هذه حقيقة وليست تورية. قبل سنتين من الان نشرت عموداً صحفياً بعنوان "عبدالزهرة وبس" وجاء هذا العمود رداً على ما تفوه به (اللافي) احد الشيوخ الصغار الذين اعتلوا منصات الاحتجاج في الرمادي والفلوجة حيث قال حينها: يجب ان لا يدخل "عبدالزهرة" بعد الان الى الفلوجة والرمادي في توجه طائفي واضح، مستخدماً رمز الاسم للدلالة على الطائفة ومع ان تصريح اللافي لاقى حينها استهجانا وردود افعال عديدة عكستها الصحافة العراقية بوضوح.. الا ان تلك العبارات كانت مؤلمة بشكل كبير حيث عبرت عن عزل وتوجه طائفي في المدن العراقية... يومها ذكرت في العمود الصحفي ان (عبد الزهرة) يدخل مكة المكرمة والمدنية المنورة وليست الرمادي ولا الفلوجة تمتلكان شرف وقدسية المدينتين المباركتين، وهما في كل المقاييس ادنى منزلة واقل شأنا، في مناظرة بان ما ذهب اليه (اللافي) كان جهلا وغلوا وتطرفا أعمى.
واليوم ينتصر التاريخ للعراقيين ويثبت مرة أخرى ان كل مدن العراق هي للعراقيين وليس هناك خطوط حُمر امام أي عراقي لدخول أي من المدن.. فبعد تحرير الفلوجة من دنس داعش دخل (عبد الزهرة) الى المدينة لا رمزاً وتمثيلا عن الاخرين، بل حقيقة.. فالزميل عبد الزهرة الهنداوي الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط كان ضمن الوفد الذي زار الفلوجة برئاسة وزير التخطيط الدكتور سلمان الجميلي.. فكان هذا الدخول إيذانا ببطلان دعوة (اللافي) خاصة وان عبد الزهرة لم يدخلها محاربا بل راعيا لها، بانياً ما دمره الاشرار فيها، ومنظماً لأوضاعها بعد ان طالها الخراب نتيجة الحرب وتواجد التنظيم الإرهابي طوال سنتين. فقد تم افتتاح قائمقامية قضاء الفلوجة ومبنى البلدية ودائرة الماء ودائرة الكهرباء ايذاناً بإعادة الخدمات والحياة الى المدينة تمهيداً لعودة أهلها بعد ان هجروا منها بسبب المعارك.
الفلوجة التي طالماً حاول البعض ان يصفها بانها رمز للمقاومة والبطولة، لم تكن في الحقيقة سوى بؤرة للارهاب، فطالما صدّرت الإرهابيين والمفخخات الى بغداد والمحافظات الوسط والجنوبية، فهذه المدينة لم تقاوم الامريكان حين دخلوها عام 2003 كما فعلت المدن الجنوبية البصرة والناصرية والمثنى والنجف الاشرف، بل بدأت فيها اعمال متفرقة بعد عام من ذلك التأريخ هدفها في حقيقة الامر رفض التغيير والعملية السياسية، والدليل على هذه الدعوى ان من حارب الامريكان اصبحوا ضمن الصحوات بعد ذلك وقبضوا رواتبهم بالدولار من القوات الامريكية. ثم انقلب قسم منهم ليبايع داعش وينتمي اليه ويقاتل معه.
رئيس مجاس الوزراء د. حيدر العبادي زار المدينة يوم الاحد الموافق 26 حزيران 2016 كذلك قام رئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري بزيارة الى المدينة للوقوف على واقع الحال وحاجتها الى الاعمار وإعادة البنية التحتية فيها.
المدينة شهدت جرائم عدة خلال السنين الماضية ومنذ عام 2004 لعل أولها اسر المقاولين الأمريكيين ومن ثم اعدامهم وتعليق جثامينهم على الجسر الحديدي، الجريمة اثارت وقتها ردود فعل محلية وعالمية.. كما شهدت عمليات خطف وقتل طائفي مارستها عصابات القاعدة التي اتخذت من الفلوجة قاعدة لها وانطلقت نحو المناطق المحيطة والطريق الدولي حيث ارتكبت جرائم يندى لها الجبين سوى ارسال المفخخين والمفخخات الى بغداد والمدن التي تطل على الصحراء النجف وكربلاء والمثنى والحلة والديوانية والناصرية وواسط عبر طرق ميسمية بعيداً عن الطرق الرئيسية.
وقد توجت تلك الجرائم بقتل الشهيد مصطفى العذاري الذي قاتل الدواعش ببطولة نادرة حيث علقوا جسده الطاهر على الجسر نفسه الذي شهد الكثير من الجرائم.
المدينة انتقمت من أولئك المجرمين حيث لم يجد الدواعش ملاذا آمناً بعد دخول القوات العراقية اليها فرمى بعضهم بنفسه في الفرات الذي ابتلع الكثير منهم خاصة أولئك الذين حوصروا في حي الجولان، وتأتي هذه العملية ضربة الهية انتقاماً لأولئك الأبرياء من أهالي الفلوجة الذين حاولوا الهرب هم واطفالهم فقامت عناصر التنظيم بإطلاق النار عليهم واغراقهم في ماء الفرات.
لا بد من الذكر ان تحرير مدينة الفلوجة يعد الحدث العسكري الأبرز في عام 2016 وقد لاقى تحرير المدينة ترحيباً واسعا على الصعيدين، المحلي والدولي حيث هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بتحرير المدينة وكذلك فعل البنتاغون وهنأ امير الكويت بتحرير المدينة ونقل وزير الخارجية الإيراني تهنئة الشعب الإيراني للشعب العراقي بالنصر الكبير، سفير بريطانيا في العراق قدم التهنئة بتحرير الفلوجة وكذلك التحالف الدولي، كما هنأت فرنسا بهذا الانجاز المهم، وهنأت شخصيات عراقية كبيرة، ومنظمات مجتمع مدني. انها المعركة الفاصلة التي طالما اطلق عليها بانها تكسر ظهر الإرهاب.. وقد كسر.
اضف تعليق