سلوكيات عديدة تنتج من استشياخ البعض غير سليمة تهدد تماسك المجتمعات وتعصف بأمنها المجتمعي، فحين يظهر شيخ جديد حتماً سيكون معه حاشية تؤيد توجهه وترفض توجه الشيخ السابق وبالتالي يحدث شرخاً بين ابناء العشيرة مما قد يعرض انصار الفريقين الى الاقتتال فيما بينهم او انه يخلق جواً مشحوناً على اقل تقدير...

منذ ان تفتحت عيوننا على الحياة ونحن نرى ان العشائر هي عناوين للكرم والشجاعة والنبل وحفظ القيم الانسانية السامية التي تحمي الانسان وتصنع له كيان مقدس لا يمس ولا يهان، ومن الطبيعي ان لكل عشيرة قائد ربان يتجه به صوب تحقيق هذه الاهداف فمكانه الذي يعرف بـ(المضيف) هو مأوى للخائفين ومرتع للجائعين ومصدر امن وراحة وسلام للقاصدين اليه، وهذه هي وظيفة الشيخ.

اما اليوم للاسف فقد ظهرت زعامات تدعي التشيخ وهي لا تمتلك ابسط مقومات الحكمة ولا الرزانة والمنطق والدين الذي يسير تعاملاتهم بالحياة بدون تعدي على حقوق الاخرين وحفظ ماء وجوه الناس الذي هم تحت لوائه، وما يمتلكونه هو سيارة فارهة تشترى بنظام التقسيط او ربما حصل عليها من احد الجهات السياسية التي يتسكع على ابوابها وملبس الشيوخ (الصاية) واحد ابناءه الذين يرافقونه لتصوير دخوله الى مجلس عزاء او أي تجمع آخر.

اقتضى التنويه

في كلماتي هذه لا اتهجم على شيوخ العشائر المحترمين الذي كانوا ولايزالوا يمارسون دورهم المهم في المجتمع ولم يذهبوا بأتجاه الامور الاخرى التي لا تمت الى العشائرية بشيء من قريب ولا من بعيد، بل اريد التحدث عن السلوكيات غير الصحيحة التي تنتج من حديثي العهد بالتشيخ والذين هم ليسوا بشيوخ من قبل وسلوكياتهم تفضح حقائقهم واسباب تشيخهم.

التنبيه الثاني

مما يجدر التنبيه اليه هو أن كلامنا هذا ليس للتمجيد بالمشايخ الأصليين أو الدفاع عنهم أو أن نقول أن جميع تصرفاتهم مع أبناء قبائلهم وعشائرهم صحيحة ومقبولة لا بل أن سياسات بعض المشايخ هي من تجبر أبناء قبائلهم على القيام بمثل هذه الافعال فلذلك المشايخ الاصلاء يقع عليهم العبىء الأكبر في مواجهة هذه الظاهرة والحد منها بحسن تصرفهم مع عشائرهم بالدرجة الأولى ومع الاخرين من الناس في محيطهم الاجتماعي بالدرجة الثانية.

ماذا ينتج من ظاهرة الاستشياخ

عدة سلوكيات تنتج من استشياخ البعض غير سليمة تهدد تماسك المجتمعات وتعصف بأمنها المجتمعي، فحين يظهر شيخ جديد حتماً سيكون معه حاشية تؤيد توجهه وترفض توجه الشيخ السابق وبالتالي يحدث شرخاً بين ابناء العشيرة مما قد يعرض انصار الفريقين الى الاقتتال فيما بينهم او انه يخلق جواً مشحوناً على اقل تقدير.

ومن السلوكيات غير المنضبطة الناتجة من الاستشياخ هو ان الشيوخ الجدد يتجهون صوب الكسب المحرم لتغطية نفقات مظايفهم وتأدية واجباتهم، فبعضهم يشرط نسبة من مبلغ الفصل العشائري مقابل ذهابه مع اصحاب المشكلة، وبعضهم يقسم مبلغ الولائم التي يقيمها لاغراض دنيوية على ابناء عشيرته بالاكراه وبداعي اسم العشيرة وغير ذلك من الامور.

لماذا يتشيخ هؤلاء؟

ظاهرة الاستشياخ ظهرت نتيجة عدة عوامل اهمها:

الضغط الذي يوجهه الشيوخ الكبار على ابناء عشائرهم لتنفيذ اوامر بدون قيد او شرط ولا حتى احترام لاراء ابناء العشيرة او التشاور معهم فيما يخص القضايا التي تهم العشيرة يدفع الكثير الى اعلان تشيخه في محاولة منه للتخلص من ذلك الضغط.

الرغبة في تصدر المجالس والرغبة في الوجاهة الزائفة التي ساهمت في تفشيها وسائل التواصل الاجتماعي، فليس من مناسبة او مؤدبة يقوم بها هؤلاء المهوسون الا وصوروها ونشوروها على مواقع التواصل سيما مع وجود الكثير من الاتباع المطبلين بسهولة ويسر، واخيراً غياب سلطة الدولة وعدم تنظيمها لموضوعة الشيوخ الاصيلين ومحاسبة من يدعي التشيخ بدون وجه حق.

ما الحل؟

المعالجة لهذه الظاهرة الاجتماعية المزعجة والتي انتشرت بصورة لافته للنظر في السنوات الاخير يكمن في عدة امور اهمها رفض المجتمع لمن يحاول ان يحل محل الشيوخ الاصلاء اصحاب الحكمة والرصانة والتعقل ورفض استقابلهم في مناسباتهم الاجتماعية كشيوخ وهذا الامر سيوفقهم عن هذه الادعاءات والعكس هو الصحيح.

كما على السلطات المعنية ان تأخذها دورها في الحد من الظاهرة بتحديد من هم الشيوخ عن سواهم من المدعين وتعريض من يخالف هذه الصوابط بالحبس والغرامة المالية الكبيرة وهذا ما سيوفقهم عن هذا الامر، على الشيوخ الاصلاء تخفيف الضغط على اتباعهم سيما عل فئة الشباب والمراهقين لانهم باتوا على دراية وقدرة على تحليل الامور والافضل الاستماع اليهم لكي لا يتحولوا الى قنابل موقوته قد تفسد للود الف قضية وقضية، وهكذا يمكن الحد من هذه الظاهرة. 

اضف تعليق