الصراع على تولي الرئاسة الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين سيبقى مستمرا، طالما هناك إنقسام داخلي في الولايات المتحدة الأمريكية، وإلتزام مُكلف على أكثر من جبهة في الخارج، ويزخر التاريخ بأمثلة واحداث كثيرة حول محاولة توظيف كل من الحزبين هكذا نوع من الأحداث في خدمة الدعاية الأمريكية الداخلية، وبالتالي في...

تجري كلٌ من وزارة الأمن الداخلي، والإستخبارات الوطنية الأمريكيتين، بمتابعة وإشراف رؤسائهما، تحقيقًا واسعا في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي (الإنستغرام)، نشره المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) (جيمس كومي) في عهد الرئيس الأمريكي (باراك اوباما)، يحمل في طياتهِ صورة فيها أرقام (47 و 86)، وهو ما دفع عددا من المسؤولين الأمريكيين على تفسيرهِ بأنه دعوة أو شيفرة لإغتيال الرئيس الأمريكي الحالي (دونالد ترامب)، وهو السبب الذي دعا الأخير الى وصف كومي بأنه (شرطي فاسد).

منذ فترة ليست ببعيدة، شهدت حملة ترامب للانتخابات الرئاسية في عام 2024 محاولتي اغتيال، وإن إعتبرها البعض مفتعلة، الأولى كانت خلال تجمع انتخابي في (باتلر) بولاية (بنسلفانيا)، حيث أصابت رصاصة أطلقها مسلح أذن ترامب، وقتلت رئيس الإطفاء السابق (كوري كومبيراتور)، وإصابتها أيضا اثنين آخرين، قبل أن يُقتل المهاجم على يد جهاز الخدمة السرية، أما المحاولة الثانية، فقد أُحبطت بعد أشهر، عندما رصد أحد عناصر الخدمة السرية رجلًا يحمل بندقية بالقرب من ملعب جولف قريب من مقر إقامة ترامب في (مارالاغو).

وبعد أشهر من توليه الإدارة الأمريكية، أدان مسؤولون في الإدارة الأمريكية الجديدة، ونواب جمهوريون وحلفاء ترامب، المنشور الذي شاركه المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) (جيمس كومي)، والمتضمن صورة وصفها كومي بأنها صدف بحرية على الشاطئ تُشكل الرقم (8647)، وبالرغم من أن المنشور قد حُذف من قبل الناشر، إلا أنَ الإدارة الأمريكية عبر حلفائها واصدقائها فسرته على أنه استهداف واضح للرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، من حيث : أولا أنَ ترامب هو الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، وثانيا فإنَ الرقم (86) يُستخدم أحيانًا كمصطلح غير رسمي بمعنى (التخلص من شخص أو شيء) وفقًا لقاموس (ميريام ويبستر)، ويُذكر أن مصطلح الرقم (86) قد استُخدم سابقًا في سياقات سياسية، بما في ذلك من قبل (مات غايتس)، مرشح ترامب السابق لمنصب المدعي العام، الذي استخدم المصطلح ذي الرقم (86) العام الماضي في منشور عن الجمهوريين الذين اختلف معهم سابقًا.

إنَ مصطلح الرقم (86) هو لغة عامية معروفة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، في بداية الأمر أُستخدم في مجال الضيافة، للإشارة الى عدم توفر منتجٍ ما، أو نفاذهِ، وكانت عادةً ما تطلق وتستخدم مع الأشخاص غير المرحب بهم في المكان بهدف طردهم، ليتنقل الإستخدام الى مجالات أخرى بمعنى (التخلص منه)، ولاسيما في مجال السياسة.

ويُذكر أنَ المتهم بالدعوة الى إغتيال الرئيس أُقيل من منصبه في مايو 2017، بعد إن كان مكتب التحقيقات الفيدرالي، تحت قيادته لمدة عشر سنوات، ويرجح العديد من الأمريكيين أنَ سبب الإقالة كان بسبب فتح كومي تحقيقًا في مزاعم تفيد بأن أعضاء في حملة ترامب الانتخابية لعام 2016 تواصلوا مع جهات روسية، وبعد أن أصبح هذا التحقيق علنيًا، أقاله ترامب.

وعلى الرغم من نفي المتهم هذا التهديد عِبرَ بيانهِ : (لم أكن أعلم أن هناك من يربط هذا الترتيب الرقمي بالعنف، ولم يخطر ببالي ذلك عندما رأيت الأرقام، لكنني أعارض العنف في جميع الظروف، ولهذا حذفت المنشور)، إلا أنَ الإتهامات تتوالى عليه من كل الجهات، فقد اتهمهُ (تايلور بودويتش) نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، بالقول : (إنَ ما يمكن تفسيره بوضوح هو دعوة لتصفية الرئيس الحالي للولايات المتحدة، وينبغي التعامل مع ذلك بجدية)، كما ويواجه المتهم اتهامات من قبل عائلة الرئيس ترامب بتصفيته أو إغتياله، كما أشار دونالد ترامب الإبن لذلك.

إنَ الصراع على تولي الرئاسة الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين سيبقى مستمرا، طالما هناك إنقسام داخلي في الولايات المتحدة الأمريكية، وإلتزام مُكلف على أكثر من جبهة في الخارج، ويزخر التاريخ بأمثلة واحداث كثيرة حول محاولة توظيف كل من الحزبين هكذا نوع من الأحداث في خدمة الدعاية الأمريكية الداخلية، وبالتالي في إثراء محاولات كسب الجماهير ودعم حملاتهم الإنتخابية واضافة الشرعية لها، كـ(إغتيال جون كينيدي، وفضيحة ووترغيت، واحداث 11 سبتمبر، وقضية هانتر بايدن..).

* المدرس المساعد : حمزة رحيم المفرجي

كلية الإعلام / جامعة كركوك

Email: hamzaraheem@uokirkuk.edu.iq

اضف تعليق