في كل الأزمات يمكن ان يكون الوعي هو القائد الحكيم الذي يخلص متبعيه من الوقوع بالمزيد من الأخطاء، ولا تقل أزمة هذا الفيروس شأنا عن غيرها من الأزمات التي تعصف بالمجتمعات البشرية، فاذا ما أحسنا التصرف وفق ما لدينا من وعي وما نحصل عليه من الجهات التوعوية...
وجود المجتمعات يعني بحد ذاته وجود الحياة، فلا يمكن ان تسير القافلة الإنسانية مالم يكن هنالك مجتمع واع يتمتع بقدر نسبي من الثقافة العامة والتي تساعده على تخطي أزمة ما، في ظل ما يعانيه العالم اليوم من تفشي لفيروس كورونا الذي لم نعرف كيف ظهر ولم تُعرف ايضا أساليب معالجته، أصبحت امام المجتمعات الإنسانية مهمة قد تكون صعبة للغاية ولكنها سهلة الى حد ما وليس فيها تعقيد اذا تم اتباع الطرق السليمة.
ان مدى التفاعل مع فيروس كورونا الذي ضرب عدد من الدول توقف على درجة الوعي الذي يتمتع به مجتمع دون آخر، اذ نلاحظ هنالك بعض المجتمعات تعاملت مع الوباء بحذر كبير وأدركت مدى الخطورة التي من الممكن ان تنتج عنه، وتفاديا لذلك وضعت مجموعة من الإجراءات الاحترازية وبالتالي سيطرت في منعه من التفشي.
من حسن الحظ ان نتائج الفيروس السلبية اتضحت في أوقات قياسية، ما أدت الى تدارك الموضوع بالشكل المطلوب، بينما هنالك بعض الأمراض التي تصيب المجتمع دون معرفة نتائجها بشكل آني.
ومن هذه الأمراض هو الجهل والتخلف اللذان أصبحا من الآفات التي تنخر جسد المجتمع، فمن الصعوبة بمكان ان تشخص داء الجهل قبل ان يستشري بالمجتمع، ونشعر بآثاره الجسيمة على المجتمع في مراحله الأولى، وهنا يصبح المجتمع امام مرض فتاك بالمنظومة القيمية التي توارثها مجتمع من المجتمعات.
ان اغلب التصرفات التي لا تتماشى والتعاليم السماوية والنظم الاجتماعية جاءت بحكم الجهل المنتشر في الأوساط، حيث باتت بعض التصرفات خارجة عن المألوف وغير قابلة للتصديق في بعض الأحيان.
من المستحيل ان تبقى الجهود الدولية والعلماء تحديدا عاجزين عن ايجاد علاج لفيروس كورونا، لاسيما وان بعض المدن الصينية أعلنت عن عودة الحياة الطبيعة اليها، ما يعني ان إمكانية الخلاص منه مؤكدة لكنها تحتاج الى مدة قد تكون قصيرة او من الممكن ان تمتد لشهور عدة.
وبعد ذلك سيكون المجتمع خالي من الوباء وجميع الحالات تماثلت للشفاء بعد الالتزام بالتعليمات والإرشادات الصحية المتعلقة بذلك، لكن ما يثير القلق هو الأمراض الاجتماعية التي ضربت بجذورها في قلب المجتمع ولا يمكن التخلص منها بهذه البساطة.
وهنا تأتي الحاجة الماسة لزرع الثقافة المجتمعية الرصينة والقادرة على السير بالمجتمع نحو بر الأمان، اذ مع افتقار هذه الثقافة سيكون المجتمع غارق في دوامة لا يستطيع الخروج منها مالم تتظافر الجهود وبجدية للخلاص منه.
من المؤسف حقا وخلال الأزمة الصحية التي ضربت العالم رأينا بعض الأفراد يخفون اصابتهم بهذا المرض، وهذا بحد ذاته يعد عائق كبير امام الجهات المتصدية لمثل هذه المواضيع كخليات الأزمة في بعض المحافظات.
فان اخفاء الإصابة يجعل من السهولة تسربها الى عدد غير قليل من الأفراد ما يضاعف من مهام الجهات المسؤولة ويزيد من أعبائهم، وبعد ذلك ندخل في سباق مع الأيام من اجل توفير الأجواء الضرورية والخدمات اللازمة لذلك.
ان السبب الرئيس الذي يقف وراء هذا التصرف من قبل الأفراد هو انعدام الثقة بالمنظومة الصحية القائمة في البلاد، والتي أدت الى عزوف المواطنين عن الذهاب الى المراكز الصحية، رغم الإصابة بمرض معين وليس بالضرورة ان يكون بفيروس كورونا، وقد يكون المانع الأول هو عدم امتلاك الأجهزة المشخصة للحالات المرضية بشكل دقيق، الى جانب عدم الاهتمام الكافي بالمريض وفق ما تتطلبه حالته الصحية.
مثلما الجانب الصحي وتراجعه يعود الى مجموعة من الأسباب المتعلقة بالجهات المعنية، فكذلك المجتمع يتحمل جزء كبير من المسؤولية، فلا يمكن ان يؤدي النظام الصحي المتطور وظيفته مالم يكن هنالك وعي مجتمعي وجهود فردية تساند الجهود الجمعية التي تضطلع بها كثير من الجهات، ويبقى من يتحكم بالمشهد هو ثقافة الأفراد، الذين يعدون المحرك الأساس للمجتمعات، ولا يمكن لأي فكرة او رؤية سياسية او غيرها ان تنجح مهما امتلكت من المقومات والعوامل الإيجابية.
في كل الأزمات يمكن ان يكون الوعي هو القائد الحكيم الذي يخلص متبعيه من الوقوع بالمزيد من الأخطاء، ولا تقل أزمة هذا الفيروس شأنا عن غيرها من الأزمات التي تعصف بالمجتمعات البشرية، فاذا ما أحسنا التصرف وفق ما لدينا من وعي وما نحصل عليه من الجهات التوعوية فان تجاوز هذه المحنة الإنسانية يكون من الامور البسيطة، وسهلة المنال.
اضف تعليق