تفيد تربية الانسان على الحوار في تعليم الانسان وتعوديه التحاور واكتساب الشجاعة النفسية في تقبل الرأي الاخر على أي حال، وحين يمتلك الانسان الشجاعة فأن يقر فيما إذا كان مخطئا يسعى الى تصحيح الخطأ وهذه حسنة من حسنات الانسان ودليل وعي ومعرفة وفهم للحياة...

الانسان يعيش بجوار أخيه الانسان وهذه هي حتمية قديمة باقية مع بقاء الدنيا ومن فيها، غير ان هذه الحقيقة تواجه بعض ما يصدعها من اختلافات في وجهات النظر والرؤى والاهداف الحياتية، وبالتالي تشتت المجتمعات وتذهب صوب التفرق.

 وما يعيد للمجتمعات الإنسانية انسانيتها هو الحوار العقلي الجامع بالاعتماد على الأسس العلمية والموضوعية الرصينة بعيداً عن التشنجات والعصبيات غير المجدية، فما هي إيجابيات تربية الانسان على الحوار؟

 الحوار من وسائل الاتصال الفعالة بين بني البشر على اختلاف الصنوف والمقامات، اذ تكمن أهمية الحوار من كون الاختلاف صبغة بشرية، فيأتي الحوار ليقرب فيما بين النفوس، ويخضعها لأهداف الجماعة ومعاييرها، شريطة ان يتم ذلك وفق مهارات وقواعد وآداب لتحقيق الأهداف المرجوة.

وقد أولى ديننا الحنيف للحوار أهمية بالغة وجعله الإطار الفني والأسلوب العلي لتوجيه الناس وإرشادهم إذ فيه جذب لعقول الناس وراحة لنفوسهم، ففي مواطن عديدة دعى الغير مقتنعين به قبل المؤمنين الى الاهتداء الى منطق التحاور والتفاهم الذي يفضي بالأطراف المتحاورة الى اتفاق ولو جزئي حول النقطة التي يدور حولها الحوار، وقد تمكن من اقناع الكثير من المعترضين الى سواء السبيل بالاستناد الى المنطق والدليل. 

من أوجه الحوار الجيد هو الاستماع الإيجابي الذي ينمي العلاقة بين المتحاورين، وهو يعني قبول المشاعر مهما كانت، علاوة التجاوب مع الحركات والتعبيرات غير اللفظية، وهذا من شأنه الوصول إلى حلول مرضية لمشكلات الانسان، وسيصبح الاستماع الإيجابي سلوكا مكتسبا بالقدوة وهذا الذي يجب ان يكون منهجاً في التربية. 

ويحتاج الاستماع الإيجابي إلى رغبة حقيقية في الاستماع تخدم الحوار، وفي ذلك تعلّم الصبر وضبط النفس، وتعالج الاندفاعية وتطهر القلب من الأنانية الفردية، وتربي المتحاور على الجرأة وغرس الثقة في نفوسهم بإعطائهم الفرص للتعبير عن مشاعرهم، وتنمية قدراتهم وتحقيق ذواتهم.

لماذا يجب ان نربي الأجيال على الحوار؟

لعدة عائدات إنسانية يجب ان تتربى الأجيال ومنذ صغرها على الحوار، واهم هذه العائدات هي:

حين يتربى الانسان الطفل على الحوار فأن ذلك سينعكس ايجابياً على علاقته بوالديه من جهة، وبينه وبين اقرانه من جهة أخرى، اذ تتكون العلاقات على أساس من التقبل للاختلاف واعتباره مكمل، وهذه التربية هي تربية واعية يجب ان يلتفت اليها الوالدين والمربين وحتى المعلمين والمدرسين وسواهم من المشتغلين في المؤسسات التربوية والتعليمية للظفر بنتائج هذه التربية.

كما ان التربية على الحوار من شأنها ان تعزز ثقة الأطفال بأنفسهم وينمي استقلاليتهم ويشجعهم على اتخاذ القرار في القرارات الحياتية سيما القرارات المصيرية، على عكس الأطفال الذين يتربون على القمع والمصادرة للآراء فهم ليسوا واثقين من أنفسهم وترتفع لديهم نسب التخبط والعشوائية في حياتهم بصورة عامة.

والتربية على الحوار تفتح الباب للآباء والمربين لكشف مشاعر ومعتقدات وطموحات أبنائهم وبالتالي يسلكون الطرق العلمية للتعامل معهم بذكاء ومعرفة، اذ تكون هذه فرصة لعلاج بعض المشكلات والارهاصات والمخاوف التي يواجهونها، اما غياب الحوار فيعني بالضرورة انعدام هذه الفرصة وهو ما يعرض الأبناء والاباء للخطر كنتيجة حتمية للتعامل الخاطئ مع مشاعر الأبناء.  

وتفيد تربية الانسان على الحوار في تعليم الانسان وتعوديه التحاور واكتساب الشجاعة النفسية في تقبل الرأي الاخر على أي حال، وحين يمتلك الانسان الشجاعة فأن يقر فيما إذا كان مخطئا يسعى الى تصحيح الخطأ وهذه حسنة من حسنات الانسان ودليل وعي ومعرفة وفهم للحياة، هذه هي العائدات الإيجابية التي تعود على حياة الانسان حين يتربى على الحوار.

اضف تعليق