من المفترض أن يكون الجمعة سيد الأيام عند المسلمين يوما لبذل المزيد من الأعمال التي فيها مرضات للخالق كالعبادة والدعوة للسلام والمحبة والخير وتقديم العون والمساعدة للمحتاجين وإدخال السرور والفرح في قلوب الاخرين مهما كان دينهم، ولكن في الفترة الأخيرة تحول الجمعة إلى يوم دموي مرعب أكثر من اي يوم اخر تسفك فيها الدماء، فالخارج من بيته في هذا اليوم لا يعلم هل يعود سالما أو لايعود!.
لقد أصبح الجمعة يوما مميزا لدى الحركات والجماعات التي تدعي الإسلام وتردد شعارات إسلامية لتنفيذ العمليات الإجرامية ضد المدنيين المسلمين في الأماكن العامة وكذلك دور العبادة المساجد وقتل الالاف من المصلين.
منذ تأسيس المملكة قبل عقود من الزمن باسم عائلة ال سعود، خصص هذا اليوم ليكون دمويا مرعبا عبر سفك الدماء وقطع الرؤوس والأيدي بالسيوف، والقتل بالرجم (رمي بالأحجار)، والجلد والضرب للرجال والنساء بالسياط، وغيرها من أعمال تنفذها السلطة الحاكمة في أيام الجمعة في الساحات العامة وفي الأسواق في كافة مناطق ومدن البلاد، ومن يعيش في المملكة السعودية أو يتابع الوضع الداخلي حتما لديه المعلومات الكافية حول ذلك.
نحن مع الحياة، فالحياة هي الأغلى ولا يحق لأي أحد أن يعتدي عليها إلا بالحق في حدود ضيقة جدا من يثبت عليه تجاوز الحدود بعد بذل كافة السبل، في ظل محاكم متكاملة الأركان والشفافية لتحقيق العدالة، فالأديان السماوية (وكذلك القوانين الوضعية) جاءت للحياة لا للموت والقتل، ويمكن تنفيذ الاحكام بآليات وطرق.. بهدف تنفيذ حكم، لا كما يقع من أعمال دموية بشعة تنفذ يوم الجمعة باسم انها احكام شرعية، والهدف الحقيقي منها مصالح سياسية وزرع الرعب والخوف لدى المواطنين والمقيمين من السلطة الحاكمة وزيادة هيبتها، رغم وجود تجاوزات ومجازر ضد أبرياء تم سفك دمائهم وقطع رؤوسهم ظلما في يوم الجمعة باتهامات كاذبة منهم : الشاب الشهيد صادق مال الله، الشباب الشهداء محمد الصويمل، محمد الشيوخ وعلي الربح والشهيد الشيخ نمر النمر، هؤلاء لم يعتدوا على أحد وانما قتلوا بسبب التعبير عن الرأي فقط، ويوجد الكثير غيرهم قتلوا ظلما.
السلطات السعودية قد قامت بإعدام الشهيد النمر والشباب الشهداء في أول يوم جمعة من عام 2016 الذي يصادف اليوم الأول من راس السنة، وليس كما جاء عن السلطة التي اعلنت عن تنفيذ مجزرة الاعدام في اليوم الثاني، ويوجد العديد من الدلائل والقرائن التي تشير إلى ان عملية الاعدام الشهيد الشيخ النمر الوحشية والجائرة قد نفذت في يوم الجمعة – الجمعة الذي تحول إلى يوم دموي في تاريخ الدولة - ومنها:
أولا: إن سلطة الرياض تقوم بالإعدام وقطع الرؤوس والجلد عادة في يوم الجمعة وهذا متعارف عليه من عقود طويلة.
ثانيا: إن السلطات السعودية الأمنية تقوم بإجراءات أمنية متشددة جدا وبسرية تحيط عمليات الإعدام، ولا يتم الاعلان عن تنفيد الاعدام إلا بعد ساعات من نجاح عمليات تنفيذ الإعدام القصاص في المواقع العامة كالأسواق وبحضور عدد من الناس، بعد أخذ أقصى الاحتياطات الأمنية خوفا من ردود الأفعال.
ثالثا: السلطات السعودية أعلنت عن تنفيذ الاعدام ضد الشهيد الشيخ النمر ومن معه من الشهداء الشباب (بسبب التعبير عن الرأي) في صباح يوم السبت وهو يوم اجازة رسمية وبالتحديد عند الساعة التاسعة حيث يعتبر هذا الوقت مبكر في يوم الاجازة فمعظم الناس ربما لم يستيقظوا من نومهم، والحكومة السعودية قد اختارت هذا الوقت الميت للإعلان للتقليل من حجم ردود الأفعال.
رابعا: من المستحيل أن تقوم الحكومة السعودية بالإعلان عن اعدام الشهيد الشيخ نمر النمر في نفس الوقت الذي نفذ فيه حكم الاعدام وهو يوم السبت وفي الصباح قبل ان تمر ساعات طويلة على التنفيذ، ودون ترتيب مسبق للإجراءات الأمنية في الداخل وبالخصوص في المنطقة الشرقية ذات الأهمية الاستراتيجية، الا بعد الانتهاء من كافة الأمور المتعلقة بعملية الاعدام المروعة، فهي تعلم كيف كانت ردود الفعل عند اعتقال الشيخ النمر وهو مصاب.
خامسا: الاعلان عن الاعدام صباح السبت هذا يؤكد ان السلطات السعودية نفذت عملية القصاص المثيرة ضد الشهيد الرمز الشيخ النمر والشهداء الشباب قبل ساعات طويلة مضت وهذا يعني الدخول ضمن ساعات يوم الجمعة.
سادسا: عملية الاعدام ضد البطل الشهيد النمر والشباب الشهداء نفذت في مواقع مغلقة خاضعة للسلطات الأمنية، وهناك تسريبات تؤكد ذلك وفي يوم الجمعة الأول من يناير 2016. وبحضور واشراف شخصيات من العائلة الحاكمة، لتدل على وجود الإنتقام الشخصي.
مؤلم جدا ما يحدث في عالمنا العربي وكذلك الإسلامي من ان يتحول سيد الأيام يوم الجمعة - يوم الرحمة والمحبة والسلام - إلى يوم دموي لقتل المسلمين باستهداف المساجد والاسواق وزرع الرعب على أيدي القتلة التكفيريين الارهابيين باسم الدين، وان تواصل دول بسفك دماء ابرياء في يوم الجمعة باسم الشرع الديني والدين بريء منها ومن قتل وتعذيب واعتقال الأبرياء.
نكرر ان اعتقال عشرات الالاف ومنهم النساء والاطفال واعدام النشطاء ومنهم الشهيد الشيخ النمر ليس حلا للمشاكل والازمات الداخلية، البلاد بحاجة للإصلاح الشامل والتحول إلى وطن للجميع حسب دستور يمثل إرادة كافة المواطنين في ظل العدالة والحرية والتعددية والديمقراطية، بعيدا عن العنف والدماء والقتل.
وسنبقى مع الحياة والحرية والكرامة والسلام، ورفض العنف والإعتداء والدم والقتل، فالدماء تجر الدماء، ودماء الأبرياء المظلومين تعجل من سقوط الطغاة والظالمين إلى الأبد. يكفي استبداد وفساد واعتقالات وقتل وحروب، وتشويه للدين والشريعة ولسيد الأيام الجمعة، نأمل أن تكون كافة الأيام خالية من القتل والدم، وان يعود يوم الجمعة كما أراد الخالق -عز وجل- يوم رحمة ومغفرة ومحبة وفرح واحترام للاخرين، والعمل لنشر ثقافة السلام والحرية والتعددية في العالم. جمعة مباركة مليئة بالخيرات والسلام والكرامة والحرية والفرح.
اضف تعليق