لم يتفاجأ العالم العربي والإسلامي من مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهي مجرد إعلانات متلاحقة عن العصر الصهيوني الجديد، لكن المفاجأة الأبشع تكمن في غياب أي حلول من قِبَل حكام الدول العربية والإسلامية، السؤال كيف يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه؟...

لم يتفاجأ العالم العربي والإسلامي من مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فهي مجرد إعلانات متلاحقة عن العصر الصهيوني الجديد. لكن المفاجأة الأبشع تكمن في غياب أي حلول من قِبَل حكام الدول العربية والإسلامية!! 

السؤال: كيف يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه؟

في تحليل أصحاب المصالح، تبدو الإجابة وفق الآتي:

أولًا: في المنهج التاريخي:

لا يختلف ترامب عن غيره من الرؤساء الأمريكيين إلا في أسلوبه الفج والإفصاح عن صهيونية جديدة تواكب عصر الذكاء الاصطناعي. القضية الفلسطينية تتكرر بين وعد بلفور، الذي أسس لوطن قومي لليهود الصهاينة، وبين وعد ترامب بتوسيع تلك الأراضي تحت مسمى "دولة إسرائيل".

وفق هذا المنهج، لم تكن أملاك الدولة العثمانية المريضة سوى تركة تم تقاسمها في اتفاقية سايكس بيكو، وانتهى الأمر بفلسطين تحت سلطة الانتداب البريطاني. واليوم، يتكرر المشهد الماسوني نفسه، لكن بعنوان "ترامب" بدلًا من التاج البريطاني، بهدف إعادة توزيع الأرض وثروة النفط.

من يلتحق بقطار ترامب الصهيوني وصفقة القرن، يضمن بقاءه في السلطة، والعكس صحيح!! 

ثانيًا: استشراف مستقبل العصر الصهيوني الجديد

يبدو واضحًا في استراتيجية المشروع الأمريكي للقرن الحادي والعشرين، وهو مشروع مُعلن عبر دراسات مراكز التفكير وبيوت الخبرة الأمريكية. يعتمد هذا المشروع على:

*بقاء الدولار قوة اقتصادية دولية تحت حماية الجيش الأمريكي.

*استمرار إدارة مصالح الشركات متعددة الجنسيات من البيت الأبيض.

*إعادة تعريف تطبيقات الرفاهية الأمريكية من خلال الاستثمار في البحث والتطوير لضمان التفوق على المنافسين، وأبرزهم الصين.

لذلك، خصصت إدارة ترامب، في أول قراراتها، 500 مليار دولار لأبحاث الذكاء الاصطناعي!

ثالثًا: كيف يكون الرد عربيًا، إسلاميًا، فلسطينيًا. عراقيا؟

1. عربيًا:

بعد سلسلة النكسات والنكبات التي تعرض لها الفكر القومي، وخصوصًا بعد حرب الكويت، لم تعد القضية الفلسطينية محور اهتمام دول الخليج العربي الغنية. بل أصبح التحدي الرئيسي هو مواجهة تصدير الثورة الإيرانية ومخاطرها على الأمن الإقليمي، خصوصًا في السعودية.

هذا التحول في الأولويات استغلته إسرائيل و"الإيباك" في الولايات المتحدة، إضافة إلى كنائس المسيحية الصهيونية، لتنفيذ خطة الأمن القومي الإسرائيلي التي تهدف إلى تفتيت دول "الممانعة" وإضعافها. وهو ما تحدث عنه الدكتور حامد ربيع في كتبه عن الأمن القومي العربي.

وقد كان "الإسلام السياسي" أحد الأدوات الرئيسية في تحطيم دول الممانعة العربية.

2. إسلاميًا:

لم تكن عودة السيد الخميني من باريس مجرد خطوة لإسقاط الشاه، بل كانت بداية لشد أطراف دول الممانعة العربية من خلال تصدير الثورة الإسلامية وفق نظرية "ولاية الفقيه". هذه الفكرة، المستندة إلى العمل الحزبي المذهبي، عجّلت بتفكيك الدول العربية تحت ذريعة "تحرير فلسطين من الاستيطان الصهيوني"!

3. فلسطينيًا:

لا تزال القضية الفلسطينية تتأرجح بين اتفاق أوسلو، الذي طرح حل الدولتين، وبين توظيفها لصالح "الربيع العربي" وصعود الإسلام السياسي عبر مفهوم "البيعة". المشهد يتكرر كما حدث مع عبد القادر الحسيني، ثم منظمة فتح، وأخيرًا حماس في انتفاضة الأقصى.

لكن في الواقع، تبقى فلسطين تحت سلطة الانتداب الأمريكي.

4. شعبيًا:

لم تستطع أي قوى شعبية عربية أو إسلامية التأثير بشكل مباشر على الانتداب الأمريكي ودعمه لإسرائيل. جلّ المواقف تظل محصورة في الرفض والتنديد، بينما تستمر الفجوة بين تضارب المصالح، خصوصًا بين مفهوم "البيعة" و"التقليد"، مما يُستغل لصالح المشروع الصهيوني الجديد.

واليوم، يتجلى هذا الوضع بشكل أكثر وضوحًا في فجاجة ترامب في البيت الأبيض.

5. عراقيًا:

هناك تناقض صارخ بين نموذج "سلطة الانتداب الأمريكي" في العراق وبين "المقاومة الإسلامية" التي تشارك في فساد المحاصصة السياسية وتحكمها العائلات الحزبية. هذا التناقض يقف على صفيح ساخن بين "قطار ترامب السريع" و"مسيرات المقاومة الإسلامية"، بينما يقف القرار الحكومي عاجزًا بينهما، منتظرًا ما سيحدث في المستقبل القريب.

هكذا يكون المشهد: مواقف بلا حلول، رغم أنها ضرورية في ظل الواقع المفروض.

لكن إذا أرادت الشعوب العربية والإسلامية أن تواكب "عصر الذكاء الاصطناعي"، فهل لابد أن يستجيب القدر؟؟ .

إنها الحقيقة المريرة: اجترار خلافات التاريخ لصالح العصر الصهيوني الجديد، بينما يقف حكّام اليوم متفرجين!

ولله في خلقه شؤون...!!

اضف تعليق