من الامراض التي تصيب الانسان وتؤثر على حركة اعضائه او ربما تجعله فاقدا السيطرة عليها او تمنعها من القيام بوظائفها الطبيعية مرض (الشلل) الذي هو من اختصاص الاطباء وميدان عملهم ويخضع المريض فيه الى ارشاداتهم ووصفاتهم الدوائية التي قد تنجح في التغلب عليه فيشفى كليا او جزئيا، او تخيب فيبقى عاجزا مشلولا ممنوعا من الحركة او حتى الكلام في بعض انواعه، وقانا الله واياكم جميع الامراض التي يبدو انها تصيب المجتمعات وهيئاتها المختلفة بنفس العلل والامراض.. وتكون آثارها ونتائجها اكبر واقسى عليه مما لدى الانسان الذي يتحسس التغييرات والعوارض التي تصيبه.. فتراه يسرع الى اقرب طبيب اذا ما اعتراه عارض او هم... اما المجتمعات وهيئاتها السياسية والاجتماعية فإنها غالبا ما تحتاج الى وقت طويل جدا للاعتراف بوجود المرض اولا، وتحتاج الى وقت اطول لاختيار الطبيب او الطريق الذي يوصلها الى العلاج الذي اذا ما وُجد او عُرف فانه يخضع للاجتهادات والتفسيرات والتأجيلات التي ربما تُحول المرض من عارض عادي الى عاهة او عجز دائم.
الحكومة العراقية الحالية التي تعيش مرض الشلل السياسي بأقسى حالاته والذي جعلها تتخبط في قراراتها وعاجزة عن القيام بأبسط مهماتها وواجباتها تجاه الوطن والمواطن وهي عاجزة عن تجميع اعضائها الوزراء في اجتماع مشترك لغرض اللقاء والكلام المباشر بينهم، فكيف يمكنها القيام بواجباتها ومهماتها المطلوبة تجاه الآخرين؟
مشكلة الحكومة العراقية ليست في امراضها الكبيرة والمزمنة فيها وانما من حالة العناد وعدم الاعتراف بالواقع الموجود... وهو العجز الكبير لبعض السياسيين العراقيين داخل البرلمان وخارجه والذين يشكلون الطبقة السياسية الحاكمة في العراق والذين ينظرون دائما الى زاوية معينة من الصورة ووفقا لمصالحهم ومكاسبهم الآنية والوقتية دون ان يكلفوا انفسهم او يٌروضوها للتفكير والتصرف وفق مصلحة المجموع العام وليس حال الحاضر الموجود او الظرف الخاص.
ملفات ومواضيع كثيرة شكلت نقاط الاختلاف ومحور الصراع بين مختلف القوى والحركات السياسية خلال السنوات السابقة وهي نفسها مطروحة اليوم وبنفس الحدّة وربما اصابها الكثير من التعقيد والتشابك بفعل الظروف والتدخلات الخارجية والاقليمية... وما زالت الحكومة والسياسيين وبضمنهم البرلمانيين يمارسون نفس السياسة والدور، أي في المراوحة والجمود على نفس المواقف والمكان الذي انطلقت فيه العملية السياسية في العراق قبل سنوات وما زالت نفس الشعارات والمطالب والاتهامات والاجتماعات والتحالفات... تلف وتدور وتعود الى المربع الاول الذي انطلق منه الجميع في سباقهم نحو السلطة والاستئثار بمغانمها وامتيازاتها واضوائها... دون ان يكون هناك تغيير حقيقي في حياة الناس المساكين البسطاء الذين هبّوا في الانتخابات في كل مراحلها وقدموا عشرات الشهداء امام المراكز وصناديق الانتخابات املا في غد افضل.
هل يستحق العراق كل هذا الموت والخراب والدمار والاعتداءات الخارجية من القصف التركي وتهديدات من دول الجوار وغير الجوار؟؟ ألا تُغير كل هذه الظروف والوقائع التي يعرفها السياسيون في بعض مواقفهم وتدفعهم الى التحرك بصدق وجدية نحو الملفات والمواضيع التي تحولت الى جروح متقيّحة في الجسد العراقي؟
المصالحة الوطنية الحقيقية القائمة على الفعل وليس الكلمات او توصيات المؤتمرات هي الباب الوحيد الذي يمكن ان تدخل من خلاله نسمات العافية... وتقدم من خلالها وصفات العلاج للوضع الذي نحن فيه والذي يمكن من خلاله ان يُعالج شلل الحكومة وعجز السياسيين وضياع الوطن.....
اضف تعليق