وبالرغم من اعتماد الدائرة نظاما الكترونيا في آليات عملها، الا اننا لم نتخلص بعد من الورق، وتشترك دوائر المرور في ذلك مع جميع مؤسساتنا، فما زالت أحضان المواطنين تكتظ بملفات فيها العديد من الوثائق، مع قلق دائم من فقدان احداها نتيجة تقليبها من العديد من الجهات، وأرى اننا بعيدون جدا عن ذلك اليوم الذي تصل فيه...
لا يذهب بكم الظن بعيدا لتلقوا باللائمة على مديرية المرور في هذه المنطقة، وان تأخري لهذه المدة بسبب تقصير منهم او عدم بذلهم جهدا في خدمة المواطنين، أرجوكم لا تستعجلوا في اطلاق الأحكام او كيل الاتهامات بما لا يليق بالكثير منهم ولا يتناسب مع أخلاقهم، وبعض الظن اثم كما تعرفون.
الثلاثة نهارات التي قضيتها في مرور الكاظمية، بناية رقم (6) من بداية الدوام حتى نهايته وقت المغرب انا المسؤول عنها جملة وتفصيلا، ذلك ان معاملتي لم تكن سليمة بما يكفي، وفيها من الأخطاء الكثير، ووثائقي لم تكن كما تتطلبها اجراءاتهم، فلست من الذين اعتادوا مراجعة هذه الدائرة، وخبرتي محدودة للغاية، وحالي كضرير في سوق مزدحم، ولولا ذلك وزخم المراجعين الضخم لكانت معاملتي قد انجزت ربما في وقت لا أتوقعه.
ولأن تخصصي كصحفي حاضر في ذهني على الدوام، ما جعلني أرقب كل شاردة وواردة في عمل هذه الدائرة، بدءا من استعلاماتها وانتهاء بالجهة التي تطبع أرقام المركبات، ومما رصدته ان الدائرة منظمة جدا باعتمادها على آليات عمل واضحة، وما على المواطن الا أن يسلّم معاملته في المرحلة الأولى ويجلس بانتظار انجازها في صفوف منظمة من الكراسي في قاعة دافئة بعيدا عن بلل المطر وبرودة الجو خارجها، مع وجود موظفين مسؤولين عن عملية التنظيم وارشاد المراجعين والاجابة عن أسئلتهم، وما يُفرح ان الامتثال لهذا التنظيم قد التزم به غالبية المراجعين باستثناءات محدودة من الذين اعتادوا خرق الاجراءات كالتدخين سرا داخل القاعة بالرغم من وجود كافتيريا مخصصة للتدخين وتناول الطعام، او الوقوف في أماكن تعيق انسيابية الحركة، فبعضنا مازال لم يبلغ مستوى التحضر المطلوب.
لأحظت ان السيد مدير الدائرة العقيد قيس لم يجلس في مكتبه الا ما ندر قاضيا جل وقته في متابعة وحدات الدائرة، والاجابة عن استفسارات المعترضين طريقه في الممرات، كما خصصت الادارة لهذا الغرض مجموعة من المفوضين لمتابعة المراجعين الذي يبدو عليهم عدم المعرفة واعلامهم بالوجهات التي تقتضيها معاملاتهم، ومن الذين عرفتهم المفوض علي ابو زينب الذي لم ألحظ عليه تذمرا ابدا بالرغم من كثرة السائلين، الابتسامة لم تفارق وجهه.
ومع ذلك حتى وان بدا من أحدهم بعض الجفاف في التعامل او عدم التركيز او الاقتضاب في الرد من الضباط او المنتسبين، فلهم العذر في ذلك، فالدائرة مكتظة بالمراجعين، ولا أبالغ ان قلت ان عددهم يعد بالآلاف، فكيف لك أن تحافظ على مزاجك رائقا على مدار ساعات الدوام الطويلة.
لذا أقترح على مديرية المرور العامة شطر هذه الدائرة، فالجهود التي يبذلها منتسبوها مضنية، وما يقومون به يستهلكهم ذهنيا وجسديا، فضلا عن اختصار الوقت الذي يستغرقه المواطنون في انجاز معاملاتهم. وبالرغم من اعتماد الدائرة نظاما الكترونيا في آليات عملها، الا اننا لم نتخلص بعد من الورق، وتشترك دوائر المرور في ذلك مع جميع مؤسساتنا، فما زالت أحضان المواطنين تكتظ بملفات فيها العديد من الوثائق، مع قلق دائم من فقدان احداها نتيجة تقليبها من العديد من الجهات، وأرى اننا بعيدون جدا عن ذلك اليوم الذي تصل فيه سنوية سيارتك الى بيتك عبر البريد.
ومما تشترك فيه دوائر المرور مع بقية دوائرنا ايضا، ان مجموعة من (القفاصة) تستقبلك عند بوابة الدائرة، وأحيانا منذ نزولك من سيارتك داخل (الكراج)، تعرض عليك خدمات وهمية، وتدعي انها تنسق مع المنتسبين لانجاز كل ما هو مستعصي وغير شرعي لقاء مبالغ باهظة، مستغلة مواطنين بسطاء غير عارفين بالأمور، وبعضهم على شكل عصابات ما أن تكتشف عملهم لاحقا حتى يحيطون بك، فتتراجع عن حقك، تحسبا من عواقب الأمور، والذي أستغربه لِمَ لا تتصدى الأجهزة الأمنية لها لحماية المواطنين من الاستغلال، وقطع خيوط الفساد على ضعاف النفوس من الموظفين؟. وأختم بالقول ولأول دائرة راجعتها: الله تعالى يكون في العون.
اضف تعليق