تضخم عدد اعضاء مجلس النواب العراقي الى 328 نائب، يستنزف موازنة الدولة، مما يسهم بجلسات وقوانين ضعيفة المستوى، تفرط بحقوق الناس ولا تحمى سوى مصالح السلطة وتنمي مصالحهم الخاصة، وتتخم جيوبهم، ويكونون مجلس نواب يحكمه ويتحكم بقراراته -واقعيا- بضعة اشخاص هم رؤساء الكتل والاحزاب السياسية.
ويستند هذا العدد المضخم الى نص المادة (49/اولاً) من الدستور القائلة: (يتكون مجلس النواب من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي باكمله...).
والحقيقية ان هذا النص يتحمل ثلاثة تفسيرات:
التفسير الاول: نائب لكل مائة الف عراقي: سواء اكان له حق الانتخاب ام لا، اي ان يكون معنى (نفوس العراق- الواردة في النص) نفوس العراقيين جميعا، بضمنهم من لا يحق لهم الانتخاب كالأطفال والمجانين وغيرهم. وهذا تفسير يؤدي الى تضخيم عدد اعضاء مجلس النواب مع ازدياد نفوس العراقيين فلو وصل عدد العراقيين الى (40) مليون فسيكون عدد اعضاء مجلس النواب (400) نائب فاذا وصل لخمسين مليون يكون عددهم (500) نائب، ولن يقف العدد عند حد معين بل سيزيد سنة بعد اخرى، وهذا تفسير غير مقبول ويحمل موازنة الدولة ما لا يمكن تبريره، اضافة الى عيوب اخرى.
التفسير الثاني: نائب لكل مئة الف نسمة لها حق الانتخاب: فيكون تفسير لفظ (نفوس العراق) هو (نفوس العراقيين ممن لهم حق الانتخاب)، والحقيقة ان هذا التفسير هو الاقرب الى المنطق لان النائب -واقعيا- لا يمكن ان يمثل من لا يحق له انتخابه، ولعل ذلك هو سبب قول الدستور (يمثلون الشعب العراقي بأكمله) لانهم على التفسير الاول يمثلونه بأكمله دونما حاجة لهذه العبارة، ولكن لان المقصود هو (نائب هو مائة الف نسمة ممن يحق لها الانتخاب) ولا يوجد من يمثل العراقيين ممن ليس لهم حق الانتخاب، لذا احتاج الدستور لوضع هذه العبارة لتأكيد انهم يمثلون كل الشعب بضمنهم من لا يكون لهم الحق بانتخابهم.
ان هذا التفسير يؤدي الى تقليص عدد اعضاء مجلس النواب الى النصف. وهو التفسير الصحيح الذي نتبناه للنص، لأنه يحقق العدالة ويخفف عيوب التفسير الاول، فاذا كان عدد الناخبين بالعراق حسب السجلات الانتخابية (15) مليون فيكون عدد اعضاء مجلس النواب (150 نائب فقط).
التفسير الثالث: نائب لكل مائة ألف نسمة تنتخب: اي ان يكون عدد اعضاء مجلس النواب بمقدار نائب واحد لكل مائة ألف نسمة مارسوا حق الانتخاب فقط، فلو ذهب (8) ملايين عراقي فانتخبوا، فيكون عدد النواب (80) نائب فقط، وهذا التفسير يقلص عدد اعضاء مجلس النواب اكثر مما يقلصه التفسير الثاني، الا ان عيبه عدم انضباطه لأنه يعتمد على مدى اقبال الناس على صناديق الاقتراع.
لقد اختارت الاحزاب والكتل السياسية التفسير الاول فوضعته في المادة (11) من قانون انتخاب مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013، فوسعت به نطاق اعضاء مجلس النواب بطريقة غير مقبولة واضافت له (8) نواب جدد باسم كوتا المكونات، ويتوجب الضغط والتحشيد ورفع الاصوات لاعتماد التفسير الثاني ووضعه بديلا عن المادة (11) المذكورة.
اضف تعليق