ثقافة وإعلام - كتب

أيُّ كتاب تنصحون بقراءته هذا الصيف؟

عن الشرق الأوسط الأوسع قديماً كان أم جديداً

يحاول عددٌ متزايد من الباحثين اليوم فهم قدرة السلطوية على الصمود في الشرق الأوسط، ولاسيما على ضوء الانتفاضات التي جرت مؤخراً في عدد من الدول. يدفع هذا السجال إلى طرح سؤال أساسي حول كيفية عمل الأنظمة السلطوية. لذا، أنصح بقراءة كتابين صدرا حديثاً يحاولان الإجابة...
بقلم: مايكل يونغ

دالية غانم | باحثة مقيمة في للشرق الأوسط

في روايته "جمهورية كأنّ" (دار الآداب، 2018) التي مُنعت في مصر، يستحضر علاء الأسواني، كما في جميع رواياته، شخصيات عدة ترمز إلى المجتمع المصري والتحوّلات التي شهدها في ثورة العام 2011. تلتقي شخصيات الرواية ببعضها البعض، وتقع في الحب، وتتزوج، وتتشاجر، ويحدث حتى أن يقتل أحدها الآخر. تمثّل هذه الشخصيات جانباً فريداً من الثورة المصرية التي غيّرت مصير الشعب والبلاد. وهي تعاني تحت وطأة النظام الدكتاتوري المصري، والفساد المستشري، والنفاق الاجتماعي، واستخدام الدين لتبرير الأفعال البغيضة. فعلى سبيل المثال، يُقدِم اللواء علواني على تعذيب الثوار، على الرغم من أنه مُسلم ورع يصلّي يومياً.

تجري أحداث هذه الرواية في الفترة بين كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2011، حين بلغ الأمل بالتغيير ذروته في صفوف المصريين. يستخدم الأسواني شهادات حيّة لكشف النقاب عن العنف العشوائي الذي تمارسه قوى الأمن بحق المدنيين، ولاسيما النساء اللواتي خضعْن إلى فحوص العذرية وتعرّضْن إلى اعتداءات جنسية. يتطرّق الأسواني أيضاً إلى الفجوة القائمة بين جيل شاب يؤمن بالتغيير، وبين جيل أكبر سنّاً يرفض خوض المواجهة بعد أن خاب أمله وبات معتاداً على الدكتاتورية. تتضمّن الرواية جملة قوية تتكرّر على لسان شخصيتين: شابة تُدعى أسماء اغتصبها عناصر في قوى الأمن، وناشط شيوعي مُسنّ ومُحبَط، ومفادها أن "المصريين يحبّون عصا الدكتاتور". الأسواني هنا لايتحدّث بلسان شخصياته، لكن روايته الدقيقة والمؤثّرة هذه، وأسلوبه في وصف خيبة أمل الشباب، يدفعان المرء إلى طرح سؤال أساسي: هل آمن المصريون بثورتهم وكانوا مستعدّين للتغيير؟

حارث حسن | باحث أول غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط

يحاول عددٌ متزايد من الباحثين اليوم فهم قدرة السلطوية على الصمود في الشرق الأوسط، ولاسيما على ضوء الانتفاضات التي جرت مؤخراً في عدد من الدول. يدفع هذا السجال إلى طرح سؤال أساسي حول كيفية عمل الأنظمة السلطوية. لذا، أنصح بقراءة كتابين صدرا حديثاً يحاولان الإجابة على هذا السؤال من خلال دراسة نظام البعث السابق في العراق، ويستندان بشكلٍ أساسي إلى التمحيص الدقيق لأرشيف حزب البعث، المحفوظ راهناً في جامعة الدفاع الوطني ومؤسسة هوفر في الولايات المتحدة.

الكتاب الأول هو بقلم ليزا بلايدز، وهي أستاذة مشاركة في العلوم السياسية وباحثة أولى في معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية في جامعة ستانفورد، ويحمل عنوان State of Repression: Iraq Under Saddam Hussein (دولة القمع: العراق في عهد صدام حسين). تحلّل بلايدز سلوك النظام السابق عبر النظر بالدرجة الأولى إلى قراراته الأساسية، وآليات اتّخاذها، لتستشفّ كيف ساهمت هذه القرارات في رسم معالم الأحداث التي تلتها، بما في ذلك الحرب التي أدّت إلى إطاحة النظام.

الكتاب الثاني هو لصموئيل هيلفونت، وهو أستاذ محاضر في العلاقات الدولية في جامعة بنسلفانيا، وباحث بارز في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا. يحمل الكتاب العنوان Compulsion in Religion: Saddam Hussein, Islam, and the Roots of Insurgencies in Iraq (الإكراه في الدين: صدام حسين، والإسلام، وجذور الجماعات المتمرّدة في العراق)، ويشرح كيف سعى النظام إلى السيطرة على المجال الديني ومأسسة الدين، كما يسلّط الضوء على الإطار المؤسّسي وآليات الرقابة التي استخدمها النظام لتطبيق سياسته هذه.

أنصح بهذين الكتابين لأي شخص مهتمّ باكتساب فهم أعمق حول طريقة عمل الأنظمة السلطوية، وهيكلها التنظيمي، وعمليات صنع القرار فيها، واستجابتها للتحديات الجديدة. وفي الوقت نفسه، يوفّر الكتابان نظرة جديدة إلى تاريخ العراق الحديث وإلى جذور تحديات عدة لاتزال البلاد غارقةً في لججها حتى يومنا هذا.

ليديا أسود | طالبة دكتوراه في مدرسة باريس للاقتصاد

أنهيت للتو قراءة كتاب زویا بیرزاد بعنوان Mesl-e hameh asr-ha (بالفارسية)، بنسخته الفرنسية التي تحمل عنوان Comme Tous les Après-Midi (كما كل الأمسيات). هذا الكتاب عبارة عن سلسلة قصص قصيرة تصوّر الحياة اليومية التي تعيشها نساء إيرانيات. ومن خلال تصوير واقعهن بأسلوب بسيط ومنمّق، تجذبنا بيرزاد للتعرّف إلى حياة شخصياتها من الأسطر الأولى. لكن وعلى رغم واقعيتها تنساب كل قصة كقصيدة مُفعمة بالصور وتدفعك إلى التساؤل أكثر فأكثر عن العلاقات والسعادة والشيخوخة ووضع المرأة في المجتمع. وخلال إبحارها في عالم شخصياتها النسائية، تتناول المؤلّفة مواضيع يومية عدّة كالجوارب الطويلة والفساتين والأكواب وطبق فسنجان الإيراني والستائر وغيرها. بساطة هذه القصص تجعلها متعةً للقرّاء، بينما ينقلك الشعر إلى إيران من دون الاضطرار إلى تحمّل الحرّ.

أحمد ناجي | باحث غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط

أوصي بقراءة كتاب نُشر باللغة العربية لصحافية يمنية تدعى بشرى المقطري، يحمل عنوان "ماذا تركت وراءك؟ أصوات من بلاد الحرب المنسية". صدر هذا الكتاب عن دار رياض الريّس في بيروت في 2018، ويوثّق تأثير الصراع اليمني على المدنيين. تسعى المقطري إلى فهم أفضل لتجربة الأشخاص بما يتجاوز أعداد الضحايا التي تظهر في وسائل الإعلام. كتابها عبارة عن مجموعة من حوالى 40 شهادة حيّة مأساوية، تسلّط الضوء على التكلفة الحقيقية للحرب المدمّرة التي اندلعت منذ العام 2015.

تصف المقطري في الفصل الأول انطباعاتها لدى زيارة المناطق الأشدّ تأثراً بالنزاع - كصنعاء وتعز والحديدة. ويمثّل كتابها، كما تُعبّر عنه هي، صوتاً جماعياً لضحايا الحرب، كما تعتبره إصبعاً في عين القتلة وصفعة في وجه الجهل والنسيان. كما أنها تفسح في المجال أمام الضحايا في القسم المتبقي من كتابها للتحدّث عن محنهم وألمهم، الذي لايبدو أنه سينتهي في وقت قريب.

شريف محي الدين | باحث غير مقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط

مع توجّه العديد من الأنظار نحو السودان راهناً، سيكون من المفيد للقرّاء الاطلاع على مقاطع مُلهمة تسمح لهم برؤية الديناميكيات الاجتماعية والسياسية السودانية عن قرب. أما من يهتّم بمعرفة المزيد عن البلاد، فالروايات الرائعة للطيب صالح وحمّور زيادة تشبع شغف القارئ.

يمكن البدء بمطالعة رواية شوق الدرويش لزيادة، التي فازت بجائزة نجيب محفوظ للأدب العام 2014، وترشحت في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية العام 2015. نجح زيادة في رسم صورة تثير مشاعر مختلفة إلى جانب الألم، من خلال متابعة رحلة عبد محرّر في نهاية القرن التاسع عشر، تماماً مع لحظة انهيار الدولة المهدية. كما صدرت أحدث روايات زيادة "الغرق: حكايات القهر والونس" في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، التي واصل فيها أسلوبه الخاص في رسم صورة للحياة اليومية في السودان، مع التركيز بشكل كبير على التفاصيل والاستخدام الرائع للغة. لكن الكتاب نُشر باللغة العربية فقط، لذا سيتعيّن على القرّاء الذين لا يتقنون هذه اللغة انتظار ترجمته لفترة أطول بعد.

مايكل يونغ | مدير تحرير مدوّنة "ديوان"

كتاب "Bibi" لأنشيل فايفر هو سيرة ذاتية سهلة القراءة لبنيامين نتنياهو، السياسي الأكثر نفوذاً في إسرائيل خلال العقدين الماضيين. يرى فايفر، وهو مراسل بارز في صحيفة هآرتس، أن نتنياهو يملك إرثاً مزدوجاً – الأول يتمثّل بالنزعة الصهيونية التصحيحية التي تبناها والده بن صهيون، الذي كان مقرّباً من "الأب الروحي لليمين الإسرائيلي" زئيف جابوتنسكي؛ والثاني من الولايات المتحدة، حيث نشأ وتبنى المبادئ الأميركية واكتسب المهارات الإعلامية التي استعان بها كأداة لإطلاق رسائله السياسية إلى الجماهير الأميركية.

يعتبر فايفر أن نتنياهو حكم "بفضل الوفاق الإسرائيلي المتشظّي وبراعته في تحريض مجتمعات معيّنة وفئات من المجتمع ضد بعضها البعض". وهذا يشرح الكثير: أولاً، نتنياهو ماهر ومعتدل في آن – لكنه انتهازي وليس صاحب رؤية. وقد شكّلت مكاسبه لصالح إسرائيل نوعاً من الانتصار السياسي، لكنها في الوقت نفسه فاقمت مآزق الإسرائيليين من خلال عرقلة إمكانية التوصّل إلى أي حل دائم لنزاعهم مع الفلسطينيين. ثانياً، يعكس نتنياهو إلى حدّ كبير روح هذا العصر الاستقطابي، الذي سمح له بالصمود في وجه تحديات عدّة، الأمر الذي قد يواصل خدمته خلال سنوات العداء المقبلة.

https://carnegie-mec.org

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق