من القضايا الساخنة والخلافية التي تعصف بالساحة السياسية الحالية هو مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل والتي انقسم الشركاء السياسيين حولها الى فريقين؛ مؤيد ورافض.
ولعل اهم الجهات التي تتولى مهمة الرفض فإنه يمكن تقسيمها بالشكل التالي:
1. جهات داخلية: ويمثلها في جانبين:
• الجانب السياسي-وتعبر عنه الكتل السياسية التالية:
- اتحاد القوى: يرفض بشكل بارز لأنه يرى ان مسؤولية التحرير تقع على عاتق الجيش ومن ضمن مسؤولية الحشد العشائري، وهو يعلم ان الحشدين الشعبي والعشائري في خندق واحد على تخوم بغداد في الكرمة وعامرية الفلوجة، لذلك فان مواقفه قد تكون بغاية ارضاء جمهوره الذي خسره على طول الخط من دخول داعش الى قضية اهمال النازحين.
- التحالف الكردستاني: الذي يخشى هو الآخر من الحشد الشعبي لأنه له سابقة في مطالبة الاخير بكركوك والمناطق المتنازع عليها، لذلك لا يحبذ مشاركة الحشد والاقتراب من أربيل.
- القائمة الوطنية: وبشكل اقل حدة، لان موقفها متردد ولكن حين تكون المصلحة الوطنية فانها ستكون الى جانبها وبدون شك.
• الجانب العسكري–وتعبر عنه القوى التالية:
- الجيش العراقي: يرى ان النصر الذي حققه بالرمادي اعاد اليه نشوة الانتصار والهيبة التي فقدها في العاشر من حزيران ٢٠١٤، لذلك يرى ان يستمر في معركة الموصل منفردا وبدون مشاركة الحشد الشعبي، لكن الذي يميز الجيش العراقي هو اطاعة الأوامر ويوم تأتيه الأوامر بمشاركة الحشد فانه سيكون مرحبا ومتعاونا.. وهذا ما اكده وزير الدفاع حينما اعاد مسؤولية مشاركة الحشد الى القائد العام للقوات المسلحة.
- البيشمركة: وهي ترغب بالظهور في معركة الموصل ويأتي رفضها انعكاس طبيعي للموقف السياسي الرافض لمشاركة الحشد الشعبي والذي يقوده الحزب الديمقراطي الكردستاني.
- بعض عشائر الموصل: من التي تدور منذ عام تقريبا في فلك كردستان ومن الأكيد انها تعبر ايضا عن موقفها الرافض للمشاركة.
2. جهات خارجية اقليمية: وتمثلها تركيا والسعودية.. حيث تخشى الاولى على نفوذها في شمال العراق واطماعها التأريخية في مدينة الموصل، بينما تخشى الثانية من استكمال الهلال الشيعي الذي يمتد من ايران مرورا بالعراق وسوريا وصولا الى لبنان.
3. جهات خارجية دولية: ويمثلها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ومثلما ورد يوم امس على لسان المتحدث باسمه ستيف وارن، والذي يتعارض دخول الحشد الشعبي تماما مع اي سيناريو او فيلم هوليودي يعده الامريكان لتحرير الموصل او أية اتفاقات جانبية قد تبرم حتى مع داعش نفسه.
واذا كنا قد فهمنا جبهة الرافضين ودوافعهم فمن هم المؤيدين؟ وما هي دوافعهم؟؟ ومن يقف في جبهة المؤيدين؟
قد يكون التحالف الوطني هو الجهة الوحيدة المؤيدة لمشاركة الحشد في تحرير الموصل، وايضا تتفاوت أركان هذا التحالف في مواقفها وبالشكل التالي:
- مؤيد بشكل عام: وهو يرى ان المشاركة حق من حقوق ابناء البلد ومن صلاحية القائد العام للقوات المسلحة ولا يجوز لأي طرف إبداء الرأي فيها، ويمثل هذا التيار حزب الدعوة والمجلس الاعلى وكتلة بدر النيابية.
- مؤيد بشكل قاطع لا يقبل النقاش: ويرى ان لا حدود لمشاركة الحشد الشعبي في اي بقعة من بقاع العراق ودون العودة لأي طرف حتى القائد العام، وتمثله كتلة صادقون البرلمانية وبعض نواب التحالف الوطني.
ورغم التفاوت الواضح بين جبهة القبول والرفض لتحركات الحشد الشعبي فإننا نرى ان الأسباب الرئيسية التي تحاول ان تحد من تحركات الحشد وتحجيم دوره في هذه المعركة تقف خلفها الأسباب التالية:
اولا: ان الحشد الشعبي يشكل تهديدا واضحا لمشاريع التقسيم التي تعمل عليها جهات داخلية وإقليمية ودولية ترغب بتحويل الموصل وقبلها الأنبار الى أقاليم مستقلة على أسس طائفية بحتة لا تخدم العراق ولا مستقبله.
ثانيا: ان دخول الحشد الشعبي للمعركة يفوت الفرصة على تحويل عناصر داعش الى حرس للإقليم القادم من خلال استبدال ملابسهم الأفغانية بأخرى عسكرية محلية، فعليه يجب ان يستبعد الحشد وباي طريقة ومنها الرفض التام.
ثالثا: ان استبعاد الحشد هو استبعاد للتحالف الوطني عن اي دور سياسي مستقبلي قد يلعبه في تلك المناطق، وفي ذلك ما يخدم التقسيم الطائفي واعادة رسم خارطة الشرق الاوسط الامريكي الجديد.
ومع إقرارنا باتساع جبهة الرفض وتقلص فرص المشاركة، فإننا نرى ان يكون قرار المشاركة من عدمه عائدا الى عوامل مهنية وفنية بحتة تحددها طبيعة المعركة ورأي القائد العام للقوات المسلحة دون غيره، كما إننا مطالبين بموقف يجعل من معركة الموصل مناسبة للوحدة لا الخلاف والفرقة لا تستثني أحدا من ابناء الشعب العراقي من المشاركة فيها، لانها معركة وطنية اولا؛ وتخص كل العراقيين ثانيا؛ وتهدف ثالثا الى طرد داعش من الارض العراقية نهائيا..
انها اول فرصة منطقية للوحدة امام كل العراقيين منذ ٢٠٠٣ والى اليوم، فلا تضيعوها لانها قد تكون الاخيرة او قد لا تأتي من جديد.
اضف تعليق