q

مضى أكثر من 600 يوم على بداية الحرب العبثية على اليمن، ولغاية اليوم لم يحقق تحالف الرياض الذي شن الحرب بذريعة عودة شرعية حكومة عبدالهادي منصور، وسحب السلاح من أنصار الله وغيرها، ولكن التحالف السعودي (عربي – اسلامي حسب الحاجة والمصلحة) حاليا يبحث عن مخرج وقد وافق على إيقاف الحرب في اليمن كما صرحت سلطنة عمان بعد محادثات بين وزير الخارجية الأمريكي ووزير خارجية سلطنة عمان، ويأتي ذلك بعد فشل كل الأهداف التي وضعتها الرياض عند شن الحرب حيث إن هادي منصور لم يعد إلى صنعاء ولم تستطع تجريد أنصار الله من السلاح، بل قد استطاعوا (أنصار الله) مع حلفائهم دخول الأراضي السعودية الجنوبية وإطلاق العديد من الصواريخ على مدن سعودية وصلت إلى قاعدة مطار جدة التي تبعد نحو 65 كلم غرب مدينة مكة المكرمة على البحر الأحمر.

هناك أمور مقلقة ومخيفة جدا حول تطورات الحرب العبثية على اليمن، ستكون لها تداعيات خطيرة في صب المزيد من الزيت على نار الفتن والحروب الطائفية في المنطقة، وسيشعل المزيد من الساحات والدول العربية والإسلامية، عبر استخدام السلاح الديني والمذهبي الطائفي البغيض في الحرب من قبل تحالف الرياض، وجعل الحرب حربا دينية مذهبية، والزج بالمؤسسات والمنظمات الدينية الإسلامية في هذه الحرب الخطيرة جدا على العالم العربي والإسلامي وشعوب المنطقة والعالم.

ومنها تأتي دعوة منظمة التعاون الإسلامي لعقد اجتماع وزاري طارئ في جدة يوم الخميس 17 نوفمبر لدعم موقف الرياض (وروايتها حول إطلاق ميليشيا أنصار الله –وحزب المؤتمر الشعبي صاروخا باليستيا باتجاه مكة المكرمة ) وهذه الرواية التي لم تستطع الرياض اثباتها باي دليل حول سقوط صاروخ على مكة او استهدافها، والصور التي سربت هي عن سقوط صاروخ في قاعدة جوية في جدة الساحلية غرب مكة المكرمة، ووصوله إلى جدة فضيحة تدل على الفشل في إسقاطه رغم تحليقه في أجواء المملكة لمئات الكيلومترات منذ انطلاقه من داخل الأراضي اليمنية بشكل مستقيم محاذي لساحل البحر الأحمر إلى القاعدة في مطار جدة، وهذا ما أكدته الأقمار الصناعية، وكذلك مصادر بريطانية اشارت انه استهدف مطار الملك عبد العزيز في مدينة جدة، وكذلك أكده الجيش اليمني في صنعاء وجماعة "انصار الله - وحزب المؤتمر" انه لم ولن يستهدف مكة المكرمة.

من المؤسف إستجابة منظمة إسلامية دولية –التعاون الإسلامي- لتكون منبرا للتحريض ونشر الفتن بين المسلمين، ودعم طرف ملطخة يديه بدماء الأبرياء بإعترافه بإرتكابه مجزرة القاعة الكبرى للعزاء في صنعاء، بل دورها كان من المفترض أن يكون مع الحكمة ووقف الحرب العبثية التي تقتل المسلمين وتدمر بلاد المسلمين، ومنع الطائرات الحربية التي تقلع من مطارات حربية في مدن قريبة من مكة كالطائف وجدة التي تقتل الاف المسلمين، ودم المسلم أعظم حرمة عند الله من مكة والكعبة، فمؤسف جدا من يسكت عن قتل الأبرياء المسلمين. لماذا لا يتحرك العالم الاسلامي ومنظماته كمنظمة التعاون الاسلامي لمنع سفك دم المسلم الأغلى والاكرم عند الله؟.

المحبة الحقيقية لمكة المكرمة وحب السلام، تكمن عبر رفض آلات التدمير والقتل للمسلمين وغيرهم في كل مكان كمجزرة قاعة العزاء الكبرى التي كشفت التحالف الذي اعترف بها بعد محاولات التنصل والتهرب، كما انها فضحت من لا يكترث لمقتل الآلاف من المسلمين في اليمن كالمنظمات والمؤسسات الإسلامية التي صمتت عن هذه الجريمة البشعة المروعة.

وقد اشارت احصائية عن المركز القانوني للحقوق والتنمية، عن جرائم الحرب العبثية في اليمن بعد نحو 600 يوم جاء فيها: عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا: 30746، القتلى 11403 – الجرحى 19343، وعدد المساجد التي دمرت 675، والمدارس 719، والمستشفيات والمرافق الصحية 263، 380366 منزل تضرر ودمر، بالإضافة إلى العديد من الأرقام المفجعة حول تدمير البنية التحتية!!.

وللاسف المنظمات الإنسانية والإسلامية منها (التعاون الإسلامي) لم تتحرك للدفاع عن الأرواح ولا عن تدمير مئات المساجد والمدارس والمستشفيات!!.

أين هؤلاء من قتل الأبرياء والإستبداد والفساد والقتل والتدمير، واذا كان هؤلاء يتكلمون باسم الدين، فالله سيحاسب كل شخص يروج الكذب والفتن، ويتغاضى عن قتل أرواح بريئة موثقة؟.

البيت الحرام في مكة المكرمة مقدس من قبل كافة المسلمين، والتجييش وتسريب إخبار غير صحيحة والدعوة لعقد مؤتمرات حول اطلاق صاروخ بإتجاه مكة، هو استغلال للدين في حرب عبثية ومحاولة لتغطية الجرائم الإنسانية والتدمير والفاشلة في تحقيق اي هدف من الحرب؛ والدين بريء من هذه الروايات والحروب.

كما ان مكة المكرمة عظيمة وغالية على كل مسلم من اي مذهب ومن اي دولة وعرق، ودم المسلم أعظم حرمة عند الله من مكة والكعبة، ولا يوجد اي مسلم يفكر ان يرتكب هذه الجريمة والحماقة باستهداف مكة المكرمة، بل الترويج لذلك هو الجريمة لإشعال فتنة عظيمة بين المسلمين. ومؤلم جدا وجود من يصدق كذبة استهداف مكة ويندد بها كمنظمات وشخصيات وأفراد!.

الترويج لأخبار وروايات غير صادقة بلا دليل تخالف الحقائق حول استهداف مكة المكرمة هو عمل شيطاني لإثارة الفتن والنعرات الطائفية بين الشعوب العربية في هذه المرحلة الخطيرة جدا.

من باب الحرص وحماية مكة المكرمة والكعبة المشرفة، كان ينبغي على المنظمات الإسلامية والشخصيات الدينية ان لا يتم الزج بمكة المكرمة في الحروب واثارة الفتن، وان لا تستغل من قبل يشرف عليها لتحقيق مارب خاصة باسم الدين، وان يتم تحييد مكة والمدن المقدسة من الحروب وعدم إستخدامها كدروع له ولنظامه أو الترويج بان كل مساحة البلاد التي يحكمها هي أرض مقدسة كـ مكة المكرمة وتمثل دين الإسلام؛ وان من يطلق رصاصة أو صاروخ كرد على رصاص أو صواريخ اطلقت من هذه البلاد هو عدوان وحرب وإعتداء على الأرض المقدسة مكة المكرمة!!.

الإعتداء على أي بلاد كالمملكة أو اليمن أو على مدينة مثل: جدة، جيزان أو صنعاء، صعدة مرفوض ينبغي ان التنديد به وليس فقط على أرض مكة المكرمة العظيمة على كل مسلم، إذ إن كل أرض غالية وأرواح الناس عزيزة في كل مكان.

الدين جاء لسعادة الناس لا لإستغلاله في شن الحروب وإرتكاب المجازر ضد البشر والاخوة العرب، بل العروبة والإنسانية بريئة من تلك الأعمال، بل هي تشويه للدين. أي دين ومصالح لشعوب المنطقة من حرب عبثية وارتكاب جرائم وحشية قتل وتدمير وحصار وتجويع، من يفعل ذلك فهو بلا ضمير ولا إنسانية ولا دين، وان ما يحدث في اليمن بالمال والحصار العربي الإسلامي هو عار.

المجتمع الدولي ومؤسساته والمنظمات العربية والاسلامية ومنها التعاون الإسلامي شركاء بما يقع في اليمن من مجازر ومجاعة لأنها قبلت بالسكوت مقابل المال والمصالح السياسية.

الشعوب الحرة مع الحياة ضد القتل والحرب العبثية على اليمن – وفي كل مكان -، ولا تميز بين الضحايا فالأرواح غالية، وقد حان الوقت للتحرك المنظمات ومنها التعاون الإسلامي لإيقاف الحرب العبثية على اليمن فهي قتل وتدمير وخسارة للجميع، ومنع استغلال الدين فيها كي لا تشتعل نار حرب الفتنة الكبرى..، فيكفي خداع للشعوب.

الحوار والتفاهم القائم على الإحترام بعيدا عن العنف والحروب هو أفضل طريق لحل الازمات والخلافات في الوطن العربي، والقضية اليمنية تتعلق باليمنيين حلها باحترام إرادة الشعب اليمني فهو من يحدد مصيره.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق