تزايدت في السنوات الاخيرة حالات الانتحار وبالاخص في صفوف الشباب، حتى وصلت الى مستويات خطيرة اثارت قلق ومخاوف بعض الجهات والمنظمات الانسانية، وتعود اسباب الانتحار بحسب السكان الى حالة الاحباط الكبير الذي يعاني منه الشاب العراقي في ظل استمرار الخلافات والصراعات الحزبية، التي اثرت سلبا على واقع الحياة...
تزايدت في السنوات الاخيرة حالات الانتحار وبالاخص في صفوف الشباب، حتى وصلت الى مستويات خطيرة اثارت قلق ومخاوف بعض الجهات والمنظمات الانسانية، وتعود اسباب الانتحار بحسب السكان الى حالة الاحباط الكبير الذي يعاني منه الشاب العراقي في ظل استمرار الخلافات والصراعات الحزبية، التي اثرت سلبا على واقع الحياة في هذا البلد الذي اصبح يعاني من استفحال الازمات والمشكلات الاجتماعية والامنية والاقتصادية.
إما مفوضية حقوق الإنسان العراقية اعتبرت أن هناك زيادة ملحوظة لمعدلات الانتحار في عموم العراق منذ 2013 وعزت ذلك إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وقالت في بيان لها أن محافظة ذي قار سجلت (119) حالة انتحار خلال عامين وهو أعلى معدل في حالات الانتحار بين محافظات العراق.
الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار
- الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان فاضل الغراوي: "انتشر الانتحار بشكل لافت في العراق في السنوات الأخيرة وتعددت طرقه وأساليبه"، كاشفًا أن من أبرزها تناول الأدوية التالفة والقفز من أماكن شاهقة الارتفاع، فضلاً عن تناول مواد سامة وإطلاق الرصاص.
- الفقر العامل الأبرز الذي يدفع الشباب إلى الانتحار، ويندرج في إطار عدم توافر فرص العمل والبطالة المستشرية في البلاد، فضلاً عن غياب القدرة على تأمين متطلبات المعيشة اليومية، خصوصًا في أطراف المدن.
- التفكك الأسري والشعور بالفشل، فضلاً عن عدم اهتمام الجهات الحكومية بتوفير مراكز لمعالجة من لديهم ميول انتحارية.
- تعاطي المخدرات والكحول عوامل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالانتحار.
- وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية العنيفة باتت من الأسباب التي تؤدي في بعض الحالات إلى الانتحار، وبعد الانتشار الكبير لخدمة الإنترنت في البيوت وإدمان كثير من الآباء والأمهات على شبكات التواصل الاجتماعي، تراجعت مراقبة الآباء لأولادهم إلى الحد الذي باتت فيه كثير من الفتيات يقعن ضحية للاستغلال والترهيب، فضلاً عن ابتعاد الوالدين عن مراقبة أبنائهم.
- الاضطرابات النفسية، أو الهروب من الصعوبات المالية، أو نتيجة لمشكلات في العلاقات الشخصية لكلا الجنسين والتي تلعب دورا بارزا في إقبال الشخص على هذه الخطوة.
اجراءات عاجلة لوقف حالات الانتحار
دعت عضو في لجنة حقوق الإنسان النيابية، يسرى إلى اتخاذ اجراءات عاجلة وفاعلة لوقف حالات الانتحار بين الشباب التي انتشرت مؤخرا، مشيرة إلى أنها ستقدم مقترحا لرئاسة مجلس النواب لتشكيل لجنة مشتركة مع مفوضية حقوق الإنسان (خاضعة لرقابة البرلمان) والحكومة للتصدي ومعالجة هذه الطاهرة.
وقالت في بيان، إن "من الضروري تشكيل لجنة مشتركة مع الجهات المعنية ومنها وزارتا الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع مجالس المحافظات للتصدي والوقوف لمعالجة ظاهرة الانتحار الخطيرة المؤلمة التي انتشرت في محافظات عديدة".
وأضافت أنها "ستقوم خلال الأيام المقبلة بخطوات مهمة مع بقية أعضاء لجنة حقوق الإنسان النيابية لإتخاذ قرارات مهمة داخل اللجنة ورفعها لرئاسة مجلس النواب والجهات الرسمية لمعالجة هذه الظاهرة بشكل فاعل وسريع".
وشددت على ضرورة "اتخاذ الإجراءات الرسمية من قبل سلطة محلية بموضوع حواجز على الجسور لمنع الانتحار هي أساليب غير فاعلة ولا تعالج أصل المشكلة"، لافتة إلى أن "يجب دراسة الدوافع والأسباب من الجوانب النفسية والاجتماعية كافة لمعالجة فكرة الانتحار".
وأشارت إلى "وجود إحباط نفسي واسع بين صفوف الشباب بسبب البطالة وعدم وجود فرص عمل مما يؤدي لحالات كآبة ومعاناة نفسية بمستقبل مظلم تدفع الشباب للتفكير بالانتحار"، مشيرة إلى "وجود أسباب اخرى تدفع الفتيات الانتحار بسبب بعض العادات والتقاليد التي باتت غير ملائمة لمواكبة عصرنا الحالي والتي تجعلهن يفكرن بالانتحار للخلاص من تأثيرها".
ورفضت أوساط مجتمعية وأخرى مسؤولة مقترح وزارة الداخلية العراقية إنشاء حواجز "أمان" على جسور العاصمة بغداد، للحد من حالات الانتحار التي تصاعدت في البلاد مؤخراً، التي ترجعها الجهات المسؤولة إلى انتشار البطالة والفقر والإحباط وانعدام الأمن.
احصائيات
كشفت مفوضية حقوق الإنسان، عن تسجيل 132 حالة انتحار في المحافظات العراقية خلال الربع الأول من العام 2019، باستثناء بغدادظن جاءت كربلاء في المرتبة الأولى بعدد 20 حالة انتحار، أغلبها من الإناث فيما سجلت البلاد في الربع الأول من هذا العام 132 حالة انتحار
قالت المفوضية ببيان صدر في 23 نيسان/أبريل، إن "الربع الأول من العام 2019، سجل 132 حالة ومحاولة انتحار في البلاد".
أضافت أن "الإحصائية شملت 14 محافظة، في حين كانت الأرقام غير معلومة في بغداد وصفر في صلاح الدين، مشيرةً إلى أن "كربلاء جاءت في المرتبة الأولى بعدد 20 حالة انتحار، أغلبها من الإناث".
ان السنوات الأربع الأخيرة مرّت على العراق بثقلٍ أضرّ كاهله وأرهقه كثيرًا، تزامنت معها زيادة ملحوظة لحالات الانتحار في عموم البلاد، فعام 2018 انتحر 50 شخصًا تتراوح أعمارهم بين (17-23) في محافظة ديالى الواقعة شرقي البلاد، وفق أحدث بيان أصدرته المفوضية العليا لحقوق الإنسان.
ويشير مكتب المحافظة للمفوضية إلى أن 23 ذكرًا أقدموا على الانتحار بالطلق الناري والحرق والسقوط من على حافات مرتفعة، فيما سجلت الإناث 23 حالة انتحار بالحرق والشنق والغرق وقطع الوريد، فيما رجّح حدوث محاولات انتحار أكثر لم ترصد نتيجة العادات المجتمعية السائدة.
وبشكل عام، فإن عدد حالات الانتحار الموثقة جيداً سجّلت في الفترة بين 2003 و2013، وأظهرت أكثر من 1500 حالة، لكن غالبًا ما تكون هذه الحالات أقل من الحالات الفعلية؛ نظرًا لتفادي معظم المجتمع عن التبليغ.
ولاحقا، تقول مراكز معنية بحقوق الإنسان إنه في الفترة بين 2015 و2017 بلغت حالات الانتحار 3 آلاف حالة لدوافع مختلفة، وهي أرقام مفزعة مقارنة بالسنوات السابقة.
وأضافت المفوضية في بيانها: "تم تسجيل 12 حالة انتحار في الديوانية (8 ذكور و4 إناث) و14 حالة في ذي قار و6 حالات في المثنى وحالتين في الأنبار و20 حالة في كربلاء (ذكر واحد و19 أنثى) و14 حالة في ميسان، و15 حالة في كركوك، و19 حالة في البصرة و11 حالة في النجف".
وسجلت مفوضية حقوق الإنسان العراقية رقمًا قياسيًا عام 2013، حيث كان الأعلى على الإطلاق، إذ وصل عدد المنتحرين في ذلك العام إلى 500 حالة انتحار، كان لمحافظة ذي قار النصيب الأكبر، لينخفض العدد إلى 251 حالة في 2016، كان فيها للنساء حصة الأسد.
وأشارت تقارير نشرتها منظمات حقوق الإنسان في العراق إلى أن عدد حالات الانتحار بين عامي 2015 و2017 بلغ 2000 حالة انتحار، وهو رقم يشير إلى ارتفاع كبير في معدلات الانتحار في البلاد، يذكر أنه لا تتوافر إحصائية رسمية دقيقة عن أعداد حالات الانتحار الكلية في البلاد منذ عام 2003 وحتى الآن.
اضف تعليق