تغير كبير في الموقف القطري تجاه ايران من خلال دعوة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني دول الخليج وإيران إلى تسوية خلافاتها عبر "الحوار"، وذلك في مكالمة هاتفية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، تبادلا خلالها التهاني بعيد الاضحى المبارك، إذ استغل الامير القطري مناسبة العيد لتطبيع اكبر في العلاقات بين البلدين ونأي بالنفس عن الصراع السعودي الايراني في الشرق الاوسط.
وكالة أنباء فارس الإيرانية، ذكرت إن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وصف العلاقات القائمة بين قطر وإيران بـ"الحميمة". وذكرت أن "الشيخ تميم هنأ الرئيس والحكومة والشعب في إيران بعيد الأضحى المبارك، ووصف العلاقات القائمة بين البلدين بالتاريخية والحميمة، وأعرب عن ترحيبه بتعزيز التعاون بينهما على جميع الصعد، مؤكدا أنه يسعى لإقامة علاقات متميزة مع طهران".
اما وكالة الانباء القطرية قالت انه جرى خلال الاتصال تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والتحديات التي تواجه المنطقة وفي مقدمتها ظاهرة الإرهاب، حيث أكد الأمير تميم أن استبداد الأنظمة الديكتاتورية والسياسة الإقصائية التي تتبعها هي من أسباب تفاقم هذه الظاهرة، منوهاً إلى ضرورة معالجة أسبابها واجتثاث جذورها من أجل مكافحتها والقضاء عليها.
الملاحظ ان الارهاب اصبح الوسيلة لفتح اي باب للحوار والتفاهم بين الدول المتحاربة في الشرق الاوسط والتي يهدد الانهيار بعضها بسبب استمرار هذه الحروب سواء كانت بالوكالة او بالتدخل المباشر، وبالتالي فليس مستغربا ان يركز الامير القطري على محاربة الارهاب وهي عبارة فضفاضة لا سيما وان تعريف الارهاب لم يتفق عليه المجتمع الدولي، واذا كان الارهاب الذي يقصده الامير القطري هو ذلك الذي تصنفه الجامعة العربية فهل يعني ذلك ان قطر ستتعاون مع ايران لضرب حزب الله الذي ادرج اسمه على قائمة الارهاب العربية؟ بكل تاكيد لا.
يأتي هذا الحدث القطري الايراني في الوقت الذي تشتد فيه المواجهة بين ايران والسعودية الى اقصى درجاتها والاتهامات المتبادلة والتصعيد هو السمة الابرز لعلاقات البلدين وبالتالي فان هذا الاتصال القطري بالإيرانيين يحمل في طياته مجموعة من الاحتمالات وربما الحقائق:
1- عدم وجود تنسيق سعودي قطري في اطار المواجهة الواسعة مع ايران، وهذا واضح منذ زمن بعيد الا ان الطرفين حاولا ان يخفيا هذا الخلاف بعد صعود نجم ايران كقوة اقليمية في الشرق الاوسط اثر توقيع الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، الا انه لم يستند الى خطط استراتيجية لضمان ديمومته وبالتالي فقد كانت عودة هذا الخلاف متوقعة وربما كانت متأخرة، اذا ما اخذنا في الحسبان ميل امير قطر الحالي تميم بن حمد آل ثاني الى سياسية اقل تصادمية، واميل الى التهدئة في المنطقة الملتهبة بالحروب والفوضى والفتن الطائفية هذه الايام.
2- السعودية التي تحاول ابراز نفسها بانها القائد الفعلي لدول الخليج والدول السنية الاخرى ليست صحيحة وكل ذلك يأتي في اطار الحرب الكلامية والدعائية لصناعة الضد النوعي لإيران التي اثبتت عمليا بانها الممثل الوحيد للمحور الشيعي، ليأتي هذا التقارب بين الدوحة وطهران لينقض على الحلم السعودية بالتي تحاول فرض سطوتها على الدول السنية.
3- وجود رغبة قطرية بالتقارب مع المحور الايراني الروسي في الشرق الاوسط عملا بما قام به حليفها التركي رجب طيب اردوغان، وايمانا منها بعدم جدوى الحل العسكري الذي اصبح ترنيمة الحل بالنسبة لوزير الخارجية السعودية عادل الجبير. فالروس والقطريين باتوا اصدقاء وهذا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يعلن أن التعاون العسكري والعسكري – الفني بين روسيا وقطر يتسم بديناميكية إيجابية ويساعد في ضمان السلام ونشر الاستقرار في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.
التقارب الايراني القطري يأتي في لحظة مهمة من عمر الصراع الايراني السعودي واعلانه بهذه الطريقة في عيد الاضحى المبارك ربما تكون رسالته واضحة للرياض من قبل قطر وايران معا، الغريمين للسعودية مع فارق كبير في حجم الخلاف بين الاطراف الثلاثة.
واذا ما استمرت دول الخليج والدول السنية الاخرى في سياسة الانفتاح على ايران فستجد السعودية نفسها وحيدة في غمار الحرب الباردة ضد ايران، لا سيما مع هبوط الواردات النفطية واحتمالات الانهيار الاقتصادي لتلك الدول، الا ان ذلك ربما سوف يكون مقدمة لإدانة الرياض بانها تقوض الامن والسلم الدوليين اذا ما اخذنا في الاعتبار حدثين مهمين الاول هو مؤتمر غروزني الذي كان يهدف الى التعريف باهل السنة مستثنيا الوهابية منها. بالاضافة الى تصويت مجلسي النواب والشيوخ الامريكيين على قانون العدالة ضد الارهاب الذي يمكن ان يؤدي الى مقاضات السعودية.
العلاقات بين دول الشرق الاوسط تتغير باستمرار وتسير على رمال متحركة، باستثناء السعودية التي تصر على المواجهة في جميع الجبهات، واذا ما استمرت على هذه الحالة فستكون العزلة هي المصير المحتوم لها والاشهر القادمة ستكشف حجم الرغبة القطرية في فك ارتباطها عن الرياض وعزل نفسها من الصراع الايراني السعودي.
اضف تعليق