تعد الواقعية السياسية أو الواقعية في السياسة الدولية - بمثابة رد فعل على تيار المثالية، واذا أردنا أن نعكس الأمر على السياسة الخارجية العراقية تجاه سوريا بعد التغيير الذي حصل يوم8 ديسمبر 2024وصعود (هيئة تحرير الشام) الى الادارة الرئاسية للدولة في هذه المرحلة الانتقالية، فيمكن تقسيم سياسة العراق إلى عدة خطوات...
شهدت العاصمة العراقية بغداد قبل يومين من التغيير في سوريا وبالتحديد يوم الجمعة الموافق6/12/2024 اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية العراق وسوريا وإيران لبحث التطورات في سوريا. وأفادت وزارة الخارجية العراقية بأن الوزير (فؤاد حسين) بحث في بغداد مع نظيره السوري (بسام صباغ) والإيراني (عباس عراقجي) التطورات الأمنية في سوريا وسبل التعاون المشترك. وأضافت الخارجية العراقية أن الوزيرين شددا على أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين لتفادي تكرار التجارب السابقة.
الواقعية هي مدرسة نظرية في العلاقات الدولية، وهي كما وصفها (جوناثان هاسلام)، أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في (جامعة كامبردج)، (هي مجموعة من الأفكار التي تدور حول المقترحات المركزية الأربعة السياسة الجماعية، الأنانية، الفوضي والقوة السياسية)، نظريات الواقعية السياسية نشأت من خلال أعمال (توماس هوبز) و(نيكولو ميكافيلي)، كنهج للعلاقات الدولية، وقد كان التآصيل الحقيقي للنظرية من خلال (هانز مورجانثو) في كتابه (السياسة بين الأمم) حيث أرسى فيه أهم مقولات ومفاهيم الواقعية.
وتعد الواقعية السياسية Political Realism أو الواقعية في السياسة الدولية - بمثابة رد فعل على تيار المثالية Idealism.واذا أردنا أن نعكس الأمر على السياسة الخارجية العراقية تجاه سوريا بعد التغيير الذي حصل يوم8 كانون الاول/ ديسمبر 2024وصعود (هيئة تحرير الشام) الى الادارة الرئاسية للدولة في هذه المرحلة الانتقالية، فيمكن تقسيم سياسة العراق إلى عدة خطوات وكما يأتي:
أ- من الخطوات المهمة للعراق بعد سقوط نظام بشار الاسد في8/12/2024 أن البعثة الدبلوماسية العراقية فتحت أبوابها، وباشرت مهامها في العاصمة السورية دمشق بعدما غادر طاقمها إلى لبنان عقب التغيير وهذا جزء من سياسة العراق الخارجية التعامل مع الواقع الجديد وفق مصالح العراق وحمايتها من انتقال الاضطرابات في الداخل السوري، التي يمكن أن تحدث بين لحظة وأخرى إلى الداخل العراقي وتسخير البعثة الدبلوماسية العراقية في دمشق لمراقبة الأوضاع في الشارع السوري والإدارة الجديدة وتوجهاتها تجاه دول الجوار ومنها تجاه العراق عن قرب وارسالها إلى صانع القرار العراقي لتأسيس استراتيجيات مستقبلية، تجاه العملية السياسية الانتقالية في سوريا.
ب- النأي عن التدخل في الشأن السوري إلا بقدر مساس ذلك بمصالح العراق الوطنية والقومية والحفاظ على وحدة أراضي سوريا، التي تتشارك مع العراق حدودا يزيد طولها عن 600 كيلومتر.
ج- العراق اعلن عبر عدة منصات أن ما يقلقه خطورة هروب عناصر تنظيم داعش الارهابي من السجون السورية وعبورهم الحدود إلى العراق، ومن انفلات الوضع في (مخيم الهول)، الذي يعد أحد أكبر المخيمات في شمال شرق سوريا. وتسيطر على هذا المخيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكان المخيم قد أنشأته الأمم المتحدة عام 1991 إبان حرب الخليج الثانية وغزو الكويت 1990، حيث هربت العديد من العائلات العراقية تجاه سوريا حينها. ومع الحرب التي شهدها كل من العراق وسوريا على تنظيم داعش الارهابي، بات المخيم منذ سنوات محل إقامة للعائلات السورية والعراقية والأجنبية التي كانت موالية للتنظيم، فضلا عن عائلات أخرى تقطعت بها السبل خلال محاولتها الهرب من جحيم الحرب.
ج- إرسال وفد أمني عراقي رفيع المستوى إلى دمشق للاطلاع على التطورات الأخيرة في سوريا التي حدثت بعد8/12/2024 وكيفية تعامل الإدارة السورية الجديدة مع القضايا التي تهم العراق. حتى بات أحد الباحثين يقيم هذه الزيارة العراق بأنها تمثل نظرة عراقية جديدة إلى الوضع الجديد في سوريا تكون أكثر واقعية من السابق. وتسربت بعض المعلومات عن هذه الزيارة أن الوفد يحمل رسالة عراقية مفادها بأنه يعتبر العراق سوريا دولة جارة ويهمه أن يكون النظام السياسي فيها جامعًا لجميع المكونات دون إقصاء أو تهميش، وأن تتم العملية الانتقالية بسلاسة دون إراقة دماء أو استهداف مكون معين على حساب الآخرين، وهذا يتناغم مع توجهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي أكد (ضرورة احترام الإرادة الحرة لجميع السوريين، وأهمية أمن سوريا ووحدة أراضيها، وصيانة استقلالها).
وبالرغم من أن الزيارة كانت تدور حولها الكثير من التساؤلات، إلا أنه تبين أن الكتل السياسية أيقنت أن هدف الزيارة أمني بحث وأوصلت برسالة تحذيرية للحكومة السورية المؤقتة بأن العراق لا يسمح بأي تدخل في الشأن العراقي، وبنفس الوقت أنه ليس لديه اي نية للتدخل بالشأن السياسي السوري الداخلي. ناهيك عن أن الزيارة كانت تهدف إلى دفع الضرر المحدق بالعراق مستقبلاً، خاصة أن الكيان الصهيوني المجرم أصبح على تماس حقيقي مع العراق، كذلك تركيا اصبحت تعلن عن مطامعها في اطراف معينة من العراق (الموصل، كركوك) بعد أن هيمنت على حماه وحلب وغيرها من المدن السورية وبصورة مكشوفة.
د- شهدت العاصمة العراقية بغداد قبل يومين من التغيير في سوريا وبالتحديد يوم الجمعة الموافق6/12/2024اجتماعا ثلاثيا لوزراء خارجية العراق وسوريا وإيران لبحث التطورات في سوريا. وأفادت وزارة الخارجية العراقية بأن الوزير (فؤاد حسين) بحث في بغداد مع نظيره السوري (بسام صباغ) والإيراني (عباس عراقجي) التطورات الأمنية في سوريا وسبل التعاون المشترك. وأضافت الخارجية العراقية أن الوزيرين شددا على أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين لتفادي تكرار التجارب السابقة.
هـ - استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في العلا، في المملكة العربية السعودية. يوم الاربعاء الموافق 18 ديسمبر/كانون الأول 2024. والتقى السوداني قبلها في يوم الاربعاء الموافق 11 ديسمبر/كانون الأول2024 الملك الأردني (عبد الله الثاني) في عمان خلال زيارة ليوم واحد، كجزء من جهد عراقي أوسع نطاقًا لتأمين التنسيق العربي المشترك، وأُفيد بأن زيارة السوداني ركزت على (احترام الإرادة الحرة) للشعب السوري، و(حماية سلامة أراضي سوريا)، فضلًا عن (الحفاظ على تنوعها العرقي والديني).
اضف تعليق