نتساءل الى أي مدى يمكن ان يبقى الشباب خارج إطار المناصب الحكومية وسط المتغيرات التي تشهدها الساحة الوظيفية والسياسية؟، وأخيرا على المعنيين ان يضعوا خارطة طريق واضحة للنهوض بمؤسسات الدولة شريطة ان يكون الشباب أصحاب الحظ الاوفر بهذه النهضة...
متى ينتهي زمن تجديد الثقة والتمديد للمسؤولين القدامى في المناصب الحساسة، ومتى يأخذ الشباب نصيبهم في المراكز القيادية مثلما اخذها من قبلهم؟
عرفُ تجديد الثقة للقيادات القديمة والمسؤولين الكبار في الدولة، لم ينته بعد، طالما أصحاب القرار في الدولة لا يملكون ثقافة تغيير الدماء، ويتبعون مسار التدوير الوظيفي، من غير الايمان بقضية فسح المجال للطاقات الشبابية لتفجيرها في المؤسسات الحكومية.
المسؤولون في المناصب الحساسة يقضون سنوات طويلة وهم يحملون نفس الأفكار، ولم يفكروا بالتغيير النسبي من اجل النهوض بمستوى الخدمات التي تقدمها الدائرة للمواطنين، الأهم ان يبقى أكبر قدر ممكن في المنصب، ولم تعير الأحزاب الساندة لمثل هذه الشخصيات أي اهتمام للمصلحة العامة.
نتوسم خيرا عندما يعتلي قمة الهرم مسؤول جديد، ويبدأ بطرح أفكاره وتسويقها للجمهور العام على انه يولي شريحة الشباب الاهتمام الأكبر، وانهم العماد الذي ستقوم عليه اركان الدولة الحديثة، وهم سبب رئيس من أسباب نجاحها على جميع المستويات العملية والصحية والاقتصادية وغيرها.
ما نعيشه اليوم من انفتاح على العالم الخارجي، وتطور تكنولوجي يجعل الشباب في المؤسسات الحكومية، هم الفئة الأكثر تحملا للمسؤولية، فضلا عما يمتلكون من طاقة وقدرة على إدارة المرافق الحيوية برؤية عصرية، بعيدا عن القوالب القديمة والأساليب التقليدية التي اتبعت لسنوات واتضح عدم جدواها لتحقيق الغاية النهائية.
اصابتني الدهشة مما حصل قبل أيام من تمديد المدة لمسؤولين كبار في مؤسسات ذات أوجه متعددة، واهتمامات متنوعة، فهؤلاء وعلى مدار سنوات ادارتهم لمسؤولياتهم اثبتوا نجاحهم النسبي ان لم نقل فشلهم في بعض المواطن، ومع ذلك يأتي التجديد وكأنهم نجحوا ايما نجاح!
يحدث التجديد لمثل هؤلاء المسؤولين ولا نعرف ما هي المعايير التي تم اعتمادها في عملية التقييم، ويحدث التكريم ولا نعرف لأي الإنجازات تم التكريم، الأمور تسير بضبابية بعيدة كل البعد عن الشفافية، وخلافا للمنطق السائد في سلسلة التقييمات الحاصلة بمختلف بقاع العالم.
بينما وقد يتفرد العراق بهذه القضية وهي حرمان الشباب من الوصول الى ابسط المناصب، وان رأيت شابا يشغل منصبا حساسا فاعلم ان لديه من اخذ بيده واوصله الى هذا المكان الحساس الذي يتقاتل عليه العشرات لشغله، لكنه يمتلك رمز العبور بأمان لقضاء حفنة من السنين.
من يمتلك الأفكار التطويرية هم الشباب، وهم من يقدرون على البحث عن الجديد القابل للتطبيق في المجال الإداري والعملي، على العكس من أصحاب الأفكار البالية الذين لا يجيدون استثمار الطاقات البشرية، ولا يسمعون الاستشارات التي من شأنها الارقاء بجودة العمل واحداث تغيرات ملموسة.
الفرق بين المسؤولين الشباب والكبار، كبير جدا، ولا نريد ان ننكر الخبرات المتراكمة على مدى سنوات خدمتهم في الوظيفة الحكومية، لكن يبقى للمرحلة العمرية دورها واهميتها، وعلى سبيل المثال العجلة بعد سنوات صنعها الأولى تعمل بحالة جيدة، ولا توجد أي مشاكل او عطلات.
ومع مرور الوقت تبدأ بالتهالك وتأخذ بالقدم شيئا فشيء، اذ يمكن لهذا المثال ان ينطبق على واقعنا الحالي، ويتجسد بما يقوم فيه المسؤول مع تقدم العمر الوظيفي، حيث تبدأ مظاهر التراجع بالظهور وانخفاض نسبة الإنتاجية مع استمرار اجترار الأفكار وعدم ضخ أفكار أخرى.
وبقي ان نتساءل الى أي مدى يمكن ان يبقى الشباب خارج إطار المناصب الحكومية وسط المتغيرات التي تشهدها الساحة الوظيفية والسياسية؟، وأخيرا على المعنيين ان يضعوا خارطة طريق واضحة للنهوض بمؤسسات الدولة شريطة ان يكون الشباب أصحاب الحظ الاوفر بهذه النهضة.
اضف تعليق