ساقني العمل في العام 2013م الى زيارة باكستان، وفيها طفت على عدد من المراقد تعود لأهل البيت(ع)، وساقتني الهجرة القسرية من قبل الى سوريا عام 1980م وطفت على عدد من مراقد أهل البيت، ثم ساقتني الهجرة شبه القسرية إلى ايران ووفقنا للزيارة والدعاء عند مراقد لا تعد ولا تحصى لأهل البيت(ع)، هذا كان في شرق العالم الإسلامي، وتوجهت الى غرب العالم الاسلامي وتوقفت عند مراقد أهل البيت في مصر والمغرب والسنغال، وبخاصة في مصر التي تضم قاهرتها عدداً كبيراً من مراقد الأولياء التي أضفت عليها قدسية خاصة، وبالتأكيد هناك مراقد مشرفة في الهند والجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي القديم وفي شمال أفريقيا، وغيرها من البلدان، ربما أسعفنا الزمن مصحوبا بالصحة الجسدية والجيبية لزيارتها.

ترى ما الذي تشير اليه هذه المراقد الكثيرة المتوزعة في انحاء العالم الاسلامي العربي والأعجمي؟ ولماذا يحترمها غالبية المسلمين ويعمل على تخريبها قلة قليلة؟ ما الذي يجعل أبناء الرسول(ص) من فاطمة وعلي(ع) يتنقلون بعيداً عن المدينة المنورة، قسراً أو طوعاً؟ وكيف وصلوا الى اقاصي الدنيا؟ وكيف رحلوا عن هذه الدنيا؟ هل يمكن أن نعتقد بكل هذه المراقد، وبعضها حديثة الاكتشاف؟ وهل لنا أن نصدق عائدية كل المراقد إلى أهل البيت(ع)؟ أسئلة كثيرة دارت في ذهني وأنا اتفقد مرقد الشهيد يحيى بن زيد الشهيد في قرية ميامي في خراسان، الثاوي على قمة تلة، وذلك عام 1981م، وعادت الأسئلة قبل ثلاث سنوات وأنا أزور مرقد منسوب للسيدة رقية بنت الإمام علي بن أبي طالب(ع) في لاهور بباكستان، وقبلها قبور أهل البيت في الشام وشمال أفريقيا.

هذه الأسئلة وغيرها، بالتأكيد أنها طافت في أذهان غيري ممن سلك مسلكي أو زاد بالتطواف على مدن متفرقة أخرى، وهي أسئلة مشروعة، لا سيما وأن بعض المراقد تم الاعلان عنها مؤخراً، وغير مستبعد أن يستحدثها البعض لأسباب مختلفة، ولطالما سمعت من موالين في بلدان تخلو من مراقد أهل البيت، أمنيتهم أن تكون في بلدانهم مراقد يرفعون عندها أياديهم الى الله بالدعاء، وقد وجدت بعض الشعوب البعيدة البديل، كما في الهند وباكستان، بأن أقامت مراقد رمزية للأئمة والصالحين من أهل البيت(ع) يتوجهون الى الله عندها بالزيارة والدعاء.

ولاشك أن زيادة عدد مراقد في أنحاء العالم، يكشف في أحد أوجهه عن كثرة نسل أهل البيت وتفرقهم في البلدان قسراً أو طوعاً، كما أن البعض غال في الحب فانتسب الى اهل البيت (ع) عن غير وجه حق، وبعضهم استسهل الأمر لأغراض وجاهية ومادية، وبعضهم ساقته نفسه الأمارة بالسوء للبس غير قميصه مستغلاً عواطف الموالين من أجل مصالح شخصية، وبعضهم تنفيذاً لمصالح أعداء أهل البيت(ع).

وقد صنع المحقق العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسي معروفاً كبيراً عندما أفرد في موسوعته الفريدة (دائرة المعارف الحسينية) باباً من أربعة مجلدات متحرياً نسب الحسين(ع) ونسله، تابع في الجزأين الأول والثاني نسب الحسين في عشر طبقات، وفي الجزأين الثالث والرابع يتابع نسل الحسين(ع) ومشجراتهم حتى الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري(عج).

وتحت أيدينا الجزء الثالث من (الحسين نسبه ونسله) الصادر حديثاً (2015م) عن المركز الحسيني للدراسات بلندن في 582 صفحة من القطع الوزيري، يتابع فيه البحاثة الكرباسي نسل الإمام الحسين(ع) بدءاً من ولده المباشرين حتى الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع).

أيام عصيبة

من طبيعة الانسان الحضري المكوث في المدينة، والهجرة انما هي استثناء، مرة تكون طوعية وفي أكثرها قسرية، وانتشار سلالة أهل البيت العلوي، في مشارق الأرض ومغاربها، في معظمه جاء نتيجة هجرة قسرية أو ابعاد قسري، وهو من افرازات حرب الاستئصال التي مارستها الحكومات المتعاقبة على مجمل أفراد أهل البيت(ع) لا فرق بين ذكرانهم وإناثهم، بين كبيرهم وصغيرهم، لاسيما بعد انتهاء خلافة الإمام الحسن بن علي(ع). والمراقد والمقامات والمشاهد الكثيرة في أنحاء العالم يحكي هذا الواقع المظلم الذي مرّت تحت شفرته ركائب أهل البيت(ع).

ومن يتتبع فروع المشجرة الحسينية في هذا الجزء من الموسوعة الحسينية، يكتشف حجم المعاناة التي مر بها أهل البيت(ع) على يد السلطات المحلية والمركزية، ناهيك عن أتباعهم ومواليهم، ما جعل الكثير منهم يسيح في الأرض بعيداً عن العاصمة ومركز القوة تجنباً للاعتقال والسجن والموت صبراً.

والمحقق الكرباسي وهو يتسقط المعلومات الدقيقة عن نسل الإمام الحسين عبر أبنائه من البنين والبنات، كشف لنا مشاهد مروعة عن التصفيات الجسدية لأبناء الرسول(ص) في العهدين الأموي والعباسي، ولذلك فلا نستغرب ما نسمعه ونشاهده اليوم من أعمال قتل وذبح وحرق وصلب وجلد بشعة ترتكب باسم الاسلام وباسم الرسول الأكرم، فالخلف الطالح يجددون ما فعله السلف الكالح، وهم لهم أسوة وقدوة، فالذي لم يقرأ التاريخ أو عاش الغياب التاريخي يرى فيما يفعله أدعياء الإسلام جديداً على الحياة اليومية، ويحاول جهده مخلصاً ابعاد التهمة عن الإسلام، وهو لا شك جاد فيما يفعل، لأن الإسلام في واقعه هو السلام والوئام، لكن في واقع الحال يحفل تاريخ الشعوب الاسلامية ومن حكم باسمها بصفحات سوداء مظلمة، وبخاصة في العهد العباسي وما لحق بأئمة أهل البيت(ع) من أذى، وتفرق الموالين في أصقاع الأرض، وهي سياسة ظالمة قائمة حتى يومنا هذا في بعض البلدان المسلمة تمارس الطائفية البغيضة والقتل المنظم تحت شعار حماية مكتسبات السلف.

والأمثلة الواردة كثيرة، فمنها على سبيل المثال: يحيى بن عبد الله المحض ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب(ع)، الذي ذكره الكرباسي في معرض الحديث عن نسل الإمام الحسين(ع) من ابنته فاطمة الوسطى زوجة عبد الله المحض، فيحيى هذا المشهور بيحيى صاحب الديلم: (توفي سنة 175هـ في حبس هارون الرشيد العباسي في بغداد حيث وضعه في بركة من الوحل فمات جوعاً، وقيل إن الرشيد بنى عليه اسطوانة فقتله، وقيل حبسه في دار السندي بن شاهك فيه نتن، وردم عليه الباب حتى مات). ومن ذلك عيسى وإبراهيم وأحمد وصالح وسليمان، وهم من سلسلة أحفاد الإمام الحسين(ع) من ابنته فاطمة الوسطى فإن الحكم العباسي: (قبض على أربعة منهم فسجنهم في المدينة ودخّن عليهم حتى ماتوا خنقاً ودُفنوا في البقيع). وهذا يحيى بن زيد الشهيد وله من العمر 18 عاماً قُتل في جوزجان عصر يوم الجمعة في قرية ارغوى (ميامي) سنة 125ه: (واحتز رأسه، ووضع في حجر أمّه ريطة فقالت: شردتموه عنّي طويلاً واهديتموه لي قتيلاً والصلاة عليه بكرة وأصيلاً) ولم يكتف العهد الأموي بقتله فقد: (صُلب على باب مدينة جوزجان وبقي كذلك الى أن ظهر العباسيون فأنزلوه) أي مثلما فعلوا بأبيه زيد الشهيد في الكوفة.

ومن خلال قراءة للعشرات من أسماء المدن التي وردت في هذه الجزء والتي فيها مراقد لأهل البيت(ع) أو نسل لأهل البيت(ع) يتضح أن العراق وبلاد فارس والجزيرة العربية ومصر من أكثر البلدان التي تتواجد فيها أسر علوية، ولشدة الظلم الذي لحق بها فإن عدداً غير قليل منها أخفى النسب فضاع على الأبناء مع مرور الزمن وأكثرها احتفظ بالنسب دون الإعلان عنه لحين توفر ظروف مناسبة، على أن البعض انتحل النسبة جزافاً

أوَقْعنا أَمْ وقع علينا

تحتفظ واقعة الطف بكربلاء عام 61 للهجرة في سجلها بصفحات تتخلل سطورها معانٍ كثيرة في الفداء والتضحية، ومن تلك الصفحات موقف الإمام الحسين(ع) مع ولده علي الأكبر المولود عام 38 للهجرة وهما في طريقهم من مكة الى كربلاء حيث خفق الإمام الحسين(ع) وهو على ظهر فرسه خفقة، ثمّ انتبه وهو يقول: (إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجِعُون، والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمين)، كرّرها مرّتين أو ثلاثاً. فقال علي الأكبر: "ممّ حمدتَ الله واسترجَعت"؟. فأجابه: (يا بُنَي، إنِّي خفقتُ خفقة فعنّ لي فارس على فرس وهو يقول: القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم، فعلمت أنّها أنفسنا نُعِيت إلينا). فقال علي الأكبر: "يا أبتَ، ألَسنا على الحق؟"، فقال: (بلى، والذي إليه مَرجِع العباد). فقال علي الأكبر: "إذاً لا نبالي أوَقعنا على الموت أو وقع الموتُ علينا"، فأجابه الإمام الحسين(ع): (جَزَاك اللهُ مِن وَلدٍ خَير مَا جَزَى وَلَداً عن والِدِه).

طالما تساءلت مع نفسي عن مواقف أولاد الإمام الحسين(ع) في كربلاء، فهم كثيرون، ولكن ذاكرة المنابر والكتب تشير الى علي الأكبر الذي يشبه رسول الله (ص) خلقاً وخلقاً ومنطقاً، وعليه تتركز الأضواء، وبخاصة هذا الحوار الذي يكشف معدن هذا الشاب الذي انتصر للحق ووقف مع والده وانتفض على الظلم وجانب ابن خاله يزيد بن معاوية.

فالموقف الذي فيه هذا الشاب من حيث النسب حساس للغاية، فجدته من أبيه فاطمة الزهراء (ع) بنت محمد (ص)، وجدته من أمه هي ميمونة بنت أبي سفيان الأموي، وكانت واقعة الطف في كربلاء هي الفيصل، حيث عرض البيت الأموي عليه الأمان على ان يترك معسكر أبيه الحسين(ع)، لكنه ضرب الخؤولة الظالمة بقدم الإيمان الثابت وقال لهم: (لقرابة رسول الله أحقّ أن ترى)، فمات شهيداً ليقدم لكل شاب درساً في الانتصار للحق وتجنب الوقوع في الحبائل الواهنة لسلطة العشيرة المتعارضة مع الحق، وأعتقد أن احتفاظ سجل التاريخ بهذا الحوار بين الأب وابنه، فيه من الحكم ما لا تحصى، ولعلّ واحدة منها هو لزوم الخروج على الأعراف العشائرية التي تتعارض مع مبدأ الحق والوقوف مع الإمام الحق لا رب الأسرة الباطل، وهي الأعراف التي قال فيها الإمام علي(ع) يوم صفين يوم رضي الناس بالصلح دون الثبات على الحق: (و لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً و تسليماً ومضيّا على اللَّقَم، وصبراً على مضض الألم وجِدّاً في جهاد العدِّو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيا جِرانه ومتبوِّئاً أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم، ما قام للدين عمود و لا اخضرَّ للايمان عود، وأيم الله لتحتلبنها دماً ولتتبعنها ندماً).

وعلي الأكبر بدرسه النموذجي هو أسوة حسنة، ولذلك حقّ للشاعر قوله من (بحر السريع):
لم تَر عينُ نظرت مثله ... من محتفٍ يمشي ومن ناعلِ

ثم ينشد مفصحاً:

أعني ابن ليلى ذا السدى والندى ... أعني ابن بنت الحسب الفاضل
لا يؤثر الدنيا على دينه ... ولا يبيع الحقَ بالباطل

فلا عجب ولا غرابة إن حزّ الأدعياء الرؤوس ورفعوها فوق الرماح وطافوا بها في البلدان، واليوم يطوفون بها عبر وسائل الإعلام كحالة متقدمة مما كان يفعل أجدادهم، فهذا يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع)، قتله العباسيون في الكوفة وحملوا رأسه الى سامراء للمعتز بالله العباسي، وقد رثاه الشاعر البغدادي ابن الرومي علي بن العباس بن الجريح المتوفى سنة 283 بقصيدة من الطويل مطلعها:

أمامك فانظرْ أيّ نهجْيك تنهجُ ... طريقان شتّى : مستقيمٌ واعوجُ

ثم يُنشد بعد أبيات يشكو الزمان والناس الذين خذلوا أهل البيت(ع):

أيحيى العلي لهفى لذكراك لهفة ً... يباشر مَكْواها الفؤادَ فيَنْضجُ

ولم يسلم الشاعر البغدادي نفسه من نار بني العباس فقد اغتاله بالسم القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد العباسي.

ومن المفارقات أن البعض كان يرى في موت الولي من الشجرة النبوية فتحاً، وهذا المتوكل العباسي يغتم لموت الموسيقار ابن النديم الموصلي اسحق بن ابراهيم المتوفى عام 235هـ ثم يفرح لموت أحد أحفاد الحسين بن علي(ع)، وفي ذلك يقول الإصفهاني في أغانيه: 5/445: (نعي اسحاق بن ابراهيم الى المتوكل فغمّه وحزن عليه وقال: ذهب صدر عظيم من جمال الملك وبهائه وزينته، ثم نعي اليه بعده أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات عليه فقال: تكافأت الحالتان وقام الفتح بوفاة أحمد، وما كنتُ آمنُ وَثْبَتَهُ عليّ، مقام الفجيعة باسحاق فالحمد الله على ذلك)، ويعلق ابن عنبة أحمد بن علي الداودي الحسني المتوفى سنة 828هـ، على ذلك شعراً، فيقول من الطويل:

يرون فتحاً مصيبات الرسول ... ويغتمّون إن مات في الأقوام عواد

وليس هذا بغريب، فقد أقام الأمويون الاحتفالات في الشام باستشهاد الإمام علي بن أبي طالب(ع) في محراب الكوفة وأقاموها ثانية باستشهاد سيد الشهداء الإمام الحسين(ع) في عرصات كربلاء، وأقاموا أمثالهما وزاد عليهم العباسيون، حتى قال الشاعر:

تالله ما نالت أمية منهم ... معشار ما فعلت بنو العباس

على أنه لا يوم كيوم أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب(ع).

في الواقع ان سلسلة نسب الحسين(ع) ونسله في أجزاء أربعة، وإن كان مؤلفها العلامة الكرباسي قصد بيان الشجرة الحسينية صعوداً الى آدم عليه السلام ونزولاً عند قائم آل محمد، لكنه في الوقت نفسه تصفّح لنا باختصار من حيث نشعر أو لا نشعر أوراق التاريخ بحلوها ومرّها، وفي الجزء الثالث قرأنا بشكل عام التاريخ الإسلامي في قرونه الثلاثة الأولى عبر فصول أربعة أردفها بمشجرات في رسوم هندسية جميلة ومتنوعة تعجب الناظرين، شمل الفصل الأول المعنون "الإمام الحسين ونسله" أبناءه من البنين والبنات، وهم: علي السجاد، علي الأكبر، علي الأصغر، جعفر، إبراهيم، محسن، عبد الله، سكينة، فاطمة الكبرى، فاطمة الوسطى، فاطمة الصغرى، رقية، أم كلثوم، وزينب. وشمل الفصل الثاني المعنون "الإمام السجاد ونسله" أبناءه من الجنسين وهم: محمد الباقر، عبد الله الباهر، زيد الشهيد، عمر الأشرف، الحسن، الحسين الأكبر، الحسين الأصغر، عبد الرحمان، علي الأطهر، محمد الأصغر، عبد الله، القاسم، خديجة، فاطمة، عليّة، مليكة، عبدة، سكينة، آمنة، زينب، رقية، أم الحسين، أم جعفر، وأم كلثوم. وشمل الفصل الثالث المعنون "الإمام الباقر ونسله" أبناءه من البنين والبنات وهم: جعفر الصادق، زيد، عبد الله، علي، إبراهيم، الحسن، ثابت، أبو تراب، زينب الصغرى، أم سلمة، ومحمد. وشمل الفصل الرابع والأخير المعنون "الإمام الصادق ونسله" أبناءه وبناته: موسى الكاظم، إسحاق المؤتمن، العباس، إسماعيل الأعرج، عبد الله الأفطح، أم فروة، محمد الديباج، وعلي العريضي.

وهذا التاريخ كاد أن يغرق في ظلمات بحره اللجي، لولا النهضة الحسينية، وكما يقول البروفيسور الفيتنامي مان هايي نجوين (Pro. Man Hie Nguyen) في مقدمته الأجنبية للجزء الثالث من "الحسين نسبه ونسله": (لاشك أن التضحية الفريدة من الإمام الحسين وأتباعه المؤمنين هي التي هزت العالم الإسلامي وأيقظته من سباته، حتى اضطر المسلمون لأن يسألوا أنفسهم، لماذا يُقتل حفيد الحبيب الرسول الكريم بمثل هذه الوحشية، وهذه التساؤلات المشروعة كشفت للشعب الطبيعة الحقيقية ليزيد وأنصاره. إن تحدي الإمام الحسين لحكم يزيد حتى تقبل الموت والشهادة قد غيّر وجه العالم إلى الأبد وجعل الأمة تملك مصيرها وتحدد بوصلة حركتها).

ورغم أن البروفيسور نجوين ليس من المتدينين، ولكن فطرته الإنسانية تقوده الى القول: (لقد جاء الإمام الحسين الى العراق وحط رحاله في كربلاء، من أجل بناء نظام عادل جديد. وجسّد بشكل عملي مفهوم العدالة الراشدة، واضعاً شهوة المال والسلطة تحت سلطنة العقل، وذلك من أجل حياة متوازنة تحفظ كرامة الإنسان في جو من الأمن والأمان والسلام، حياة هانئة لكل البشرية وفي كل زمان ومكان).

ولأن القلم هو بضاعة صاحب المقدمة الفيتنامية الذي يعيش في العاصمة هوشي منه (Ho Chi Minh)، فإنه يقدر ما خطه يراع الكرباسي في الموسوعة التي بلغت نحو 900 مجلد طبع منها اليوم 94 مجلداً، ولذلك ختم مقدمته بالقول: (أذهلني ما كتبه الدكتور الكرباسي في الموسوعة الحسينية، وقد عقدت الدهشة ناظري وأنا أجد الكرباسي قد بدأ الكتابة منذ اكثر من 25 عاماً، وهذا انجاز حقيقي ليس لأي إنسان أن يحققه بمفرده كما فعل الكرباسي في الكتابة عن شخصية نبيلة كالحسين. وهي موسوعة يظهر فيها التحقيق والتوثيق بشكل جلي مما جعلها محط قبول الجميع).

وهي حقيقة يدركها حتى من له أدنى نصيب من مداد القلم.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق