لو اعطينا الخبز لخبازه لما وصلت البلاد لما وصلت اليه اليوم، الكهرباء دائمة الانقطاع بعد أكثر من عقدين من الزمن مرت على تغيير النظام، ومن المؤكد لم يبق حال البنى التحية للمدارس بهذه الصورة، وهكذا المستشفيات التي لا تصلح لتكون مخزنا للمواد الانشائية وليس لتقديم الخدمات العلاجية...

يُصاب بعضنا بالأنفلونزا او الحرارة المرتفعة، مما يضطره الذهاب الى العيادات الشعبية او الصيدليات لجلب الدواء المناسب، هذه العملية عادة ما تُتبع لسهولتها أولا، ولقلة تكاليفها ثانيا، لكن فيها من المخاطر الكثير الذي قد يصل الى وفاة الشخص بسبب جرعة علاج غير صحيحة.

ولذلك نقول كما يقول المثل الشعبي "انطي الخبز لخبازته"، وهو مثل يضرب لمن يحاول ان يقوم بعمل وهو لا يفهم اصوله ولا يعرفه ولا يتقنه غير صاحبه المختص به، فربما صاحب الصيدلية او العيادة الشعبية لا يعرف جميع الاضرار الجانبية للعلاجات الي يعطيها للمريض، وفي النهاية قد يدمر جهازه المناعي او يتسبب بأزمة أخرى.

وخوفا من هذه النتيجة ينصح بالذهاب للطبيب المختص (الخباز الماهر)، رغم ان الحجز والانتظار في العيادة وإجراء الفحوصات فيها شيء من التعقيدات والمصاريف الزائدة، لكنها تجنب المريض ربما رحلة علاجية تمتد لشهور مع كمية كبيرة من المخاطر والمجازفة.

الذهاب الى المختص يجعلنا في مأمن من الوقوع في الأخطاء، وكذلك إعطاء المقاول غير المؤهل للعمل الانشائي، تحدث الكثير من الأخطاء في التنفيذ، مما يكبد الدولة خسائر كبيرة، بعض المشروعات تتضح اخطاءها قبل دخولها الخدمة او الافتتاح الفعلي، وتحدث هذه الحالة في العديد من المشروعات الخدمية.

وهذا الخلل وان كانت الشركة معنية بالصيانة عبر عقد مبرم مع الجهة المستفيدة، يكلف أموال إضافية كانت تخشى الجهة الحكومية إعطاءها لشركة او مقاول يمتاز عمله بالرصانة والسمعة على المستوى الوطني، او قد يتم إحالة المشروع الى شركة عالمية متخصصة في مجال المشروع المراد تشييده.

ويعتقد من يحيل هذه المشروعات الى مقاولين او شركات من هذا النوع انه وفّر المال لخزينة الدولة، بينما هو يستنزفها من جانب آخر، فالاستنزاف يكون عن طريق المبالغ الإضافية المدفوعة لغرض الصيانة وتبقى في كثير من الأحيان المشكلة قائمة ولا يوجد حل جذري لها، ومن هذا المنطلق نؤيد استقدام الشركات الرصينة وان كانت اجنبية تطلب مبالغ طائلة.

ويزحف ذات الامر الى التعاقدات القانونية، فعدم وضع المختصين في هذه المواقف المهمة والحرجة في الوقت نفسه، فأي خلل في العقد يعود بالضرر على البلد، وكما يقال العقد شريطة المتعاقدين، فعلى سبيل المثال وقع العراق عقود مع شركات غير رصينة لتجهيز محطات لتوليد الطاقة الكهربائية.

واتضح بعد التشغيل انها تعمل وفق النظام الغازي في الوقت الذي يفقر فيه العراق الى الغاز، الامر الذي كبدنا المزيد من الخسائر ولا يزال القطاع الكهربائي يعاني من الانقطاعات المستمرة لغاية الآن.

نعم هذه الآثار المترتبة على سوء الاختيار، عندما يضع الشخص بغير مكانه الصحيح، ونفس الامر يتكرر إذا كان المدير او المسؤول جاء وفق المعيار التوافقي، لا يحسن إدارة المنصب بالشكل السليم والعبور بالمؤسسة الى جادة الأمان.

وهنالك مثل آخر يمكن إدراجه ليكون شاهدا على سوء الاختيار وعدم إعطاء الخبز لخبازه، اذ يعمد المئات الى انتخاب مرشحين غير مؤهلين لإدارة البلد من الناحية السياسية، لفقدانهم الحنكة السياسية والرؤية المستقبلية والاستشراف.

القاعدة الأساسية للانتخاب في العراق هي المصلحة الضيقة او البعد العشائري والمناطقي، ونتيجة لسوء الاختيار هذا نتجت الكثير من المشاكل والمآسي على المستوى الخدمي والإنساني.

لو اعطينا الخبز لخبازه لما وصلت البلاد لما وصلت اليه اليوم، الكهرباء دائمة الانقطاع بعد أكثر من عقدين من الزمن مرت على تغيير النظام، ومن المؤكد لم يبق حال البنى التحية للمدارس بهذه الصورة، وهكذا المستشفيات التي لا تصلح لتكون مخزنا للمواد الانشائية وليس لتقديم الخدمات العلاجية.

اضف تعليق