الخلاف بل الصراع على قانون الانتخابات هو مركز الصراع على السلطة. وحركة الحياة عبارة عن تدافع بين الماسكين بالسلطة وبين الطامحين بالاستيلاء عليها. هذه هي القاعدة العامة، كيف نطبقها على الحالة العراقية؟، اليكم الجواب: بدأت الحكاية في 12 تموز/يوليو 2003 م، يوم تشكل مجلس الحكم...
الخلاف بل الصراع على قانون الانتخابات هو مركز الصراع على السلطة. وحركة الحياة عبارة عن تدافع بين الماسكين بالسلطة وبين الطامحين بالاستيلاء عليها. هذه هي القاعدة العامة، كيف نطبقها على الحالة العراقية؟
اليكم الجواب:
بدأت الحكاية في 12 تموز/يوليو 2003 م، يوم تشكل مجلس الحكم بقرار من سلطة الائتلاف الموحدة ومنح صلاحيات جزئية في إدارة شؤون العراق، وكانت سلطة الائتلاف الموحدة تمتلك الصلاحيات الكاملة حسب قوانين الحرب والاحتلال العسكري المتفق عليها في الأمم المتحدة. وامتدت فترة الصلاحيات المحدودة لمجلس الحكم من ذلك التاريخ ولغاية 1 حزيران/يونيو 2004 م، حيث تم حله ليحل محله الحكومة العراقية المؤقتة. وكان مجلس الحكم يتألف من ممثلين عن أحزاب وتكتلات عراقية مختلفة كانت في السابق معارضة للرئيس العراقي السابق صدام حسين.
كان المفروض ان يستعيد الشعب سيادته بعد سقوط الدكتاتورية الصدامية. لا تعني الدكتاتورية شيئا غير اغتصاب السلطة من صاحبها الشرعي، وهو الشعب، وبعد سقوط الدكتاتورية بثمن عال هو الاحتلال، استحوذت الاحزاب على السلطة، ومع السلطة يأتي المال والنفوذ، وتاليا الفساد. وكنت ممن عارض تشكيل مجلس الحكم بهذه الطريقة، وكتبت ان من مسؤوليات سلطة الاحتلال اعادة السلطة الى الشعب. ففي نظام ديمقراطي تكون السيادة للشعب الذي هو ايضا مصدر شرعية السلطات الحاكمة تشريعا وتنفيذا وقضاءً.
ولم تستجب سلطات الاحتلال لذلك، ولا استجابت احزاب المعارضة التي اصبحت احزاب سلطة، ولا طالب الشعب بسيادته، ومنذ ذلك الحين بدات "عيوب التأسيس" بالتراكم. و كان من ابرز عيوب التأسيس الانتخاب بالقائمة لانه يؤدي الى دخول اشخاص الى البرلمان دون ان يحصلوا على العدد المعقول من الاصوات، لانهم يفوزون بالمقعد النيابي باصوات رئيس القائمة وفائض الاصوات الذي يسجل لحساب القائمة الفائزة.
وهذا ما اضعف الصفة التمثيلية للنواب من جهة، وجعلهم مسؤولين امام رئيس القائمة وليس امام الشعب او الناخبين بتعبير ادق، من جهة ثانية. واخيرا ادى الانتخاب بالقائمة الى نشوء اقطاعيات سياسية/انتخابية/حزبية اصبح من الصعب زحزحتها في الدورات الانتخابية التالية. وتسبب ذلك في عرقلة التداول السلمي للسلطة اولا، واحتكارها من قبل الاقطاعيات السياسية الجديدة، ثانيا.
انتبه البعض الى هذه اللعبة الخطرة، ومنهم الشيخ اليعقوبي، وكاتب هذه السطور، وانطلقت الدعوة الى تغيير قانون الانتخاب، والغاء الانتخاب بالقائمة، والتحول الى الانتخاب الفردي والدوائر المتعددة المتساوية عددا مع عدد النواب اي ٣٢٩ دائرة في العراق كله.
احست الطبقة السياسية بخطورة الدعوة الى الانتخاب الفردي واخذت تروج لصعوبات وسلبيات القانون. اما الصعوبات فهي اجرائية يمكن التغلب عليها، واما السلبيات فهي امراض مجتمع في اغلبها وليست عيوب قانون، وهي تسري على الانتخاب بالقائمة كما قد تسري على الانتخاب الفردي.
ولكن تحت تأثير ضغط المتظاهرين الذين ايدوا فكرة الانتخاب الفردي قدمت الطبقة السياسية مشروع قانون جديد للانتخاب ينص في مادته ال١٥ على تقاسم الاصوات مناصفة:٥٠٪ للقوائم الحزبية، و٥٠٪ للقوائم الفردية. ومع ان هذه ليست هي الفكرة من الانتخاب الفردي، الا ان هذه المادة لم تمرر في مجلس النواب لان الطبقة السياسية غير موافقة حتى الان عن التنازل حتى عن نصف سلطتها في مجلس النواب.
ما يعني ان الصراع على السلطة مازال في اوله، وان الطبقة السياسية مازالت بحاجة الى ما هو اكثر من التظاهرات للتنازل عن احتكارها السلطة، هذا رغم ان المناصفة مرفوضة، لانها تعبير عن تجزئة السيادة، والسيادة لا تُجزّأ كما كان جان جاك روسو يقول!.
اضف تعليق