جاءت مناقشة مسودة قانون الحرس الوطني واقراره في مجلس الوزراء لتدفع بالخلافات السياسية الى الواجهة من جديد، فالتحالف الوطني يربط الحرس الوطني برئيس مجلس الوزراء وليس بالمحافظين باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ويدعو لضمان حرية تنقل قوات حرس المحافظات فيما بينها وحين الحاجة اليها ووفقا لتقدير القائد العام، وذلك خلافا لما تم اقراره في وثيقة الاتفاق السياسي التي اسهمت في تشكيل حكومة الدكتور العبادي كما يعلن تحالف القوى الوطنية، الذي يعترض اصلا على القانون في الاعلام ويصوت عليه وزرائه في مجلس الوزراء.
في المقابل يدعو بعض النواب من التحالف الوطني الى ايقاف عمليات التطهير التي يقوم بها وزير الدفاع عن تحالف القوى الوطنية تجاه ضباط من مكون معين وذلك خلافا لاتفاق ترشيحه، فيما ينفي نواب تحالف القوى ذلك ويدعون الى الاثبات بدليل مقنع وقاطع وليس بالكلام.
في الجانب الآخر البيشمركة خارج قانون الحرس لأنها قوة حماية الاقليم وترتبط برئاسة الاقليم، ويصرح رئيس وزراء اقليم كردستان قبل ذلك باسبوع بان لا يوجد جيش حقيقي ولا ولاء لبلد اسمه العراق، واكد كلامه تصريح رئيس اقليم كردستان يوم امس بان العراق القديم فشل ولنبحث عن عراق جديد تُرسم حدوده بالدم.
مما تقدم، نستنتج التالي:
- ان لا ثقة بين المكونات السياسية إطلاقا، ولا وجود لجدار ثقة يمكن ترميمه وفق هذا الواقع السياسي الذي يثير زوابع واعاصير مدمرة عند مناقشة كل قانون او بحث اية قضية، الا اذا توقف السياسيين قليلا بعد رحلة الاعوام العشرة الماضية وتأملوا مخاطر فقدان الثقة فيما بينهم واضرارها الجسيمة على وحدة البلاد ومستقبل العملية السياسية.
- ان الاداء السياسي الحالي لا يبني دولة ولا يحافظ على ما موجود او ما تبقى منها، وفق رؤية الدفاع عن مصالح ضيقة في المقام الاول وترك المصلحة الوطنية جانبا خصوصا في القضايا الاتحادية التي ترسم شكل الدولة الحالي وليس المستقبلي، الا اذا اتفقت قيادات الكتل السياسية على مشتركات اتحادية في قضايا الامن والدفاع والسياسة الخارجية وغيرها، بما يؤطر العمل السياسي والبرلماني ويضع آلية تضمن عدم المساس بهذه المشتركات او الخروج عن دستوريتها.
ان الخلاف حول قانون الحرس الوطني سياسي بالدرجة الاساس مثل باقي الخلافات، ويؤثر سلبا على الشارع وقد يدفع الى مزيد من التوتر عند طرحه للقراءة في البرلمان الاسبوع المقبل، ويخفي خلفه مخاوف من المقابل الشريك؛ وعدم ثقة مطلقة... لكنه ليس المقصود، انما المقصود؛ السؤال: لماذا الحرس الوطني، والجيش موجود ويقاتل والحشد الشعبي والعشائر والبيشمركة كذلك؟؟ لماذا ننشئ جيش رديف ونحن لدينا جيوش محترفة ومتطوعة الا اذا كان احدنا يخشى الآخر ويسعى الى اقصاءه ويهيأ لصراع مستقبلي، لا مكان فيه لعراق واحد بل عراقين.. او اكثر.
اضف تعليق