ما هي رسالة إعلان تلقي هذه الهدايا والمجاهرة بها دون قلق على حياتهم في أقل تقدير؟ وما هو المقابل الذي يجعل من بعض الأثرياء كرماء الى هذا المستوى دون أن يرف لهم جفن، وما هي رسالة شراء قلادة ذهب بملايين الدنانير لكلب زينة ونقل الخبر مباشرةً لحظة التتويج بالذهب؟!...
تصدّت أجهزة الدولة مؤخراً للتدهور والإنحطاط في الناتج الإعلامي الذي أفرزته طبقة من صنّاع المحتوى الفارغ او الهابط من الباحثين عن الشهرة ، لكنّ طبقة أخرى ظهرت وهي عابرة لهدف الشهرة إلى إستعراض القوة والنفوذ والثراء، فقد تجاوزنا الفساد الإداري في جمع الثروة إلى هذا النوع الخطير من الفساد الذي يكشف عن ثراء مجهول المصدر وإنفاق هائل دون وجع قلب، والذي يظهر في الهدايا باهظة الثمن كالسيارات الحديثة التي يتجاوز سعر الواحدة منها المئة مليون دينار او فستان مصنوع من الذهب الخالص او قلادة ذهب هدية لكلب زينة في مشهد مستفز.
ولم تكن هذه الهدايا الصادمة معروفة لو لا المجاهرة بها عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي في تحدٍ سافر للمجتمع وللطبقة المتوسطة التي تسلك الطرق القانونية والشرعية في كسب لقمة العيش الحلال بالعمل الحر والوظيفة والراتب الشهري.
ولا يمكن تفسير ظهور فتاة ليل وهي تتلقى سيارة نوع جي كلاس وطقم ذهب هدية من مُعجب إلا تحريضاً للشباب على سلوك أقصر الطرق للحصول على المال عبر السرقة والفساد وإرتكاب الجرائم كسبيل لتحقيق الأحلام الصعبة، فمن دون هذه الطرق لا يمكن لموظف في القطاعين الحكومي والخاص أن يجمع هذه الثروة الهائلة ويمنح مثل هذه الهدايا دون حساب وسؤال عن المصدر.
فكيف يكون الحال بالنسبة لذوي الدخول الضعيفة والعاملين بأجر يومي؟ وما هي رسالة إعلان تلقي هذه الهدايا والمجاهرة بها دون قلق على حياتهم في أقل تقدير؟ وما هو المقابل الذي يجعل من بعض الأثرياء كرماء الى هذا المستوى دون أن يرف لهم جفن، وما هي رسالة شراء قلادة ذهب بملايين الدنانير لكلب زينة ونقل الخبر مباشرةً لحظة التتويج بالذهب؟!
أسئلة كثيرة تثار حول هذه السلوكيات الغريبة والمظاهر التي تكفر بنعمة الله والتي لو بقيت دون نشر ومجاهرة لهانت، ولكنها لو استمرت بهذا الشكل المخيف دون وضع حدٍ لها وسؤال اصحابها وصاحباتها من أين لكم هذا ، كما يُسأل مشتري دار السكن إذا زاد عن المئة مليون دينار.
فلا يمكن توقع عواقبها وانعكاساتها على المجتمع وعلى معدلات الجريمة وأهونها ولادة جيل من صنف (روبن هود) لا يصمد أمام إغراءات جني الثروة بأقصر الطرق ولا يقوى على مشاهدة قلائد الذهب الخالص على كلاب الزينة.
اضف تعليق