ان الاسماء قد تعطي تصوراً عن الشخصية او الطباع الذاتية للفرد على سبيل المثال تعطي بعض الاسماء انطباعاً ان صاحبها قوي او صاحب شخصية قيادية او ضعيفة وانهزامية، كما ان بعض الاسماء قد تشير الى ان حاملها يتصف بالعدوانية، وهذه الانطباعات غير واقعية ولا ترتبط بالضرورة بصاحب الشخصية...
لكل منا هويته التي تميز عن نظيره وحين تتشابه الهويات العامة نرجع الى الهويات الفرعية الاخرى للتميز، وأبرز هوية للإنسان هو اسمه الذي لا يبارحه في حياته وبعد مماته، فهل تتأثر نفسية الانسان بأسمه؟، وهل تنال بعض الاسماء من اصحابها ام انها تعطيهم دافع نفسي ايجابي؟
الملاحظ للأسماء والكنى العربية في عصر صدر الاسلام مثلاً يرى ان الاسماء تحمل طابع الفخامة والتعظيم مثل (ابا الحسن، ابا الفضل، ابو الطيب، علاء، ومحمد) والى غير ذلك من الاسماء الشهيرة صحيح اللفظ تامة المعنى، هذه الاسماء الفخمة او المقبولة وفق محددات المجتمع التي كانت تنبع من سليقة لسانهم آنذاك وفق للثقافة واللغة السائدة لها دلالة واثر نفسي كبير على من يحمل الاسم، فأصحاب الاسماء الدارجة مجتمعياً تعطي صاحبها ثقة بنفسه والعكس ممكن، فقد يتعرض حاملي اسماء ( خنياب، زنبور، زبالة، خبط، جفجير، محصول)...الخ على سبيل المثال لا الحصر، الى السخرية والتنمر وتبقى عقدة هذه السخرية ملازمة لهم في طوال مراحل حياتهم مما يؤدي ببعضهم الى الانطواء والانعزال عن المجتمع او استعارة اسماء او كنى شعبوية في محاولة منهم للتخلص من هذه العقدة.
نتائج بعض الدراسات النفسية التي اجريت لمعرفة مدى تأثير الاسم على شخصية صاحبه اكدت على ان الاسم يؤثر بسلوك الفرد ومقبولية الناس له وهو ما اسموه علماء النفس بالـ(الانانية الضمنية) وهي ببساطة انجذاب الانسان لا شعورياً لأسماء ونفورهم من أسماء اخرى، ويضيف النفسيون ان الشعور بالعقدة من بعض الاسماء من اصحابها جاء كانعكاس لارتباط بعض الاسماء بمناطق غنية وارتباط اخرى بمناطق فقيرة او ذات صبغة معينة وهو من يؤكد من احتمالية تحدد الوضع الاجتماعي للشخص من خلال اسمه، فيكون الاسم نعمة له او نقمة عليه.
ويقول النفسيون ان الاسماء قد تعطي تصوراً عن الشخصية او الطباع الذاتية للفرد على سبيل المثال تعطي بعض الاسماء انطباعاً ان صاحبها قوي او صاحب شخصية قيادية او ضعيفة وانهزامية، كما ان بعض الاسماء قد تشير الى ان حاملها يتصف بالعدوانية، وهذه الانطباعات غير واقعية ولا ترتبط بالضرورة بصاحب الشخصية بل هي ربما اسقاطات فكرية لصور ذهنية في ذاكرتنا عن اسماء لاشخاص حملوا ذات الاسماء المرفوضة في عالمنا الحالي.
في دراسة اجريت في جامعة هارفارد على عينة بلغت (300) شخص من خريجي الجامعة خلصت الى وجود ربط بين الاسماء وتحصيلهم الدراسي وامكانية تعرضهم للعصبية الشديدة، فقد اكدت الدراسة على قابلية تعرض الافراد للفشل الدراسي كما العصبية والعدوان لدى الاشخاص اللذين يحملون اسماء سلبية اكبر بكثير من أولئك اللذين يحملون اسماء اكثر مقبولية مجتمعية، واضافت ان الاسم قد يؤثر في قبول الافراد في المهن، والوظائف، والزواج سلباً او ايجاباً.
من بين ابرز الاسباب التي تدفع الابوين الى تسمية اطفالهم بأسماء غير محبذة للأطفال لانها لا تتفق واعمارهم كذلك بيئتهم هي عدم وعيهم بأن الاسماء تعبر بالضرورة عن البيئة التي يعيشها الفرد وهو ما يسبب مشكلة نفسية له مع مرور الزمن سيما في حال انتقاله الى بيئة جديدة غير تلك التي ولد فيها فيصبح الانسان بسبب عدم رضاه عن اسمه ناقماً على اهله او من كان سبباً في الصاقه بأسماً لا يحبذه، ولعل بساطة الناس ومحدودية تفكيرهم سبب اخر في انتشار اسماء تؤثر سلباً في نفوس اصحابها وكثيرة الامثلة التي ذكرناها سلفاً لأسماء تصطدم بقبول المجتمع الذي يجعل من صاحب الاسم محط سخرية وتهكم من بعض افراد المجتمع الذي يتناسى بغباء ان ليس للطفل ذنب في اسمه بل هو ضحية الجهل وقلة الوعي للأبوين.
يفترض ان يحرص الاهل على تسمية ابناءهم بأسماء ذات دلالة عصرية وحداثوية وبما لا يعارض الاصالة ومراعاة طبيعة المجتمع ولونه، والابتعاد عن الاسماء التي تترك اثر سلبي في نفوس حامليها وتسبب عقد نفسية تتجدد مع كل مرة يناديهم بها احد، وماينتج من هذه العقد من خجل من ذكر الاسم او محاولة عدم الافصاح به والاستعاضة بـ(ابو فلان) او الاتيان بلقبه العلمي بدل الافصاح عن الاسم الصريح الذي يفترض ان يعتز به لا ان يكون مصدر ازعاج له، كما يفضل الابتعاد عن كتابة الاسماء بالوثيقة الرسمية (البطاقة الشخصية) الصادرة من جهة حكومية مثل (علاوي او عليوي،) لان هذا التصغير انقاص لقيمة صاحب الاسم او تقليل لحجمه الطبيعي الذي يستحقه.
وبهذه المعالجات يمكن ان نحد الى حد كبير عقدة الاسماء السلبية او الغريبة التي ترهق حامليها ونتأتي بأسماء تناسب روح العصر وتعطي صاحبها قوة وثقة وافتخار بها، في الختام نشير الى ان من اهم حقوق الابناء على ابويهم ان يحسنوا اسماءهم او ان يكنوهم بكنى لطيفة، فالأسماء القبيحة تشمئز منها النفوس ترفضها الاذواق، وقد يحاول الفرد ردّ اعتباره بأساليب إجرامية لمن يضعون من اسمه محط انتقاص واحتقار، وهو ما يسبب الم نفسي يصعب علاجه او محيه.
اضف تعليق