هل وفرت المنظومة القانونية العراقية حماية كافية للأمن الوظيفي في القطاع الخاص؟ وهنا نوضح ان الأمن الوظيفي هو شعور العامل بالاستقرار في عمله، مع ضمان استمرارية العلاقة التعاقدية وعدم التعرض للفصل التعسفي أو التهديد المستمر بفقدان العمل أو الوظيفة، ما لم يكن هناك سبب قانوني واضح ومشروع...
من الضروري البحث عن الأمن الوظيفي في القطاع الخاص لان هذا الاستقرار هو من الركائز الأساسية لاستقرار العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، إذ يمنح العامل شعورًا بالطمأنينة والاستقرار النفسي والاقتصادي، وهو ما ينعكس إيجابا على الإنتاجية، وتزداد أهمية هذا المفهوم في القطاع الخاص نظرا لمرونة العلاقة التعاقدية فيه على خلاف العلاقة بين الموظف والمرفق في القطاع العام، ولوجود تفاوت في مراكز القوة بين الأطراف، فقد حاول قانون العمل العراقي رقم 37 لسنة 2015 معالجة هذه المسألة، ولكن يبقى السؤال : هل وفرت المنظومة القانونية العراقية حماية كافية للأمن الوظيفي في القطاع الخاص؟
وهنا نوضح ان الأمن الوظيفي هو شعور العامل بالاستقرار في عمله، مع ضمان استمرارية العلاقة التعاقدية وعدم التعرض للفصل التعسفي أو التهديد المستمر بفقدان العمل أو الوظيفة، ما لم يكن هناك سبب قانوني واضح ومشروع، وتنصب أهمية الأمن الوظيفي رفع كفاءة العامل وتحفيزه، وفي تقليل معدلات البطالة المستترة، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال استقرار القوى العاملة.
أما الأساس القانوني للأمن الوظيفي في القطاع الخاص فهو يتجسد في دقة تنظيم عقد العمل والذي نصت عليه المادة (40) من القانون والتي تشترط أن يكون العقد مكتوبًا ويحدد الحقوق والواجبات بوضوح، وهذا يمنع التعسف في تفسير العلاقة التعاقدية، كذلك في الحماية من الفصل التعسفي والذي نصت عليه المادة (43) حيث منحت العامل حماية من الإنهاء غير المبرر، واشترطت وجود سبب مشروع للفصل مع إشعار مسبق، والمادة (44) نصت على التعويض في حالة الفصل دون مبرر.
وفي سياق الامن الوظيفي فيمكن الولوج في جزئية تحديد ساعات العمل والإجازات حيث تم تنظيم ساعات العمل (وفق المادة 87) والإجازات (وفق المواد 89-96) ليعزز بيئة العمل الآمنة والمستقرة، كذلك الحماية من الإنهاء لأسباب غير قانونية تطرق لها المشرع العمالي في المادة (46) والتي تمنع فصل العامل بسبب انتمائه النقابي أو مشاركته في الإضرابات المشروعة أو تقديم الشكاوى.
ولكن مما يؤسف عليه هو وجود المعوقات التي تحول دون الأمن الوظيفي في القطاع الخاص منها غياب الرقابة الفعالة وضعف تطبيق القانون من قبل أجهزة التفتيش العمالي مما يجعل بعض أصحاب العمل يتجاوزون القانون دون محاسبة، والتوسع في العقود المؤقتة وغير الرسمية حيث تُبرم نسبة كبيرة من العقود دون تسجيل رسمي أو ضمانات، مما يعرض العامل لفقدان الوظيفة في أي لحظة، بالإضافة إلى ضعف الوعي القانوني حيث كثير من العمال لا يعرفون حقوقهم القانونية، ولا يمتلكون الوسائل القانونية للاعتراض أو تقديم الشكاوى، كذلك من المعوقات هو طول وتعقيد الإجراءات القضائية لان القضايا العمالية تستغرق وقتًا طويلًا وان كانت في الاصل هي من الدعاوى المستعجلة، مما يدفع كثيرا من العمال للتنازل عن حقوقهم بدلًا من خوض في معركة قانونية مطولة وغير مضمونة.
ختاما- فأننا نرى أنه وعلى الرغم من محاولة المنظومة القانونية العراقية في أن تضع الأسس الكافية لتحقيق الأمن الوظيفي للعامل في القطاع الخاص، إلا أن التطبيق الواقعي لا يزال دون المستوى المأمول، ولذلك يميل كل العراقيين للاستقرار في القطاع العام وتفضيله على التأرجح في القطاع الخاص، فغياب الرقابة، وضعف الثقافة القانونية وتعسف أصحاب العمل، والتوسع في العقود غير الرسمية، كلها عوامل تهدد الأمن الوظيفي في القطاع الخاص، ومن هنا، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب إصلاحات تشريعية ومؤسساتية جادة لضمان بيئة عمل عادلة ومستقرة تحفظ كرامة العامل وتحفّز صاحب العمل على الالتزام بمعايير العدالة.
اضف تعليق