الحقيقة هناك الكثير من التحديات من المفترض الالتفات لها ودرء مخاطرها على بنية الشعب السوري، منها أيضا الابتزاز السياسي الإقليمي والدولي، كذلك التدخل الخارجي الناعم والاهم من هذا كله، هو التحدي الصهيوني: والتدخل الإسرائيلي المباشر وغير المباشر عسكريًا وأمنيًا، وبالأدوات الخشنة والناعمة المختلفة...
لا شك أن سوريا تحتل موقعا جغرافيا مهما، كونها تقع في جنوب غرب آسيا بين لبنان وتركيا، تطل على البحر الأبيض المتوسط، وفرض موقعها هذا أهميتها السياسية والاقتصادية، وأنها ملتقى لثلاث قارات وثقافات عدة، ثم إنها بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، أصبحت محورا للتجارة العابرة بين العديد من بلدان الشرق الأوسط، وبعد انهيار النظام السوري، الذي عانى الشعب من ممارساته الاستبدادية، بنسختيه، الأب والابن، حيث اندفع الشعب بثورته في منتصف مارس/ آذار 2011.
وشن في إثرها نظام الأسد حربًا شاملة ضد غالبية السوريين، وحيث إن ثورة الشعب قادتها فصائل إسلامية، فنحن أمام التحدي الأول المتمثل بالحكم هل يكون إسلاميا أم علمانيا، أم في المزج بينهما، الحقيقة هذا يتوقف على العقول، التي مسكت الآن بزمام الحكم في سوريا، فإذا تيقظت بوعي، ومسكت المفاصل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، بحيث تصبُّ في خدمة الدولة الجديدة، ويحكمها دستورٌ يصون النظام الجديد، ويجعل اللعبة السياسية ضمن شروط وبيئات تُفسح مجالات الإبداع والتطوير والتداول القيادي، واستطاعت حماية الدولة من المُتسلِّقين والعناصر الانتهازية، والمال السياسي والتدخل الخارجي وأعداء الثورة، والقدرة على المبادرة، والمسارعة لملء الفراغ، والتعامل بالجدية والحزم والحكمة اللازمة معها.
والتحدي الثاني يتمثل بإعادة بناء مؤسسات الدولة المتهالكة والمدَمَّرة التي نخرها الفساد، وتردِّي الخدمات والبنى التحتية، ويحتاج هذا إلى جهد مضاعف، لأنه حين التهاون، سيلجأ أعداء الثورة والانتهازيون تحت هذا الغطاء إلى رفع سقف المطالبات وتحريض المواطنين، أما التحدي الثالث، فيتمثل بعودة السّلم الأهلي، ورجوع ملايين المهجرين واللاجئين إلى بيوتهم، واستعادة حقوقهم، وإعمار منازلهم، وهو ملف كبير ومسؤولية ضخمة، ثم التحدي الرابع، هو القيام بحلّ الرواسب الطائفية والعرقية، التي غرسها النظام السابق في البيئة الاجتماعية والسياسية السورية؛ والتي أضرَّت كثيرًا بالنسيج الوطني.
والمستفيد الاول بالقضية الطائفية هم أعداء سوريا وأعداء الإسلام، وخاصة القوى الخارجية، التي تريد سوريا هكذا مفتتة متحاربة، مثل ركوب موجات التحريض العلوي والدرزي والسني والكردي، وفي حكم المؤكد سيكون المستفيد الأول من هذا الاحتراب الطائفي، كما أسلفنا قوى خارجية إقليمية ودولية، وفي مقدمتها الكيان الصهيوني لإذكاء أجواء الفتنة والانشقاق الداخلي، وتفجير الأزمات، والحقيقة الناصعة في تاريخ كل العالم، هي مهمة تثبيت الهوية الوطنية من خلال الدستور المزمع تشريعه، وستسعى القوى الإقليمية والدولية إلى استخدام جميع وسائل النفوذ لديها لتوجيه بوصلة الحكم بما يتوافق مع معاييرها.
ولا بد من الالتفات إلى التدخلات الخارجية في كتابة الدستور، الذي نتطلع إلى استيعاب تطلعات الشعب السوري في العيش بكرامة بدالة الهوية الوطنية الرئيسية مع الاحترام لكل الهويات الفرعية السورية في إطار حضاري تشاركي استيعابي متسامح، وهي الطريقة الفضلى في حشد وتحفيز الغالبية الساحقة من الشعب، للتعايش وترسيخ بنية الدولة الجديدة، وتحصين الثورة.
والحقيقة هناك الكثير من التحديات من المفترض الالتفات لها ودرء مخاطرها على بنية الشعب السوري، منها أيضا الابتزاز السياسي الإقليمي والدولي، كذلك التدخل الخارجي الناعم والاهم من هذا كله، هو التحدي الصهيوني: والتدخل الإسرائيلي المباشر وغير المباشر عسكريًا وأمنيًا، وبالأدوات الخشنة والناعمة المختلفة، كأحد أبرز المخاطر التي تواجه القيادة الجديدة، ونضيف لهذا كله التواجد الأجنبي الأميركي والروسي والتركي، وحينما تسير سفينة سوريا بجميع أطيافها باتجاه بناء وأعمار البلد، فالشعب السوري قدم تضحيات هائلة، ومن حقه أن يقطف ثمار تضحياته..!
اضف تعليق