إن هؤلاء قادرون على التغير والتبدل، وقد لاحظت كثيرًا من الحالات التي تحول فيها مراهقون من نماذج غير مبشرة إلى ناجحين وقادرين على مواجهة الحياة والتعاطي معها بشكل فعال، وكانت النصائح الأبوية هي عماد التحسن للأفضل في حياة المراهقين، فجعلت حياتهم أهدأ وطورت نموهم العاطفي والعقلي بشكل ملحوظ...

الإنسان في حياته يمر بمراحل عمرية مختلفة من الطفولة إلى الشيخوخة، ولكل مرحلة من هذه المراحل صفاتها النفسية التي تجعلها منفردة عن الأخرى، وواحدة من أهم مراحل الحياة وأكثرها حساسية وخطورة سيما حين يساء التعامل معها هي مرحلة المراهقة، فما هو سبب الاهتمام العالي بمرحلة المراهقة؟، وما هي أسس التعامل النفسي السليم مع هذه المرحلة لكي يكون سلوك المراهق سويًا؟

يعتقد بعض الناس أن الانتقال من مرحلة الطفولة إلى المراهقة يمر بالسلاسة ذاتها التي يتسم بها الانتقال من صفوف المرحلة الابتدائية إلى الصفوف الإعدادية، لكن في واقع الأمر المراهقة ليست بتلك البساطة، فهي أشبه بانتقال المراهق من المساحة المخصصة للأطفال في المطاعم والمولات والحياة الأكثر سلاسة إلى ساحة حرب تشبه العراك مع حبيب لا عدو.

فمرحلة المراهقة لا تختصر صعوبتها على الأبوين فقط بل تمتد إلى المراهقين أنفسهم، إذ يعاني هؤلاء كثيرًا من تقلبات المزاج والتحسس الزائد، مما يحتاج منهم إلى كفاح طويل ليتخطوها، ويتطلب من الأبوين والمربين صبرًا وحكمة ومعرفة بخصائص هذه المرحلة ليتسنى لهم التعامل وفق الأسس النفسية المنطقية التي تحمي الطرفين دونما يحدث خللًا في العلاقة أو يتضرر أحد من سوء التعامل وهنا تكمن حساسية وخطورة هذه المرحلة.

يميل المراهقون إلى الاكتئاب في تلك المرحلة من حياتهم، ففي طريق اكتشافهم لحياتهم وهويتهم هم محاصرون بالجداول والقيود العائلية والمجتمعية، وذلك يشعرهم بالعجز، فالإدارة غير السليمة لحياتهم من جانب الأبوين تسهم في وضع مزيد من البنزين على الحريق المشتعل والعكس هو المنطقي.

في السياق يقول خبير العلاقات الأستاذ (دانيال جيان): "إن هؤلاء قادرون على التغير والتبدل، وقد لاحظت كثيرًا من الحالات التي تحول فيها مراهقون من نماذج غير مبشرة إلى ناجحين وقادرين على مواجهة الحياة والتعاطي معها بشكل فعال، وكانت النصائح الأبوية هي عماد التحسن للأفضل في حياة المراهقين، فجعلت حياتهم أهدأ وطورت نموهم العاطفي والعقلي بشكل ملحوظ".

كيف يجب أن يكون التعامل مع المراهقين؟

لتجاوز هذه المرحلة بأقل آثار سلبية ممكنة وحماية العلاقة بين الآباء والأبناء المراهقين وإبقائها بأبهى صورها يجب أن يكون التعامل مع الأبناء وفق التالي:

أول ما يجب أن يتنبه إليه الوالدان هو عدم فرض أوامر وإملاءات على أبنائهم المراهقين ومحاولة إقناعهم بما يُراد منهم تنفيذه أو القيام به لأن الفرض عليهم يجعلهم معاندين أكثر ولا يستمعون إلى الكلام والنصائح وإن كانت صحيحة، فالأسلوب هو الحاكم في تحقيق الأهداف التربوية أو رفضها.

وعلى الوالدين تجنب الغضب مع أبنائهم المراهقين، فمن الأمور التي تغضبهم هو التحدث إليهم بغضب أو الإساءة إليهم لفظيًا، فحتى وإن كان الأبناء مسيئين في بعض السلوكيات فالأفضل أن يتركوا الأمر يمر حتى تهدأ العاصفة، وسيُذكر أنك احترمت غضبه ويُقدر لك ذلك بدلًا من أن تتشاجران وتحل القطيعة بينكما.

ومن الأهمية بمكان أن يدع الآباء أبنائهم ليختبروا عواقب أفعالهم، فلا أحد يكتشف العالم إلا بالتجربة، والفشل فيها لا يستحق عقابًا، لكوننا نتعلم منه كيف ننجح في المرات المقبلة، لذا لا داعي أن يُنتقد الأبناء وهو ما يمنحهم القدرة على مجابهة قادم الأيام التي لن تكون موجودين فيها.

كما يجب الحكم على سلوكيات المراهقين وفق معايير السواء من عدمه في الوقت الحالي وليس حسب معايير الماضي، فما كان في الماضي مستهجنًا أصبح مقبولًا اليوم والعكس هو المنطقي، فليس صحيحًا أن نحكم عليهم على ما مضى لأنهم خُلقوا لزمان غير زمانكم.

ومن الجيد أن يركز الأبوين على الأشياء المهمة في حياة أبنائهم المراهقين، فليس مهمًا أن يضيعا وقتهما وجهدهما من أجل محاربة سلوك ليس مهم مثل قصة شعر لا تعجبهما، والأفضل هو تشجيع السلوكيات المميزة مثل ابتكار حل لمشكلة ما أو القيام بعمل إبداعي وما شابه، وبهذه السلوكيات يُحفظ الود بين الطرفين ويبقى سلوك المراهق مسيطرًا عليه.

اضف تعليق