ان أي عمل يفكر فيه الانسان او تصرف يقدم عليه ان يراعي محيطه الاجتماعي، واحترام الدائرة التي ينتمي اليها حفاظا على السلم ولكي تسود الطمأنينة في المجتمع، ذلك لان عدم مراعاة هذه الجانب جيدا سيخلق حالة من التناحر الاجتماعي وسيادة شريعة غير مقبولة...
السائق الذي يسير بسرعة جنونية، لا يعرف مسؤوليته الاجتماعية، والطبيب الذي لا يقدم الخدمات العلاجية بشكل صحيح غير ملتزم بما تحتمه عليه المسؤولية الاجتماعية، وكذلك بقية الجوانب الحياتية التي لها علاقة وثيقة بهذا العامل المهم والمترابط مع حياة البشرية.
نفسه السائق الذي يخرج عن منطق العقل والمعقول ويسير بهذه السرعة القاتلة، يكون غير ملتزم بالقواعد الأخلاقية التي تفرض عليه وضع امام عينيه الآثار السلبية المترتبة على هذا التصرف الطائش والذي يعتبر من أدوات اختراق القيم المجتمعية القائمة على احترام الافراد وعدم تسبب الأذى لهم.
اذ يمكن من خلال هذه السرعة التسبب بذعر الناس أولا، ان لم يكن الوصول الى نتيجة محزنة وهي فقدان الحياة لبعض الأشخاص الذي يقعون ضحية هذه الشريحة من السواقين الجاهلين لحقوق المجتمع وما تفرضه المسؤولية الاجتماعية عليهم.
بأي شكل من الاشكال لا يمكن للفرد ان ينسلخ عن مجتمعه الذي ينتمي اليه، وهنا يجب ان يكون أي عمل او فعل مدروس دراسة متأنية خالية من الثغرات التي تخلق نوع من الفجوات الاجتماعية بين الشرائح المتراصة.
ولا ينحصر مخالفة المسؤولية الاجتماعية على المثال السابق وهو السائق الذي لا يعير أي اهتمام للمنظومة القيمية، يأتي ضمن ذلك المعلم المتكاسل الذي لا يعطي المادة العلمية حقها، فهو يحاول ان يقضي يومه بأي حال من الأحوال، وكأنه يريد ان يشطب اسبوعه امام مديره بعيدا عن المسؤولية الملقاة على عاتقه وهي التربية والتعليم.
ومن الآثار السلبية التي خلفتها هذه النماذج من التعامل هي انحدار كبير في المستوى التربوي والتعليمي، فطلبة اليوم يعانون من ضعف حاد في المعلومة وافتقار كبير الى المهارات التربوية والاخلاقية وفن التعامل مع الآخر، وهذه هي نتيجة طبيعية لما يحمله المعلم او المدرس من ثقافة متدنية، لا يمكن ان يغذي بها الطالب ويشبعه بها.
ولذلك برز لنا في السنوات والعقود الأخيرة جيل غير متفهم لما يحيط به من قيم وعادات وتقاليد، عابرا حدود المنظومات القيمية التي وضعت أسسها عبر مئات السنين، لكنها تتعرض وبصورة مستمرة الى التآكل والنخر من الداخل، من أبناء المجتمع نفسه وبالنتيجة تظهر بعض المؤشرات السلبية في المجتمع لا يمكن حصرها.
المقاول الذي يعبد الطرقات، والشركات التي تنفذ المشروعات بأقل مواصفات بعيدا عن المسؤولية الاجتماعية، لاسيما مع وجود احتمالية تردي هذه المنشئات بأوقات قصيرة وبالتالي يكون ذلك على حساب هدر المال العام وتعريض أرواح المواطنين الى الفقدان بأي لحظة ممكنة.
ويقع على عاتق الحكومات بصورة عامة مسؤولية اجتماعية كبيرة، ويتمثل ذلك في توجيه الأموال النقدية والموارد إلى الأنشـطة التي تؤدي إلى إيجاد الوظائف، وتوليد الدخل في المجتمع المحلي، مثل التدريب بغـرض الإعداد للتوظيف، وتوفير السكن بتكلفة معقولة، وتطوير وتوسيع مؤسسات الأعمال التجارية الصغيرة، والإنعاش الاقتصادي، والاستثمار في تعليم الشباب، أو تعزيز الظروف الصحية للشـباب في المجـتمع المحلي.
خلاصة القول ان أي عمل يفكر فيه الانسان او تصرف يقدم عليه ان يراعي محيطه الاجتماعي، واحترام الدائرة التي ينتمي اليها حفاظا على السلم ولكي تسود الطمأنينة في المجتمع، ذلك لان عدم مراعاة هذه الجانب جيدا سيخلق حالة من التناحر الاجتماعي وسيادة شريعة غير مقبولة.
اضف تعليق