من الصعب بمكان التنبؤ بنتيجة التوجه الحالي لحكومة السوادني، وذلك ان الأحزاب القوية والمؤثرة في الساحة السياسية العراقية لا تريد لهذا التقارب ان يتم، وبالتالي ستدفع باتجاه معاكس دون الاخذ بعين الاعتبار الوضع الداخلي للبلد وطبيعة التوازنات التي يسعى السوداني الى تحقيقها...
انقسم الرأي العام العراقي إزاء الاحداث في سوريا، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد واستبداله بالرئيس الحالي احمد الشراع، الذي ينظر اليه معظم العراقيين بأنه رجل دموي نفذ واشترك في العديد من العمليات الإرهابية، ضد الأبرياء، ولهذا انزعج معظم أبناء الشعب العراقي من جلوس السوداني الى جانبه في ملتقى قطر.
ورُفدَ الرفض الشعبي باعتراض سياسي من القوى التي اعترضت على توجيه دعوة مباشرة الى احمد الشرع للمشاركة في قمة بغداد القادمة، بينما يوجد ومن الطبقتين السياسية والشعبية من يرحب بهذا التقارب، الذي سينعكس على الاستقرار السياسي في المنطقة التي تشهد إعادة ترتيب وفق الرؤية الامريكية.
جلوس السوداني مع من تراه بعض الكتل السياسية مجرما، يثير حفيظة هذه الكتل ويجعلها تتخذ موقفا مغايرا عن النهج الحكومي الحالي، فالسوداني يريد ان يخلق نوع من التوازنات مع الدول الجارة. العلاقة مع إيران تسير بالتوافق وتبادل المصالح، يجب ان تكون نظيرتها مع سوريا والأردن وتركيا.
فهل يكمل السوادني مشواره بهذا الاتجاه ويتخلص من قيود شركاؤه؟
من الصعب بمكان التنبؤ بنتيجة التوجه الحالي لحكومة السوادني، وذلك ان الأحزاب القوية والمؤثرة في الساحة السياسية العراقية لا تريد لهذا التقارب ان يتم، وبالتالي ستدفع باتجاه معاكس دون الاخذ بعين الاعتبار الوضع الداخلي للبلد وطبيعة التوازنات التي يسعى السوداني الى تحقيقها.
ليس السوداني صاحب القرار الوحيد وله القول الفصل في القضايا المحورية والجوهرية، بل للكتل السياسية الأخرى تأثير ودور كبيرين في رسم السياسة الخارجية للبلد، وبالطبع يصعب تحديد معالم السياسية الخارجية في ظل غياب وحدة القرار السياسي الداخلي.
وعدم التوافق الداخلي أضعف الموقف السياسي الخارجي، فالكثير من المواقف إزاء قضايا المنطقة يتسم الموقف العراقي بالتناقض فيما بين محاوره، محور مؤيد وآخر معارض، ويكاد يكون البلد الوحيد الذي اثرت اختلافاته الداخلية على مواقفه الخارجية، وفي النهاية أثر ذلك على النظرة العامة ومكانة البلد خارجيا.
وقد يجتهد السوداني في تحسين الصورة الضبابية التي تتصف بها السياسة الخارجية العراقية على مدار العقدين الماضيين، حيث انزوى العراق وبشكل واضح الى محور تاركا المحاور الأخرى التي أسهمت وبصورة كبيرة في ازدياد الاضطراب الداخلي وصولا الى حرب الطائفية غير المباشرة.
التكتلات السياسية الداخلية اثرت بصورة مباشرة على السيادية الوطنية، فعلى سبيل المثال قرب الإطار التنسيقي من إيران جعلهم يشاركون في معظم القرارات ورسم السياسات التي تجعل العراق مغردا خارج السرب، وتأخر كثيرا في العديد من الملفات.
لكن السوداني متحديا المخاطر الداخلية، اتجه على خلاف الرغبات الاطارية الى المحاور العربية التي تنظر الى العراق بلدا مؤثرا يجب ان يكون حاضرا في المشهد الجديد الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط والتحولات الفارقة في المواقف الدولية، لا سيما بعد المفاوضات الإيرانية والأمريكية غير المباشرة في عُمان.
هذا التقارب مع السعودية لم يخلُ من ردود فعل داخلية، حيث أبدت بعض القوى السياسية، خاصة تلك المرتبطة بمحور إيران، تحفظها على هذا الانفتاح، خوفا من معارضته لتوجهاتها الإقليمية، عندما يشتد عوده عبر التحالفات الدولية.
وقد تشهد العملية السياسية في الأيام القادمة ارتدادات غير متوقعة نتيجة سعي حكومة السوداني إلى تعزيز علاقاتها مع السعودية ضمن إطار سياسة خارجية متوازنة، تهدف إلى تحقيق مصالح العراق الوطنية وتعزيز استقراره، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الإقليمية.
الخلاصة بعد ما سبق كله، يبقى السؤال الأبرز هنا، هل سيدفع السوداني ضريبة هذا التقارب مع الدول الجارة، من غير (إيران)، التي تحمل صفة العدوة بالنسبة لغيره، ام يستطيع التخلص من قيود أصدقاء الامس من أبناء جلدته (الشيعة)؟
اضف تعليق