنة كما يرى بعض المتخصصين في علم الاجتماع.

وغير خاف على قارئ القران الكريم انه تطرق لحالتي ضعف يعيش بينهما الشاب هما: ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة يقول تعالى في تبيان هذا الامر: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) {الروم/54}، فالشاب بين حالتي الضعف هاتين بحاجة لمن يعينه في شؤونه واموره وان كان في الحالة الثانية بحاجة الى الشفقة والرحمة بشكل مضاعف لانه يعيش تجربة تنازلية بعد فترة من الصعود والقوة والاقتدار وربما الغرور، ولم اجد افضل وابلغ من كلمة الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) حين قال (ما لابن آدم والفخر اوله نطفة واخره جيفة لا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه) فهل تجد وصفاً يلامس واقع المسألة اروع من هذا البيان؟

وبعد هذه المقاربة القرآنية يمكن تبيان التحديات التي تواجه الشباب بشكل عصري حيث ان هناك اهتمام متزايد بموضوع الشباب، وتتبارى فيه الدول كي يستحوذ على عقولهم لما ترى فيه صلاحها، فأنظمة الحكم في كل دولة تريد من الشباب ان يسيروا وفق رغباتها لذا فأنها تستثمر ماكينة الاعلام وجميع وسائلها التربوية والتثقيفية بل حتى القمعية منها بهدف خدمة تطلعاتها وأهدافها، وها هو فرعون يعلنها صراحة اذ يقول (ما اريكم الا ما ارى ما اهديكم الا سبيل الرشاد).

ان الشباب يشكلون العبء الذي تضيق به السلطات ذرعاً وتخشاه ايما خشية، في الوقت نفسه الذي تقصر فيه ايما تقصير في وضع الاستراتيجيات الكفيلة بحسن توظيف طاقاتهم وتوقهم الى البذل والعطاء انها تسكن الاوجاع وتخدر الوعي من خلال ملهاة وزارات الشباب والرياضة وكأن قضية الشباب هي مجرد قضية مباريات رياضية.

ومن الواضح ان الشباب يتأثر بالتحشيد اكثر من تأثره بعملية الاقناع فعندما يصنع رأياً عاماً في مجتمع ما حول مسألة معينة فأن الشباب ينساقون مع عملية التحشيد بطريقة اتباعية محضة وان لم يصاحبها اقتناع لان المهيمنين على وسائل الاعلام (سحروا اعين الناس) فما عادت تبصر الحقيقة.

ومن يعيش ضمن محيط بشري احادي الرؤية او مخالف لمسلماته وقناعاته لا بد ان يمر بحالتين -ان لم يشأ اعتزال مجتمعه- هما التأثير او التأثر فأن كان يمتلك وعيا وحصانه وقوة فسيغدو مؤثرا في الاخرين من حوله والا فسيتأثر بهم ليصاغ فكره وسلوكه كما يشاؤون وربما عاش مؤثراً ومتأثراً يحمل النقيضين !

ونجد ان القرآن الكريم يطرح لنا مثالاً صارخا في الاستقامة ومواجهة التحدي الفكري متمثلاً في النبي ابراهيم (عليه السلام) الذي تمرد على منطق (انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون) واعلنها صريحة في وجه ابيه، بقوله (يا ابت اني قد جائني من العلم ما لم يأتك فأتبعني اهدك صراطا سوياً)، وبتوكله على الله وحده واجه بالحجة والمنطق عبدة الاصنام ولجأ كحل اخير لتحطيم تماثيلهم المزيفة التي يدعونها جهلا الهة واستثنى منها الصنم الاكبر وبسخرية المنتصر علق الفأس عليه، ليبدأ مع قومه مجدداً حواراً فكرياً لعلهم يعودون الى انفسهم لكنهم اصروا على باطلهم وألقوه في نار عظيمة وشاءت ارادة الله سبحانه وتعالى ان تكون برداً وسلاماً على نبيه وليكونوا هم الاخسرين.

هذا مثال لفتى لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره كما اشارت بعض التفاسير ومع ذلك وجدناه قد تحدى مجتمعاً وثنياً بأكمله وخرج منتصراً ليكون بإرادته امةً (ان ابراهيم كان امةً قانتاً لله حنيفاً ولم يكن من المشركين).

ووجدنا ايضا ان الفتية – كما جاء في اية سالفة – آووا الى الكهف هرباً من دقيانوس وجبروته ليحافظوا بذلك على دينهم.

والشباب في هذه المرحلة الزمنية، قد يكونون بحاجة الى كهف من نوع اخر يلتجئون اليه وهم الاعراف بميزاته وتقنياته فربما يكون هذا الكهف تجمعاً ايمانياً او مركز علم او معرفة او عالماً ربانياً او كتاب علم ينتفع به ليقيهم فتن الزمان والاعيب الشيطان.

وقد لا يكفي ان يلجأ الشباب الى الكهف دون برنامج مدروس كفيل بتحقيق عناصر النجاح اذ لابد من البرنامج المعتمد اولا واخيراً على طلب الرحمة والمعونة من رب العباد الذي هو الغاية ومحط الرجاء لتحصيل الرشد في مسيرة الحياة. ولا نقصد باللجوء للكهف طلب العزلة وانما اقصد به هو محطةً للتزود الايماني والفكري لتحقيق الانطلاقة الرشيدة والفاعلة في حياة الشباب، مع ملاحظة ان فتية اهل الكهف كانوا بشراً ولم يكونوا رسلاً ولكنهم امنوا بربهم وتحرروا من ضغط الجاهلية فأيدهم الله، وكذلك كل انسان في العالم يملك ارادة التحرر وعندما يضعها موضع التنفيذ فأن هدى الله يأتيه ويؤيده ونحن على قناعة بأن المؤمن الذي يعيش في وسط غير وسطه يستهلكه الوسط الذي يعيش فيه كما لو ارقنا كأسا من الماء العذب الحلو في بحيرة مالحة فأن البحيرة تستهلكه لا محالة وهذ الحكم يجري في المجتمع كما يجري في التفاعلات الكيميائية، من غير فرق. الا ان يعزل المؤمن نفسه بعزل نفسي قوي عن المؤثرات والعوامل القاهرة في ذلك الوسط، فعندئذ يعيش في حصانة كاملة، رغم انه يمكن ان يتعاطى في ذلك الوسط كل ما يتعاطاه الناس من شؤون عمله ومعيشته.

وها نحن نعيش في هذه المرحلة الزمنية عصر الهيمنة الامريكية على مختلف الصعد واخطرها يتمثل بسيطرتها على وسائل الاعلام التي يديرها شياطين الانس بطريقة اذهلت الشيطان نفسه!

اجل، لقد صدمنا بموجة العولمة، وبهذه الثورة الاعلامية وبما تحمل من قيم وعادات دخيلة وما صاحبها من بث لمفردات جديدة في واقعنا غيرت بل هدمت مناطق من الوعي لم يكن بالامكان خلخلتها لولا هذه القفزة في مجال الاتصالات فنحن الان نعيش عصر الصورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فما نبنيه في سنوات قد تزعزعه صورة يلتقطها الشباب عبر الاقمار الصناعية، او شبكة الانترنت، او خدمة البلوتوث!

ومن طرائف الامور ان الولايات المتحدة الامريكية وبهيمنتها الاعلامية غدت تروج لإسلام معاصر يسير وفق الارادة الغربية ويلزم ان يتبنى النموذج الغربي وهذا تحد من التحديات التي يعيشها الشباب فالعولمة الثقافية تفرض نمطاً من الحياة لا يراد لشبابنا ان يتجاوزوه. ففي ظل هذه الاجواء الضاغطة التي يسيل لها لعاب الشيخ الطاعن في السن فضلا عن الشاب المراهق أصبحنا نعيش في زمن ان غفلنا فيه لبرهة يسيرة عن شبابنا فأننا قد نخسرهم للابد كما خسر نبي الله نوح عليه السلام ابنه الشاب ليصبح فيما بعد من المغرقين.

وهناك تحدٍ اخر وهو التحدي الاخلاقي والسلوكي وهو امتداد للتحدي الفكري والثقافي، باعتبار ان السلوك الانساني ينبثق من ثقافة يحملها الفرد، تتمثل في مأكله وملبسه وحديثه و.....الخ.

وقد لا نجد أفضل من قصة النبي يوسف الصديق (عليه السلام) لنجعلها فاتحة للحديث عن التحدي الاخلاقي والسلوكي في حياة الشباب فهي بلا شك خير الامثلة التي سردها القرآن الكريم للشباب ليعطيهم ويعطينا درساً في مواجهة التحدي الاخلاقي الذي يعصف بهم اذ خرج نبي الله منتصراً على مكيدة زليخا بعد ان (غلقت الابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله).

وبداهةً ان مجتمعنا المحلي وان قيل انه مجتمع محافظ الا انه يعيش درجة عالية من الانفتاح فلا وجود حالياً لحدود او قيود تمنع الشباب من التأثر والتفاعل مع الثقافات الاخرى الدخيلة ان صح التعبير واذا كنا في السابق نشبه العالم بالقرية الصغيرة فأن البعض يشبهه الان براحة اليد المبسوطة التي تستطيع ان تبصر فيها ما تشاء. لذا لا يجدي ان نعمل بسياسة غلق الابواب فهي غير مجدية البتة اذ ان رياح العولمة الثقافية والثورة المعلوماتية نخرت بيوتنا نخراً فلا عاصم اليوم من طوفانها الا بتربية سليمة تكفل الحصانة الذاتية لجيل محاصر بألسنة اللهب من كل صوب وناحية رغم ان التحديات التي يواجهها الشباب ليست خاصة بهم بل هي قد تؤثر في مجمل الناس خصوصاً الفتيات او النصف الاخر من المجتمع كما يحلو للبعض ان لم يتمتعوا بحصانة دينية كافية، خاصةً اذا علمنا ان الاستغراق في شهوات الدنيا ورغائب النفوس ودوافع الميول الفطرية هو الذي يشغل القلب عن التبصر والاعتبار ويدفع بالناس الى الغرق في لجة اللذائذ القريبة المحسوسة ويحجب عنهم ما هو ارفع واعلى ويغلظ الحس فيحرمه متعة التطلع الى ما وراء اللذة القريبة ومتعة الاهتمامات الكبيرة اللائقة بدور الانسان العظيم في هذه الارض واللائقة كذلك بمخلوق يستخلفه الله في هذا الملك العريض.

وقد نتسالم ان الشباب الذي يعيش في اجواء ايمانية مصحوبة بالتوجيه والتثقيف داخل اسرته ومحيطه فأنه وان سار لفترة زمنية في طريق الغي والضلال لا عجب ان عاد لرشده لما يحمله من قيم وتعاليم قد تجذرت في قلبه بعد ان يزيح ما علق به من ادران النفس والشيطان مهما طغت وتوبة اخوة يوسف الصادقة قد تكون خير مثال للتوبة.

اذاً علينا ان نحصن شبابنا بطريقه واعية ضد: الاجواء الملوثة، اصدقاء السوء، العبثية او انعدام الروح المسؤولية لكيلا تصدأ نفوسهم وقلوبهم فأن الهداية والضلالة اذا ابتدأ الأنسان زادت تدريجياً مما يجمع الذهن لها من الشواهد والمقومات.

وغير خاف على احد، ان الرسول الأكرم (ص) قد وضع الى جانب تعاليم القران الكريم، برامج عملية للشباب، ليتجاوز بتطبيقها الانزلاق في مستنقع الشهوات، وطلباً للاختصار اكتفى بحديث نبوي يقدم علاجاً فعالاً لصرف الشباب عن الوقوع في الزنا، اذ يقول الرسول الأكرم (ص) ناصحاً الشباب: " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج ومن لم يستطعها، فليدمن الصوم فأنه له وجاء ".

وربما يصح لنا القول: ان تطبيق الشباب للشق الثاني من حديث الرسول الاكرم (ص) يعد بمثابة احد المداخل الصحيحة، لتحصيل العفة التي امرنا الله سبحانه بها، عندما قال (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله). فبرنامج الصوم بل الادمان عليه هو أحد الطرق الصحيحة للشباب لكي يغنموا العفو اضافة لالتزامهم بغض البصر عما حرم الله..........الخ.

ويبرز تحد اخر للشباب الا وهو تحدي الفقر والحاجة ونعني به جميع الامور المادية والمعنوية التي تشكل حاجة حقيقية للشباب لدرجة انهم يشعرون بالنقص حينما لا يمتلكونها او تتوافر بين ايديهم فالنقص بالاحتياجات المادية يعد بلا ريب فقرا ً وكذا عدم اشباع الحاجات العاطفية للشباب او القدرة على تكوين صداقات ناجحة هذه الامور تدخل ضمن قائمة الفقر والحاجة. وعلاجها لا يقل اهمية عن معالجتنا للاحتياجات المادية ان لم نقل بأولوية علاج الاحتياجات المعنوية اولا ً.

فالتحدي المعرفي الذي يعيشه الشباب مقدم على كل التحديات وفي هذا السياق اذكر بالمثل الصيني المشهور الذي يقول (اذا اعطيت الفقير سمكة فأنك ستسد بها جوعه ولكن اذا علمته كيف يصطاد السمك فستكف يده عن استجداء الناس). فتقديم السمكة يبقى حلا مؤقتا ً وتعليمه الصيد هو الحل الاجدى والانفع للقضاء على فقره وعازته.

وليس بخاف على أحد ان التحديات التي تواجه الشباب في مجتمع ما قد لا تشكل حقيقياً للشباب في مجتمع آخر، فالفقر المادي قد لا يعد تحديا ً لشباب مجتمع يثمل شبابه من البذخ.

ولعل لجوء بعض الشباب في مجتمعنا للسرقة او ممارسة الفواحش او العنف سواء تمظهر هذا العنف باللسان او اليد ليصل احياناً الى درجة القتل فأن هذه الامور تكشف خللاً يعيشه الشاب الذي يقدم على ممارسات منبوذة ومرفوضة بل محرمة، بكل المقاييس دينياً واجتماعياً واخلاقياً ولا شك في ان هذا الخلل قد يكون نتيجة للبناء النفسي الخاطئ الذي عاشه الشاب في مرحلة طفولته او نتيجة لتربية خاطئة مورست بحقه وولدت عقداً نفسية في اعماقه وهذه نتيجتها الطبيعية، او لان القدرات الزائفة تعشعش في مخيلته وبداهةً ان من يعيش حالة الانحراف فانه بعيد عن تعاليم الدين ومنطق العقل والضمير لان الدين القائم بالعدل مع العقل والارادة المتحررة من الهواء والعصبية والجهالة بما تعنيه جنود الجهل يعد اهم عاصم يحول بين الانسان وبين السير في طريق الانحراف.

اذن ان الاوان كما يقول الدكتور (مصطفى حجازي) كي يطور علم خاص بالشباب هو علم الشباب والواقع ان عدم تطوير مثل هذا العلم الى الان في جامعاتنا ما هو سوى دليل اضافي على هدر الشباب وتكفي نظرة سريعة الى واقع الشباب في عصر العولمة عموماَ وواقعهم في بلاد هدر الانسان كي تتضح مدى اهمية مثل هذه العلم وضرورته كأساس لوضع سياسات شبابية على الصعيد المجتمعي في التربية والعمل والمشاركة الاجتماعية والانتماء كما في الترويح.

ولتجسير الفجوة بين المربين والجيل الشاب ليكون بمقدورهم مواجهة التحديات التي تعصف بهم ذات اليمين وذات الشمال نورد بعض الحلول، مثل محاربة النظرة الدونية للشباب لأنهم القوة البدنية والعقلية والنفسية من شأنها ان تصنع المستحيل.

وكذلك مثل دعوة الشباب للمشاركة في التفكير والتغيير فشباب اليوم يعيش تغيرات تكنولوجية سريعة واجتماعية عميقة ويجب ان نكون ضد سياسة الارتجال في التربية وايجاد البرامج العلمية لصقل قدرات الشباب وامكاناتهم.

وختاما: لم يكن ما قلناه بمثابة حلولا سحرية لمشاكل الشباب فتحدياتهم بحاجة لمعالجات طويلة المدى لأنها تتعلق ببناء الانسان وعندما نطرح مقترحات معينة هنا فإنها بحاجة لتكاتف الايدي هناك من اجل نقدها اولاً وتحقيق ما يتناسب ٍمنها على ارض الواقع ثانياً.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

محمد أحمد ضوينا
السودان
التحية لكم لتوفير هذه المادة العلمية المتكاملة والشيق والتي أبانت واقع الشباب في عصرنا ففحص المقال المرض واكتشف الداء ووضع الدواء ونرجو لشبابنا حفظ الله ورعايته2018-04-06