إن شيئاً ما بداخلنا يهتفُ لأن أكون محبوباً، فالعزلة شيء مدمر للنفس البشرية، ولذلك يعدّ الحبس الانفرادي أقسى أنواع العقاب، حيث تكمن الرغبة في الحميمية والإحساس بحب الآخرين في داخل قلب الوجود البشري، وقد وضع الله سبحانه نظام الزواج لتلبية الحاجة إلى الحميمية والحب...
توصل علماء النفس إلى أن حاجة الإنسان إلى الشعور بأنه محبوب تعد ضرورة عاطفية بشرية أساسية، فـمن أجل ”الحب“ نتسلق الجبال، ونعبر الأنهار ونجتاز الصحاري، ونتحمل الكثير والكثير من الصعاب.
لكن من دون الحب، تصبح الجبال صعبة التسلق، والبحار مستحيلة العبور، والصحاري لا يمكن تحمّل جفافها أو بردها أو متاهاتها، وتصبح الصعاب هي مشكلتنا الأساسية في هذه الحياة.
يُقال عندما سُئل مسلم بن عقيل كيف قطعتَ كل هذه الصحراء…؟!
أجاب قائلاً: "هذه الرحلة رحلة عشقٍ، لولا الحب لهلكتُ!"
إذاً هناك حاجة قصوى للحب، فما هي وما أسبابها، وكيف السبيل لملء هذا الفراغ الروحي النفسي الجسدي؟؟
إن الحاجة إلى الإحساس بالحب ليست ظاهرة خاصة بفئة عمرية محددة كالأطفال مثلا. فهي تظل معنا حتى مرحلة البلوغ وخلال الزواج أيضاً. وهي من الحاجات الأساسية للزواج وسبب رئيسي لاستمراره.
إن الحب يعدّ شيئاً أساسياً في حياتنا، وهو في أولويات رغباتنا العاطفية، فنحن نحتاج إلى الحب وسنظل نحتاج إليه طالما كنّا على قيد الحياة.
إن شيئاً ما بداخلنا يهتفُ لأن أكون محبوباً، فالعزلة شيء مدمر للنفس البشرية، ولذلك يعدّ الحبس الانفرادي أقسى أنواع العقاب، حيث تكمن الرغبة في الحميمية والإحساس بحب الآخرين في داخل قلب الوجود البشري، وقد وضع الله سبحانه نظام الزواج لتلبية الحاجة إلى الحميمية والحب، ولهذا نجد الأقدمين يقولون بأن الزوج والزوجة يصبحان “جسداً واحداً“ بعد الزواج، وهذا لا يعني أن أحدهما سيفقد هويته، ولكنه يعني أن كلاً منهما سيعيش حياة الآخر بطريقة عميقة.
فـ “الوقوع في الحب“ المتبادَل بعد الزواج هو الأساس المطلوب لعلاقة زوجية ناجحة. أما ما يقوم عليه الزواج فهو “الحب العقلي والاختياري“، فالحب هو النهج الذي يقول: “أنا متزوج من هذا الشخص، وقد اخترت أن أهتم بأمره”.
نحن نشعر بالأمان عندما نكون متأكدين من أن شريكنا في الحياة يقبلنا ويريدنا بكل ما فينا، شكلنا أوصافنا، صفاتنا، أفكارنا، مبادئنا، وأنه مخلص لنا.
قيل في شأن الحب: “أن أي شيء يحققه البشر ولا يكون الحب هو الدافع الأساسي له فهو لا يساوي شيئاً في الحقيقة”.
سحر الكلمة:
يعدُّ استخدام الكلمات إحدى أهم الطرق للتعبير عن الحب عاطفياً، وقد قال أحدهم قديماً: “يملك اللسان قوة الحياة والموت”.
قال تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ القَلْبِ لَاْنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك ”١.
لا يعلم الكثير من الأزواج ”الأثر الكبير والعميق“ الذي يحدثه كلامهم لبعضهم بعضا.
فقد قيل أيضاً: “ القلب القلق يتسبب في انهيار المرء، ولكن الكلمة الطيبة تبعث فيه الحياة من جديد ”.
وقال الرسول (صلى الله عليه وآله): “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت” ٢.
للكلمة الطيبة الأثر الفاعل والكبير، على شخص المتكلم والمستمع إليه، لذا جاءت آيات القرآن الحكيم والروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) مبينة الأهمية الفائقة للكلمة والكلام، فالكلمة ترفع مقام صاحبها تارة، وتحط من شأنه تارة أخرى، غير أنّ بعض الناس لا يتصور ما للكلمة من أثر عظيم فيطلق الكلام جزافاً ويحدث نفسه بما يعود عليه بالضرر.
فالكلمة الطيبة من أهم الأمور التي ترفع مستوى الإنسان، ليس لنفسه فحسب، خصوصاً في العلاقة الزوجية، فإبراز الحب للزوجة يشعل مصباحاً ينير وجودها، وينعكس إيجابياً على أطفالها باعتبار أنّ ذلك النشاط والقدرة الفائقة تتحول لطفاً ورحمة على الأولاد، فينبغي للزوج أن يزن كلماته، ويركز على الكلمة الطيبة لتُحدث آثاراً مباركة، كما أن “معرفة الإنسان” وثقافته تأتي بما “يتحدث به” ، قال مولا الكلام أمير المؤمنين (عليه السلام): “ تكلموا تُعرفوا، فإن المرء مخبوء تحت لسانه”٣.
فالمعرفة لأدب الإنسان وأخلاقه وإيمانه يظهر بحديثه وأفعاله.
“فالفعل الحسن” يترتب على “القول الحسن”، وهذا أمر بديهي ووجداني.
قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}٤.
فالملائكة تسجل الكلمات التي يُتلفظ بها، فإذا كانت طيبة كُتبت حسنات ورُفعت خيرات عند الله تعالى، وإذا كانت خبيثة أحدثت آثاراً تعود على قائليها بالضرر والوبال.
قوة التشجيع بالكلمات:
إن الإطراءات اللفظية، وكلمات التقدير موصلات جيدة للحب، وأفضل طريقة لها أن تصاغ بعبارات تشجيعية بسيطة ومباشرة لشريك الحياة، مثل:
" تبدين جميلة جدا في هذا الثوب "
" يا الهي.. دائماً ما تبدين رائعة في هذا الفستان "
" لا بد أنك أجمل طاهية في العالم، أنا أحب طريقتكِ في طهي الطعام "
" أقدر حقاً غسلكِ للأطباق اليوم "
" شكراً لأنك قمت بعمل جليس الأطفال هذه الليلة، أريد أن أخبرك بأنني لا أعتبر ذلك أمراً يجب عليك القيام به، بل هذا لطف منك ”
” شكراً لأنك تدعمني في الأمور التي أحبها ”
” أنت أب رائع ” ووو …
فالإنسان دائماً ما يحتاج لهكذا كلمات إيجابية في حياته، فهي تعتبر بمثابة الملح في الطعام، مهمة جداً ولها أثر كبير في النكهة، لكن بمقدار معتدل، أي أن أستخدمها بتعقل ودراية وفي أوقاتها.
ماذا يحدث للجو العاطفي للزواج عندما يتبادل الزوجان كلمات تشجيع مثل هذه دائماً؟
إن الكلام هو إحدى الطرق للتعبير عن حبك لشريكك في الحياة، إن كلمة تشجيع تعني " تحفيز الشجاعة "، كل واحد منا لديه أوقات يشعر فيها بأنه يشعر بعدم الأمان، بالافتقار إلى الشجاعة، والقوة الكامنة هي داخل شريكنا في الحياة، فننتظر منه بعض الكلمات المشجعة.
انتبه لنغمة صوتك:
إذا كنّا سنوصل الحب عن طريق الكلمات، فينبغي لنا أن نستخدم كلمات رقيقة ونغمة تعبر عن الحب، ففي بعض الأحيان نقصد بكلماتنا شيئاً ما وتغيّر نغمة صوتنا هذا المعنى، وبهذا نرسل رسالتين مختلفتين، وعادة ما يفسر شريكنا في الحياة الرسالة المقصودة من الكلام طبقاً "لنغمة الصوت" وليس الألفاظ التي نستخدمها.
مثلاً: يمكنك أن تعبر عن الأسى والألم وحتى الغضب بطريقة رقيقة، فإنك حين تقول عبارة: “لقد شعرت بالتعب والألم لأنك لم تساعدني هذا المساء"، بأسلوب صادق ورقيق، فإنها تكون تعبيراً عن الحب؛ لأن الشخص الذي يتكلم يريد أن يُعلم الطرف الآخر بما في داخله، فعن طريق الاشتراك في المشاعر؛ إنها تطلب فرصة لمناقشة آلامها كي تجد علاجاً، وإذا ما قيلت نفس الكلمات بصوت عالٍ وقاسٍ فلن تكون تعبيراً عن الحب، بل إنها تكون تعبيراً عن الإدانة، وسينفر الطرف المقابل.
إن الأسلوب والنغمة التي نستخدمهما مهمين لدرجة كبيرة.
تقول الحكم القديمة: " الجواب اللَّين يطفئ الغضب "
فإذا كان شريكك غاضباً وانتقدك بكلمات شديدة فإن اخترت أن تكون محباً، فإنك لن ترد عليه بنفس الشدة، ولكن بأسلوب رقيق، وستحمل ما يقوله لك على أنه إشارة إلى مشاعره العاطفية، وستمكنه من أن يخبرك بما يؤلمه ويغضبه، وستضع نفسك موضعه، وسترى الموقف من وجهة نظره.
فإذا كنت قد ظلمته، ستكون قادراً على الاعتراف بهذا الظلم وعلى طلب الصفح.
أما إذا كان ما قصدته أنت مخالفاً لما فهمه عنك، عندها تكون قادراً على شرح مقصودك بطريقة رقيقة، وستسعى الى التفاهم والمصالحة.
إن الحب لا يتوقف عند بضعة أخطاء، ولا يحتفظ بالأخطاء السابقة، فما منّا من أحد إلا وبه عيوب، وفي الزواج لا نفعل الشيء الأفضل أو الصحيح دائماً، وفي بعض الأحيان نفعل أو نقول أشياء مؤلمة للطرف الآخر، ولا يمكننا أن نمحو الماضي، يمكننا فقط الاعتراف به والاتفاق على أنه كان خطأ، يمكننا أن نطلب الصفح، ونحاول أن “نتصرف بشكل مختلف في المستقبل”، في هذه الحالة يمكن أن ترجع المودة.. فهذا هو السبيل إلى الحب.. حب ناضج و راقٍ.
إنه لغريب حقاً من يفسد كل يوم جديد باليوم الذي قبله، ويصر على أن يسترجع اليوم أخطاء الأمس، وهو بهذا الإصرار يمنع من ولادة يوم جديد ويبقى في رحم الأسى والألم!.
إن أفضل شيء نستطيع فعله مع إخفاقات الماضي أن نتركه حتى يصبح جزءاً من التاريخ، نعم إنّ هذه الأشياء قد حدثت بالفعل، وكانت بالتأكيد مؤلمة وربما يكون إيلامها مستمراً حتى الآن، ولكنه اعترف بخطئه وطلب الصفح، وسيحاول أن يتصرف بشكل مختلف، إذن إنتهى .
مثال، عندما يخطأ الشريك ويطلب المسامحة يمكن أن تقول له: “أحبك، أنا أهتم لأمرك وأختار أن أسامحك، على الرغم من أنّ شعوري بالألم ربما يستمر طويلاً، إلا أنني لن أسمح لما حدث أن يحول بيننا، أتمنى أن نتعلم من هذه التجربة، إنك لست فاشلاً ؛ لأنك فشلت ذات مرة، أنت شريكي في الحياة وسنبدأ معاً منذ الآن“.
قد ذكر مدير مؤسسة استشاريي الحياة الزوجية (جاري تشابمان):
“ إذا كنّا نريد أن نطور العلاقة الحميمية
فلابد أن يعرف كل منّا رغبات الآخر
وإذا كنّا نرغب أن يحب كل منا الآخر
فينبغي أن نعلم ما يريده الطرف الآخر“.
الحب يعني الطلب وليس الأمر:
عندما تأمر زوجتك بفعل شيء، تصبح أنت الأب وهي الطفلة؛ إنّ الأب هو من يخبر الطفل ذا الثلاثة أعوام ما ينبغي عليه فعله، وهذا ضروري؛ لأن الطفل ذا الثلاثة أعوام لا يعرف كيف يبحر في خِضَم مياه الحياة الخادعة، ولكننا في الحياة الزوجية؛ نحن كلانا والدان بالغان، نعم نحن لم نبلغ مرحلة الكمال بلا أدنى شك، ولكننا أشخاص بالغون وكذلك شركاء، فإذا كنّا نريد أن نطور من علاقتنا، نحتاج إلى أن يعرف كل منّا رغبات الآخر، أما إذا كنّا نرغب في أن يحب كل منّا الآخر، فلابد أن نعرف احتياجات الطرف الآخر.
ومع هذا فإن الطريقة التي نعبّر بها عن تلك الرغبات مهمة جداً ؛ لأننا إذا عبّرنا عنها في صيغة أوامر، تكون بذلك قد قضينا على أي احتمالية للحميمية، وأجبرنا الطرف الآخر على الابتعاد، أما إذا عبّرنا عن احتياجاتنا ورغباتنا بصيغة الطلب، نكون وكأننا نعطي إرشادات وليس قرارات نهائية، فالزوج عندما يقول لزوجته: “ إنكِ لم تعدي لي فطيرة تفاح منذ ولادة الطفل، ولا أعتقد أنني سأحصل على فطيرة تفاح مرة ثانية! “.
فإنه يكون قد توقّف عن التصرف كشخص بالغ، وتحوّل إلى سلوك المراهقين، ومثل هذه الأوامر لا تبني الحميمية.
إنّ الانتقادات والأوامر للشريك تتسبب الانقسام والتفرّق، ويمكنك أن توجه الحب من خلال طلبك بلطف. لكن إذا قالها بغير أسلوب، مثلاً: “هل تتذكرين فطائر التفاح التي كنت تعدينها؟ هل يمكنك أن تجهزي لنا إحداها اليوم؟ فأنا أحب تلك الفطائر“، فإنه بذلك يعطيها إرشادات حول كيفية التعبير عن حبها له، وهكذا تبني الحميمية بينهما.
والزوجة التي تقول لزوجها: “ إذا لم تنظف تلك البالوعات قريباً، فإنها ستملأ المنزل، فقد بدأت تخرج منها شجيرات صغيرة بالفعل! “، فهي بذلك تعطي إشارة أنها توقفت عن حبها له.
لكن إذا قالتها بغير أسلوب، مثلاً: “هل بإمكانك أن تنظف البالوعات في عطلة نهاية الأسبوع؟ “، فهي بذلك تعبّر عن حبها من خلال أسلوبها في هذا الطلب، لأنك عندما تطلب من الطرف الآخر شيئاً ما، فإنك تؤكد الثقة في قيمته وقدراته.
وفي حقيقة الأمر أنت تظهر له أنّ لديه شيئاً ما وأنه يستطيع أن يفعل شيئاً مهماً وذا قيمة بالنسبة لك، لكن يجب أن يكون بصيغة الطلب لا الأمر، لأن صيغة الأمر يشعر الإنسان بالاحتقار ولن يشعر شريكك بأنّ له قيمة، ونحن لا نستطيع أن نحصل على الحب العاطفي عن طريق الأمر.
لكن صيغة الطلب يقدم عنصر الاختيار، فيمكن لشريكك أن يستجيب لطلبك أو يرفضه لأنّ الحب دائماً اختيار، وهذا ما يجعل الاختيار مهماً. فإنّ الطلب يوجد إمكانية للتعبير عن الحب.
قال العالم النفسي ( ويليام جيمس ): “إنّ أعمق حاجة للإنسان هي حاجته للإحساس بالتقدير”.
أهمية تكريس الوقت لشريك الحياة (المعية):
إنّ تكريس الوقت لشريك الحياة يجعل خزّان الحب عندها/عنده مملوءاً، ويجعل حبكما قوياً ومتماسكاً لا يهتز على أبسط مشكلة حدثت، بل ستعبرون وتجتازون صعوبات الحياة معاً ويداً بـ يد.
لكن عندما يكون خزان الحب لديكما فارغاً ستهتز العلاقة على أقل مشكلة ولن يحصل تفاهم بينكما، وبذلك لن تتمكنوا أن تتغلبوا على أصغر صعوبة تواجه طريقكما .
فـ “تكريس الوقت” يعني أن تعطي شريك الحياة اهتمامك كاملاً، لا أن تتحدث معه وأنت تقرأ الكتب أو تشاهد التلفاز، بل تنظر إليه مباشرة وتعطيه كل اهتمامك، وأن تفعل شيئاً معه يستمتع به بكل قلبه، كأن تذهبا معاً لنزهة بمفردكما وأن لا يشغلكما شيء عن بعضكما البعض.
فبعض الأزواج يكرسون كل وقتهم للعمل، وهذا بحد ذاته خطأ فادح، لأنهم بهذا المنهج الذي يتبعونه يبعدون زوجاتهم عنهم تدريجياً ويجعلون خزان الحب لدى الشريك فارغاً، وبالتالي ينعدم الأمان وسينهار الزواج.
فما الفائدة أن تكون موفقاً في عملك وفي القمة، لكن أن تكون وحيداً؟
الزواج الناجح والسعادة الزوجية يحدث عندما يكون الطرفين في الأولوية وفي المرتبة الأولى لدى بعضهما البعض.
المعيّة: هي تكريس الوقت وقضاء الوقت “معاً“ من الأعمدة المهمة التي تحافظ على العلاقة الزوجية.
فمثلاً، إنّ الزوج والزوجة اللذين يلعبان التنس إذا كان وقتاً خاصاً حقيقياً فلن يركزا على اللعبة، بل سيركزان على حقيقة أنهما يقضيان الوقت معاً . إنّ ما يحدث للمستوى العاطفي هو المهم، فقضاؤنا للوقت معاً في شيء مشترك يوصّلنا إلى أن يهتم كل منا بالآخر، ويعطي كل منهما للآخر انتباهه كاملاً، وأن نستمتع بكوننا معاً، وأن نحب أن نفعل الأشياء معاً، وهو ما يسمى بالمعيّة.
فالهدف أن تحاولا فعل شيء ما معاً، وأن تحصلا بسهولة على شعور “إنه يهتم بي، ومستعد أن يشترك معي في عمل شيء أستمتع به، ويفعل ذلك بإحساس إيجابي” ، هذا (هو الحب)، وبالنسبة لبعض الأشخاص فإنه الحب في أقوى صورة .
أهمية تبادل الهدايا:
الهدية من المحب ليست فقط هدية وإنما هي تذكار للحب، إن الهدية هي شيء يمكنك أن تمسكه بيدك وتقول: “إنه يتذكرني”، فعندما تعطي لشخص هدية، فلابد وأنك تفكر فيه؛ لأن الهدية بحد ذاتها رمز لذلك التفكير، ولا يهم ثمنها، بعضها يكون غالي الثمن والبعض الآخر لا، المهم أنك تفكر في هذا الشخص.
إن التفكير الذهني لوحده ليس له أهمية بقدر ما أن تعبّر عن هذا التفكير بإرفاقه بهدية للشخص الخاص.
إن الهدايا رموز مرئية للحب، فمعظم مراسم الزواج تتضمن إعطاء الخاتم وأخذه، إن هذين الخاتمين يعبران عن حقيقة مهمة وهي أن الرموز لها قيمة من الناحية العاطفية.
وربما يكون هذا واضحاً بصورة أكبر عند اقتراب تفكك الزواج، يقول أحد الأزواج: “عندما ألقت خاتم الزواج في وجهي وخرجت من البيت، وهي غاضبة وأغلقت الباب خلفها بعنف، علمت أن زواجنا يمر بمشكلة خطيرة، ولم أمسك خاتمها إلا بعد يومين، وعندما فعلت ذلك أخذت أبكي بطريقة جنونية“. كان الخاتم رمزاً لما يجب أن يكون، ولكن عندما يكون في إصبعها وليس في يدها، فإن هذه رسالة تذكير بصرية على أن الزواج ينهار؛ فقد كان الخاتم الملقى على الأرض يثير مشاعر الزوج العميقة.
نعم، فالرموز لها قيمة.
هنالك من يقول: “ أنا لا أجيد إعطاء الهدايا، فلم أتلق العديد من الهدايا في طفولتي، ولم أتعلم كيفية اختيار الهدايا، فهذا الأمر ليس من طبيعتي“.
حسناً، إذن من أين تبدأ؟ أكتُب قائمة بالهدايا التي عبّرت شريكتك في الحياة عن الإثارة عندما استلمتها على مدار السنوات، ويمكن أن تكون أنت من أعطاه هذه الهدية أو أحد أفراد العائلة، وستعطيك هذه القائمة فكرة عن أنواع الهدايا التي يستمتع شريكك في الحياة بتسلمها، وإذا لم تكن لديك معرفة عن كيفية اختيار نوع الهدية أو لديك معرفة قليلة استعن بمساعدة فرد من العائلة يعرف شريكك في الحياة وماذا يحب، ولا تنتظر مناسبة خاصة، فإن أي شيء ستعطيه له سيعتبره تعبيراً عن الحب، وبذلك فإنك تستثمر في علاقتكما وتملأ خزان الحب العاطفي عند الطرف الآخر، وعندما يكون خزان الحب لديه ممتلئاً، فإنه سيعبر لك عن حبه بطريقة تفهمها.
وعندما تلبى الاحتياجات العاطفية للطرفين، فإن الحياة الزوجية ستأخذ بعداً آخر، ولا تقلق بشأن مدخراتك، فإنك ستظل تدخر دائماً، ولكن استثمارك في حب شريكك في الحياة يعني استثمارك في أسهم مضمونة الربح.
عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): ” لا غنى بالزوج عن ثلالثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي: الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها وحسن خلقه معها واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها وتوسعته عليها ” ٥.
هدية الذات:
في بعض الأحيان، تكون الهدايا المعنوية أكثر تعبيرا عن الهدايا التي يمسكها الشخص بيده، ويمكن تسمية هذه الهدايا هدايا الذات أو هدايا الحضور، فعندما تكون بجانب زوجتك عندما تحتاج إليك، فإن ذلك يعبر لها عن حبك بشكل أكبر.
إن حضور شريكك في الحياة معك بجسمه مهم جداً بالنسبة لك، خاصة في الأوقات التي تحتاج حضوره بجانبك، وأشجعك على أن تعبر ذلك وتخبره بما تحتاجه، فلا تتوقع منه أن يقرأ أفكارك.
المساعدة عنوان الحب:
إن عمل الأشياء لمساعدة الشريك هو طريق مهم لإظهار حبك، فنحن لسنا مجبرين على أي عمل ولنا الحرية في منح الحب، لكن حبنا للشريك يجعلنا نخفف الحمل عنه في أمور التي يحتاجها لنا، فلا يمكن أن يكون الحب عن طريق الأمر، يمكننا أن نطلب أشياء من الطرف الآخر، ولكن ينبغي أن لا نأمره بأي شيء، فـ “الطلب بلطف” يوجه للحب، أما “الأمر” يوقف تدفق الحب.
إذاً على كلا الشريكين أن يخبرا الآخر بالأمور المهمة لديهم، أي أنه إذا فعلوها سيشعرون أن الشريك يحبه.
مثلاً، أن يقول الشريك لشريكته: “ ما الذي يمكن أن أساعدك في عمله هذا المساء؟ “ أو “ إذا احتجتي لمساعدتي أنا موجود“. إن هكذا جمل لها تأثير خارق وعظيم لازدياد الحب في قلبها اتجاهك، وسيجعل خزان الحب لديها ممتلئاً وبالتالي ستسعى هي أيضاً لأن تملئ خزان الحب لديك، وسيكون سبباً للسعادة الزوجية ونجاح العلاقة.
نعم، الأمر بهذه البساطة في الحقيقة، لكن بعض البشر لقلة معرفتهم وجهلهم عقدوه وبالتالي علاقتهم الزوجية أصبحت فاشلة وحياتهم مُرّة.
صحيح، الأمر بسيط لكن من الممكن أن لا يكون سهلاً عليك، لكن من يريد السعادة في حياته الزوجية ونجاح علاقته، يعمل بهذه الأمور فيحدث فارقاً هائلاً في الجو العاطفي للحياة الزوجية.
وينبغي لكل منّا أن يقرر بشكل يومي أن يحب شريكه في الحياة، فإذا اخترنا أن نحبه، فإن التعبير عن الحب بالطريقة التي يطلبها شريكنا في الحياة سيجعل حبنا فعالا إلى أقصى درجة.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ”إنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كل حال، وأحسن الصحبة لها ليصفو عيشُك”٦.
الاتصال البدني:
الاتصال البدني أمر في غاية الأهمية، يمكنه أن يقيم علاقة أو يهدمها، ويمكن أن يوصل للآخر الحب أو الكره.
فيجب الحذر في التعامل معه. إن الاتصال البدني وسيلة فعالة في توصيل الحب بين المتزوجين، فمثلاً الأيدي المتشابكة، والأحضان، كلها طرق لتوصيل الحب بين الطرفين، ويعدّ للبعض من الأساسيات وبها يمتلئ خزان الحب لديهم، ويشعرون بالثقة في حب شريكهم في الحياة .
وأفضل من يخبرك عن ذلك هو بالطبع (شريكك في الحياة) فهو من تسعى للحصول على حبه، وهو أيضاً أفضل من يعرف ما يتقبله كلمسة “حب“.
ولا تلمسه بالطريقة التي ترغب بها، والوقت الذي ترغب فيه أنت فقط، بل تعلم أن تتكلم بلهجته في الحب، لأن شريكك في الحياة يمكن أن يشعر بعدم الراحة أو الغضب تجاه بعض اللمسات، فعندما تصر على تلك اللمسات، فإنك توصل له معنى عكس معنى الحب، فهي توصل إليه أنك لا تحس باحتياجاته، وأنك لا تهتم بالأشياء التي تسعده، ولا تخطئ بأن تعتقد أن اللمسة التي تشعرك بالسعادة ستجعل الطرف الآخر أيضاً يشعر بالسعادة!.
إنّ أجسادنا خلقت للمس وليس للإيذاء.
الأمر لا يتطلب مزيداً من الوقت، ومع هذا يمكن أن يوصل الحب بصورة كبيرة.
فمثلاً، عندما يلمس كل منكما الآخر عند خروجكما من البيت وعند عودتكما ويتخلل هذا قبلة أو عناق، فإن هذا يعبر عن حبك لزوجتك بصورة كبيرة.
الأزمة والاتصال البدني:
في أوقات الأزمات بشكل خاص، يعانق كل منّا الآخر، لماذا؟ لأن الاتصال البدني موصّل قوي للحب، ونحن نحتاج في وقت الأزمات أن نشعر بالحب أكثر من أي شيء آخر؛ حيث إنه لا يمكننا دائماً أن نغيّر الأحداث، ولكن يمكننا أن نتجاوزها إذا شعرنا بأننا محبوبون.
وتمر كل الزيجات بأزمات؛ فموت الآباء شيء حتميّ، وحوادث السيارات تسبب الإعاقة البدنية وتقتل الآلاف كل عام، والأمراض ليست محصورة في بعض الأشخاص فقط، والشعور بالإحباط هو جزء من الحياة وأهم شيء يمكنك أن تفعله للطرف الآخر في وقت الأزمة هو أن تحبه أو تحبها، فلا أهم من أن تتواصل معه بالطريقة التي يطلبها، ربما لا تعني كلماتك الكثير، ولكن إتصالك البدني سيوصل إليها أنك تهتم بها، وتمنح الأزمة للشخص فرصة رائعة للتعبير عن الحب، ولمساتك الحنونة ستظل في الذاكرة فترة طويلة بعد مرور الأزمة، أما إخفاقك في اللمس فلن يُنسى أبدا.
الحب اختيار:
إن الحب لا يمحو الماضي، ولكنه يجعل المستقبل مختلفاً ؛ فعندما نختار التعبيرات الفعالة للتعبير عن الحب باللغة الأساسية للحب لشريكنا في الحياة، فإننا بذلك نخلق جواً عاطفياً نستطيع أن نتعامل فيه مع صراعات الماضي وإخفاقاته.
إنّ تلبية رغبات الحب الخاصة بشريكة الحياة اختيار تقرره كل يوم فلو علمت لغتها الأساسية للحب، واخترت أن تتحدث بها، فإنّ هذا سيلبّي احتياجاتها العميقة للحب.
وتجعلها تشعر بالراحة والأمان في حبك.
وإذا فعلت هي الأخرى نفس الشيء من أجلك، فإن هذا سيشبع حاجاتك العاطفية، وسيعيش كلاكما بخزّان حب ممتلئ، وفي حالة الإشباع العاطفي، فإننا سنبذل طاقتنا الخلّاقة في مشاريع مفيدة خارج نطاق الحياة الزوجية، بينما نستمر في الحفاظ على حياتنا الزوجية في حالة إثارة وتطوّر.
“ الحب “ هو شيء تفعله من أجل شخص آخر، وليس شيئاً تفعله لنفسك.
فأنت تختار أن تتحدث بها بغض النظر عما إذا كانت من طبيعتك أم لا، لكنك تختار ببساطة أن تفعل هذا الشيء لراحة الشريك. وبهذه الطريقة يتم ملء خزّان الحب لديه، ومن المرجح أن يُرَد الشيء بمثله.
السعادة اختيار، الحب اختيار، ويمكن لأي من الطرفين أن يبدأ في هذه العملية اليوم.
اضف تعليق