تطورات كبيرة وأحداث متسارعة تشهدها اليمن منذ انطلاق ثورتها عام 2011، ضد حكم الرئيس (علي عبدالله صالح)، حتى سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء والتقدم نحو الجنوب في 21 أيلول 2014، الأمر الذي مكنهم من السيطرة -حسب تقرير صادر عن مركز أبعاد اليمني للدراسات والبحوث- على نحو 70% من القدرات العسكرية للجيش اليمني، فاليمن تعج بالعديد من المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية المتفاقمة، هذه التطورات بدأت بالاتساع وكما يقول بعض المراقبين بعد تدخل دول الخليج المباشر في هذه المنطقة، وخصوصا تدخلها العسكري المفاجئ في الحرب على اليمن في سبيل تثبيت نفوذها وإعادة الشرعية (حسب قولهم)، والعمل على تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وتحجيم دور إيران، التي باتت هي الأخرى تخشى من اتساع النفوذ السعودي، وبدأوا بالفعل في دعم قوي ومؤثر لأتباعهم في اليمن والمنطقة.
إن أسباب القتال في اليمن عديدة، منها ماهو داخلي، وهو سيطرة الحوثيين على الحكم في اليمن والاستيلاء على العاصمة صنعاء، وهروب الرئيس (عبد ربه منصور هادي)، مما خلق صراعا على السلطة في البلاد، ومحاولة كل طرف إخضاع الطرف الأخر بالقوة من خلال الاستعانة بالخارج، فقد استعان الحوثيون بإيران كمصدر متين أساسي لهم ومدهم بالسلاح والأموال والدعم اللازم، بينما استعان الرئيس المستقيل (هادي) بدول الخليج العربية، وبالخصوص بالسعودية والتي طلقت عملية عاصفة الحزم في نهاية آذار 2015، من اجل إعادة الشرعية على حد قولها، ثم هناك الحراك الجنوبي هو الأخر بدا بالتحرك للاستقلال وإعادة دولة اليمن الجنوبي إلى الوجود مرة أخرى، فعلى الرغم من إن تحركهم بدا سلميا، إلا إن قبائل الجنوب انتفضت ضد الحوثيين، ووقفت ضد تقدمهم نحو الجنوب، بل وقفت بعض القبائل مع القاعدة في السيطرة على المدن كما حصل في حضرموت وأبين قبل إن يتم استعادتها من قبل القوات الإماراتية، بالتوافق مع القاعدة بالانسحاب منها، ولا يمكن إن ننسى إن القاعدة فاعلة في بلاد اليمن منذ زمن طويل، وخاصة في المناطق الجنوبية، بل كانت متواجدة في الشمال وتحظى بالدعم من حزب الإصلاح وعائلة الأحمر، وقد أصبحت طرفا قويا في الصراع بعد سيطرتها على العديد من المدن ومعسكرات الجيش في زنجبار وأبين وسرواح والمكلا في حضرموت وغيرها، وهي سند فاعل إلى جانب قوات التحالف السعودي ضد الحوثيين.
أما العامل الخارجي، هو الآخر لا يقل أهمية عن العامل الداخلي، بل متشابك معه بشكل لافت للنظر، فقد أصبحت اليمن ساحة للصراع الإقليمي والدولي، خاصة وإنها تضم أهم ممرات الملاحة الدولية وهو باب المندب، والذي يمر به اغلب النفط المصدر من الشرق الأوسط نحو الغرب، وان أي سيطرة عليه يعني التحكم بتجارة البترول الدولية، كما إن اليمن تحوي على منابع مهمة للنفط في العالم وخاصة اليمن الجنوبي، فقد ذكرت المصادر إن دراسة جيولوجية صدرت قبل نحو 20 عاما باسم (الكنز المخفي في اليمن) عن شركات مسح عالمية متخصصة في الاستكشافات النفطية كشفت عن وجود بحيرة نفطية هي الأكبر في الجزيرة العربية تقع ما بين محافظات مأرب والجوف وحضرموت وشبوة وأبين، وتضم ثالث اكبر حقل نفطي في العالم، فإذا تم استثمار هذه المنطقة فانه بإمكان اليمن إن يصدر ما مقداره (5.2 ) مليون برميل من هذه المنطقة لوحدها، مما جعل المنطقة محطة للصراع الإقليمي والدولي، بل للصراع بين الإمارات والسعودية حاليا، خاصة بعد تمركز الإمارات في جنوب اليمن واتفاقها مع القاعدة للانسحاب من حضرموت، وهو اتفاق لم يحصل بدون فوائد للطرفين، كما إن السيطرة على جنوب اليمن يعني الوصول إلى بحر العرب فالمحيط الهندي بكل سهولة وبعيدا عن مضيق هرمز وتعقيداته السياسية، لهذا فان الدور الإقليمي والدولي هو الأخر لا يزال يشعل فتيل الحرب في اليمن، من اجل توسيع النفوذ، أو الاتفاق الذي يرضي كل الاطراف المتنافسة والذي هو بعيد المنال حاليا.
وبعد جولات من الحرب بين قوات الحوثيين والرئيس السابق (صالح) من جهة وبين قوات الرئيس المستقيل (هادي) والسعودية من جهة أخرى، وهي مستمرة منذ أكثر من عام، وقد أدت إلى مقتل الآلاف من اليمنيين بالغارات السعودية وجرح الآخرين، كذلك تدمير للبنى التحتية في اليمن، واغلب المباني الأثرية والجوامع، وأصبح اليمن مثقل بالمشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية، فمستوى الفقر شمل اغلب السكان بسبب الحصار السعودي الخليجي المطبق، ورغم تدخل الأمم المتحدة في حل النزاع وإيفاد مبعوثيها، الأول (جمال بن عمر)، ثم تم استبداله بـ(إسماعيل ولد الشيخ احمد)، ورغم عقد العديد من المفاوضات في عدة دول منها جنيف1، وجنيف2، وفي سلطنة عمان، وأخرها المفاوضات المستمرة في الكويت والتي بدأت في 21 نيسان 2016.
إلا إن الأزمة في اليمن لا زالت مستمرة والحرب مستعرة، لهذا اتجه الحوثيين وباتفاق مع حليفهم الرئيس السابق (صالح) على تشكيل المجلس السياسي لإدارة اليمن، والذي بموجبه ستتحدد مسؤولية قيادة البلاد، وتسيير أعمال الدولة وفقاً للدستور الدائم للجمهورية اليمنية والقوانين النافذة، يكون مقره العاصمة صنعاء، يتكون من عشرة أشخاص بالمناصفة بين الطرفين، على إن تكون الرئاسة دورية بين المؤتمر الشعبي العام وأنصار الله الحوثيين، ويسري ذلك على نائب الرئيس أيضا، وحسب بعض التقارير، فان هناك عدة دول دعمت تشكيل مجلس سياسي أعلى لإدارة الحكم في البلاد، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران وألمانيا والصين وكوريا الشمالية إضافة إلى دول عربية (لم يسمها البيان).
إن تشكيل المجلس السياسي جاء لعدة أسباب، منها:
1- لإدارة اليمن، والذي بموجبه ستتحدد مسؤولية قيادة البلاد، وتسيير أعمال الدولة، ورسم السياسة العامة للدولة، وفقاً للدستور الدائم للجمهورية اليمنية والقوانين النافذة.
2- توحيد الجهود لمواجهة العدوان السعودي وحلفاؤه ولإدارة شؤون الدولة في البلاد سياسياً، وعسكرياً، وأمنياً، واقتصاديا، وإداريا، واجتماعيا.
3- أكد القائمون على تأسيس المجلس انه يهدف إلى صيانة البلد ومؤسساته والروح الوطنية اليمنية بين مختلف شرائح الشعب اليمني.
4- ترتيب وضع البلد السياسي وسد الفراغ حرصا على إتاحة الفرصة للمشاورات في الكويت حتى تصل إلى نتيجة لحل الأزمة في اليمن. إذ لا يمكن إن تبقى البلاد بدون أفق زمني ولا سياسي في ظل الحرب المستعرة.
5- إن الاتفاق لإنشاء المجلس السياسي الأعلى لإدارة اليمن سيترتب عليه إلغاء الإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثيون اثر سيطرتهم على الحكم في البلاد في 21 أيلول 2014، وسوف يستأنف مجلسي النواب والشورى لعملهما والذي كان الحوثيون بموجب إعلانهم الدستوري قد حلوهما، كما سيتم تشكيل حكومة جديدة من حزب المؤتمر الشعبي العام والحوثيين والقوى السياسية الأخرى وإلغاء التعيينات كافة التي قام بها الحوثيون.
6- تقليل العداء ضد الحوثيين، من خلال دعوة كل الاطراف اليمنية للمشاركة في إدارة البلاد، وكسب بعض الأحزاب التي تطالب بالمشاركة في السلطة، ويقطع الطريق على أطراف العدوان ضد اليمن من خلال إبطال حجتهم من إن الحوثيين هم من يدير البلد، مما يقود إلى احتمال حدوث انشقاقات داخل تحالف هادي والسعودية، وهو مؤشر بدا واضحا من خلال عودة وفد الرئيس المستقيل (هادي) إلى مفاوضات الكويت بعد انسحابه منها بسبب إعلان تشكيل المجلس، وهنا فالهدف هو إشراك الكل في إدارة البلاد، وإعطاء وفد الحوثيين وصالح في المفاوضات في الكويت فرصة جيدة لكسب التفاوض لصالحهم من خلال إشراك اغلب أحزاب البلاد في المفاوضات وإظهارها بمظهر الوفد الشامل لكل اليمن وليس للحوثيين.
7- ان الاتفاق على تشكيل المجلس السياسي الأعلى يصب في إطار المطالب الدولية التي كانت تطالب الحوثيين بإلغاء ما يسمونه الانقلاب على الشرعية في اليمن، وهو سوف يحظى بالدعم الدولي مستقبلا وانضمام كل الاطراف له، ولا يتعارض مع القرار الاممي رقم الخاص باليمن (2216)، وربما يكون هذا الحل مقبول دوليا للخروج بحل سياسي لازمة اليمن بعد فشل الحلول العسكرية.
8- إن احتمال مشاركة اغلب الاطراف اليمنية في هذا المجلس كبيرة جدا، خاصة وان السعودية تعاني من أزمة مالية خانقة جدا، وإنها أدركت تورطها في حرب اليمن، ولأكثر من عام دون تحقيق نتائج، فصمود الحوثيين وقوات صالح لهذا الوقت، وعقدها هدنة على الحدود مع الحوثيين يثبت فشلها في إدارة الحرب، لهذا فان إعلان المجلس بهذه الصيغة الحالية وعودة الوفد اليمني السعودي لمفاوضات الكويت، هو دليل على إن هذا المجلس جاء باتفاق بين كل الاطراف المشاركة في الأزمة اليمنية للخروج من هذا المأزق.
سيناريو التقسيم
بعض التحليلات وهي على الأغلب تؤكد إن اليمن يتجه الان نحو التقسيم إلى دولتين شمالية وجنوبية، خاصة وان الأحداث منذ بدايتها كانت تؤشر ذلك، فقد تم تقسيم اليمن فعليا بفعل الحرب بين الحكومة المدعومة من السعودية للرئيس المستقيل (عبد ربه منصور هادي) وبين الحوثيين وإتباع الرئيس السابق (علي عبدالله صالح)، ومن غير المرجح أن تنجح خارطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة في توحيد البلاد مرة أخرى، ولكنها قد تنجح في الحفاظ على وقف إطلاق النار الهش في البلاد، وهناك عدة أسباب تدعم هذا التوجه، منها:
1- إن تعقيدات المشهد السياسي اليمني، ترتبِط بتعقيد بنيته الاجتماعية وتداخلاتها قبليا ومذهبيا ومناطقيا، مع حضور مكونات سياسية وطنيٍة ذات ارتباط حِزبيٍ يعلي من أجندته التحديثية في إطار الوطن، بما هو فوق مصالحِ القبيلة ومرجعياتها، المؤسسات في اليمن لا تملك إرث وخبرات في البناءِ المؤسسي للدولَة الحديثة وآلياتها القانونِية، حيث العقل السياسي اليمني لا يستند إلى محددات الدستور ونواظِمِ العملِ المؤَسسي، وان إعادة الاعتبار للدولة ونظامها السياسي، والى العمل عبر الآليات القانونِية والمؤسسية، لا تقِره مجموعات المصالح، ورموز الفساد الّتي تسيطر على غالبية المؤَسسات العسكرية والأمنية والاقتصادية، ونجاح الثورة هنا لا يتَحقَّق بالإطاحة بالرئيس، بل بهيكلَة مؤسسات الدولة، وما يرافق ذلك من قيادات جديدة لم تكن من رموز النظام، وهو الأمر الّذي يترتب عليه تغيير كبير في شكل النظام وطبيعته، وفي قياداته ذات الجذور الاجتماعية المغايرة للنُخبة السابقَة. لكن هذا؛ قد لا يتحقّق بالكامل، فدونه تعقيدات قد تفَجِر المشهدَ برمته؛ وذلك ليس من قوة مقاومة رموز النظام السابق، بل من دعمِ الخارجِ الإقليمي والدولي لِذات النُخَب، ورفضها إكمال مسار التغيير بطبيعته الثورية.
2- القرارات الدولية التي طرحت لحل أزمة اليمن كانت مسيسة، ولم تراعي توازن القوى أو المطالب المحقة لأهل اليمن، اغلبها كانت تصب في صالح السعودية وإتباعها في اليمن ومنها القرار 2216 الذي تم اعتماده من قبل مجلس الأمن في نيسان عام 2015 بهدف توفير إطار للحل في الحرب اليمنية، ويبدو هذا القرار هو وثيقة أحادية الجانب تلوم الحوثيين وحلفاءهم من أنصار الرئيس السابق (علي عبد الله صالح) وتطالب بانسحاب قواتهم من العاصمة صنعاء وإعادة حكومة الرئيس المستقيل (هادي)، حتى إن الروس قد امتنعوا بدورهم عن التصويت على القرار الذي وصفوه بأنه أحادي الجانب.
3- الحوثيون الذين نجحوا في السيطرة على مفاصل الدولة اليمنية، بعد دخولهم صنعاء بشكل شبه سلمي في 21 أيلول 2014، لن يتخلوا عما أنجزوه بهذه السهولة، فقد نقلت بعض وسائل الإعلام عن الحوثيون قولهم إن السلطة التي فقدوها قبل 50 عاما عادت إليهم مرة أخرى، وهو المقصود الحكم الملكي الأمامي قبل ثورة 1962، وقد يفضل الحوثيون الاحتفاظ بالعاصمة اليمنية صنعاء وغيرها من المدن الشمالية الكبرى على غموض الدخول في حكومة انتقالية، وبحكم الأمر الواقع، يسيطر الحوثيون على الشمال حيث الأغلبية الزيدية، في حين يتمتع الجنوب بأغلبية سنية، لهذا فان دوافع التقسيم موجودة ولكن الكل في انتظار من يطلقها أولا.
4- وتبرز علاقات الداخل بالخارجِ الإقليمي والدولي؛ ليس من خلال عَلاقة الدّولة في اليمن بنظيراتها إقليميا ودوليا، بل المقصود علاقات رموز القبيلة مع دول الجوار (الأُسر الحاكمة) ذات التكوين الأُسري والقبلي، وامتيازات العائد النفطي، فالنظام السعودي على وجه الخصوص، لا يقر بتعبير الثورة ودلالاتها في التغيير، فهو حارب الثورة اليمنية عامَ 1962، ولم يستقر الوضع حينذاك إلا بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية بين قوى الثورة والقوى المضادة لها، والمدعومة سعوديا وأميركيا، وذات النظام؛ ارتعدت فرائصه من الثورةِ في الجنوب، واعتماد نظام اشتراكي التوجه، فكان بالمرصاد، في إطار حروب بالوكالة لصالح الولايات المتحدة في حروبها المعلنة ضد الاتحاد السوفييتي، ورغم الترحيب الشكليِ من السعودية بوحدَة اليمن، إلا أنها كانت قلقة من تحرك المشهد اليمني عام 1992، في إطار نظام سياسي قويٍ لو قاعدة ديموغرافية كبيرة (عدد سكان اليمن يفوق عدد سكان دول الخليج مجتمعة)، وهنا لا تقبل السعودية تغييرا ثوريا على حدودها الجنوبية، كما أنها لم تقبل إصلاحات ديمقراطية ودستوريةً على حدودها الشرقية (البحرين).
5- قيام الانفصاليين الجنوبيين -الذين كانوا حتى وقت قريب يشاركون في جلسات الحوار الوطني- بإعلان الانفصال والحكم الذاتي بذريعة سيطرة الحوثيين على صنعاء وهم الان يسعون للسيطرة على محافظة شبوة التي تعتبر ثالث اكبر المحافظات اليمنية، وكان تنظيم القاعدة قد سيطر على معسكر القوات البرية للجيش اليمني في محافظة شبوة، وقد تذرع انفصاليو الجنوب بهذا الأمر لكي يضمون صوتهم إلى السعودية وحزب الإصلاح، ولكن غاياتهم الانفصال وإعادة دولة اليمن الجنوبي، وقد دعمت السعودية التمرد الانفصالي الجنوبي في عام 1994، وفي منطقة الشرق الأوسط فإن الانقسامات المؤقتة غالبا ما تميل لتصبح دائمة.
6- هناك دول خليجية أخرى تخطط لفصل شمال اليمن عن جنوبه، وهي الإمارات، إذ ومنذ مشاركتها في التحالف ضد اليمن مع السعودية وهي تريد استثمار الفرصة لتحقيق طموحاتها، فهي تخطط لمنع الوصول إلى اليمن تحت حكم حزب الإصلاح الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والذين تعتبرهم أبو ظبي عدوها الأول والخطر الأساسي على وجودها، ولهم وجود قوي وأنصار بين القبائل في شمال اليمن، لا يقتصر الدور الإماراتي فيما يبدو على دعم فكرة الانفصال، فحسب بل ذكرت بعض التقارير إن هناك اجتماعات نظمتها أبو ظبي لمسؤولين في الحراك الجنوبي، كما أن مسؤولين جنوبيين موالين للإمارات قاموا بتنظيم حملات لترحيل الآلاف من الشماليين قسرا من مناطق الجنوب دون أي تهم، إضافة إلى وجود خلاف سعودي إماراتي في اليمن قاد إلى عزل نائب الرئيس ورئيس الوزراء (خالد بحاح) وتعيين (احمد بن دغر) بدلا عنه، واندفاع الإمارات باتجاه السيطرة عسكريا على المشهد في حضرموت والمهرة وشبوه وباقي محافظات الجنوب، وامتناعها عن التوجه إلى تعز القريبة من عدن،، لان هذه المحافظات تضم ثالث اكبر حقل للنفط في العالم، وما يمكن ملاحظته أيضا تكريس وسائل الإعلام الإماراتية تغطيتها عن اليمن لإبراز قضية الانفصال والتعامل معها كأمر واقع، في خطوة تدل على محاولة إقناع الرأي العام بأن اليمن ذاهب إلى الانفصال الوشيك، خاصة وإنها تستضيف أيضا نجل الرئيس السابق ( احمد علي عبدالله صالح) وهو تنسيق يعتبر بعيد الأمد لتقسيم اليمن، هو سعي إماراتي لتكون لها اليد العليا في شؤون جنوب اليمن بعد الانفصال.
7- إن استمرار الحرب في اليمن لأكثر من عام دون نتيجة تذكر من كلا الطرفين، أو حل سياسي ينهي الأزمة سوف يقود حتما إلى تقسيم اليمن، لان عجز الأطراف عن تحقيق تقدم عسكري أو سياسي سيقود إلى إيقاف الحرب بين الطرفين مع احتفاظ كل طرف بمكاسبه على الأرض وهو ما يعد تقسيما بحكم الأمر الواقع، خاصة وان هناك حكومتان في اليمن الأولى في صنعاء والأخرى في عدن، وقد جاء تشكيل المجلس السياسي الأعلى لإدارة اليمن وتقاسمه بين الحوثيين وصالح كمرحلة أولى، إشارة إلى بوادر التقسيم المقبلة لليمن.
8- ولا يمكن تجاهل دور إيران المحوري في أزمة اليمن، فعلى الرغم من دعوتها لحل أزمة اليمن سلميا وعبر المفاوضات، وإنها مع وحدة اليمن، إلا إن دعمها للحوثيين بقوة واندفاعهم نحو السيطرة على العاصمة صنعاء والتقدم نحو الجنوب، هو مؤشر أخر على الدور الخفي لإيران في تقسيم اليمن، لان مصلحة إيران هي في دولة مستقرة موالية لها، مسيطر عليها من قبل الحوثيين الشيعة –على اعتبار إن الرئيس السابق (علي عبدالله صالح) هو من الطائفة الزيدية أيضا- وهو أمر تسعى إليه بكل قوة.
خلاصة القول، إن ما يتم تجاهله في اليمن وباقي الدول في الشرق الأوسط هو إن شعوب هذه الدول لديها مطالب متراكمة منذ سنوات، وان هذه الشعوب تدفع ثمن عدم تلبية هذه المطالب، كما إن الأقليات في هذه الدول قد تعرضت لسنوات إلى الظلم والتهميش ويجب إن يضاف إلى هذا كله إن التدخلات الأجنبية والإقليمية حالت دون نجاح الثورات الشعبية وخاصة في اليمن، وإنّ مفتاح الاستقرار في اليمن، يَكمن في إكمال مسار التغيير السياسي الشامل، لتثبيت أُسس الدولة المدنية ومرتكزاتها في المواطنة وسيادةِ القانون، واعتماد سياسات اقتصادية رشيدة، وبهذا لابد من التّوافق المجتمعي على قواعد العملِ السياسي الوطني وآلياته، بعيدا عن المرجعيات القبلية والمذهبية، تأسيسا للوطنِ الجامع، ودعما وترسيخا لوحدته، في إطار منظور سياسي وإنمائي، يعتمد فيدرالية الأقاليم الّتي تعمل في إطار الدولة الواحدة.
اضف تعليق