كان مؤملا ان ينتهي عام ٢٠١٦ والعراق يطوي بنهايته مرحلة وجود داعش العسكري واحتلالاتها للارض العراقية، لكن ذلك لم يتحقق بعد، فرغم تحرير جزء كبير من اراضي محافظة نينوى والجزء الاكبر من الساحل الايسر لمركز الموصل، الا ان الوقت لايزال مبكرا لاعلان الانتصار العسكري الشامل على داعش ولازالت مناطق مهمة كالحويجة وراوة وعنه والقائم وتلعفر والبعاج ومناطق صحراوية شاسعة بحاجة الى تحرير شامل ولازالت الحدود العراقية السورية غير مؤمنة بما يعني ان اشهر عديدة من العمل المضني تنتظر القوات العراقية لتنتهي من مهمتها الوطنية الكبرى.
ثمة مخاوف ان تلقي المتغيرات الاقليمية بظلالها على معارك العراق ضد الارهاب، فلم يسبق ان وصل التصعيد الاعلامي والانقسام الطائفي ذروته كما حصل الان على خلفية ماحصل في مدينة حلب السورية، فهناك من يعتقد ان استعادة القوات السورية لشرق حلب وخروج المسلحين الذين ينتمي كثير منهم لجبهة النصرة، يمثل انتصارا للمحور السوري الايراني الروسي، وان المحور الذي راهن على المسلحين السوريين خسر جولة حرب كبيرة وعليه ان يدفع فاتورة هذه الخسارة بقبول الدخول بمفاوضات غير مشروطة مع الحكومة السورية لضمان حل سياسي للازمة السورية لاتكون فيها لاءات الرياض والدوحة وانقرة علنية.
في مقابل هذه (الخسارة) نجح الاعلام المساند للمسلحين والفصائل السورية المعارضة في تجييش مشاعر قوى الشارع والاحزاب ذات التوجه الديني، لتعويض خسارة شرق حلب بعرض بكائية كبرى تحمست لها دول عديدة بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا ناهيك عن دول المحور الخليجي من اجل منع الروس والايرانيين من تحقيق مكسب استراتيجي كبير ضمن دائرة الصراع الجيوستراتيجي المتصاعد في منطقتنا.
مايقلقنا بالذات ان تتجه هذه القوى التي (خسرت) المراهنة على حلب لتراهن على اعاقة تحرير العراق لمدنه المغتصبة، تارة باسم الحاجات الانسانية المتزايدة، وتارة لمنع وقوع خسارة استراتيجية كبرى تماثل خسارة حلب، لان هناك من يماثل الموصل بحلب ويعتبر هزيمة المتطرفين والارهابيين فيهما انتصارا للمحور الروسي الايراني، خصوصا وان مسؤولين كبار في الحرس الثوري الايراني باتو يطلقون تصريحات تبدو استفزازية للطرف الاخر وفيها اعلن هؤلاء نجاح الاستراتيجية الايرانية الروسية.
في ظل هذا الاستعداء الشديد والانقسام الطائفي المتعمق، فان انقسام الشارع السياسي العراقي حيال ماحدث في حلب وصدور بيانات متعارضة وذات لهجة حادة، قد تقود الى مماحكات وتعبئة متضادة تنعكس سلبا على المعركة العسكرية في نينوى وعلى مجمل الوضع السياسي العراقي الهش والذي اجتاز بصعوبة اختبار الوحدة الوطنية لحد الان، رغم الاهتزازات المتعددة.
لايبدو المشهد السياسي العراقي محصنا ضد المخاطر الكثيرة التي تهدد انضباطه الحرج، فمن اربيل الى البصرة ثمة صراعات داخلية تعتمل وتتغذى على انقسامات حزبية وشخصية ومذهبية وقومية، وهي كافية لتترك اثرها السلبي على الامن والاستقرار النسبي في عموم البلاد، لازال العراق يواجه تحديات كبرى وهو لم يخرج من دائرة الخطر في حين يسعى ساسة وكتل حزبية للدخول في معركة الانتخابات استعجالا للاستثمار في الشارع السياسي ويالها من مفارقات!!!؟؟؟
اضف تعليق