لو كانَ العراقيُّونَ واعونَ لدرجةٍ كافِيةٍ لمخاطرِ الإِثاراتِ والنَّعراتِ الطَّائفيةِ لما وجدَت الزَّعامات الطائفيَّة لنفسِها مطرحاً ومَوقعاً في المُجتمعِ ولبادرَ النَّاخبونَ إِلى طردِها ومقاطعتِها وإِغلاقِ البابِ بوجهِها وعدمِ منحِها أَيَّةِ فُرصةٍ للبقاءِ في المشهدِ السِّياسي العام. هناكَ تخادمٌ مُشتركٌ، بين هذهِ الزَّعامات وقواعدِها الشعبيَّة، ولذلكَ فإِنَّ مليون...
بعد مرورِ أَكثر من عقدَينِ من الزَّمن على التَّغيير الذي شهدهُ العراق مازالت النَّعرات الطائفيَّة والإِثارات السلبيَّة ضدَّ المُكوِّنات في المُجتمعِ مادَّةً دسمةً وأَرضيَّةً خصبةً للدِّعايةِ الإِنتخابيَّةِ فهي تزدادُ وتيرتها كلَّما نقترب في كُلِّ مرَّةٍ من الإِنتخاباتِ النيابيَّةِ وهذا مُؤَشِّرٌ على ما يلي من الحقائقِ:
أ/ أَنَّ الزَّعامات السياسيَّة مسكونةٌ بمثلِ هذهِ الإِثاراتِ وهي للأَسفِ من أَسهلِ الوسائلِ لكسبِ [ثقةِ] النَّاخبِ عند صندُوقِ الاقتراع.
وهي الطَّريقة التي تعتمدَها الحملاتِ الإِنتخابيَّةِ بما يُعرف بتحشيدِ الخوفِ للحفاظِ على قُربِ النَّاخبِ من مُرشَّحيهِ والنَّظرِ إِليهم كمُخلِّصينَ للمُكوِّن الذي سينهار ورُبما ينتهي فيختفي من البلادِ إِذا ما تمَّ التخلِّي عنهم.
تحشيدُ الخَوفِ يصنعُ من الزَّعيمِ مُنقِذاً للمُكوِّنِ!.
ولا تقتصرُ هذهِ الطَّريقةِ على فئةٍ من الزَّعاماتِ دونَ أُخرى بل أَنَّهم جميعاً يوظِّفونَ ذلكَ في حملاتهِم الإِنتخابيَّةِ.
ب/ فشلُ الزَّعامات السياسيَّة في إِنجازِ ما يمكنهُم الإِعتماد عليهِ كنجاحاتٍ لتسويقِ قوائمهِم الإِنتخابيَّةِ فيستعيضُونَ بها بتحشيدِ الخَوفِ والرُّعبِ على [المُكوِّنِ والعشيرةِ والحزبِ والخلفيَّةِ] فلو كانُوا قد أَنجزُوا شيئاً حقيقيّاً يُعتدُّ بهِ لما لجأُوا إِلى لُغةِ الإِثاراتِ والدِّعايةِ الطائفيَّةِ أَو حتَّى اللُّجوء إِلى [العشيرةِ] كمادَّةٍ إِنتخابيَّةٍ بدلاً عن الدَّولة وقِيمِها وثوابتِها.
لقد فقدُوا رصيدهُم الشَّخصي الذي يبنيه المسؤُول النَّاجحِ بالإِنجازِ الملمُوسِ فلجأُوا إِلى [رصيدهِم] الطَّائفي والمناطقي والعَشائري!.
ج/ مازالت النَّعرات الجاهليَّة [الطائفيَّة والعُنصريَّة وغيرِها] هي الحاكِمة في العقليَّة الجمعيَّة ولو لم تكُن كذلكَ لما لجأَت إِليها الزَّعامات السياسيَّة.
لو كانَ العراقيُّونَ واعونَ لدرجةٍ كافِيةٍ لمخاطرِ الإِثاراتِ والنَّعراتِ الطَّائفيةِ لما وجدَت الزَّعامات الطائفيَّة لنفسِها مطرحاً ومَوقعاً في المُجتمعِ ولبادرَ النَّاخبونَ إِلى طردِها ومقاطعتِها وإِغلاقِ البابِ بوجهِها وعدمِ منحِها أَيَّةِ فُرصةٍ للبقاءِ في المشهدِ السِّياسي العام.
هناكَ تخادمٌ مُشتركٌ، إِذن، بين هذهِ الزَّعامات وقواعدِها الشعبيَّة، ولذلكَ فإِنَّ مليون دستُور وقانون لا يمكنُها أَن تواجهَ هذا التحدِّي الخطير الذي يعيدُنا ببنَ الفَينةِ والأُخرى إِلى المربَّعِ الأَوَّل، لَو لم يتغيَّر المُجتمع ويتيقَّن بأَنَّ ذلكَ لا يبني دَولةً ولا يحمي مُجتمعاً من الهزَّاتِ المُتتاليةِ والمُتكرِّرةِ.
٢/ الصِّراعات والخِلافات بينَ الزَّعاماتِ السياسيَّة وهميَّة لا أَساسَ لها من الصحَّةِ تدورُ حولَ المصالحِ الخاصَّةِ سيتمُّ تصفيتَها قريباً بتدخُّلِ إِحدى دُول الجِوار المُتنفِّذة كُلّاً حسبَ ولاءاتهِ وخلفيَّاتهِ وتخندُقاتهِ!
اضف تعليق