في 5 تشرين الأول 2016، اتفق أعضاء مجلس الأمن الدولي على اختيار رئيس الوزراء البرتغالي السابق (أنطونيو غوتيريس) أمينا عاما جديدا لمنظمة الأمم المتحدة، خلفا لـ (بان كي مون) الذي تنتهي ولايته بنهاية العام 2017، ويعد غوتيريس (66 عاما) الاختيار الأفضل لهذا المنصب وفقا لتصريحات مندوبي الدول الدائمة في مجلس الأمن، ويتم انتخاب الأمين العام لمدة خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، على إن لا يكون من رعايا إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لضمان حياديته.
ومهام الأمين العام هي تنبيه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد السلم العالمي، اقتراح قضايا على الجمعية العامة أو أي هيئة أخرى من هيئات الأمم المتحدة لمناقشتها، الاضطلاع بدور الحكم في النـزاعات بين الدول الأعضاء.
و(انطونيو) هو الأمين العام التاسع للأمم المتحدة منذ تأسيسها في 24 تشرين الأول 1945، بمدينة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأميركية، تبعا لمؤتمر دومبارتون أوكس الذي عقد في العاصمة واشنطن، وتم تأسيسها بعد إن شهد العالم ويلات الحرب العالمية الثانية، التي دمرت العديد من الدول وازهقت الملايين من الأرواح، واستخدمت فيها مختلف الأسلحة حتى النووية منها، لهذا وبعد انتهاء الحرب أعلنت عدد من الدول وهي المنتصرة في الحرب عن تشكيل أممي جديد أكثر تطورا من عصبة الأمم التي فشلت في منع الحرب العالمية الثانية، وكانت دول العالم المؤسسة لهذه المنظمة تأمل لان تكون أداة فعالة لإنهاء الحروب الدولية، والصراعات المحلية، وفرض الأمن والاستقرار في العالم، وتكون ميثاقها من ديباجة و(111) مادة، تناولت مختلف الجوانب التنظيمية والإدارية وحفظ الأمن والسلام وحل النزاعات الدولية وغيرها.
نتيجة لأثار الحرب العالمية الثانية المدمرة، أسس الحلفاء بعد انتصارهم، منظمة الأمم المتحدة سنة 1945، وأجمع أعضاء المنظمة على أن تعمل الأمم المتحدة ما بوسعها لمنع الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة في حق الإنسانية و التطهير العرقي، وبعد مسيرة أكثر من سبعين عام على تأسيس الأمم المتحدة، وصياغة ميثاقها من أجل نشر السلم والأمن الدوليين، إضافة إلى أن الكثيرين يحلمون بمستقبل أفضل وبيئة سياسية لا تختلط مع شهوة السيطرة والحروب التي كشفت عنها تحالفات دولية ومصالح خاصة لبعض الدول الكبرى، لم تبذل الأمم المتحدة مزيدا من الجهد لإنهاء العنف ووضع حد للصراعات في فلسطين وسوريا والعراق وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا وأفغانستان وأوكرانيا والعراق واليمن، فلم تحل أي قضية في الشرق الأوسط، بل زادت الحروب والصراعات الدموية التي خلفت الملايين من الضحايا، والدمار البنية التحتية وتفشي الإمراض، واهم إخفاقات الأمم المتحدة في الشرق الأوسط هي:
1- فلسطين، منذ تأسيس الأمم المتحدة بقية القضية الفلسطينية تراوح مكانها، فقد أقرت الأمم المتحدة قرار التقسيم في فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام 1947، بل إن الصهاينة قاموا عام 1948 باغتيال ممثل الأمم المتحدة لفلسطين السويدي (فولك برنادوت) لأنه طرح عدد من المقترحات الجاد لحل حقيقي في فلسطين، ولم تحرك الأمم المتحدة ساكنا أو تعاقب من قتله، بل استمرت إسرائيل في خوض حروب ضد العرب والفلسطينيين، استمرت من عام 1948 إلى حرب غزة الأخيرة 2014، التي راح ضحيتها الكثير، مع استمرار عمليات القتل للفلسطينيين بحجج واهية، ولا ننسى إن الأمم المتحدة قامت بإلغاء أهم قرار لها وهو القرار رقم (3379) الذي صدر في 10 تشرين الثاني 1975، الذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية واعتبر إسرائيل دولة عنصرية، والذي استند إلى القرار 1904 الصادر في 20/11/1963، الذي ينص على سعي الأمم المتحدة للقضاء على كل أشكال الفصل العنصري في العالم، إذ أقدمت في 16/12/1991 على إلغاء هذا القرار بدفع من أمريكا وذلك لتغير التوازنات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبعد تشرذم العرب في حرب الخليج الثانية، فقد الغي القرار، هذا يدل على تراجع الأمم المتحدة عن دورها الأساس في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وعلى الرغم من اعتراف الأمم المتحدة، بفلسطين كدولة غير عضو، وانضمت على أثرها لعضوية العديد من المؤسسات الأممية، إلا إن تأثير الأمم المتحدة على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لم يكن ملموساً على الأرض بشكل فعال، وان الأمين العام اكتفى بالبيانات دون الضغط على إسرائيل لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
2- وفي اليمن، هي الأخرى لازالت تعاني من عدوان سعودي بدا منذ آذار 2015، قتل مئات الآلاف من الشعب اليمني، وشرد الملايين، ودمر البنى التحتية، وإن سعي الأمم المتحدة في حل الأزمة لا زال يراوح مكانه، إذ رغم أنها عينت مبعوثين لها في اليمن الأول، (جمال بن عمر)، ثم أعقبه في المهمة (إسماعيل ولد الشيخ احمد) في نيسان 2015، فقد كان للضغوط الأمريكية والأموال السعودية دورا في تحييد دور الأمم المتحدة، فقد أجبرت الضغوط الأمريكية السعودية الأمم المتحدة على التراجع عن وضع التحالف العربي في قائمة الدول المنتهكة لحقوق الطفل، إذ تم رفع اسم ما يسمى بالتحالف العربي المسؤول عن 60% من قتلى الأطفال في اليمن من القائمة السوداء التي صدرت في 7 حزيران 2016، ووجه (ريتشارد بينت) مدير مكتب منظمة العفو الدولية في مقر الأمم المتحدة انتقادات حادة للمنظمة الدولية وقال: "لم يسبق أن تراجعت الأمم المتحدة أمام ضغوط لتعديل تقرير صدر عنها.... هذا التراجع الصارخ يقوض أهداف الأمم المتحدة في حماية الأطفال في مناطق الصراعات... على بان كي مون أن يقاوم الضغوط حتى لا يسيء لمصداقية الأمم المتحدة".
3- الأحداث في سوريا التي بدأت عام 2011، فقد عانت سوريا ولا زالت من حرب أهلية بدعم دولي وإقليمي غير مسبوق، أزهق أرواح الآلاف وتشريد الملايين في دول الجوار، ورغم سعي الأمم المتحدة إلى حل هذه القضية، إلا إن كل المؤتمرات التي عقدت في جنيف وغيرها، لم يقدر لها النجاح، ولم تلقى الدعم الكافي من الأمم المتحدة، بل بقية أسيرة التوافقات الدولية والإقليمية، وكان دور الأمم المتحدة هو تنسيقي وأداري أكثر مما هو فرض حل لهذه الأزمة، فقد قدم اثنان من ممثليها في سوريا استقالاتهم وهم (كوفي انان) و(الأخضر الإبراهيمي)، نتيجة الضغوط التي مورست عليهم، من قبل أمريكا قوى دولية وإقليمية، ثم تم تعيين (ستيفان دي مستورا) الذي لا زال في منصبه، دون أي تقدم أو دور يذكر للأمم المتحدة على الأرض.
4- ليبيا، التي شهدت اضطرابات داخلية قدم لها دعم خارجي من دول عديدة أعضاء في مجلس الأمن، ثم تدخل مباشر من قبل حلف الأطلسي أدى إلى إسقاط نظام الرئيس (معمر القذافي) وقتله، ودمار وتقسيم ليبيا التي تشكلت فيها ثلاث حكومات اثنان في طرابلس وأخرى في طبرق شرق ليبيا، ومنذ بداية الأحداث لم نرى ذلك الدور الذي من المفترض إن تقوم به الأمم المتحدة لإعادة الأمن والسلام إلى البلاد وهو الهدف الأساس الذي قامت من اجله الأمم المتحدة، بل تركت ليبيا إلى حكم المليشيات والصراع السياسي والتدخل الخارجي الدولي والإقليمي، الذي أودى بمقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليون ليبي، حتى حكومة الوفاق الوطني برئاسة (فايز السراج) التي تم تشكيلها بدعم الأمم المتحدة لم تستطيع إنهاء معاناة الليبيين أو توحيد البلاد، بل زادت من انشقاق وتقسيم البلاد.
5- العراق، لقد كان للأمم المتحدة دور في دمار العراق واحتلاله، بحجج واهية لا أساس لها من الصحة، فقد تم إصدار مجموعة من القرارات الجائرة من قبل مجلس الأمن التابع لها، والتي كان لها دورا بارزا في مقتل وتشريد ملايين العراقيين، من خلال فرض حصار جائر كان وقع ثقله الأساس على الشعب العراقي وليس النظام السياسي، شمل منع تزويد العراق بالدواء والغذاء وأي مستلزمات أخرى، كذلك فرق التفتيش على الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية المفترضة، التي كانت عبارة عن فرق تجسس تابعة لأمريكا وإسرائيل ودول الغرب، بعدها غزت أمريكا العراق عام 2003، وسط صمت مطبق من الأمم المتحدة، والتي اعترفت بالقوات الأمريكية قوات محتلة للعراق، دون إن توجه أي انتقاد أو دعوة لأمريكا للانسحاب، على اثر الاحتلال فقد شهد العراق دمارا في بنيته التحتية وتماسكه المجتمعي من خلال انتشار الإرهاب وعمليات القتل الطائفي والقومي، ثم الفساد المالي والإداري الذي نخر الاقتصاد العراقي، والفوضى في الحكم وإتباع المحاصصة الطائفية والقومية في استلام المناصب الحكومية بدلا من الكفاءة والخبرة، والانفلات الأمني الذي توج باجتياح تنظيم داعش لأجزاء واسعة من العراق عام 2014، الذي لا زال العراق يدفع الثمن في القضاء عليه.
كذلك قيام الأمم المتحدة بفرض ترسيم الحدود مع الكويت دون ترك الموضوع للمفاوضات بين الجانبين، خاصة وان الفصل السادس من الميثاق وعلى الأخص في المادة 33 منه الذي نص على الوسائل السلمية في حل النزاعات، وهي الوسائل السياسية أو الدبلوماسية والوسائل القضائية، وكذا اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية، وفي المادة 312 من الميثاق والتي ألزمت الدول الأعضاء في الجماعة الدولية وليست الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بأن يسووا ما بينهم من منازعات بالوسائل السلمية شريطة ألا يتعارض هذا مع الميثاق أو أن يضر بالسلم والأمن الدوليين أو أن يعرضه للخطر نفس الحكم نصت عليه المادة 33/1 من الميثاق والتي أوجبت على جميع الدول في جميع المنازعات التي من شأنها أن تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر أن يبادروا إلى حله بطريقة المفاوضة والتحقيق والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو أن يختاروا اللجوء إلى التنظيمات والوكالات الإقليمية أو أن يختاروا الحل الذي يناسبهم. لقد كانت الأمم المتحدة بعيدة كل البعد عن مساعدة العراق في الأمن والاستقرار، واكتفت فقط بالتنديد والاستنكار والقلق على لسان أمناءها العامين.
6- البحرين،، في الوقت الذي تدعي فيه الأمم المتحدة أنها مع حق الشعوب في تقرير المصير، وتحقيق الإصلاح، ومنع الأنظمة من الاستبداد، وإنها مع المطالب السلمية للشعوب ونبذ العنف، إلا أنها لم يكن لها دور هناك، فعلى الرغم من أن ثورة البحرين ثورة سلمية ومطالبهم كانت واقعية وضمن ميثاق الأمم المتحدة، ولم تستخدم العنف، بل لم تقابل عنف النظام بالقوة، بل إن الثورة البحرينية هي أقدم ثورة في المنطقة، وبدأت قبل استقلال البلاد عام 1971، واستمرت في سلميتها ومطالبها العادلة، ولكن نرى إن الأمم المتحدة لم تساعد شعب البحرين على تحقيق مطالبه السلمية، بل لم تنتقد التدخل السعودي في البحرين، لهذا كانت مواقفها هنا كسابقاتها انعكاسا للتأثيرات الإقليمية والدولية، حتى إن منظمة (منظمة حقوق الإنسان الدولية) انتقدت في تقريرها السنوي لعام 2010 (بان كي مون) بشدة متهمةً إياه بالفشل في الدفاع عن حقوق الإنسان في الدول ذات "الأنظمة القمعية"، ومنها البحرين.
7- قوات حفظ السلام التي تنشرها الأمم المتحدة في الشرق الأوسط في لبنان وسيناء وسوريا في الجولان المحتل، لم يكن لها دور فعال في حفظ الأمن والسلام على الحدود الدولية بين هذه الدول وإسرائيل التي لا زالت تقوم بانتهاكات واسعة عبر الحدود من قصف مدفعي وبالطائرات، وقد قامت في تموز 2006، بهجوم شرس على لبنان أدى إلى تدمير الجنوب ومقتل وتشريد الآلاف من اللبنانيين، كذلك ضرب الجيش السوري أكثر من مرة، ومقتل عدد من قادة المقاومة في حزب الله، كل هذه الاعتداءات ولكن لم نرى من الأمم المتحدة موقف حازم أو توجيه عقوبة واحدة ضد إسرائيل، بل كانت تدعو الأطراف للتهدئة، وهي لغة تعد خاضعة في مجملها لإسرائيل.
8- في الصومال لم تتغير الصورة، فلم يكن للأمم المتحدة دور في إنهاء الحرب الأهلية، أو المشاركة في جمع الفقراء الصراع في البلاد، بل تركت البلاد لقوات السلام الأفريقية، التي ليس لديها خبرة أو إدارة فعالة للازمات كأزمة الصومال، علما إن اغلب الدول المشاركة في الصومال تعاني هي الأخرى من مشاكل داخلية وحروب عصابات مستمرة، كما في أوغندا وتشاد وغيرها.
هناك عدة أسباب تقف وراء عدم فعالية الأمم المتحدة في تنفيذ القرارات الدولية والمساهمة فيوقف الانتهاكات والحروب والصراعات الداخلية، وعدم قدرتها على إيقاف الدول الكبرى عن تنفيذ أجندتها بالقوة المسلحة ضد الدول الأخرى، أن الأمم المتحدة تبدو عقيمة لأن الدول الأعضاء غير متعاونة على الإطلاق مع بعضها البعض، فالأمم المتحدة عبارة عن كتلة من الأجزاء وعندما تعمل هذه الأجزاء ضد بعضها البعض فإن النتيجة الحتمية ستكون الجمود والعجز، ومن هذه الأسباب هي:
1- أن تفاقم الأزمات، كشف ضعف أداء أجهزة الأمم المتحدة كافة وبدرجات متفاوتة، واتساع الخروقات لقراراتها، وتحولت وظائفها إلي طقوس شكلية، وإذا أخذنا الشرق الأوسط مثالا، فسنجد أن هذه الحالة لم تعد مقصورة علي قضية فلسطين، التي حفظت في الأدراج عشرات القرارات بشأنها، بل صارت حالة عامة في مختلف الأزمات، إذ يتعامل الأمناء العامين ومبعوثو السكرتير العام للأمم المتحدة مع الأزمات المكلفين بالسعي إلي حلها بطريقة الموظف الإداري الذي لا يعنيه أكثر من رفع تقارير عن مهمته، بغض النظر عن محتواها، ولم يعد مدهشا أن يتعامل بعضهم مع انتهاكات فادحة لميثاق الأمم المتحدة، وجرائم بشعة تزهق فيها أرواح مدنيين كل يوم، كما لو أنها من طبائع الأمور.
2- ظهرت قوى إقليمية ودولية لايستهان بها وأصبحت تشكل محاور مهمة، مثل مجموعة بركس (البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب أفريقيا)، ومجموعة دول العشرين ومجموعة نمور آسيا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي الذي تلعب فيه ألمانيا دور العملاق الاقتصادي وإيران، وكانت بعضها سببا في تفاقم الصراعات في الشرق الأوسط.
3- ظهور كوارث دولية أخرى إضافة للصراعات المسلحة، وهي لم تكن في الحسبان عند إنشاء الأمم المتحدة، وتشكل خطرا وجوديا على الإنسانية جمعاء، وهي التحديات البيئية، كالاحتباس الحراري الذي أدى إلى التغيرات المناخية، مثل الكوارث الطبيعية والتلوث والتصحر وثقب الأوزون وغيرها، ثم الأوبئة والفقر المدقع والتمييز والإرهاب واستغلال الأطفال والعنف ضد النساء وتشرد الملايين، وزيادة حجم اللجوء والاتجار بالبشر وانتشار المخدرات والجريمة المنظمة والتزوير الالكتروني وانتشار الألغام الأرضية والقرصنة والانفجار السكاني وانتشار مدن الصفيح والعشوائيات وغير ذلك من تحديات تؤثر على كل البشر، بعد أن حولت العولمة عالم اليوم إلى قرية صغيرة مترابطة بشكل يكاد يكون أقرب إلى الخيال العلمي.
4- تعاظم دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص وأصبح هذا التحالف الشعبي يلعب دورا فاعلا ومؤثرا في سياسات المنظمة الدولية، خاصة في القضايا المشتركة بين بني البشر كحقوق الإنسان والسكان والبيئة ومحاربة الفقر وسباق التسلح والخطر النووي والفضاء الخارجي والتنمية المستدامة وغيرها الكثير، لقد أطلق على هذا التجمع لقب الأمم المتحدة الثالثة، على اعتبار أن الأولى تمثل الدول الأعضاء والثانية تمثل اللاعبين أو الموظفين أو ما نسميه بالمسرح والممثلين.
5- التعسف في استخدام حق النقض "الفيتو" للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين، ولم تنجح الأمم المتحدة في القيام بأي شيء حيال هذا الوضع لحل النزاعات، فقد استخدمت الولايات المتحدة الفيتو 14 مرة منذ انتهاء الحرب الباردة، بينما لجأت إليه روسيا 11 مرة، واستخدمت كلتا الدولتين الفيتو لحماية حلفائهما، إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة، وسوريا مؤخرا بالنسبة للروس، والعديد من مشاريع القرار لا تصل حتى إلى مرحلة التصويت، بسبب التهديد باستخدام الفيتو.
وهذا لا يمكن أن يستخلص منه إلا نتيجة واحدة مؤداها فشل المنظمة الدولية في حفظ السلم والأمن الدوليين في تحقيق الأهداف والغايات التي أنشأت من أجلها، وعجزها عن مواجهة أي عدوان أو حرب تتم بالمخالفة لنصوص الميثاق والقانون الدولي، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفوضى الدولية وسيطرت الدول الكبرى على مقدرات الشعوب، وبعد ذلك تعالت الأصوات بتعديل وإصلاح الأمم المتحدة حتى تساير المستجدات الدولية والأحداث التي تواجهها، وهذا مما يستوجب تفعيل دور منظمة الأمم المتحدة وإخراجها من مرحلة الاحتضار وإعادة أدوارها حتى يتمكن المجتمع الدولي من تحقيق السلم العالمي، والإصلاح يتم من خلال الآتي:
1- ضرورة التفكير في إيجاد نظام دولي متكامل في إطار الأمم المتحدة لإدارة المساعدات الدولية ذات الصلة يدعم مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول عموما وخاصة الدول النامية، وهذا مقترح يقضي نهائيا على الازدواج المؤسس داخل الهيئة الدولية نفسها، ويتسم تطبيقه باليسر بمكان من خلال إجراء حوار دولي تسهم فيه كافة المؤسسات والأجهزة ذات الصلة بهذا الموضوع وذلك بهدف تقديم الدعم المناسب للمجتمع الدولي لمواجهات العقبات التي تعترضه في هذا المجال.
2- لابد من تفعيل دور مجلس الأمن في هذا المجال من خلال الحد من استخدام حق الفيتو أو على الأقل ترشيد استخدام هذا الحق في مواجهة الأزمات ذات طبيعة معينة من شأنها أن تؤثر في مسألة حفظ السلم والأمن الدوليين، وزيادة عدد الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن وعدم قصرها على مجموعة الدول الخمس الكبرى فقط لأن هناك العديد من الدول الكبرى التي تشكل قوى فاعلة على المستوى الدولي وتلعب دورا ملحوظا في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين.
3- تحقيق التعاون والتفاعل فيما بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية أمر ضروري تتطلبه الحالة العالمية الدائمة التغير من خلال تفعيل تطبيق الفصل الثامن من الميثاق ويأخذ التعاون والتفاعل فيما بين الأمم المتخذة والمنظمات الإقليمية خمسة صور أو أشكال أهمها التشاور والدعم الدبلوماسي وردع العدوان وإعمال حق الدفاع الشرعي وإرسال البعثات والوفود إلى بؤر التوتر في العالم، وهو ما يسمى بالعمليات المشتركة التي تتم بالمشاركة بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية.
4- ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري داخل الجهاز الإداري للمنظمات الدولية من خلال الدقة في اختيار موظفي الأمانة العامة وتفعيل دور الأمين العام المساعد للارتقاء بمستوى الأداء الإداري داخل الجهاز الإداري للمنظمة وهو أمر يعتمد على وضع معايير وأسس واضحة للاختيار مع عدم إهمال أصحاب الخبرة والتخصص.
اضف تعليق