ان معيار نجاح الفرد لا ينحصر بالتحصيل العلمي فحسب بل يجب ان ينسحب على مجالات الحياة العامة، فتكوين الاسرة والاهتمام بالزوج بحاجة الى اعادة النظر من قبل الفتيات والسير على خطى ما سبقهن من النساء الصالحات اللواتي تمكن من حفر اسمائهن في لوحة الابداع بميادين الحياة مختلفة...
لعل الكثير من الناس يجهلون او ربما يتجاهلون ان اساس بناء شخصية الفرد هو الجمع بين العلوم التي تدرس في الجامعات والمدارس والعلوم الدينية بمختلف مجالاتها والتي تساهم في تزكية النفس وتهذيبها بشكل صحيح وتجعل منها صلدة بوجه مغريات الحياة وصعوبتها.
وهنالك انطباع خاطئ لدى البعض ان النجاح في الحياة يتوقف على والتفوق في الدراسات الاكاديمية، وهذا الانطباع لا يحمل من الصحة في رصيده من الواقعية الا نسبة ضئيلة، كون ان النجاح في الجانب الاكاديمي هو متمم لباقي النجاحات وليس بديل عنها، فالقطاعات الإنتاجية التي يتكون منها اقتصاد اي بلد على سبيل المثال الزراعة والصناعة بحاجة الى المختصين في المجال مثلما الطب والهندسة بحاجة الى توفير ملاكات بشرية قادرة على تقديم الخدمات لمن يحتاجونها في هذه المجلات وهو يؤكده مبدأ التخصص وتقسيم العمل الذي نادى به ادم سمث.
ولو دققنا في الهدف من بعثة الانبياء والرسل وفِي كافة العصور من خلال استعراض الايات القرآنية والاحاديث الشريفة نرى انها نبهت الى ان الوظيفة الاساسية هي التمكن من اعداد جيل وفق الرؤية الاسلامية.
قارءنا الكريم الحديث عن هذا الموضوع جاء كردة فعل قديمة جديدة للتنبيه على عدم صوابية الاهتمام الكبير المبالغ فيه من قبل الفتيات بالتحصيل الاكاديمي وبذل الجهود والاموال لنيل التفوق بشتى الفروع العلمية وهو امر جميل وغاية في الاهمية لا يستطيع احد نكرانه بل هو ما يشجع عليه الدين والشريعة السامية، اذ يسهم في بناء الاوطان وتقدم الشعوب لكن لاينبغي ان ينال هذا الاهتمام من جرف الفروض او الواجبات الاخرى في حياة الأسنان
ففي الآونة الاخيرة برزت الى جانب الكثير من الظواهر الاجتماعية المختلفة مسألة الاهتمام بأكمال الدراسة وعدم الاكتراث الى النواحي الاجتماعية المهمة في حياة الناس بصورة عامة والفتيات بصورة خاصة، وهنا اود التطرق الى مسألة عدم ايلاء الجانب الاسري من قبلهن وتكوين الاسرة اهتماما خاص او قد يتخذن من الدراسة مبرر للهروب من تحمل مسؤلياتهن.
فعند دخولك للمؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة على حد سواء ترى طوابير من الخريجات اللواتي لم يدشن الحياة الزوجية فقط صُب اهتمامهن على الانشغال بالوظيفة والغوص في الامور الثانوية مبتعدات بذلك عن تحمل المسؤولية الانجابية وهو مايمثل خطر يعصف ببنية المجتمع ويهدد أمنه ويقلل فرص استقراره.
ومن أسباب العنوسة تفضيل بعض النساء الدراسة على الزواج، ترى بعض الحاصلات على الشهادات العليا أنهن أضعن فرصة الزواج وفاتهن قطار الزواج بسبب إصرارهن على مواصلة التعليم العالي ورفضهن الزواج في المرحلة الجامعية أو بعد الجامعة وأنهن أفقن بعد فوات الأوان وبعدما ذهبت السنوات الذهبية من العمر في الدراسة وتحقيق الحلم بالحصول على شهادات عليا.
او ربما تعود الأسباب في تفضيل العزوف عن الزواج هو الاطلاع على التجارب الفاشلة في هذا الخصوص ما يعطي فسحة لاتخاذ قرار الهروب من الارتباط خوفا من تكرار الفشل وذلك بالتأكيد انطباع خاطئ نابع من رؤية قاصرة غير متزنة، كون ليمكن ان تنسحب تجربة بعض الافراد على آخرين لاختلاف الظروف والمحددات بينهم.
فمن الطبيعي تكوين الاسرة وتوفير كافة احتياجاتها امر يتطلب من الطرفين الرجل والمرأة بذل المزيد من الجهود لمواجهة متطلبات الحياة وعدم الرضوخ الى صعوباتها، لكن من المفترض الا تكون هذه المتطلبات سببا رئيسا في انتشار الموضوع بين شرائح المجتمع لاسيما غير المتزوجات.
فما طرأ على الواقع المجتمعي بصورة عامة من تغييرات لم يستثني الحياة الاسرية بصورة مباشرة، حيث ادى التأثر بالمجتمعات الاخرى الى انتقال او محاولة تجسيد العادات والتقاليد المجتمعية في المجتمعات غير الاسلامية الى مجتمعاتنا، فنرى بعض الفتيات تمتنع عن الزواج وتشجع قريناتها من خطر الارتباط لاسباب قد تكون واهية في اغلب الاحيان.
خلاصة القول، ان معيار نجاح الفرد لا ينحصر بالتحصيل العلمي فحسب بل يجب ان ينسحب على مجالات الحياة العامة، فتكوين الاسرة والاهتمام بالزوج بحاجة الى اعادة النظر من قبل الفتيات والسير على خطى ما سبقهن من النساء الصالحات اللواتي تمكن من حفر اسمائهن في لوحة الابداع بميادين الحياة مختلفة.
كما أنوه لبعض الفتيات التي يأخذهن الاهتمام بالمستوى العلمي الذي وصلن اليه ما يجعلهن يضعن شروط للارتباط قد تكون مثالية او اعجازية في بعض الاحيان، وهذا بحد ذاته يشكل عائقا امام تكوين الاسرة وديمومة سنة الله في ارضه، وتفضيل الذهاب الى خيار العنوسة الذي بات صفة ملازمة للكثير ممن فضلن حجز مقعد لهن في قطار الاكاديمية الذي قد يوصلهن الى جميع محطات الحياة.
اضف تعليق