منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وحتى الان تمارس الولايات المتحدة الامريكية ابشع اساليب القتل والتدمير ضد جميع الدول التي تختلف معها او تخالفها في خططها الاستراتيجية لفرض الهيمنة والنفوذ على جميع العالم، تحت شعار نشر الديمقراطية تارة ومحاربة الارهاب تارة اخرى.
الارهاب لا يعالج بإرهاب مضاد وبالتالي فان ما قامت به الولايات المتحدة الامريكية في افغانستان لا يختلف مطلقا مع ما قام به مهاجموا امريكا في الحادي عشر من ايلول سبتمبر عام 2001، باستثناء ان ارهاب القاعدة قامت بقتل ما يقرب من ثلاثة الاف انسان فقط، فيما لا تزال اثار الغزو الامريكي لأفغانستان تفضح الغطرسة الامريكية، إذ حولت الالة الحربية هذا البلد الفقير الى بلد افقر وربما سيتحول لاحقا الى لا شيء نتيجة توسع نشاط الحركات الارهابية فيه بعد غياب حكم القانون.
من جانب اخر فان الديمقراطية ايضا لا تنشر عن طريق القتل والتنكيل بالأخر، ونفس الممارسات التي استعملتها في حروبها ضد ما تسميه الارهاب وظفتها في (فتوحاتها لنشر الديمقراطية والسلام في انحاء العالم)، ومن يعارض هذين التوجهين (الحرب على الارهاب ونشر الديمقراطية)، فهو معارض للقيم الانسانية بحسب المنطق الامريكي.
بعد خمسة عشر عاما من هجمات الحادي عشر من سبتمبر ايلول عام 2001، خرجت علينا الولايات المتحدة الامريكية بقانون تحت مسمى "العدالة ضد الدول الراعية للإرهاب"، والذي حسب مضمونه يستهدف السعودية بالدرجة الاساس ولا يستبعد الدول الاخرى، وهذا واضح من عنوانه، وقد احتفلت الدول المناوئة للسعودية او التي لاقت مرارة الدعم السعودي للإرهاب من خلال توفير الغطاء الديني (الفتاوى التكفيرية)، والدعم المادي (التبرعات المالية)، وكان العراق من اشد الدول تضررا من هذا النهج السعودي الارهابي والذي لا يزال يمارس بأبشع صوره ضد الشعب العراقي وتوسع ليشمل الشعوب الاخرى في سوريا واليمن.
لا نختلف مطلقا بان السعودية تمثل اكبر داعم للإرهاب في جميع انحاء العالم، ولكن قد يختلف البعض بان الولايات المتحدة الامريكية هي اكبر ممارس للإرهاب في العالم ايضا، لكن الاساليب والادوات تختلف، وبالتالي لا يمكن ان نحتفل بهذا القانون لأنه سيؤدي الى مقاضات دولة مسؤولة عن عدد كبير من شهداء العراق، (وحتى نتجاوز التعميم السطحي فان هناك اطراف اخرى مشتركة عن قصد او دون قصد في عمليات قتل الشعب العراقي ومنها الطبقة السياسية الحاكمة).
الارهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة الامريكية قديم قدم هذه الدولة التي قامت على اشلاء الهنود الحمر (السكان الاصليين لأمريكا)، ومنذ ذلك الزمن يمارس الامريكيون سياساتهم ضد كل من يقف حائلا امام مشاريعهم التوسعية، والصومال التي تحولت الى دولة تحكمها العصابات شاهدا حيا لمن يريد الدليل، اما افغانستان والعراق وسوريا وليبيا فنشرات الاخبار لا تزال تُذكرنا يوميا بنتائج التدخل الامريكي في هذه الدول وما نتج عنه من تجويع للشعوب واهانة للكرامة الانسانية خلف ستار الشعارات الامريكية البراقة واسلحتها الفتاكة.
لكن السؤال المطروح هنا لماذا انتظرت امريكا كل هذه الفترة لتتأكد ان السعودية هي من ترعى الارهاب؟ وهل ان اجهزتها القضائية والاستخبارية تحتاج لكل هذه المدة الزمنية لتكتشف ان هذه الدول داعمة للإرهاب؟ قد تكون واشنطن غير قادرة على تحديد المجرمين فهي غالبا ما تخطئ اهدافها حتى في الممارسات العسكرية، ففي سوريا قصفت الجيش السوري لما يقرب من ساعة كاملة في مطار دير الزور واكتشفوا انهم يقصفون في المكان الخطأ!! وفي العراق كثيرا ما نسمع عن قصف امريكي ضد الحشد الشعبي عن طريق الخطأ!! اما في افغانستان فالمستشفيات كانت تقصف ايضا عن طريق الخطأ وفي العام الماضي تم قصف مستشفى لمنظمة اطباء بلا حدود ادى الى عشرات الضحايا من المدنيين. اليست الولايات المتحدة غير قادرة على تحديد اهدافها بدقة؟ نعم هي كذلك. وهذا ما دفعها للانتظار كل هذه المدة لتعرف ان السعودية داعمة للإرهاب وراعية له. لكن ما نخشاه ان تقوم واشنطن بتدمير السعودية وتجوع شعبها وفق النموذج الصومالي لتكتشف بعد ذلك انها قصفت في المكان الخطأ وتكتشف لنا عدوا اخر قد يكون العراق او اي دولة تعارض الخطط الامريكية في الشرق الاوسط.
قيمة السعودية الاقتصادية انتهت مع اكتشاف مصادر بديلة للطاقة، وانهيار قيمة النفط السوقية سيؤدي الى انهيار السعودية على يد الولايات المتحدة الامريكية التي وعلى ما يبدو انها تعد العدة للانقضاض على صديقها الحميم، انه منطق الدول العظمى القائم على المصالح والبعيد عن اي قيم انسانية او ديمقراطية. وفي عام 2003 أوْهَمَتْ امريكا السعودية بان القضاء على عدوها اللدود صدام حسين واستخدمت كل الطاقات السعودية من اجل ذلك باعتبار ان ذلك يعود بالمصلحة لها، الا ان الحقيقة كانت مختلفة فواشنطن لا ترى في السعودية الا بنك اموال يغطي بعض الاحتياجات المالية لحروبها. وعلى الدول التي ابتهجت بالطلاق السعودي الامريكي ان تعد العدة لمن سيكون العقاب القادم بعد السعودية.
نعم النظام السعودية مجرم وموغل في دماء الابرياء لكن القانون الامريكي لم يأتي لهذا الهدف مطلقا، ولو كان القضاء الامريكي عادلا لأصدر قوانين ضد الادارات الامريكية وجيشها التي يملك حصة الاسد من التدمير والقتل والتخريب، والسنوات القادمة تحمل الكثير من المتغيرات التي قد تقلب وجه العالم رأسا على عقب، وقد تأتي بشرق اوسط جديد خالٍ من اسم السعودية، لكنه قد لا يخلو من رعاة جدد للإرهاب حسب المنطق الامريكي يجب تدمير بلدانهم!
اضف تعليق