q
لكن هذا لا يعني الا يبحث الفرد وتحديدا الفتاة عن شريك حياة قادر على توفير قسط من الراحة والاستقرار الأسري؛ ذلك كونه من متطلبات الحياة الاساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل من الأشكال، وختاما ان السعادة بين الزوجين لا يمكن ان تتحقق مالم يكن هنالك توافق فكري بين الشريكين...

جلس ابو علي في باحة البيت في احدى الأماسي، يجلس الى جنبه زوجته وابنتيه وكذلك يوسف الذي بلغ من العمر أربعة وعشرون عاما، بعد تبادل الحديث بموضوعات مختلفة منها اجتماعية وأخرى علمية، ولا تخلو من السياسة، في الأثناء توجه الأب الى يوسف بالحديث قائلا: "يوسف حضر حالك في الأسبوع القادم سنذهب لنطلب يد ابنة خالك لتكون زوجة لك".

ابتسم يوسف ورد ممازحا، "ومن قال لك اني سوف أوافق على طلبك؟، واكمل كلامه، لماذا يتزوج الشاب اساسا؟، هذا التساؤل بالحقيقة يوقد بداخل قارئه نوعا من الفضول للبحث عن الأسباب التي تجعل الشاب يبحث عن شريكة حياته وتكوين أسرة.

الزواج يعد نعمة من نعم الله على الإنسان، اذ جعل منه أمراً متاحا امام الجميع ولم يمنع منه احد سوى الذي اختار لنفسه ان يكون خارج هذه المنظومة المتكاملة، فجعل من الزواج رابط مهم من الروابط بين الرجل والمرأة، ووصفه بالسكينة، اي من يكون له زوج يشعر بالسكينة والراحة والطمأنينة.

فالزواج كغيره من الأشياء والشراكات التي تتم وفق تفاهمات معينة بين الشريكين، فلكل واحد منهما حقوق وعليه بذات الوقت واجبات، ما ان أداها بشكل صحيح حتى حصلوا على أسرة مستقرة قائمة على التفاهم والتراضي بين طرفي المعادلة او بين جميع أفراد الأسرة.

لو نعود الى الهدف الأساس من ذهاب الأفراد الى البحث عن شريك حياة، يواجه معه منعطفات طريقهما، فقد يكون الهدف من إقامة هذه العلاقة هو إشباع الرغبة التي أودعها الله سبحانه وتعالى لدى الإنسان والحيوان دون تمييز، فلكلاهما رغبة في ممارسة هذا الحق.

ومن أغراض الزواج الأخرى هي تكوين أسرة وفق المبادئ الإسلامية، ترتكز على المحبة والتعاون بين أفرداها لتكون بذلك أسرة مثالية خالية من التصرفات التي تنغص العيش وتعكر صفو الاسرة، وبعدها الدخول في دوامة التشتت وعدم التفاهم الذي قد يؤدي الى الافتراق دون تلاق الى الأبد.

اكثر من الف واربعمائة سنة مرت على دخول الإسلام الى المجتمعات البشرية الا انه لا يزال هنالك من لم يتفهم معنى الزواج بمفهوم الشريعة الإسلامية، ما نتج عن ذلك وجود أسر لا تعرف الهدف الأساسي من الزواج، ومن ثم تأخذ الخلافات بالتسرب الى كيان الأسرة وقد تنتهي الى الطلاق او الخلع، وبذلك يكون الاطفال هم الضحايا الوحيدون.

ويعود السبب الى قصور المؤسسة الدينية، وضعف التوجيهات الإرشادية التي تُمتن القاعدة المعرفية لدى الأفراد وبالتالي تقوي المناعة لديهم في محاربة الخلافات وطرد الافكار السلبية التي تؤثر بشكل كبير على العلاقات الزوجية.

والى جانب ضعف دور الجانب الديني، فهنالك ضعف واضح بمنظمات المجتمع المدني المعنية بالحياة الأسرية، والتي من المفترض ان تؤدي دور مكثف لتوعية الأفراد وإعطاءهم الأساليب الصحيحة للقضاء على المشكلات والخروج باقل الخسائر.

بعض الأفراد تم اقترانهم بشريك حياتهم بسن مبكر ولم يطلعوا على تجارب الاشخاص والتعلم منها في حال تعرضوا لمشكلات مشابهة لها، وبعدها يكون قد تقوى لهم الجهاز المناعي، وأصبح جدار الصد سميك جدا لا يمكن ان تخترقه رصاصة المشكلة اليومية التي لم تتوقف عن الانطلاق في جميع الأوقات.

بعض الزيجات تتم وفق مصالح ضيقة من قبل الطرفين، كأن يكون الزوج صاحب جاه او مقتدر ماليا، وبالعكس قد تملك الفتاة شركة معينة او نفوذ بالمؤسسات الحكومية، وبعد فترة يكتشف الاثنين ان ثمة حلقة مفقودة ولابد من البحث لإيجادها وقد يكون ثمن هذا الفقد هو الانفصال.

أفضل أنواع الارتباط عندما يكون نابع من نقطة جوهرية وهي القناعة الفردية بالطرف المقابل، اذ يجب ان تكون هذه القناعة قادمة من القبول النفسي للآخر بغض النظر عن الممتلكات الفردية والأمور المادية الأخرى، فبالتالي يبقى العامل المهم من عوامل السعادة الفردية هو التفاهم وقبول الطرف المقابل دون النظر الى مغريات الحياة.

لكن هذا لا يعني الا يبحث الفرد وتحديدا الفتاة عن شريك حياة قادر على توفير قسط من الراحة والاستقرار الأسري؛ ذلك كونه من متطلبات الحياة الاساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل من الأشكال، وختاما ان السعادة بين الزوجين لا يمكن ان تتحقق مالم يكن هنالك توافق فكري بين الشريكين وتفاهم يستطيعون بموجبه تخطي العقبات.

اضف تعليق