أعرف ان انتقادات عديدة ستوجه لي بسبب عنوان هذا المقال، وان نعوتا شتى سيطلقها غير العارفين بتوجهاتي الاعلامية واسلوبي في الكتابة، فالعنوان تقليدي عفى عليه الزمن، وما عاد صالحا للمقالات الصحفية او القصص الأدبية كما كانت عليه الحال قبل قرن من الزمان، فالعناوين تبدلت وصياغاتها اختلفت...
أعرف ان انتقادات عديدة ستوجه لي بسبب عنوان هذا المقال، وان نعوتا شتى سيطلقها غير العارفين بتوجهاتي الاعلامية واسلوبي في الكتابة، فالعنوان تقليدي عفى عليه الزمن، وما عاد صالحا للمقالات الصحفية او القصص الأدبية كما كانت عليه الحال قبل قرن من الزمان، فالعناوين تبدلت وصياغاتها اختلفت، وصار يجري النظر اليها من زوايا نفسية واجتماعية ومهنية.
ولكن صبركم عليّ، فلست عجولا في اختيار العناوين، ودائما ما أضع عنوانا مبدئيا عند المباشرة في كتابة مقالي، ولكن غالبا ما يتبدل في نهايته، فعند اكتمال المقال يتبلور العنوان، ومن العناوين ما تدهشك لأنها لم تخطر على بالك فيما سبق، ذلك ان العنوان كالصورة الشعرية تقدح في ذهن الشاعر بلا قصد، وفي زمن غير محدد، وفي أحيان تأتي الصورة حتى في الاحلام، وهكذا هي عناوين المقالات.
أذكر من طفولتنا كنا نطلق على فريقنا لكرة القدم اسم (الرصاصة السحرية)، وتسميات قريبة منها لفرق منافسة في الأزقة المجاورة، تستهوي الأطفال هذه التسميات لانطوائها على ما هو خارق وبطولي، فخيال الأطفال جامح، وبريق التسميات يأسره، وفي ذلك عذر للطفولة التي كانت تمارس كرة القدم (بالدشاديش) وليس بالملابس الرياضية المعتادة الآن، وكنا نرتدي (الدشداشة) في المدرسة بدلا عن القميص، وندخلها في البنطلون، لكي يسهل سحبها مباشرة حال خروجنا من المدرسة، وتتحول البنطلونات الى علامات أرضية للأهداف، لم تكن الادارة المدرسية تحاسبنا على ذلك، لأنها تضع بحسبانها المستوى المعاشي الفقير للناس، فقد لا يكون للعائلة امكانية مالية لشراء قمصان لأولادها.
ما الذي ذكرّك يا شيخ بهذه الحكاية وهذا العنوان ؟ ورب من يقول ان الرجل اذا دخل الشيخوخة يبدأ يتذكر أكثر مما يفكر في المستقبل، لا، لست كذلك، فما زال المستقبل يشغلني بالرغم من دخولي في الربع الأخير من العمر، أطال الله بأعماركم، لكن مع راحة البال، وبعكسها فلا معنى للعمر أبدا، الذي ذكرني بهذا العنوان خبر اطلعت عليه في موقع الفيس بوك، اذ نشرت احدى الكليات الأهلية صورا لطلبتها المتخرجين من الاعلام، وعبرت من خلاله عن مباركتها لهذه الدورة التي اطلقت عليها تسمية (الرصاصة السحرية)، والذي أعرفه ان تسميات الدورات الطلابية تخضع للمداولة المتأنية، ويجب أن تنطوي على دلالات فيها أبعاد وطنية، ومعان يُراد لها الرسوخ في أذهانهم وهم يودعون مقاعد الدراسة.
ويبدو لي ان التسمية جاءت انطلاقا من النظرية الاعلامية (الرصاصة السحرية) التي أكل الدهر عليها وشرب، والتي أثبتت النظريات اللاحقة عدم صحتها، لا أرى في هذه التسميات نضجا، ولا أريد ذكر اسم الكلية الأهلية التي اعتمدت هذه التسمية لكي لا يقع ذلك في اطار التشهير، كما لا أريد ان أضع نفسي بمواجهة هذه الكليات التي صار أصحابها قوة مؤثرة في واقعنا تفوق حتى قوة الجهات التي في بالكم، فقد نُقل لي والعهدة على الناقل وهو سياسي سابق تبوأ منصبا كبيرا في الدولة، ان أحد المستثمرين في التعليم الأهالي قال: ان من يوجه لي انتقادا بأي شكل من الأشكال أزجه في قضية لن يخرج بعدها من وراء القضبان أبدا، يا ستار يا حافظ، الى هذا الحد، شيء غريب ومخيف، فكم هو نفوذ هذا المستثمر الذي أخذ على عاتقه مسؤولية جانب من التعليم العالي.
للعلم لغته التي يختلف بها عن لغة الأدب، ومن خصائصها أن تكون بسيطة وواضحة، ولها دلالة واحدة لا تحتمل التأويل، واذا كان الأمر كذلك ما الداعي ان تستعين كلية بالمجاز لتطلق على مركزها للاستشارات القانونية تسمية (العيادة القانونية)، وهل هذه التسمية مناسبة لكلية حكومية؟، كذلك لا أرى نضجا في هذه التسمية، مثلما لا أرى نضجا في التدريسي الجامعي المتقاعد الذي نشر صورة لضيوفه الذين زاروه في منزله وقد وضع على مكتبه لوحة تشير الى اسمه مسبوقا بالاستاذ الدكتور، وتخيلوا ..
اضف تعليق