رغم ان قانون العفو العام لم يتضمن سوى (16) مادة، وتكون من (1161) كلمة، الا ان صياغته كانت ركيكة ومتهافتة الى حد معيب ومخجل، مما سيفتح الباب واسعا للتفسير والتأويل المزاجي، ويهيأ اجواءا لتبني تفسيرا يجامل الموالين واخر يقسو على المعارضين.
اليكم عيوب الصياغة (المخجلة حد القرف) في اهم واخطر مادة فيه، هي المادة (5) المكونة من (200) كلمة فقط، التي جاءت بالجرائم المستثناة من العفو:-
اولا:- منعت المادة (5/ثانيا) جريمتين من ان تشملا بالعفو هما (1-جريمة تخريب مؤسسات الدولة، 2-جريمة محاربة القوات المسلحة)؟؟؟ واردفتهما مع استثناء الجرائم الارهابية، الا ان هاتين الجريمتين غير معروفتين اسما ووصفا في القانون العراقي، فتكون تلك العبارات عبارات انشائية، لا وجود لمعنى قانوني محدد لها، وليس لدي تفسير لسبب اردافها بجرائم الارهاب، فهل يقصد من اردف تلك العباراتين الإنشائيتين مع الجريمة الارهابية استثناء الجريمة الارهابية التي تؤدي الى تخريب مؤسسات الدولة او تتضمن محارية القوات المسلحة العراقية؟؟؟ ام انه يقصد جريمتين تقعان في القمر... هذا غير واضح ولا يمكن الفصل به الا بتفسيرات لا يمكن ضبطها ولا التكهن بها.
ثانيا:- تقول المادة(5/ثانيا)، (الجريمة الارهابية التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة.... وكل جريمة ارهابية التي ساهم بارتكابها بالمساعدة او التحريض او الاتفاق) فما معنى العبارة الاخيرة؟؟؟ فهل يريد القانون استثناء جميع الجرائم الارهابية؟؟ فاذا كان كذلك فما معنى العبارة التي وردت بصدر النص اذن؟؟ ام انه يريد عدم شمول ( الشريك) في جميع الجرائم الارهابية، ويعفي عن (الفاعل الاصلي) في كل الجرائم الارهابية الاخرى، عدا التي نتج عنها قتل او عاهة مستديمة... ياويلي؟؟؟؟؟؟؟ اي قانون هذا الذي يعفي (الفاعل الاصلي) ويمسك بتلابيب (الشريك)؟؟؟ هل تدركون خطورة الجهل في صياغة هذه الفقرة الخطيرة؟؟؟؟؟
ثالثا:-استثنت المادة (5/رابعا) الاتجار وحيازة واستعمال الاسلحة الكاتمة و(المفرقعات)؟؟؟ لكن الحقيقة هو ان القانون العراقي لم يعرف مصطلح (المفرقعات) بل لم يستعمله، لا في قوانين الاسلحة، ولا في امر بريمر للسيطرة على الاسلحة.. فما هي الجرائم التي سوف نستثنيها بمصطلح (المفرقعات)هنا؟؟ علما ان المفرقعات قد تستعمل في القتال لكنها قد تستعمل في الهدم وبعض الصناعات، وما دام المصطلح لم يستخدم في النصوص القانونية التجريمية فسيكون محلا للاجتهاد المزاجي في تحديد معناها.
رابعا:-استثنت المادة (5/خامسا) من العفو:- (جرائم الاتجار بالبشر وكل ما يندرج تحت عنوان (السبي) حسب ما يصطلح عليه عند الجماعات الارهابية والتكفيرية) ورغم ان القانون العراقي يجرم الاتجار بالبشر لكنه لا يعرف اي معنى تجريمي او عقابي لشيء اسمه (السبي) بل انه لا يجرمه ولا يجرم الاستعباد اصلا، ولا ادري ما معنى عبارة (حسب ما يصطلح عليه عند الجماعات الارهابية والتكفيرية) فاذا كنا نعرف-من وجهة نظر قانونية- معنى (الجماعات الارهاربية) فلا اظننا نعرف -قانونيا- معنى(الجماعات التكفيرية) بل ليس لدينا مفهوم قانوني بهذا المعنى.. كما لست أدرى كيف تكون مفاهيمهم مفاهيم قانونية تختلط بنظامنا القانوني؟؟؟
خامسا:- استثنت المادة (5/عاشرا) جرائم الاختلاس وسرقة اموال الدولة و(اهدار المال العام عمدا)، انما ابشركم ليس لدينا جريمة او مجموعة جرائم تسمى جرائم اهدار المال العام عمدا) فتلك عبارة انشائية ستخضع للتفسير الكيفي، انما كان يراد من هذا النص الايحاء بإخراج بعض جرائم الفساد المهمة.. لكن القانون شمل بعفوه الكريم اعظم صورة للفساد السياسي الكبير في العراق وهي تعاطي الكومنشات والعمولات عن العقود الكبرى وهي جرائم رشوة، التي يشملها قانون العفو، كما انه شمل بعفوه الكريم جرائم الكسب غير المشروع (جرائم من اين لك هذا) وبالتالي افلتت كل الطبقة السياسية من 90%من جرائم الفساد التي ارتكبتها لأنها غالبا جرائم رشوة وكسب غير مشروع.
سادسا:- استثنت المادة (5/ثالث عشر):- (جريمة تزوير المحررات الرسمية التي ادت الى حصول المزور على درجة وظيفية في ملاك الدولة مدير عام فاعلى).. هذا النص خدعة كبيرة او جهل مخجل بالقانون.. لان هؤلاء لم (يزوروا وثائق دراسية رسمية) لكنهم (اصطنعوا وثائق دراسية) وهناك فرق بين (جريمة تزوير المحرر الرسمي) وجريمة (اصطناع محرر مزور).. وهذا يعني ان الجماعة كلهم مشمولون بالعفو...وبالخير عليهم، لكن مجلس النواب اراد خداع الشعب بالإيحاء بانه استثناهم من شمولهم بالعفو.
اضف تعليق