السياسة الخارجية الامريكية تجعل من النظرية الواقعية موضعا قابلا للتنفيذ في ظل سيطرتها وهيمنتها وتركيزها العالي في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يدعو للتوقع بنجاح خطتها في حال فشل الجانب العربي من حشد المقدرات الدبلوماسية للقوى الإقليمية، وتوظيفها في محاولات منع اندلاع الحرب مرة أخرى في فلسطين أولا...
بقلم: المدرس المساعد : حمزة رحيم المفرجي / كلية الإعلام، جامعة كركوك
الباحث: عدنان اكرم الجبوري
الأرض والفكر الاستراتيجي الامريكي
يعتبر الشرق الأوسط والمنطقة العربية التي تتواجد فيها (إسرائيل)، محورا اساسيا في السياسة الخارجية الأمريكية، ومحط اهتمام الساسة الامريكيين على مدى عقود من الزمن، بالرغم من تعدد جبهات المنافسة والصراع شرقا وغربا للولايات المتحدة الامريكية، وإن مراقبة الإدارة الامريكية الجديدة بقيادة (دونالد ترامب) للمنطقة بكثب، ثبت مدى أهميتها في الفكر الاستراتيجي الامريكي، ومدى استعداد الأخيرة في تقديم المستحيل لإعادة (عظمة إسرائيل مجددا) بحسب ما صرح به ترامب أمام المجلس الإسرائيلي-الامريكي في واشنطن، في 19 أيلول 2024، "سنجعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى" في محاولة لكسب ثقة وأصوات اليهود الامريكيين في الانتخابات التي توج بها رئيسا.
خطة ترامب وجحيم الشرق الأوسط
ومع استلامه للسلطة للمرة الثانية وعودته للبيت الأبيض، يحاول ترامب الصديق المفضل لليهود، تنفيذ خططه الرامية الى إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، وحول إسرائيل تحديدا، لكن بتكريس القدس عاصمة لها، دون الأخذ بالإتفاقيات السابقة حول هذا الصراع، كإتفاقية السلام التي تقودها المملكة العربية السعودية، خاصة في ظل تقارب الأخيرة مع إيران[1].
وقبيل وقف اطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وتبادل الرهائن بين الجانبين، لم تتوقف تحذيرات الرئيس الامريكي الحالي بتحويل الشرق الأوسط الى جحيم، في حال لم توقف حماس والقوى الإقليمية المتشاركة معها الهجوم على إسرائيل ومصالحها في المنطقة، في إشارة الى إمكانية نفيذ الردع الأمريكي تجاه تهديد حلفائها[2].
تحييد حماس وتطور الموقف
وبعد إعلان ايقاف اطلاق النار بين الجانبين، وعشية حفل تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، صرح مستشار الأمن القومي الامريكي (مايك والتز) بالقول "إنَ حماس لن تعود لحكم غزة مرة أخرى"، أي إنَ التوجه الامريكي نحو تنفيذ خططها في هذا الجانب، يبدأ بتحييد ومنع حماس من التحرك أو (الوجود) في المناطق التي كانت تسيطر عليها، وفي (غزة) تحديدا[3].
قد تعمل الإدارة الامريكية الجديدة كل ما بوسعها، لدعم إسرائيل، ولضمان تنفيذ خططها، وإن كانت هناك تحركات من قبل حماس في مهاجمة خطوط هذا التوجه، إلا أنَ ذلك سيكون صعبا عليها في المستقبل نتيجة لتحييدها من جهة، والضغط على داعميها من جهة أخرى، السياسة التي عُرفت خلال ترأس ترامب خلال ولايته الأولى، وخاصة مع الاستقرار النسبي الذي تشهده الدول المجاورة، والمتمثلة بالتغيرات الداخلية في بعض الأنظمة العربية (سوريا ولبنان).
مدى إمكانية تحقيق المخطط
ويبدو أنَ مواقف الدول العربية (مصر والاردن) بعد وقف اطلاق النار والهدنة بين الجانين قد تحول دون تنفيذ أو تأخير المخطط الأمريكي، ويبدو ذلك واضحا في الموقف الموحد لمصر والاردن برفض تهجير سكان غزة بحجة إعادة إعمارها، إلا أنَ الإدارة الامريكية الحالية مصممة على تنفيذ الخطة التي تعتبرها ليست معقدة، وأنها ستعمل ما بوسعها للسيطرة على تلك القطعة من الأرض[4]، وهي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، وقد تلجأ واشنطن الى استخدام التهديد تجاه الجهات التي تعترض مخططاتها، كحجب المساعدات المالية تجاه كل من مصر والاردن، وهو ما يجعلها امام تحديات عدة داخلية وخارجية، الى جانب اعتبار ذلك امتحانا في علاقاتها مع حليفتها الاستراتيجية[5].
خاتمة
يمكن القول : أنَ السياسة الخارجية الامريكية تجعل من النظرية الواقعية موضعا قابلا للتنفيذ في ظل سيطرتها وهيمنتها وتركيزها العالي في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يدعو للتوقع بنجاح خطتها في حال فشل الجانب العربي من حشد المقدرات الدبلوماسية للقوى الإقليمية، وتوظيفها في محاولات منع اندلاع الحرب مرة أخرى في فلسطين أولا، ومنع تهجير سكان غزة نحو الاراضي الغير فلسطينية، واستقطاع مساحات واسعة من الضفة الغربية من بعدها ثانيا، بالرغم من خشية بعض الأطراف في الداخل الامريكي من عودة العنف واشتداده في المنطقة، وهو ما يوجب على القوى العربية توحيد ومضاعفة المقاومة للمقترح الامريكي، وتقديم خطة عملية لتثبيت اصحاب الأرض.
اضف تعليق