ماحدث مؤخرا في باريس وبرلين يجعلنا نعيد الذاكرة الى ماحدث في نيويورك في 11 سبتمبر عام 2001 وعواصم اوربية اخرى شهدت اعمال عنف وعمليات ارهابية، فالسبب الرئيس للكراهية التي تثار ضد الاسلام هم اولئك المتشددون.. وعلى غير العادة في مقالاتي السابقة سأعتمد في مقالي هذا على نص نشرته صحيفة الوطن الكويتية للكاتب الصحفي "فؤاد الهاشم" وهو كاتب سني، وقد كتبه تحت عنوان "التحالف الدولي لردع الاسلام السياسي السني" وسوف لا اتدخل في تفاصيل مقال الكاتب بقدر عرضه بموضوعية ومهنية تتطلبها صنعة الصحافة دائما، لأني وجدت فيما طرح الكاتب جرأة غير معهودة، ونقدا للذات يمكن ان يصبح منهجا لإصلاح امة.. فلم يقصد الرجل الاساءة الى قومه او دينه او مذهبه، بل انه نظر الى الحقيقة فعرضها كما هي، لعل كلماته تصل الى اولئك المتشددين الذين كانوا وما زالوا سبب دمار الامة والانتهاكات التي تجري باسم الاسلام.
فؤاد الهاشم كتب يقول "ليس لدينا نحن المسلمين السنة ما نقدمه للعالم وللانسانية ولباقي الطوائف سوى القتل والدماء "ويضيف" العالم شرقا وغربا يئن من الارهاب الاسلامي السني وتطلب الامر قيام تحالف دولي لمحاربة هذا الارهاب" الهاشم يذكر ابناء جلدته ويقول لهم : "ارجعوا الى التاريخ وانظروا الى احوال العالم والطوائف، هل تجدون اتباع مذهب او دين في كل العالم يعتقدون انهم سيحصلون على النعيم والجنة اذا قتلوا العشرات من الابرياء من الرجال والنساء والاطفال، غير اهل السنة" على حد تعبيره طبعا، ويبدو انها صحوة ضمير فهو يتساءل: "هل سمعتم عن يهودي او مسيحي او بوذي او هندوسي او ملحد، او غير ذلك من الاديان، قام بعملية انتحارية لقتل مصلين في مسجد او كنسية او معبد"، ويضيف.. "هل هناك طائفة في العالم غير الاسلام السني تؤمن ان قتل الناس بشكل جماعي من فقراء وكسبة واطفال ونساء هو فعل من يرجو تقربا الى الله ورغبة في الجنة"، ويعود الرجل ليتساءل حتى لا يؤخذ كلامه على العموميات يقول "رجاء لا تقولوا لي ان هؤلاء شواذ لا يمثلون الاسلام السني، فالشواذ كلمة تطلق على ظاهرة خاصة، لا على عشرات الالاف من الانتحاريين ومن ورائهم مئات الالاف من الاعوان، ومن خلفهم ملايين المؤيدين والقائلين انهم (مجاهدون) و(شهداء) و(ثوار) وبعدهم عشرات الملايين من الراضين والمبررين".
الكاتب يحاكي المنطق عندما يقول "الشواذ في العادة يكونوا معزولين من مجتمعهم مرفوضين مطرودين، في حين ما نلاحظه هو العكس تماما، فهم يتصدرون المشهد الحياتي بيننا، لذلك فهؤلاء ليسوا شواذ بل ظاهرة عامة عند المسلمين"..
تذكرني كلمات فؤاد بتلك النساء اللواتي كن يزغردن وهن ينظرن الى ثوار العشائر وهم يطلقون النار على الجنود المنسحبين من قاعدة سبايكر في تكريت، او تلك المرأة التي حزت رقاب اثنين من الاسرى الذين وقعوا بأيدي اولئك القتلة.. المهم الكاتب يتساءل بألم "هل رأيتم تحركا من زعماء او شيوخ من المسلمين السنة لمحاصرة هذه الظاهرة والبحث في العيوب والخلل في الفكر الاسلامي السني الذي اوصل ابناء الطائفة الى هذا الشذوذ"، ويعقب على كلامه بقوله: "على العكس، التحركات التي نراها هي لوضع التبريرات" على سبيل المثال، والقول ما زال للكاتب، ويبدو انه يقصد وسائل الاعلام التي تقوم بـالعمل على نشر وترسيخ الكذب : "ان امريكا والغرب يقتلون السنة، وان الشيعة يقتلون السنة، وان الهنود يقتلون السنة، والروس يقتلون السنة، والبريطانيين والفرنسيين، وحتى الصينيين في عرفهم يقتلون السنة" وهذا يدعو حسب تصور الهاشم الى "قتل كل اولئك وببشاعة، وذلك للتغطية على جرائمهم المستمرة التي تستهدف جميع البشر".
فؤاد الهاشم الكاتب الكويتي عاش المأساة واحس بعمق أية ضلالة نعيشها جميعا، قتلى ومقتولين فيقول : "العالم شرقا وغربا يئن من الارهاب السني، فمن قطع رؤوس القرويين المسيحيين في الفلبين، الى قطع رؤوس طالبات المدارس بيد اتباع ابي سياف، الى قتل السياح في إندونيسيا، الى تفجيرات الهند التي تستهدف الابرياء، الى تفجيرات المساجد الشيعية في الباكستان، الى مذابح مزار شريف وباميان في افغانستان التي ذهب ضحيتها آلاف الابرياء، الى تفجيرات شرم الشيخ وسيناء، الى مذابح الجزائر المروعة في التسعينيات، التي ذهب ضحيتها مئات الالاف من الجزائريين العزل، الى التفجيرات التي تستهدف المدنيين في مدن اوربا وامريكا، الى الهجوم الارهابي على نيويورك وواشنطن، الى ذبح الصحفيين امام شاشات التلفزيون على وقع صيحات الله اكبر، الى جرائم (بوكو حرام) التي يندى لها الجبين، والقائمة تطول، وليس اخرها المذبحة التي لا تتوقف منذ 12 سنة في العراق والتي تستهدف الجميع من شيعة واكراد ومسيحيين والايزيديين والتركمان، وحتى الطير والشجر والحجر".
أي شيء آخر يريد ان يقول بعد هذا القول، فؤاد الهاشم لو كان شيعيا لوصف بانه طائفي ومتحامل، حتى وان قال الحقيقة، لكنه من ابناء السنة ولد في بيئتهم، وتربى في كنفهم، ورضع من لبنهم، وعاش بين ظهرانيهم، وقرأ فكرهم واستقى تعاليمهم.. الا ان الغشاوة رفعت عن عينيه فكتب الحقيقة.. واية حقيقة !! تساؤل الهاشم الاخير يقول فيه: "القاعدة، بوكو حرام، داعش، عسكر طيبة، جماعة ابي سياف، حركة شباب المجاهدين، انصار الاسلام، انصار السنة، الحركة الاسلامية المسلحة في الجزائر، فتح الاسلام، حركة الجهاد الاسلامي المصري، حزب التحرير، تنظيم القاعة في المغرب العربي " هذه هي التنظيمات السنية التي ذكرها الكاتب والتي تبنت الفكر المتطرف ومارست شتى انواع الجرائم ضد البشرية اينما وجدت لها مواطئ قدم.. الا انه لم يذكر جبهة النصرة، وجيوشا لها اول وليس لها آخر.. كلها تدعو الى القتل والدمار، منها جيش المجاهدين، وجيش عمر، وجيش رجال الطريقة النقشبندية، وجيش الفاروق، وغيرها الكثير. لقد انطق الله عز وجل هذا الكاتب بما لا ينطق به الاخرون، لعلها رسالة الى ذوي الالباب من علماء الامة لاجتثاث هذا الوباء الذي استشرى بشكل لم يعد من الممكن السكوت عليه.
اضف تعليق